عزيزي الزائر/عزيزتي الزائرة ، مرحبا بك في منتدى العلم والمعرفة لثانوية الأنوار الإعدادية -نيابة إنزكان أيت ملول-.
لتتمكن من الإستمتاع بكافة ما يوفره لك هذا المنتدى من خصائص, يجب عليك أن تسجل الدخول الى حسابك في المنتدى. إن لم يكن لديك حساب بعد, نتشرف بدعوتك لإنشائه.
شكرا.
إدارة المنتدى.




عزيزي الزائر/عزيزتي الزائرة ، مرحبا بك في منتدى العلم والمعرفة لثانوية الأنوار الإعدادية -نيابة إنزكان أيت ملول-.
لتتمكن من الإستمتاع بكافة ما يوفره لك هذا المنتدى من خصائص, يجب عليك أن تسجل الدخول الى حسابك في المنتدى. إن لم يكن لديك حساب بعد, نتشرف بدعوتك لإنشائه.
شكرا.
إدارة المنتدى.







 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
دخول
اسم العضو:
كلمة السر:
ادخلني بشكل آلي عند زيارتي مرة اخرى: 
:: لقد نسيت كلمة السر
احصائيات
هذا المنتدى يتوفر على 6691 عُضو.
آخر عُضو مُسجل هو ABOUTAHIR-1 فمرحباً به.

أعضاؤنا قدموا 51106 مساهمة في هذا المنتدى في 22352 موضوع
خاص بالأعضاء الجدد

أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
المشرف العام - 7463
شخصيات عربية موهوبة Vote_rcapشخصيات عربية موهوبة Voting_barشخصيات عربية موهوبة Vote_lcap 
abdelilah elbouhlali - 2515
شخصيات عربية موهوبة Vote_rcapشخصيات عربية موهوبة Voting_barشخصيات عربية موهوبة Vote_lcap 
روح المنتدى - 2498
شخصيات عربية موهوبة Vote_rcapشخصيات عربية موهوبة Voting_barشخصيات عربية موهوبة Vote_lcap 
A.Lakdib - 2398
شخصيات عربية موهوبة Vote_rcapشخصيات عربية موهوبة Voting_barشخصيات عربية موهوبة Vote_lcap 
أميرالمنتدى - 2076
شخصيات عربية موهوبة Vote_rcapشخصيات عربية موهوبة Voting_barشخصيات عربية موهوبة Vote_lcap 
عبدالرحيم موسان - 1900
شخصيات عربية موهوبة Vote_rcapشخصيات عربية موهوبة Voting_barشخصيات عربية موهوبة Vote_lcap 
mousstafa boufim - 1663
شخصيات عربية موهوبة Vote_rcapشخصيات عربية موهوبة Voting_barشخصيات عربية موهوبة Vote_lcap 
Med amin - 1629
شخصيات عربية موهوبة Vote_rcapشخصيات عربية موهوبة Voting_barشخصيات عربية موهوبة Vote_lcap 
हमजा प्रेमियों - 1618
شخصيات عربية موهوبة Vote_rcapشخصيات عربية موهوبة Voting_barشخصيات عربية موهوبة Vote_lcap 
Said Benssi New - 1453
شخصيات عربية موهوبة Vote_rcapشخصيات عربية موهوبة Voting_barشخصيات عربية موهوبة Vote_lcap 
أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر
لا يوجد مستخدم
المواضيع الأكثر نشاطاً
تعالو نحطم الرقم القياسي في كل المنتديات ..!
ﯕـالـــوا زمـــــــان
لعبة اوصل للرقم 10 و اكتب اكثر عضو تحب ان تتكلم معه
تحدي:تعد من 1 الى 10 دون ان يقاطعك احد.
لعبة الاسئلة
لعبة اهديك اغنية
#..سأرحل قريباً //
عرف بنفسك
الى كل الاعضاء بدون استثناء
لعبة الالوان
المواضيع الأكثر شعبية
دراسة بيوغرافية لشخصية محمد الخامس
ﯕـالـــوا زمـــــــان
ملخصات-خطاطات-مصطلحات-مفاهيم خاصة بدروس الاجتماعيات السنة الثالثة إعدادي (الدورة الثانية)
ملخصات دروس الاجتماعيات خاصة بتلاميذ السنة الثالثة إعدادي (الدورة الأولى)
ملخصات دروس التاريخ للدورة الثانية خاصة بتلاميذ السنة الثالثة إعدادي
تعالو نحطم الرقم القياسي في كل المنتديات ..!
ملخصات دروس التربية على المواطنة للدورة الثانية خاصة بتلاميذ السنة الثالثة إعدادي
مصطلحات ومفاهيم:التاريخ-التربية على المواطنة-الجغرافيا (الدورة الثانية)
لعبة اوصل للرقم 10 و اكتب اكثر عضو تحب ان تتكلم معه
ملخصات دروس الجغرافيا للدورة الثانية خاصة بتلاميذ السنة الثالثة إعدادي
امتحانات جهوية موحدة
امتحانات جهوية موحدة







الامتحان الجهوي
قوانين مغربية

شاطر
 

 شخصيات عربية موهوبة

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
assyade khadija
عضو فعال
عضو فعال
assyade khadija

الدولة : المغرب
الجنس : انثى
عدد المساهمات : 102
نقاط : 4886
تاريخ التسجيل : 04/10/2011

شخصيات عربية موهوبة Empty
مُساهمةموضوع: شخصيات عربية موهوبة   شخصيات عربية موهوبة Emptyالإثنين 2 يناير - 15:03:30

محمد إسعاف النشاشيبي

هو محمد إسعاف بن عثمان بن سليمان النشاشيبي، وُلد في عام 1885م بالقدس لأبٍ من كبار أثرياء الشام.. فعاش ربيبَ نعمة، في سعة من العيش وبَسطة في الرزق.
وُلد وعاش في القدس، وتعلم في المدرسة البطريركيّة ببيروت، ثم كَتب كثيرا في الصحف والمجلات، ونَظَمَ الشعرَ ثم تركه، وقد وَرِثَ عن أبيه ثروةً عظيمة. والعلامة إسعاف النشاشيبي أحدُ علماء القدس الشريف، نذر حياته للذَّوْدِ عن اللغة العربية التي تمثل جزءًا أساسيا من الشخصية الإسلامية. وعاش مجاهدًا بلسانه وقلمه، عَلَمًا للأدب وواحدًا من رجالات عصره الذين أمدهم الله بموهبة فَذَّةٍ بلَّغتْهم كمالَ القول وجمالَ التعبير، وبقدر ما كان ذلك العَلَمُ ضئيلَ الجسم نحيلَه كان يأخذ بزمام الأمور في المجالس إذا تحدث، ويوجه دفة الحديث إذا أَطلق لسانَه مُتناوِلاً قضيةً من القضايا، في حضور كرام العلماء والأدباء والشعراء، ورجال السياسة والسفراء.
أحوال عصره: عاصر أديبنا النشاشيبي حِقْبَة التراجع العربي والإسلامي، وانْقِضَاض الاستعمار الأوروبي على المشرقِ الإسلاميِّ أواخرَ القرنِ التاسعِ عَشَرَ وأوائل القرن العشرين، ورأى من قومه أقلاما وألسنة مفتونةً تنادي بأخذ حضارة الغرب بحسنِها وخبيثِها، ومَنْ ينادي باستعمال الحروف اللاتينية في الكتابة إمعانًا في الانْسلاخِ من كل ما يمتُّ للهوية بصلة.وقد صبَّ النشاشيبي نيرانَ غضبِه على المتغرِّبين المنسلخين من إسلامهم، الداعِينَ إلى إهْدَارِ العربية ونبذها.

مواقفه: حينما قلَّدَهُ رئيسُ جمهورية لبنان وسامَ الاستحقاق المذهب، قام النشاشيبي فألقى خطبة بليغة، جاء فيها: ".. وإنَّا ـ أممَ اللسانِ الضادِيِّ ـ لَعُرْبٌ، وإن لغتَنا هي العربيةُ، وهي الإرْثُ الذي ورِثْنَاهُ. وإنَّا لَحَقِيقُونَ ـ والآباءُ هُمُ الآباءُ واللغةُ هي تلك اللغةُ ـ بِأَنْ نَقِيَ عربيةَ الجنسِ وعربيةَ اللغةِ، نَقِيَ العَرَبِيَّتَيْنِ مما يَضيرُهُمَا أو يُوهِنُهُمَا..".

أعماله: راح العلامة النشاشيبي يُصدر مؤلَّفاته التي ظهر فيها نُضجٌ كبير وعمقٌ في الرؤية والفهم، داعيًا أمته إلى المجاهدة التي لن تنجح بالإيمان والشجاعة وحدهما، بل لابد معهما من الإحاطة بالعلوم الحديثة، وقد أشار إلى أنَّ انتماءَه للعربية لا يَعني إغفالَه لما تَحْوِيهِ الحضارةُ الأوربيةُ من جوانبَ مهمةٍ يَنْبَغِي استيعابُها.. ولم يدْعُه إيمانُه العظيمُ بحضارة المسلمين إلى نَبْذِ الحضاراتِ الأخرى والنَّأْيِ عن التزوُّدِ منها بما يتفق وروحَ الإسلام، ويُعين على الجهاد. فمن أقوالِه في كتاب "قلب عربي وعقل أوروبي": "تِلْكُمْ مَدَنِيَّةُ الغرب، فالخيرُ كلُّ الخيرِ في أنْ نَعرفَها، والشرُّ كلُّ الشرِّ في أنْ نَجهلَها، وإنّا إذا عَادَيْنَاهَا ـ وهي السائدةُ السَّاطِيَةُ ـ اسْتَعْلَتْنَا، وإنَّا إذا نابذْناها ونَبَذْنا عليها حَقرتْنا، وهي مدنِيّةٌ قد غَمَرَت الكرةَ الأرضيةَ، فليس ثَمَّةَ عاصمٌ وإنْ أَوَيْتَ إلى المِرِّيخِ". وكان النشاشيبي أحد أعضاء المَجْمَعِ العلمي العربي بدمشق، ونُعِتَ بأديب العربية، وقد أثْرى المكتبةَ العربيةَ بعدة مؤلفات كرَّسَهَا لتخدم العربية ولتتناول عظماء العرب بما هم أهلُه من إبراز المحاسن والمنجزات، ومن تلك المؤلفات: ـ "كلمة في اللغة العربية" ـ "قلب عربي وعقل أوروبي" ـ "العربية في المدرسة" ـ "البطل الخالد صلاح الدين".ـ "الشاعر الخالد أحمد شوقي".ـ "العربية وشاعرها الأكبر أحمد شوقي".وكانت مجلة الرسالة تَعقد ندواتٍ أدبيةً ثريةً تدعو إليها خيرةَ رجال الأدب والعلم، ومن هنا توطدت العلاقةُ بين الأستاذ النشاشيبي وبين الأديب الكبير أحمد حسن الزيات، صاحب مجلة الرسالة، الذي أثنى على النشاشيبي بقوله: "لقد وَقَفَ نفسَه وجهدَه على دراسةِ الإسلام الصحيح في مصادره الأولى، وتحصيلِ اللغة العربية وعلومِها وآدابِها من منابعِها الصافية، فكان آيةً من آيات الله في سعة الاطّلاع وتَقَصِّي الأطراف، وتمحيص الحقائق.. لا تُذكر مسألة إلا كان له عنها جواب، ولا تُثار مشكلة إلا أشْرَقَ له فيها رأيٌ، ولا تُروَى حادثةٌ إلا أورد عليها المَثل، ولا يَحضر ندوتَه أديبٌ مطَّلِعٌ إلا جلس فيها جلسة المستفيد، فهو من طراز أبي عبيدةَ (معمر بن المثنى) والمُبَرِّدِ، لذلك كان أكثرُ ما يكتبه تحقيقًا واختيارًا وأماليَّ، وكان خاتمةَ طبقة من الأدباء اللُّغويين المحقِّقين".لقد نَفَذَ النشاشيبي إلى أعماق العربية، وفي سبيلها تجرع كئوس التعب، حتى نَبَشَ جُلَّ كتبِها تحصيلاً وفهمًا واستظهاراً، يتجلى ذلك بأقلِّ متابعةٍ لكتاباته التي حَوَتْ بين جنباتها عِلمًا ونوادرَ وطُرَفًا منتقاةً من مئات الكتب لأرباب البلاغة والبيان من أمثال: "عيون الأخبار" لابن قتيبة، و"شرح نهج البلاغة" لابن أبي الحديد"، و"معجم البلدان" و"معجم الأدباء" لياقوت الحموي، و"خاص الخاص"، و"يتيمة الدهر" للثعالبي..

وفاته: كان الرجلُ شغوفًا بالقاهرة، متطلعًا لشاعرِها الأكبرِ صديقِه الحميمِ؛ أحمد شوقي، يَفِدُ إليها كلَّ عامٍ مُتَطَبِّبًا، وربما طَبَعَ بعضًا من كُتُبِهِ. وفي شتاء عام 1948م كان على موعدٍ مع القدر، حيث قَضَى نحبَه بأحد مستشفيات القاهرةِ بعد حياةٍ حافلةٍ بالعطاء زاخرةٍ بالجهاد والكدّ والمصابرة.

عادل عمر
Oct 21 2005, 07:41 AM
عز الدين القسَّام
هو المجاهد الكبير عز الدين القسّام، وُلِدَ عام 1290هـ / 1871م في سوريّة لأسرة في جبلة الأدهمية من اللاذقية، وكان والدُه شيخَ زاوية في مدينته.ومن تلك المنابع نَهَلَ القسَّام، فاكتسب صِبْغةً إسلاميةً خالصةً صُقلت بالدراسة في الأزهر الشريف، الذي كاد ينفرد يومئذٍ بكونه قبلةَ طلابِ علوم الشريعة واللغة العربية.وفي الأزهر تَتَلْمَذَ القسَّام على بعض العلماء الأفذاذ، منهم: الشيخ محمد عبده، ثم عاد إلى موطنِهِ سوريّة، فعمل مدرسًا حتى انتهت الحرب العالمية الأولى عام 1918م، واجتاح الفرنسيون بلاده.

أحوال عصره: درس الشيخُ القسَّامُ علوم الشريعة واللغة العربية في الأزهر، ثم عاد إلى موطنه مربيًا ومعلمًا ومصلحًا، حتى انتهت الحرب العالمية الأولى؛ تلك الحرب التي حشد فيها الشريف حسين ـ أميرُ مكة ـ حشودَ العرب لمساندة الحلفاء من الإنجليز والفرنسيين ومَنْ معهم ضد تركيا وألمانيا ومَنْ معهما، على أمل أن يفي له الإنجليز بعد النصر بوعودهم البراقة بإقامة دولة عربية كبرى له!!وبانتهاء الحرب اجتاحت فرنسا بجحافلها سورية؛ موطنَ القسّام، وبلغت الأمور من السوء مبلغًا عظيما، ولما أبدى الشريف حسين اعتراضه ودعا إلى الوفاء بوعود ما قبل الحرب ـ زجره الجنرال "جورو" القائدُ الفرنسيُّ المنتصرُ بإنذارٍ رادعٍ شديدِ اللهجةِ، طالبًا منه عدم مناقشة هذا الموضوع، وأظهرت إنجلترا وجهَهَا الدَّمِيمَ، ونكثت بوعودها لحسين والعرب، وأصدرت قرارًا بفرض الانتداب الإنجليزي على العراق وفلسطين والأردنّ، والأفدحُ من ذلك: وَعَد وزير خارجيتها "بلفور" اليهودَ بإنشاء وطن قومي لهم في فلسطين.
أعماله: نزلت جيوشُ فرنسا أرض سوريّةَ الكبرى (سوريا ولبنان حاليا)، وأعلنت فرضَ الانتداب عليها. ومن هنا انطلق جهاد القسَّام، وأدركتْ فرنسا عبر أجهزة استخباراتِها خطورةَ ذلك الرجل بما له من نفوذ وتأثير على المسلمين، فحاولت استقطابَه بتوليته القضاء لينعزلَ عن الثورة فتَخْمُد جذوتها، لكن الرجل أبَى إلا الجهاد، وأفْتَى بفرضيته. وتأجَّجَتْ نيرانُ الثورة في أنحاء سوريّة عامًا ونصف العام، ورَوِيت أرض سورية بدماء المجاهدين.وقد بادر الفرنسيون بإصدار حكم بإعدام الشيخ عز الدين القسَّام لعصيانه الأمر بتولِّي القضاء، وإشعاله الثورة ضدهم. فغادر القسَّام دمشق إلى حيفا، فدخلها عام 1341هـ ـ 5/2/1922م، فدرَّسَ بمدرسة حيفا الإسلامية، وصار أبًا للفدائيين العرب في فلسطين، وخطيبًا لجامع الاستقلال في حيفا، حيث دعا المسلمين إلى الجهاد، وجَنَّدَ الجُنْدَ، وكرّس الجُهْدَ تحت راية الدين، وأشعلها نارًا في وجه الغزاة الإنجليز والصهاينة، وكَوَّنَ تنظيمًا سريًا دَوَّخَ الحتلين، حتى إنه من فرط سرّيته لم يُعرف باسم بعينه.أدرك القسَّام أن "تجريب المجرَّب الخاسر حُمق".. ذلك أنه ـ ككل العرب ـ جرب طريق الوعود الاستعمارية فانتهى من تجربته إلى يقين بحتمية مواصلة الكفاح المسلح لاسترداد الحق، ودفع البغي، فشارك في الثورة على الفرنسيين مع صالح العلي في جبل العلويين.وقد اهتدى بثاقب فكرِه إلى البدْءِ من المسجد، عقب مغادرته سورية إلى فلسطين للحشد والتوجيه وبث روح الثورة، ليجعل للمعركة قدسية خاصة، وليخرّج جيلاً ذا عقيدة راسخة وإيمان عظيم.وجهاد القسام تتضح أبرز معالمه فيما يلي: ‏

1‏ـ كان يحشد رجالاً ذاقوا مرارة الفقر واكْتَوَوْا بنار الاضطهاد؛ إذْ هم الأكثر صبرًا والأقدر على تحمل مشاق الجهاد دون المُتْرَفِينَ ضعافِ الهمم.‏

2‏ـ وضع القسَّام أيديَ الناسِ على الحقائق المُرّة المحيطة بهم، وبصَّرَهم بأوضاعهم المتردِّية وحقوقهم المُهْدَرة والاضطهاد النازل بهم، وظل يذكي نيران الثورة في نفوسهم حتى جاء يوم الانفجار.

‏3‏ـ كان الرجل شديد الحذر في انتقاء رجاله، ذا رَوِيّة في هذا الاختيار.

‏4‏ـ دعا العلماء التقليديين إلى تحويل المبادئ النظرية التي يُعلّمونها الناس إلى حقائق واقعية يواجهون بها العدوانَ الصليبي الصهيوني.

‏5‏ـ اعتمد القسَّام منهج الشورى، فلم يكن يتخذ قرارًا منفردًا.

‏6‏ـ اتبع تنظيمًا هرميًا دقيقًا، وقسم أتباعه إلى مجموعات لا يزيد عدد كل منها على خمس، ولكل منها نقيب.وحين جاء عام 1349هـ / 1930م بلغ "القسَّاميون" مائةَ عضو ـ بخلاف عموم أنصارهم.وإمعانا في إحكام بناء عصبته لم يكن أحد لينتسب إليها إلا بعد مروره بمراحل تمتد إلى ثلاث سنين، تبدأ بالإعداد الفكري والنفسي، ثم التوجيه والتدريب العسكري. وبانتساب العضو للعُصبة يَكتب وصيتَه سلفًا تأهبًا لنَيْل الشهادة في سبيل الله، أما السلاح فقد كان على العضو أن يشتريه بماله الخاص إذا عجزت العصبة عن ذلك. ويمكن إرجاع تشكيلات هذه الفئة إلى وحدات خمسٍ بَدَتْ واضحةً بحلول عام 1935م:

1ـ وحدة التسليح: وقد أسندت إليها مهمة توفير الأسلحة والذخائر بوسائل مشروعة؛ لأن الغاية الشريفة ينبغي التوسّل إليها بوسيلة شريفة.
2ـ وحدة التدريب: أشرف عليها ضابط في الجيش العثماني، لم يُعرَف عنه شيء سوى أنه كان ينادى بالشيخ جلادت.
3ـ وحدة المعلومات: وكانت تقوم بمهمة الاستخبار عن اليهود وخططهم في مستعمراتهم وما يعقدونه من اتفاقات مع الإنجليز المسيطرين على البلاد.
4ـ وحدة الاتصالات السياسية: ويشرف عليها رجلان: الشيخ كامل القصاب، والشيخ محمود سالم المخزومي.
5ـ وحدة الدعوة للثورة والتهيئة لها: وقد أشرف عليها الشيخ عز الدين القسَّام بنفسه.وللقسام جهاده الكبير ضد الاستعمار، فقد طارده الفرنسيون في موطنه سوريّة، فوقع اختيارُه على فلسطين يواصل كفاحه هناك، وانتقل إليها بعدما أخذت أطماع اليهود تَقْوَى وتمدّ عنقَها؛ قاصدةً الْتِهام القدس وفلسطين، فقاد الثورة، واعتُبر أبًا للفدائيين العرب هناك، وأنزل بالإنجليز والصهاينة ضرباتٍ موجعةً؛ كما حدث في عملية "نحلال" في سنة 1351هـ/1932م، التي قتل فيها الفدائيون بعض الغاصبين اليهود، فقاد رئيس اللجنة التنفيذية للوكالة اليهودية آنذاك "آرلوزوروف" تظاهرات صاخبة ضد المجاهدين، بل إن حكومة الانتداب الإنجليزية أعلنت عن مكافأة قدرها خمسمائة جنيه لمن يرشد عن منفذي عملية "نحلال"، لكنهم لم يفلحوا.وعقب هذه العملية نفّذ رجال القسَّام ثلاث عمليات أخرى دون أن يكشفوا عن هويتهم، فوجه بعضُ الخونة أنظار الإنجليز إلى القسَّام ورجاله الذين لم يعد أمامهم إلا أنْ يُجاهروا بالقتال، فاعتصموا بالجبال، وأوجعوا الإنجليز والصهاينة ضربًا وتقتيلاً خريف عام 1354هـ/ 1935م حتى استشهد القسَّام وبعضُ رجاله في عملية "يعبد" الشهيرة.

وفاته: أصبحت المعارك سِجَالاً بعد التحول من الحرب السّرّية إلى المواجهة المسلحة المعلنة في وضع غيرِ متكافئ: بين القسَّام ورجالِه قليلي العدد والعُدة، وبين حكومة الانتداب الإنجليزية الفائقة في العدد والعُدة، يعاونها الصهاينة وبعضُ العملاء، وتمكن رجال القسَّام من تنفيذ عمليات أرّقتْ أعداءهم، حتى جاءت عملية قرية "يعبد" القريبة من حيفا حيث وضعت نهاية نبيلة للفارس عز الدين القسَّام بنيله الشهادة. فقد قرر القسام الزحف من الجبال والقرى على حيفا مقدمًا لذلك بتفجير إحدى السفن الإنجليزية الراسية في الميناء، وكانت هذه العملية لأجل تحريك وضع البلاد الراكد، وإشعال الثورة على أرض فلسطين للحيلولة دون التهامها؛ وبينما القسَّام ورجاله فوق أحد الجبال في سبيلهم لتنفيذ ذلك، إذْ رصدتهم عينُ الجاسوس أحمد عارف، الذي سارع بإبلاغ أجهزة الاستخبار الإنجليزية فحشدت قواتٍ جاوزت خمسمائة جندي مسلحين بالمدافع الرشاشة، ومدافع الهاون، ومحمولين على عربات مصفحة وعربات جيب، تعاونهم من الجو طائرةُ استطلاع.. حيث أُحيط بالمجاهدين، وطُلب منهم الاستسلام، لكنهم رفضوا ذلك، وبدأت المعركة بسقوط أحد جنود الإنجليز قتيلاً، واحْتَدَمَتْ لمدة ساعتَيْن، وأسفرت عن استشهاد الشيخ عز الدين القسَّام وثلاثة من المجاهدين معه، منهم الشيخ محمد حنفي أحمد؛ وهو من مصر، بينما أُسِرَ أربعةٌ آخرون، وفي شهر رجب من سنة 1354هـ ـ 21 / 11 / 1935م، وبعد يومين من استشهادهم شُيعت جنازتهم المَهيبة في حيفا، حيث شارك في تشييعهم ما يجاوز عشرين ألف مشيع، وشمل الإضرابُ العام كل فلسطين. وباستشهاد القسَّام لم تنطفئ الشعلة التي أوقدها؛ لأنه ترك تلاميذَ نُجَبَاءَ ساروا على الدرب، وانتفضت فلسطين ثائرة عام 1355هـ / 1936م في ثورة شهدت فيها البلاد أطول إضراب عُرف في تاريخها؛ إذ استمر لمدة ستة أشهر متصلة..

عادل عمر
Oct 21 2005, 07:42 AM
عبد الملك بن مروان
هو عبدُ الملك بنُ مروانَ بنِ الحَكَم بنِ أبي العاصِ بنِ أميّة، قيل: هو أول مَنْ سُمي في الإسلام بعبد المـلك. أمُّـهُ عائشة بنت معاوية بن المغيرة بن أبي العاص بن أمية، وُلد سنة ست وعشرين من الهجرة، ولما بلغ السادسة عشرة ولاه معاويةُ المدينةَ.كان عبدُ الملك فقيهًا واسـعَ الاطّلاع، وكان يُعـدّ أحدَ فقهاء المدينة، من طبقة سعيد بن المسيّب وعروة بن الزبير، وعنه يقول الشَّعْبِيّ: "ما ذاكرْتُ أحدًا إلا وجدتُ لي الفضل عليه إلا عبد الملك، فإني ما ذاكرتُه حديثا إلا زادَني فيه، ولا شِعْرًا إلا زادَني فيه". وقال عنه عبد الله بن عمر: "وَلَدَ الناسُ أبناءً ووَلَدَ مروانُ أبًا". وقال فيه عمرو بن العاص: كنت عند معاوية وعنده عبد الملك، فلما قام أتْبَعَهُ بصرَه، ثم قال: لله دَرُّ هذا الفتى، ما أعظم مروءتَه، إنه لَيَتْرُكُ مخالفةَ الجليس تَوَقِّيًا لسوء المجالسة، ويَدَعُ مماراة اللَّجوج كراهةً لعداوته. لله دَرُّهُ، فما زال معروفا بأنه آخذٌ بأربعٍ تاركٌ لثلاثٍ؛ آخذ بقلوب الرجال إذا حدَّث، وبحسن الاستماع إذا حُدِّث، وبترْكِ الجدال إذا خُولِفَ، وبإظهار البِشْر إذا لَقِي، تارك لخُلّة الظَّنين في دينه، وملاحاة الغَلِق خوفا لشِذَّاته، وللدخول فيما لا يَعنيه، هذا مع حِلم وعلم".وقد أوصى ابنُ عمر الناسَ بسؤاله حين قال له القائل: إنكم ـ معشرَ أشياخ قريش ـ يُوشك أن تنقرضوا، فمن نسأل بعدكم؟ فقال: إن لِمَرْوانَ ابنًا فقيهًا، فاسألوه. وفضلاً عن فقه عبد الملك، فقد كان لَسِنًا بليغًا، أثنى عليه الأصمعي وتوَّجَهُ تاجَ البيان إلى جانب تيجان الفقه.

أحوال عصره: عاش عبد الملك وسلطانُ الأمويين منبسط على الأرض، وإن تعرض للتقلص في بعض الفترات، ويبدو أن حظه من الثقافة والعلم والمروءة والحلم، فضلاً عن إمارتِه المدينةَ وهو ابن ست عشرة سنة ـ جعل الاعتقاد يسود لدى العامة بأنه الخليفة القادم. فها هي أم الدرداء تقول له: ما زلتُ أرى هذا الأمرَ فيك منذ رأيتُك، فقال لها: وكيف ذاك؟ قالت: ما رأيت أحسنَ منك محدِّثا، ولا أعلمَ منك مستمعًا". وقد صَدَقَ ظنُّ الناسِ فيه حيث تولَّى الخلافة في شهر رمضان من سنة 65هـ. أعماله: وَلِيَ عبدُ الملك الخلافة والمسلمون متفرقون متنازعون؛ فعبد الله بن الزبير ـ رضي الله عنه ـ بُويِعَ خليفةً في الحجاز، والخوارج متمرِّدون، فاستطاع أن يردّ البلاد كلَّها إلى الطاعة، وأن يقضي على كل تمرد وعصيان، فوُصف بأنه المؤسسُ الثاني للدولة الأموية. وقد اجتمع الناس عليه بعد مقتل ابن الزبير، سنة ثلاث وسبعين، فكان حازمًا فطنا سائسا لأمور الدنيا، لا يَكِل أمرَ دنياه إلى غيره، وقد شهد له المنصور بذلك عندما ذكر ملوك بني أمية فقال: "عبد الملك أشدهم شكيمةً، وأمْضاهم عزيمةً..".ومن أعمال الخليفة الكبير عبد الملك بن مروان أنه عَرَّبَ الدواوين، فكان ديوانُ الشام يُكتب باليونانية، وديوانُ فارس يُكتب بالفارسيّة، وديوان مصر يكتب بالقبطيّة، فنقلها جميعا إلى اللغة العربية هو وابنه الوليد.وعبد الملك أولُ من سكَّ النقود في الدولة الإسلامية سكًا منتظمًا، وكتب على الدينار (قلْ هو الله أَحَدٌ)، وفي الوجه الآخر (لا إله إلا الله)، وطوَّقه بطوق فضة، وكتب فيه "ضُرب بمدينة كذا" وكتب خارج الطوق "محمد رسول الله أرسله بالهدى ودين الحق".وعبد الملك أول من كتب في صدور الكتب (قل هو الله أحد) وذكر النبيَّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ مع تاريخ الكتاب. وهو أول من كسا الكعبة بالحرير والديباج.وفُتِحَت في عهده هرقلة، وغزا أرمينيّة، وصُنْهاجة بالمغرب، وبُنيت في أيامه مدينة واسط.
مواقفه: سار عبد الملك بنفسه على رأس الجنود الشامية لمؤازرة عبيد الله بن زياد الذي كان يحارب المختار بن أبي عبيد، وحطَّ عبد الملك رحالَه في الطريق ليلةً، فجاءه خبرُ مقتل قائده وانهزام جنده، ثم جاءه بعد قليل خبر انهزام جيشه الذي أرسله لمحاربة ابن الزبير في المدينة، وتلاه خبر ثالث بدخول جنود ابن الزبير أرض فلسطين، وخبر رابع بمسير إمبراطور الروم مهاجمًا حدود الدولة الإسلامية من جهتهم، وخبر خامس بأن عَبيد دمشق وأوباشَها أطلقوا المسجونين وهاجموا السكان، وخبر سادس أن بعض الأعراب أغاروا على حمص وبعلبك ـ فلم يُرَ عبدُ الملك في ليلةٍ قبلَها أحسن وجها ولا أبسط لسانا وابتسامًا ولا أثبت جَنَانًا من تلك الليلة؛ تجلُّدا وسياسةً.. وواجه الأحداث وانتصر عليها جميعا، وأعاد الأمنَ وقطعَ دابرَ الفتنة.وسأله رجل أن يخلوَ به، فلما خلا به وأراد أن يتكلم قال له عبد الملك: احذرْ في كلامك ثلاثا: إياك أن تمدحني، فإني أعلم بنفسي منك، أو تَكْذِبَنِي (أي: تحدثني كاذبًا)، فإنه لا رأي لكَذوب، أو تسعى إليّ بأحدٍ من الرعية ( تسعى: من السعاية، وهي نقل الكلام إلى ذي السلطان بقصد الإضرار)، فإنهم إلى عدلي وعفوي أقربُ منهم إلى جَوْري وظُلمي، وإن شئت أقَلْتُكَ (أي: أعفيتك من الحديث)، فقال الرجل: أَقِلْنِي، فأقاله.ويُروَى أن الصحابي أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ كتب إلى عبد الملك يشكو الحَجّاج بن يوسف، ويقول في كتابه: "لو أن رجلاً خَدَمَ عيسى ابن مريم أو رآه أو صَحِبَه، تعرفُه النصارى، أو تعرف مكانه ـ لهاجَرَتْ إليه ملوكُهم، ولَنَزَلَ من قلوبهم بالمنزلة العظيمة.. ولو أن رجلا خَدَمَ موسى أو رآه تعرفُه اليهود، لَفَعَلُوا به من الخير والمحبة وغيرِ ذلك ما استطاعوا. وإني خادمُ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وصاحبُه، ورأيتُه وأكلتُ معه، ودخلت وخرجت وجاهدت معه أعداءه، وإن الحَجَّاج قد أضرَّ بي وفعل وفعل". فكان عبد الملك يقرأ الكتاب وهو يبكي، وبلغ به الغضب ما شاء الله، ثم كتب إلى الحجاج بكتاب غليظ شديد، فجاء الكتاب إلى الحجاج فقرأه فتغير، ثم قال لحامل الكتاب: انطلق بنا إليه نَتَرَضَّاه.وكتب زرّ بن حبيش إلى عبد الملك كتابًا، وفي آخره: ".. ولا يُطْمِعْكَ ـ يا أمير المؤمنين ـ في طول البقاء ما يَظهر لك في صحتك، فأنت أعلمُ بنفسك، واذْكُرْ ما تَكَلَّمَ به الأوّلون: إذا الرجال وُلدت أولادها وبَليت من كِبَرٍ أجسادهاوجعلت أسقامها تعتادها تلك زروعٌ قد دنا حصادُهافلما قرأه عبد الملك بكى حتى بَلَّ طرَفَ ثوبِه، ثم قال: صَدَقَ زِرّ، ولو كتب إلينا بغير هذا كان أرفقَ.وعبد الملك بن مروان من أوثق خلفاء المسلمين علاقة بالقدس وبالحرم القدسي خاصة؛ فهو الذي أمر ببناء أول مسجد في التاريخ فوق صخرة بيت المقدس، واكتمل بناء مسجد قبة الصخرة في سنة اثنتين وسبعين.ولم يتوقف جُهد الخليفة الأموي الكبير عند ذلك، فقد أمر بإعادة بناء المسجد الأقصى على أبهى صورة، إجلالا وتقديرًا لتلك البقعة الطاهرة المقدسة، ومع أن الخليفة عبد الملك مات سنة ست وثمانين للهجرة إلا أن العمل في بناء المسجد المبارك تَوَاصَلَ حتى نهايتِه في عهـد ابنه الوليد.

وفاته: بعد إحدى وعشرين سنة قضاها عبد الملك على كرسي الخلافة، مَرِضَ وطرح رأسه على فراش الموت، ودخل عليه ابنُه الوليد باكيا يتمثل بقول الشاعر:
كم عائدٍ رجلا وليس يعودُه
إلا ليعلم هل يراه يموت؟!
فصاح به عبد الملك: ما هذا؟ أتحنّ حنين الأَمَةِ؟ إذا أنا متّ فشمِّر وائْتَزِرْ والْبَسْ جلدَ النمر، وضع سيفَك على عاتقك.

وكان عبد الملك يقول: وُلدت في رمضان، وفُطمت في رمضان، وخَتمت القرآن في رمضان، وبلغتُ الحُلُمَ في رمضان، ووُلِّيتُ في رمضان، وأتَتْني الخلافة في رمضان، وأخشى أن أموت في رمضان، فلما دخل شوال وأَمِنَ ماتَ.

وكانت وفاتُه يوم الجمعة في النصف من شوال سنة ست وثمانين من الهجرة، وصلى عليه ابنُه الوليد وليُّ عهدِه من بعده، وكان عمرُه يوم مات ستين سنة، ودفن بباب الجابية الصغير.وقد خلَّف من الأولاد تسعةَ عشرَ، ذكورًا وإناثًا. وكانت مدة خلافته إحدى وعشرين سنة، منها تسع سنين مشاركا لابن الزبير، ثم انفرد بالخلافة وحده.

عادل عمر
Oct 21 2005, 07:44 AM
صلاح الدين الأيوبي
هو أبو المُظَفَّر يوسف بن أيوب بن شاذي بن مروان، صلاح الدين، الملقب بالملك الناصر، وأصله من الأكراد من قرية "دوِين" في شرقي أذربيجان.ولد سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة من الهجرة (532هـ)، سبع وثلاثين ومائة وألف للميلاد (1137م) في قلعة تَكْريت التي كان والده قائمًا عليها في عهد السلطان مسعود بن ملكشاه. ولم يقض صلاح الدين من عمره في هذه القلعة سوى ليلة واحدة؛ إذ انتقل أبوه حينها بأهله إلى الموصل حيث أقام عامين، ثم انتقل إلى بعلبك عام أربعة وثلاثين وخمسمائة من الهجرة (534هـ) وظل بها حتى بلغ صلاح الدين التاسعة من عمره وتعلم القراءة والكتابة، وحُبِّب إلى نفسه الجهاد في سبيل الله. وكان عمه "أسد الدين شيركوه" قائد قواد حلب، وأبوه قائدَ قواد دمشق، ثم عينه "نور الدين محمود" حاكمًا لدمشق، فشب صلاح الدين بين القواد والفرسان، ونال من خصالهم الكثير، هذا فضلاً عن تفقهه في دمشق، وتأدّبه، وروايته الحديث.

أحوال عصره: دخل صلاح الدين مع أبيه نجم الدين أيوب وعمِّه أسد الدين شِيرْكُوَهْ في خدمة السلطان القوي نور الدين محمود بن عماد الدين زَنْكِي، في عصر أمْسَتْ فيه دولة الإسلام دويلات عديدة؛ وفي كل دولة ملوك وأمراء لهم سِيَرٌ عجيبة، كما كان للصليبيين في أنطاكيّة إمارة، وفي القدس مملكة، وفي طرابلس والرُّها ويافا سطوة عقب موجات من الحروب الصليبية، وكان نور الدين محمود رجلاً صُلْبًا يتولى قيادة المسلمين في مواجهة الصليبيين.وانطلاقًا من الرغبة في توحيد المسلمين وجمع شتاتهم، شرع نور الدين في ضم بلاد مجاورة إلى سلطانه بالقوة، لنُزُوع أمرائها إلى الاستقلال والتشتت؛ فسيَّر رَجُلَه أسدَ الدين شِيرْكُوَه عَمَّ صلاح الدين بجيش إلى مصر عام 955هـ ـ 4611م لإدخالها في طاعته، وكان صلاح الدين أحد رجال جيش عمِّه، وعمره يومئذ لا يتجاوز السابعة والعشرين.

أعماله: بدأ صلاح الدين جنديا في جيوش الزَّنكيين يسير مع أبيه وعمه، ثم كان سندا كبيرا لعمه أسد الدين شيركوه في مصر، خاصة في مواجهة الوزير الفاطمي "شاور" الذي استعان بالصليبيين على المسلمين. وبعد وفاة أسد الدين انتقلت الوزارة في مصر إلى ابن أخيه صلاح الدين، الذي قام بواحد من أهم أعماله حين ألغى الخلافة الفاطمية في مصر، ودعا على المنابر للعباسيين ولنور الدين محمود.ثم توفي نور الدين عام 569هـ، فلاحَتْ بوادر التنازع والفُرقة بين المسلمين، وطمع الأمراء والقواد في المُلْك، ووجدها الصليبيون فرصة للسيطرة على الشام كله، فأرسلوا أساطيلهم من جزيرة صقلية إلى الإسكندرية ودمياط؛ لعزل مصر عن الشام، لكن صلاح الدين أغرق سفنَهم وأمعن في قتلهم، وأبطل خُططهم.واستُدْعِيَ لإعادة الاستقرار إلى بلاد الشام، فزحف برجاله إلى دمشق وسيطر عليها عام 570هـ، وامتد سلطانُه من الشام شرقًا إلى أقصى غرب مصر، وعمرُه يومئذ يناهز الأربعين، ثم استولى على حماة وبعلبك وحمص وحلب التي صالح أهلَها، ثم نقضوا العهد وتحالفوا مع الصليبيين، فألحق بهم هزيمة نكراء، وبذلك قامت الدولة الأيوبية التي دانت بالولاء للخلافة العباسية.امتد سلطانُ صلاحِ الدين من مصر إلى الشام، فراح يحاصر الصليبيين، فزلزل الأرض من تحت أقدامهم، وظل ممتطيًا جوادَه مرابطًا ومجاهدا في سبيل الله، واسْتَنْفَرَ أمراءَ جميعِ البلاد الإسلامية لحشد جيوشها خلفَه، وكتب إلى قادة الموصل، وديار الجزيرة، وإربل، وغيرها. وخرج هو من دمشق أواخر المحرم سنة 385هـ 7811م، وتجمعت جيوش الشام تحت قيادة ابنه الملك الأفضل عليّ، ثم توجه هو إلى بر طريق الحجاج إلى مكة لحمايتهم ومنع الصليبيين من الإغارة عليهم، ففر الصليبيون لما علموا بذلك.وتحت قيادة الناصر صلاح الدين احتشد جيشٌ قوامه اثنا عشر ألف مقاتل من الفرسان، عدا المتطوعة والمشاة، في مواجهة ثلاثة وستين ألفًا من الصليبيين، على مقدمتهم كونت طرابلس "ريموند"، وتولَّى الملكُ "جاي" القلبَ، وقادَ المؤخرةَ "رينالد شاتيون"، المعروف بـ"أرناط".وكان اللقاء الصعب في حطين، والذي حُسمت نتيجته تماما لصالح المسلمين، حتى أسروا ملوك الصليبيين. وعفا صلاح الدين عن هؤلاء الملوك جميعا، سوى "أرناط" الذي تعرَّض لقافلة من الحجاج المسلمين وقتلهم ونهبهم وسب النبي ـ صلى الله عليه وسلم، فقتله صلاح الدين بيده.واستسلمت قلعة طبريّة للمسلمين في اليوم التالي: السادس والعشرين من ربيع الآخر عام 385هـ، ثم استولت قوات المسلمين على عكا، وحُررت صيدا دون قتال، ثم بيروت، ثم دخلوا عسقلان، وتبع ذلك تحرير غزة، وكان جملة ما افتتحه صلاح الدين في هذه الفترة الوجيزة خمسين بلدًا كبارًا، كل بلد له مُقاتِلَةٌ وقلعةٌ ومَنعَةٌ، وغَنِمَ جيش المسلمين غنائم عظيمة وسَبَوْا خلقًا كثيرًا..

مواقفه: للسلطان الناصر مواقف عديدة ومشهورة مملوءة بالرحمة والعفو عند المقدرة، فبعد انتصار حطين عفا عن ملوكهم، ورد زوجاتهم إليهم، وقصته معروفة في بحثه عن طفل فقدته امرأة صليبية في الحرب، فرده إليها سالما معافى. وقد أجبرت هذه المواقف أعداء صلاح الدين أنفسهم على الإعجاب به وتقديره.

وفاته: ردَّ صلاح الدين جحافل الصليبيين عن القدس، وكتب بينه وبينهم كتاب صلح فيما سمي بصلح الرملة، حفظ للمسلمين الأرض المقدسة، ثم خرج إلى دمشق، واستهلت سنة تسع وثمانين وخمسمائة من الهجرة (589هـ) وهو في غاية الصحة والسلامة، ثم اعْتَرَتْهُ الحُمّى، واشتدت به الحالُ ليلة الأربعاء السابع والعشرين من صفر، فاستَدعى شيخًا قارئا؛ ليبيت عنده يقرأ القرآن ويلقِّنه الشهادة إذا حضره أجله، فحضر الشيخ، وظل يقرأ القرآن حتى أسلم صلاحُ الدين روحَه إلى ربه ـ سبحانه وتعالى ـ مبتسمًا متهلل الوجه، والقرآن مِلْءُ سمعِه وقلبِه.وقد حَضَرَهُ أولادُه، وكانوا سبعةَ عشرَ ذكرًا، وأنثى واحدة. وغسَّله الفقيه الدولعي خطيب البلد، وكفنه وجهزه القاضي الفاضل، وأمَّ الناسَ عليه القاضي محيي الدين بنُ الزكيّ، ودُفن في داره بالقلعة المنصورة بدمشق، وكان له من العمر سبعٌ وخمسون سنة.

عادل عمر
Oct 21 2005, 07:45 AM
الوليد بن عبد الملك
هو الوليد بن عبد الملك بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية، أكبرُ ولدِ عبد الملك، كان مولده سنة خمسين للهجرة. أُمُّه ولاَّدة بنت العباس بن حَزْن بن الحارث بن زُهَير العبسيّ، كان أبواه يُتْرِفَانِهِ، ولذا قال أبوه عبد الملك: أضرَّ بالوليد حُبُّنا له؛ فلم نرسلْه إلى البادية. وكانت البادية مدرسة لمن أراد أن يتعلم العربيةَ الفصحى بعيدا عما انتشر بالمدن الإسلامية من اللحن بسبب اختلاط العجم بالعرب، غير أن أباه لم يتركْه هَمَلاً، بل قال له في حزم: إنه لا يَلِي أمرَ العرب إلا مَنْ يُحسن كلامَهم. لذا جمع الوليدُ جماعة من أهل النحو وظل يجالسهم في بيتٍ ستة أشهر، وقيل: سنة، ثم إنه لم يبلغ مرادَه، فقال عبد الملك: أَجْهَد وأَعْذر.كان الوليد طويلاً أسمرَ، أفْطَسَ الأنفِ. وقد رأى الصحابيَّ سهلَ بنَ سعد، وسَمِعَ من أنس بن مالك، وسعيد بن المسيِّب، وحَكَى عن الزُّهْرِيّ وغيره.

أحوال عصره: كان مروان بن الحكم قد بايع لابنيْه؛ عبد الملك، ثم عبد العزيز، فتولى عبد الملك الخلافة، وفي حياته توفي أخوه عبد العزيز، فعهد بالخلافة لابنيْه: الوليد، ثم سليمان.ولما مات عبد الملك جَدَّدَ الناسُ بيعتَهم للوليد في شوال سنة ست وثمانين للهجرة، فبدأ بتعيين عُماله في البلاد التابعة للخلافة الإسلامية بانتقاء شديد، فولَّى عمرَ بنَ عبد العزيز أميرًا على مكة والمدينة. وفي عهد الوليد كانت الفتن قد هدأت بشكل كبير فتفرغت الخلافة للفتوح، وانطلقت جيوش المسلمين إلى الهند والسند وشمال إفريقيا والأندلس، وأقبلت على عاصمة الخلافة كنوز الدنيا من الشرق والغرب.ولم تَنْقَضِ مدةُ خلافة الوليد حتى اتسعت ممالك الإسلام في دولته اتساعا لم يُعْهَد له مثيل، وكانت الدولة في عهده غاية في الثروة، وكان في بيت ماله ما يسد النفقات ويكفي ذوي الحاجات ست عشرة سنة.

أعماله: وَالَى الوليدُ بن عبد الملك الفتوحَ؛ وسَيَّر قتيبةَ بن مسلم الباهليّ أحدَ أكابرِ قوادِه ففتح خوَارزْمَ وسمرْقَنْدَ وسردانية.وفي سنة ثمان وثمانين جهز أخاه مَسْلمة والعباسَ ابنه، فغزوا الروم وغلبوهم، وفتحوا بلادًا كثيرة من مملكتها.وتوالت الفتوح، ففُتحت جزيرتا منورقة وميورقة من جزر البحر المتوسط شرقيّ الأندلس، ثم فُتحت نَسَف ومدائن أخرى وحصونٌ من أذربيجان، ثم فَتح الحَجّاجُ بُخارَى، ووصل محمد بن القاسم إلى أرض الهند، ودخل قتيبة قَشْغَر؛ أولَ مدن الصين، وفُتحت الأندلس على يد طارق بن زياد وموسى بن نصير، ثم فُتحت أربيل والكرخ والبيضاء وخوارزم، ثم كابل وفرغانة والشاش، ثم فُتحت مدينة طوس في سنة 95هـ.كما شرع الوليد في بناء جامع دمشق، وجمع فيه مائة ألف ماهر من الصُّنّاع، وحمل إليه أربعين حِمْلا من الفسيفساء هدية من ملك الروم.كما كتب الوليد للجهات بتوسيع المساجد وبنائها، وإدخال حُجَرِ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في المسجد النبوي، وتوسعته بمائتي ذراع، وهكذا أعاد تجديد المسجد الحرام، ومساجد الأمصار، وقد عُرف الوليد بولَعِهِ الشديد بالعمارة، وكان الناس يلتقون في عهده ـ والناس على دين ملوكهم ـ فيسأل بعضُهم بعضًا عن البناء والعمران، وليس أدلَّ على هذا من مسجد دمشق الذي استغرق البناء فيه عشر سنوات. ومن مظاهر اهتمامه بالعمران أنه أنشأ الطرق ومهّدها، خاصة الطرق المؤدية إلى الحجاز، كما حفر الآبار على طول هذه الطرق، ووظّف من يُعْنَى بهذه الآبار ويُمِدُّ الناسَ بمائها.وهو أول من وضع المنار في الطرقات، وأول من وضع علامة الأميال بين المدينة والشام؛ ليعلم المسافر القدر الذي قطعه من سفره. ومن غُرَرِ أعماله التي فاق بها مَنْ جاء قبله أنه تَعَهَّدَ الأيتامَ وكَفَلَهم ورتّب لهم المؤدِّبين، كما رتب للزَّمْنَى مَنْ يخدمهم، وللمكفوفين مَنْ يقودهم، ورتب لهؤلاء جميعا الأرزاق المنتظمة، كما وضع المجذومين في بيت يرعاهم طبيا، وأعطى كلَّ مُقعَدٍ خادمًا يهتم بأمره، وأجرى لهم الأرزاق الوافية.وتناهى في الاعتناء بالصحة حتى كان من عوائده سؤالُ الأطباء عن هواء البلدان وأيِّه أنفعُ للأمراض، فلما سمع منهم أن هواء دمشق ينفع المجذومين أسس هناك ملجأ لهم لا تزال آثارُه باقية خارج المدينة إلى الآن. ومع كثرة فتوح الوليد وإصلاحاته ما كان يزداد إلا ورعًا وتقوى، فما اعْتَراه عُجْبٌ ولا امتنان على أحد، وكان نقش خاتمه: "يا وليدُ، إنك ميت". وكان ـ مع شغله ـ يختم القرآن كل ثلاث ليال، وقيل: كل سبع.

وفاته: دخلت سنة ست وتسعين التي أراد اللهُ أن يزول فيها ظلُّ هذا الخليفة عن الدولة، فقُبض ـ رحمه الله ـ بدَيْر مُرَّان يوم السبت نصفَ جمادى الآخرة من هذه السنة. ودفن بدمشق، وتولى دفنَه والصلاةَ عليه عمرُ بن عبد العزيز، وكانت مدة خلافته تسع سنين وثمانية أشهر، وترك من الأبناء تسعة عشر ذكرًا.

عادل عمر
Oct 21 2005, 07:46 AM
نور الدين محمود
هو أبو القاسم محمود ابن الملك الأتابك قسيم الدولة عماد الدين أبي سعيد زَنْكي، الملقبِ بالشهيد، ابن الملك آقسنقر الأتابك، الملقب بقسيم الدولة التركيّ السُّلْجُوقيّ، لُقب صاحب الترجمة بالملك العادل نور الدين.وكان مولده يوم الأحد سابع عشر شوال سنة إحدى عشرة وخمسمائة من الهجرة (511هـ) الموافق 1115م، بحلب، لأبٍ مَلِكٍ مهيب شجاع حازم من أشدِّ الناس غَيْرةً على حُرُمَاتِ الرعيّة، وأجودِ الملوك معاملةً، وأرفقِهم بالعامّة، فنشأ نور الدين محمود نشأة كريمة. وقد تعلم القرآن، ودُرِّب على الفروسية وفنون القتال، ولما شبّ تزوج بعِصْمَة الدين خاتون بنت الأتابك مُعِين الدين. وُصف نور الدين بأنه كان شجاعًا ذا همة عالية ودين سابغ، محافظًا على الصلوات، كثير تلاوة القرآن، عفيفًا مقتصدًا، كأنه عمر بن عبد العزيز، وكان أسمر اللون، طويل القامة، حسنَ الصورة، تركيَّ الشكل، ليس له لحية إلا في حَنَكِه، وكان حنفيَّ المذهب، يحب العلماء والفقراء ويكرمهم، سار في خدمة أبيه عماد الدين زَنْكي يؤازره ويناصره في تصدّيه للفرنج الصليبيين، فأُشبعت روحُه بحب الجهاد، وكان أبوه واليًا على إمارة الموصل والبلاد التابعة لها بأمر السلطان محمود بن محمد بن ملكشاه، وكانت ولايتُه فتحًا للمسلمين بعد هزائم عديدة للسلاجقة أمام الصليبيين. ولم يتوانَ عمادُ الدين زَنْكي في إعداد أبنائه الثلاثة: نور الدين محمود، وسيف الدين غازي، وقطب الدين مَوْدُود لمواصلة الجهاد لدحر الصليبيين، وعقب وفاته عام 541هـ ـ 1146م تولَّى ابنُه نور الدين محمود حُكم سوريا خلفًا لأبيه، وجعل من حلب قاعدة لعملياته، وترك لأخيه سيف الدين غازي حُكمَ الموصل وشرقِ البلاد.

أحوال عصره: كان نفوذُ السلاجقةِ في القرن الخامس الهجري قد اتسع حتى هدد الإمبراطورية البيزنطية وأوروبا، خاصة بعد معركة "مَلازِكرد" فانطلقتْ حرب دينية صليبية؛ "لتخليص" بيت المقدس من يد المسلمين وطرد السلاجقة من آسيا الصغرى، وجاءت وفاة ملكشاه فسببت تمزقا للدولة السُّلْجُوقية القوية، واضطربت الأمور عقب تنازع خلفائه على الشام مما أتاح للصليبيين أن يضربوا ضربتَهم، فاكتسحوا دولة السلاجقة التي دبّ الضعف الشديد في أوصالها حتى أمْسَتْ عاجزة عن الصمود للطوفان الصليبي المندفع، وتقدم الصليبيون نحو عدد من بلاد الشام فاستولوا عليها، وحاصروا أنطاكية حتى استسلمت، ثم حاصروا معرة النعمان حتى سقطت، وجاءت النكبة العظمى بسقوط بيت المقدس في أيديهم عام 492هـ ـ 1099م، ووقف السلاجقة عاجزين، بينما كانت الخلافة العباسية جسمًا بلا روح، ولم يكن حالُ الفاطميين في مصر يمكّنهم من مواجهة الجحافل الصليبية، وظل الأمر على ذلك حتى قام السلطان محمود بن محمد بن ملكشاه بتولية عماد الدين زَنْكي الشجاع المقدام الحازم إمارةَ الموصل والبلادِ التابعة لها، فاستطاع عمادُ الدين مدَّ سلطانه إلى الجزيرة والشام، فاستولى على "حلب" سنة 522هـ ـ 1128م، وعلى "حَمَاة" سنة 523هـ ـ 1129م، ومن أعظم إنجازاته استردادُ مدينة "الرُّها" من الصليبيين في جمادى الآخرة سنة 539هـ ـ ديسمبر 1144م. ثم خَلَفَهُ أبناؤُه على ما كان تحت يده؛ نورُالدين محمود على سوريا، وسيفُ الدين غازي على الموصل وشرق البلاد، فواصلوا ما بدأه أبوهم ضد الصليبيين.وسار نور الدين في رعيته مقيمًا العدل، متبعًا الشرع، يجلس في المسجد يوم الثلاثاء ليصل إليه كلُّ ذي حاجة من المسلمين وأهـل الذمة، وكان بأسُه على الصليبيين شديدًا، فأوقف طوفانَهم الزاحف، واسترد منهم بعض ما سلبوه من المسلمين، وحافظ على ما فتحه أبوه عماد الدين من البلاد، ووسَّع أرجاء مملكته حتى ضمت الشام ومصر، واتخذَ صلاحَ الدين واليًا على مصر بعدما رأى منه حُسْنَ تدبيرٍ لأمورها، وقد سعى الوُشَاةُ بالسوء بينه وبين صلاح الدين متهمين إياه بالنزوع إلى الاستقلال بمصر، وأفلحت الوشاية في النَّيْل من العلاقة بين الملك وواليه القويّ، وكادت تسوء لولا تدخل أولي الألباب.

أعماله: نشأ نور الدين محمود في كَنَفِ أبيه المجاهد عماد الدين زَنْكي، فأبْلَى معه بلاءً حسنًا في مجاهدة الصليبيين، وخرج من معاركه الكثيرة التي خاضها مع أبيه فارسًا محنكًا، خبيرًا بفنون القتال، حتى قُتل أبوه، فخلفه على حُكم سوريا سنة 541هـ ـ 1146م، وانطلق يؤمّن فتوحات والده في الرُّهَا، فأنزل هزيمة نكراء بحاكمِهَا الصليبي جوسلين، وأسَرَه سنة 546هـ ـ 1151م، وقبيل ذلك حقق فتوحات عظيمة في إمارة أنطاكية، وقَتَلَ أميرَها ريموند سنة 544هـ ـ 1149م.ويرجع إلى نور الدين محمود الفضلُ في استمرار الجهاد الإسلامي ضد الصليبيين، حتى بلغ الذروة على يد صلاح الدين الأيوبي الذي عمل في خدمة نور الدين، وفتح له مصرَ في حياته مما مكَّنه من ضمها إلى الشام وتطويق الصليبيين، ومن قبل افتتح نورُ الدين دمشق سنة 549هـ، فبَنَى بها المدارس والمساجد والأسواق، ثم فتح حمص، واستنقذ من أيدي الصليبيين معاقلَ كثيرة من الحصون المنيعة التي كانوا قد استحوذوا عليها، منها: مرعش وبهسنا، وأَسَرَ بنفسه في إحدى غزواته مَلِكًا من ملوك الفرنجة، فاستشار الأمراءَ فيه؛ هل يقتله، أو يأخذ فيه فدية؟ فاختلفوا، فاستحسن إطلاقَه مقابل مال كثير يفتديه به، فأَطْلَقَ سراحَ هذا الملك الأسير وأعاده إلى بلاده، فلم يلبث أن مات، فعَجِبَ نورُ الدين وأصحابُه لذلك، وبَنَى بِفِدْيَةِ ذلك الملك "مارستانًا" (مستشفى) لم يُبن في الشام قَبْلَه؛ لعلاج المرضى الفقراء، ومَنْ لا دواء لهم إلا فيه.وظل نور الدين .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 

شخصيات عربية موهوبة

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

 مواضيع مماثلة

-
» شخصيات مغربية
» شخصيات تاريخية
» شخصيات مغربية مناضلة
» شخصيات ومشاهير طردوا من المدرسة في حياتهم
» شخصيات امازيغية تاريخية-(طارق بن زياد)

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: منتديات التعريف بالشخصيات :: شخصيات عربية وإسلامية-