عزيزي الزائر/عزيزتي الزائرة ، مرحبا بك في منتدى العلم والمعرفة لثانوية الأنوار الإعدادية -نيابة إنزكان أيت ملول-.
لتتمكن من الإستمتاع بكافة ما يوفره لك هذا المنتدى من خصائص, يجب عليك أن تسجل الدخول الى حسابك في المنتدى. إن لم يكن لديك حساب بعد, نتشرف بدعوتك لإنشائه.
شكرا.
إدارة المنتدى.




عزيزي الزائر/عزيزتي الزائرة ، مرحبا بك في منتدى العلم والمعرفة لثانوية الأنوار الإعدادية -نيابة إنزكان أيت ملول-.
لتتمكن من الإستمتاع بكافة ما يوفره لك هذا المنتدى من خصائص, يجب عليك أن تسجل الدخول الى حسابك في المنتدى. إن لم يكن لديك حساب بعد, نتشرف بدعوتك لإنشائه.
شكرا.
إدارة المنتدى.







 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
دخول
اسم العضو:
كلمة السر:
ادخلني بشكل آلي عند زيارتي مرة اخرى: 
:: لقد نسيت كلمة السر
احصائيات
هذا المنتدى يتوفر على 6691 عُضو.
آخر عُضو مُسجل هو ABOUTAHIR-1 فمرحباً به.

أعضاؤنا قدموا 51106 مساهمة في هذا المنتدى في 22352 موضوع
خاص بالأعضاء الجدد

أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
المشرف العام - 7463
زعماء المقاومة المغربية Vote_rcapزعماء المقاومة المغربية Voting_barزعماء المقاومة المغربية Vote_lcap 
abdelilah elbouhlali - 2515
زعماء المقاومة المغربية Vote_rcapزعماء المقاومة المغربية Voting_barزعماء المقاومة المغربية Vote_lcap 
روح المنتدى - 2498
زعماء المقاومة المغربية Vote_rcapزعماء المقاومة المغربية Voting_barزعماء المقاومة المغربية Vote_lcap 
A.Lakdib - 2398
زعماء المقاومة المغربية Vote_rcapزعماء المقاومة المغربية Voting_barزعماء المقاومة المغربية Vote_lcap 
أميرالمنتدى - 2076
زعماء المقاومة المغربية Vote_rcapزعماء المقاومة المغربية Voting_barزعماء المقاومة المغربية Vote_lcap 
عبدالرحيم موسان - 1900
زعماء المقاومة المغربية Vote_rcapزعماء المقاومة المغربية Voting_barزعماء المقاومة المغربية Vote_lcap 
mousstafa boufim - 1663
زعماء المقاومة المغربية Vote_rcapزعماء المقاومة المغربية Voting_barزعماء المقاومة المغربية Vote_lcap 
Med amin - 1629
زعماء المقاومة المغربية Vote_rcapزعماء المقاومة المغربية Voting_barزعماء المقاومة المغربية Vote_lcap 
हमजा प्रेमियों - 1618
زعماء المقاومة المغربية Vote_rcapزعماء المقاومة المغربية Voting_barزعماء المقاومة المغربية Vote_lcap 
Said Benssi New - 1453
زعماء المقاومة المغربية Vote_rcapزعماء المقاومة المغربية Voting_barزعماء المقاومة المغربية Vote_lcap 
أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر
لا يوجد مستخدم
المواضيع الأكثر نشاطاً
تعالو نحطم الرقم القياسي في كل المنتديات ..!
ﯕـالـــوا زمـــــــان
لعبة اوصل للرقم 10 و اكتب اكثر عضو تحب ان تتكلم معه
تحدي:تعد من 1 الى 10 دون ان يقاطعك احد.
لعبة الاسئلة
لعبة اهديك اغنية
#..سأرحل قريباً //
عرف بنفسك
الى كل الاعضاء بدون استثناء
لعبة الالوان
المواضيع الأكثر شعبية
دراسة بيوغرافية لشخصية محمد الخامس
ﯕـالـــوا زمـــــــان
ملخصات-خطاطات-مصطلحات-مفاهيم خاصة بدروس الاجتماعيات السنة الثالثة إعدادي (الدورة الثانية)
ملخصات دروس الاجتماعيات خاصة بتلاميذ السنة الثالثة إعدادي (الدورة الأولى)
ملخصات دروس التاريخ للدورة الثانية خاصة بتلاميذ السنة الثالثة إعدادي
تعالو نحطم الرقم القياسي في كل المنتديات ..!
ملخصات دروس التربية على المواطنة للدورة الثانية خاصة بتلاميذ السنة الثالثة إعدادي
مصطلحات ومفاهيم:التاريخ-التربية على المواطنة-الجغرافيا (الدورة الثانية)
لعبة اوصل للرقم 10 و اكتب اكثر عضو تحب ان تتكلم معه
ملخصات دروس الجغرافيا للدورة الثانية خاصة بتلاميذ السنة الثالثة إعدادي
امتحانات جهوية موحدة
امتحانات جهوية موحدة







الامتحان الجهوي
قوانين مغربية

شاطر
 

 زعماء المقاومة المغربية

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
aicha mraighina
عضو جديد
عضو جديد
avatar

عدد المساهمات : 2
نقاط : 4888
تاريخ التسجيل : 28/12/2010

زعماء المقاومة المغربية Empty
مُساهمةموضوع: زعماء المقاومة المغربية   زعماء المقاومة المغربية Emptyالأحد 27 مارس - 11:16:10

زعماء المقاومة المغربية



موحااوحمو الزياني

مهيـــد: يعد موحا أوحمو الزياني من أهم أبطال المقاومة الأمازيغية في التاريخ المغربي الحديث والمعاصر إلى جانب محمد الشريف أمزيان وعبد الكريم الخطابي وعسو أبسلام؛ لما أظهره من بسالة بادية للعيان في تاريخ القرن العشرين، وشجاعة قل نظيرها في العديد من الحروب الحامية الوطيس و المعارك المظفرة التي سحق فيها العداة سحقا شديدا وأذاقهم فيها هزائم نكراء.
وقد اشتهر موحا أو حمو الزياني بنضاله المستميت في المعركة الشهيرة التي أباد فيها الكثير من قوات الجيش الفرنسي في الأطلس المتوسط قرب مدينة خنيفرة، وتسمى هذه الواقعة بمعركة لهري التي وقعت سنة 1914م، بعد أن حاصر الفرنسيون مخيم قائد قبائل زيان من جميع النواحي قصد القضاء عليه بصفة نهائية. وقد سببت مناوشات موحا أوحمو وحروبه المتتالية ضد الغزاة في تأخير غزو الأطلس المتوسط والجنوب الشرقي لسنوات عدة إلى غاية استشهاد الزعيم في سنة 1921م.
هذا، وقد سبب موحا أوحمو الزياني لفرنسا المحتلة خسائر فادحة في العتاد والأرواح لمدة ست سنوات من المعارك والحروب التي أبلى فيها الزيانيون البلاء الحسن بفضل حنكة وخبرة البطل المجاهد الأمازيغي موحا أوحمو الزياني.
إذا، من هو موحا أو حمو الزياني؟ وماهي أهم التطورات التي مرت منها مقاومته الباسلة في تحدي المستعمر الأجنبي الفرنسي؟ وماهي الخطوات التي انبنى عليها سيناريو معركة لهري ونتائجها المباشرة وغير المباشرة؟ وما مصير مقاومة موحا أو حمو الزياني؟
1- من هو موحا أو حمو الزياني؟
من المعلوم أن موحا أو حمو من مواليد سنة 1877م، وكان قائدا مخزنيا على قبائل زيان منذ1887م بمدينة خنيفرة التي اتخذها مقرا لمقاومته الشرسة ضد العدو الفرنسي منذ سنة 1914م. وعمل جاهدا على توحيد كلمة الأمازيغيين بالأطلس المتوسط، و جمع شمل الزيانيين، وكون جيشا مدربا على المقاتلة والتحدي والصمود والوقوف في وجه الأعداء العتاة من الغزاة الأجانب، وتحالف مع القبائل الأمازيغية المجاورة في الأطلسين: الكبير والصغير للوقوف في وجه القوات الفرنسية التي أرادت إخضاع الأطلس المتوسط للتحكم في طرق المواصلات واستنزاف خيرات المنطقة وتطويقها لفرض الأمن قصد استكمال مسلسل الاحتلال واستعمار باقي المناطق المغربية التي لم يتم احتلالها بعد.
ومن المعروف تاريخيا أن زوجته يطو هي التي حولت زوجها موحا أوحمو من خاضع للقوات الفرنسية إلى بطل مقاوم شهم يدافع عن حرمات قبائل زيان باستماتة استشهادية ونبل كبير منقطع النظير.
هذا، وقد استمرت مقاومة موحا أوحمو الزياني مدة ست سنوات من 1914م إلى 1920م، ليستشهد البطل المقاوم في معركة "أزلاغن تزمورت" ضد الجنرال "بوميرو" يوم 27 مارس 1921م، ويدفن بعد ذلك في مقابر " تاملاكت".
وقد اشتهر موحا أو حمو الزياني بمعركة لهري الشهيرة التي أذاق فيها العدو الفرنسي شر هزيمة، وسحق فيها معظم قواته المحنكة بفنون الحرب وقواده المعروفين بدراية التخطيط العسكري. ومن ثم، سيصبح موحا أو حمو الزياني دائما من أهم أبطال المقاومة الأمازيغية، ومن أهم الرجال الشجعان والمجاهدين البواسل الذين يفتخر بهم التاريخ المغربي الحديث والمعاصر، وسيبقى علما منتصبا في صفحات البطولة والمقاومة يتذكره الماضي والحاضر والمستقبل.
2- تطور مقاومة موحا أو حمو الزياني؟
لم تظهر مقاومة موحا أو حمو الزياني بشكل جلي إلا في سنوات العقد الأول من القرن العشرين الميلادي قبل فرض الحماية الفرنسية على المغرب سنة 1912م. وبدقة أكثر، لم تتأجج ميدانيا إلا مع محاولة الفرنسيين التغلغل في السهول المغربية استعدادا لغزو جبال الأطلس الشامخة لتطويق رجال المقاومة الأمازيغ الذين عرفوا بشراسة المعارك وقوة الشكيمة و الرغبة العارمة في الاستشهاد والدفاع عن الحرمات والأعراض. وهكذا، نجد موحا أوحمو يصطدم مع الفرنسيين منذ وقت مبكر حينما أرسل بعض قواته للدفاع عن الشاوية منذ سنة 1908م، كما ساهمت قواته في الدفاع عن القصيبة سنة 1913م. وتبقى أهم معركة سيخوضها موحا أوحمو الزياني هي معركة لهري سنة 1914م، ومعركة الاستشهاد في 27 مارس 1921م بتاوجكالت.
كما قلنا سابقا: إن مقاومة موحا أوحمو انطلقت شرارتها الأولى منذ وقت مبكر قبل فرض الحماية ميدانيا وعمليا، عندما حاول الكولونيل مانجان احتلال تادلا تمهيدا لاحتلال الأطلس المتوسط للقضاء على قبائل زيان ومقاومتهم العتيدة. لذا، وحّد موحا أوحمو وموحا أوسعيد جهودهما لمواجهة القوات الفرنسية الغازية، بيد أن انبساط السهول في منطقة تادلا وتفوق فرنسا عسكريا ونقص الذخيرة عند المقاومين الأمازيغيين سهل الأمر على الفرنسيين الدخول إليها في أبريل 1913م.
وعلى الرغم من هذا الاحتلال، فقد ألحق قائدا المقاومة الأمازيغية بالفرنسيين خسائر فادحة في الأرواح والبشر في معركة القصيبة التي دامت ثلاثة أيام متواصلة، والتي أدت بالكولونيل مانجان إلى التراجع إلى منطقة تادلا، ولم يدخل الفرنسيون قصبة بني ملال إلا في صيف سنة 1916م، في حين لم تخضع القوات الفرنسية القصيبة إلا في أبريل 1922م، بعد أن جهزت لذلك قوة ضخمة من الرجال والعتاد.
3- سيناريو معركة الهري:
تعتبر معركة لهري الملحمية من أهم المعارك التي خاضها الزيانيون الأمازيغيون ضد المحتل الفرنسي الذي استهدف إذلال الأطلسيين وتركيعهم، واستنزاف خيراتهم واغتصاب ممتلكاتهم، والتصرف في مواردهم وأرزاقهم،والتحكم في رقابهم وحرياتهم التي عاشوا من أجلها.
ولايمكن الحديث في الحقيقة عن المقاوم البطل موحا أوحمو الزياني إلا في ارتباط وثيق مع هذه المعركة التي سجلت معالم وجوده بدماء حمراء في صفحات التاريخ الحديث و المعاصر في القرن العشرين الميلادي.
أ‌- دوافــــع معركة لهري:
قرر المحتل الفرنسي إخضاع جبال الأطلس الكبير والمتوسط والصغير قصد تطويق المقاومة الأمازيغية ومحاصرتها برا وجوا وبحرا من أجل فرض الأمن واستتباب الطمأنينة في نفوس المعمرين الأجانب لاستغلال المغرب واستنزاف خيراته الاقتصادية. لكن احتلال المغرب ضمن أبعاد فرنسا الاستعمارية ونواياها المبيتة لن يكون في صالح الحكومة الحامية إلا بالاستيلاء على الأطلس المتوسط باعتباره ممرا إستراتيجيا يفصل الشمال عن الجنوب، ويفصل أيضا الغرب عن الشرق، ويهدد كذلك وجود فرنسا بالجزائر ومدينة وجدة والمغرب الشرقي الجنوبي، ويهدد كل المناطق المتاخمة للحدود الجزائرية.
كما يكتسي الأطلس المتوسط أهمية جغرافية واقتصادية على المستوى المائي والفلاحي والغابوي؛ لكونه منبعا لكثير من الأنهار والمصبات بفضل كثرة الثلوج المتساقطة على المنطقة، والتي تتحول إلى مجار وينابيع وعيون مائية تنساب في الكثير من الأنهار كنهر أم الربيع ونهر ملوية ووادي العبيد. وبالتالي، تساهم هذه الأنهار والأودية في إنشاء السدود وتوليد الطاقة الكهربائية، فضلا عن توفر الأطلس المتوسط على خط المواصلات المباشر الذي يربط بين مراكش وفاس عبر أم الربيع وخنيفرة.
وقد دفع هذا الوضع الإستراتيجي الإقامة الفرنسية بالرباط إلى التفكير في احتلال الأطلس المتوسط لفتح الطرق والممرات البرية لتسهيل التواصل بين فاس ومراكش وتسخير خيرات الجبال لصالح فرنسا التي كانت تخوض حربا كونية ضد دول المحور التي كانت تتزعمها الإمبراطورية الألمانية بقيادة بسمارك. كما أن أغلب المقاومين الذين كانوا يحاربون فرنسا كانوا يحتمون بجبال الأطلس المتوسط ولاسيما المقاومين الزيانيين.
و قد أثبت ليوطي المقيم العام بالمغرب في 2 ماي 1914م دوافع احتلال الأطلس المتوسط حينما صرح قائلا:" إن بلاد زيان تصلح كسند لكل العصاة بالمغرب الأوسط، وإن إصرار هذه المجموعة الهامة في منطقة احتلالنا، وعلاقتها المستمرة مع القبائل الخاضعة، يكون خطرا فعليا على وجودنا، فالعصاة المتمردون والقراصنة مطمئنون لوجود ملجإ وعتاد وموارد، وقربها من خطوط محطات الجيش ومناطق الاحتلال جعل منها تهديدا دائما لمواقعنا، فكان من الواجب أن يكون هدف سياستنا، هو إبعاد كل الزيانيين بالضفة اليمنى لأم الربيع".
ونفهم من خلال هذا التصريح أن خوض المعركة ضد الزيانيين بجبال الأطلس المتوسط فرضته دوافع إستراتيجية تتمثل في محاصرة المقاومة الأمازيغية التي كانت تساعد القبائل المجاورة والسهول المحتلة من قبل على التحرر والانعتاق من قبضة المحتل الفرنسي الذي بذل مجهودات جبارة من أجل السيطرة عليها وتطويعها.
ب‌- سيـــاق معركة لهري ومراحلها:
بعد معارك ضارية في منطقة تادلا إلى جانب رفيقه في المقاومة موحا أو سعيد، تراجع أوحمو الزياني إلى مدينة خنيفرة التي كان قائدا لها، فجمع الزيانيين ووحد القبائل الأمازيغية بالأطلس المتوسط وتحالف مع القبائل الأطلسية المجاورة، فكون جيشا قويا مدربا على الرغم من نقص العتاد والأسلحة والمؤن التي تؤلهم للاستمرار في المعركة مدة طويلة.
ولما فشل الفرنسيون في استمالة موحا أوحمو وإغرائه وتسويفه، قررت القوات الغازية بقيادة الكولونيل هنريس Henrys أن تشن حرب الإبادة ضده وضد القبائل الأمازيغية وخاصة قبيلة زيان المعروفة بالشجاعة النادرة وقوة الشكيمة كما يعترف بذلك الجنرال گيوم :" لاتكمن قوة الزيانيين في كثرة عددهم بقدر ماتكمن في قدرتهم على مواصلة القتال بالاعتماد على ماكانوا يتحلون به من بسالة وتماسك وانتظام، وأيضا بفضل مهارة فرسانهم البالغ عددهم 2500 رجل، فكانوا بحق قوة ضاربة عركتها سنوات طويلة من الاقتتال. كما كانت أيضا سرعة الحركة والإقدام إلى جانب القدرة العفوية على المخاتلة في الحرب من الصفات المميزة لمقاتليهم..."
ويتبين لنا من هذا الاعتراف الذي صرح به قائد القوات الأجنبية أن الزيانيين بقيادة موحا أوحمو كانوا من المقاومين الأشداء، ومن المناضلين المتمرسين على فنون الحرب والقتال، يمتازون بالقوة والشجاعة، والاستشهاد في سبيل الله والاعتماد على الإيمان في خوض حروبهم ضد المستعمرين المحتلين، و اختيار حرب العصابات وأسلوب الكر والفر والمقاومة الشعبية السريعة والخاطفة في مواجهة الأعداء المتغطرسين وسحقهم.
وعلى أي، فقد دخل الفرنسيون بقيادة الكولونيل هنريس مدينة خنيفرة في 12 يونيو 1914م بجيش تجاوز تعداده ثلاثين ألف محارب، فاضطر القائد موحا أو حمو الزياني إلى إخلائها والاحتماء بالجبال المجاورة للمدينة، فبدأ يشن هجماته المرات والمرات على مدينة خنيفرة، ودخل مع المحتل في مناوشات واصطدامات كثيرة انتهت بخسائر جسيمة في صفوف الجيش الفرنسي.
هذا، وقد تعسكر موحا أوحمو مع أتباعه في مخيم بمنطقة لهري استعدادا لكل هجوم مباغت وفرارا من مدينة خنيفرة التي سيطر عليها الكولونيل هنريس، وتقع قرية لهري على مسافة 15 كيلومترا من خنيفرة.
ولما علم الكولونيل بوجود موحا أوحمو الزياني بمعسكر لهري مع أتباعه القليلي العدد، استغل ليلة شتاء 13 نوفمبر 1914م لمباغتة المقاومين داخل مخيمهم بعد أن أباد الأطفال والشيوخ والنساء بدون رحمة. وهكذا، بادر الجيش الفرنسي بقوات حاشدة لتطويق المقاومة بصفة نهائية، وهنا يقول محمد المعزوزي:" وقام بتنفيذ خطته يوم 12 نونبر، حيث تحرك بأربع فرق تضم 1300 جندي، معززة بالمدفعية، وتوجه إلى معسكر لهري حيث قام بهجوم مباغت على الدواوير ومكان المجاهدين".
وكانت المعركة التي ظنها المستعمر الفرنسي سهلة المرامي، فإذا بها تصبح بفضل شجاعة المقاومين الأشداء حربا حامية الوطيس تلطخت بدماء القتلى وجثث الغزاة التي افترشت الثرى بعد الهجوم العسكري الفاشل:" لقد كان الهجوم على معسكر الزياني عنيفا، حيث بدأ في الساعة الثالثة صباحا، وتم تطويق المعسكر من أربعة جهات في آن واحد، ليبدأ القصف شاملا، حيث قذفت الخيام المنتصبة التي تحتوي الأبرياء، وقام الجنود بأمر من لا***1700;يردور بمهاجمة القبائل المحيطة بالقرية، فيما استغل البعض الآخر – الجنود- الفرصة لجمع القطيع الموجود من الأغنام والأبقار، واختطاف النساء توهما بالنصر.
هذا في الوقت الذي كان فيه حشد آخر يقصد الجبل لتمشيطه من المقاومة، وبذلك تحولت منطقة لهري إلى جحيم من النيران، وسمعت أصوات الانفجارات في كل المناطق المجاورة، وظن قائد الحملة العسكرية على لهري أن النصر حليفه، وأنه وضع حدا لمقاومة الزياني.
غير أنه أصيب بخيبة أمل حينما فوجئ برد عنيف من طرف المقاومين ليدرك بعد ذلك أنه ألقى بنفسه وبقوته في مجزرة رهيبة ودوامة لاسبيل للخروج منها."
بيد أن المعركة ستحسب لصالح موحا أوحمو الزياني بعد أن تحالفت معه القبائل الأمازيغية المجاورة، والتي حضرت بسرعة خاطفة خاصة إشقرين وآيت بوحدو وآيت نوح وآيت بويشي وآيت شارط وآيت بومزوغ وآيت خويا وآيت إحند وآيت يحيى وآيت سخمان وآيت إسحق تسكارت وآيت بوحدو ولمرابطين وقبائل زيان. وقد حاصرت هذه القبائل جميعها الجنود الفرنسيين من كل النواحي، وطوقتهم بشكل مباغت ومفاجئ، فواجهتهم بكل الأسلحة الموجودة لديهم من بنادق وفؤوس وخناجر، وقد أبانت هذه القبائل عن محبتها للقائد موحا أوحمو وعن روح قتالية عالية ورغبة كبيرة في الانتقام من الغزاة الطامعين.
وقد أظهرت الحرب هزيمة الفرنسيين بعد مقتل الكثير من الجنود والضباط ؛ مما جعل القواد يطلبون مزيدا من التعزيزات والوحدات الإضافية، لكن موحا أوحمو لم يترك لهم فرصة الانسحاب، فتتبع قواتهم الفارة، فحاصرها من كل النواحي إلى أن فتك بالكولونيل لا***1700;ريدور عند نقطة بوزال؛ مما اضطر باقي جنوده إلى الإذعان والاستسلام لقائد قبائل زيان، بعد أن تمكن المقاوم الأمازيغي موحا أو حمو من القضاء على نصف القوات الغازية المعتدية.
ت‌- نتائــج المعركة:
حققت معركة لهري التي قادها البطل المقاوم موحا أو حمو برفقة الزيانيين والقبائل الأمازيغية المتحالفة نتائج إيجابية على جميع الأصعدة، ولاسيما أنها كبدت المستعمر المحتل عدة خسائر في العتاد والأرواح البشرية، فكانت بمثابة فاجعة مأساوية بالنسبة للفرنسيين حتى قال الجنرال " كيوم " Guillaumeأحد الضباط الفرنسيين الذين شاركوا في الحملة على قبائل الأطلس المتوسط في مؤلفه "البربر المغاربة وتهدئة الأطلس المتوسط (1939/1912): "لم تمن قواتنا قط في شمال إفريقيا بمثل هذه الهزيمة المفجعة"•
وقد بين محمد المختار السوسي في كتابه "المعسول" بأن معركة لهري أسفرت عن مقتل أكثر من عشرين شخصية عسكرية ذات الرتب العالية ناهيك عن أسر الكثير من الجنود، وفي هذا الصدد يقول :" ومن أكبر الوقائع في الحروب وقعة الهري التي استوصل(قتل) فيها رؤساء جنود الفرنسيين أكثر من 20 فيهم الكولونيلات(colonels) والقبطانات (capitains) والفسيانات(officiers)، وتفصيلها أن العسكر الفرنسي تقدم بقوة عظيمة وتوغل في تلك الجبال إلى أن وصل الهري المذكور، فانقض عليه عسكر زيان (بزعامة موحا أو حمو الزياني) ومن معهم وسدوا عليهم المسالك التي سلكوها وجعلوا يقتلونهم كيف يشاؤون ويأسرون إلى أن أفنوهم".
وقد ترتبت عن هذه المعركة مقتل 33 قتيلا من الضباط و650 قتيل من الجنود و176 جريح، وغنم المقاومون المغاربة كثيرا من العتاد العسكري الحديث، فحصلوا على 3مدافع كبيرة و10مدافع رشاشة وعدد كبير من البنادق وعشرات الخيول المحملة بالذخيرة الحربية والمؤن.
4- مصير مقاومة موحا أوحمو الزياني:
خاض موحا أو حمو الزياني بعد معركة لهري عدة معارك ضد القوات الفرنسية حقق فيها نتائج إيجابية، حيث فرض القائد موحا أوحمو الحصار على مدينة خنيفرة، وهاجم رجاله قوافل التموين المتجهة إليها إبان فترة الحرب العالمية الأولى. لكن تطويق فرنسا للمقاومين الزيانيين الذين أحسوا بالتعب والإعياء والبؤس، ومحاصرتهم لهم برا وجوا عن طريق قنبلة القرى بالطائرات، بالإضافة إلى صعوبة التضاريس التي حالت دون تسهيل ربط الاتصالات والتحالفات مع القبائل الأطلسية المجاورة. فقد جعل كل هذا موحا أو حمو الزياني يستبسل بشرف وشجاعة قل نظيرها في آخر معركة بطولية يخوضها ضد المحتل الفرنسي الغاشم وهي معركة أزلاغن تزمورت بنواحي تملاكت يوم 27 مارس 1921م، حيث أصيب موحا أو حمو برصاصة العدو الاستعماري التي أودته شهيدا، وكانت تلك الرصاصة بمثابة تأشير على نهاية لمقاومة بطولية أمازيغية شرسة دامت ست سنوات من المقاتلة والعراك المظفر الباسل، أظهرت بكل جلاء ووضوح للعدو الفرنسي شجاعة المقاومين الأمازيغيين بصفة خاصة والمغاربة بصفة عامة.
ولم يكن سبب فشل مقاومة سكان الأطلس المتوسط والكبير والصغير في الحقيقة هو ضعف القدرة القتالية عند الأمازيغيين المغاربة، وإنما كان سببها يعود إلى ضعف التأطيروالتنظيم ونقص في الإمكانيات المادية والمالية ونقص في الأسلحة والذخيرة.
وبموت القائد المناضل موحا أوحمو الزياني خلا الجو للفرنسيين الغزاة لاستكمال خطتهم العسكرية في احتلال المغرب لاستنزاف خيراته، وامتلاك ثرواته وتصديرها إلى الأسواق الفرنسية والعالمية قصد خدمة مصالح رأسماليتها المغتصبة وإشباع أهوائها الجشعة.
خاتمة:
وعليه، سيبقى موحا أوحمو الزياني من أهم أعتى أبطال المقاومة الأمازيغية في تاريخ المغرب الحديث والمعاصر بفضل معاركه المظفرة التي خاضها ضد الفرنسيين الذين حاولوا تسخير المغرب لصالحهم واستغلال ثرواته طمعا وجشعا، وطمس الهوية البربرية بمسخها وتشويهها، والإساءة إلى حرمات الأمازيغيين وأعراضهم، والمس بشخصيتهم الدينية المبنية على حب الإسلام وتقديس الجهاد في سبيل الله، وزعزعة ثقتهم عن طريق خلق الفتن والإحن بمحاولة فصلهم عن إخوانهم العرب.
بيد أن أمازيغ جبال الأطلس المتوسط، استطاعوا أن يصدوا المحتل وأن يلقنوه درسا في الصمود والتحدي وخاصة في المعركة الشهيرة التي كانت بمثابة نقطة سوداء في تاريخ فرنسا بالمغرب وهي معركة لهري التي اندلعت في سنة 1914م، وأودت بالكثير من الغزاة الفرنسيين، وأخرت احتلال المغرب من قبل المستعمر الفرنسي لسنوات عدة إلى أن استشهد موحا أو حمو الزياني سنة 1921م.
لكن المقاومة المسلحة المغربية وإن توقفت مع بداية الثلاثينيات، فإن مقاومة أخرى ستنطلق شرارتها وهي المقاومة السلمية التي تأجج أوارها مع الحركة الوطنية، والتي سيسفر عنها ثورة الملك والشعب وظهور جيش التحرير في سنوات الخمسين ليحصل المغرب بعد ذلك على استقلاله سنة 1956م


عسو أوبسلام
تمهيد:
من المعروف أن عسو أوبسلام من أهم أبطال المقاومة الأمازيغية في التاريخ المغربي الحديث والمعاصر إلى جانب محمد الشريف أمزيان وعبد الكريم الخطابي وموحا حمو الزياني. وقد اشتهر عسو أوبسلام بمحاربته للگلاويين والفرنسيين في الجنوب المغربي وانتصاره على المحتل في معركة بوگافر سنة 1933م.
وإذا كان عبد الكريم الخطابي قد أشعل نار المقاومة في جبال الريف، وموحا أوحمو الزياني قد أججها في جبال الأطلس المتوسط، فإن عسو أوبسلام قد حرض آيت عطا على مجابهة الاستعمار الفرنسي في الأطلس الكبير الشرقي وجبل صاغرو إبان الثلاثينيات من القرن العشرين.
ونلاحظ أن مقاومة عسو أوبسلام أشبه بمقاومة عبد الكريم الخطابي من حيث النهاية والمصير؛ لأنها انتهت بالاستسلام والتفاوض حقنا للدماء وزهق نفوس الأطفال والشيوخ والنساء في معركة تحررية غير متكافئة القوى بين الطرفين المتحاربين عددا وعدة.
إذاً، من هو عسو أوبسلام؟ وماهي أهم المراحل التي مرت منها مقاومته الجهادية ضد الفرنسيين والگلاويين؟ وماهي النتائج التي أسفرت عنها مسيرته النضالية ضد خونة الداخل وغزاة الخارج؟
1/ من هو عسو أوبسلام؟
ولد عسو أوبسلام في سنة 1890م، و يعد من كبار المقاومين السوسيين الأمازيغ في ثلاثينيات القرن العشرين الميلادي، فقد تولى شؤون قبيلة آيت عطا لبسالته المعهودة وشجاعته المعروفة في القيادة وتأطير المقاومين وتوحيد قبائل آيت عطا والتمكن من التدبير المدني والعسكري والنجاح في عقد التحالفات بين قبائل الأطلس المجاورة لصد الغزاة وخونته العتاة.
وبعد تغلغل الاحتلال الفرنسي ومعاونيه من الگلاويين في الأطلس الكبير الشرقي وجبل صاغرو، تولى قيادة المقاومة الأمازيغية ضد الگلاويين والفرنسيين على حد سواء، ودخل عسو أوبسلام معهم في معارك عديدة أهمها معركة بوگافر سنة 1933م التي انتصر فيها على المستعمر الفرنسي أيما انتصار. ولم يستسلم هذا المقاوم الشهم إلا في 25 مارس1933م بعد اشتداد الحصار المفروض عليه برا وجوا، وتطويقه عسكريا من جميع الجهات؛ مما دفعه الواقع المر والظروف المأساوية التي كانت تعرفها قبائل آيت عطا إلى الاستسلام والتفاوض وفق شروط كانت في صالح آيت عطا، وكانت وفاة عسو أوبسلام رحمه الله سنة 1963م.
2/ تطور مقاومة عسو أوبسلام:
انطلقت مقاومة عسو أوبسلام من الأطلس الكبير بين أحضان جبل صاغرو، ووجه مقاومته وجهتين: الوجهة الأولى استهدف من خلالها محاربة التهامي الگلاوي الذي فرض سطوته على الجنوب مع العشرينيات والثلاثينيات من القرن الماضي، وساعده الفرنسيون على مد نفوذه على كل قبائل الجنوب ودعموه بالمال والأسلحة من أجل تطويق السوسيين والتخلص من مقاوميهم الأشاوس وأبطالهم الشجعان وثوارهم الأقوياء، وكل ذلك من أجل إشباع رغباته المادية والجسدية، وتقوية سلطته السياسية على منطقة الجنوب من مقره المركزي بمراكش، وتقوية مكانته الاجتماعية وفرض جبروته من أجل الاستيلاء على ممتلكات الآخرين وجمع أموالهم على حساب مصلحة الشعب ومصلحة الوطن العليا.
وهكذا، عمل الگلاوي وأتباعه من القواد ورجال الإقطاع على إثارة التفرقة في الجنوب وتشتيت وحدة الأمازيغيين من قبائل سوس، كما ساعدوا على تمكين الفرنسيين في منطقة الجنوب عن طريق زرع الفتن بين القبائل و نشر الخلاف بينها، وجذب بعض الزعماء إليهم وإبعاد الآخرين ومحاربتهم بالتحالف مع الجيش الفرنسي، وشن حملات عسكرية ضد المعارضين لسياستهم المهادنة للمستعمر الفرنسي، فحاربهم المقاوم الوطني بلقاسم النگادي في منطقة درعة إلى أن انتهت مقاومته في 1934م بعد أن حاصره الفرنسيون مستعملين في ذلك الطيران، فانتقل بعد ذلك للاستقرار في المغرب الشرقي.
ومن جهة أخرى، قاوم عسو أوبسلام القوات الفرنسية مقاومة باسلة ولاسيما في المعركة المظفرة بوگافر التي انتصر فيها المجاهدون السوسيون انتصارا باهرا حير القادة الفرنسيين آنذاك، واعترف ضباط الاحتلال بهزيمتهم النكراء، وأشادوا بشجاعة المقاوم القائد عسو أوبسلام حتى في لحظة استسلامه، كما أثنوا على صمود المجاهدين وصبرهم وتفانيهم الصادق في الجهاد والدفاع عن أرضهم وحماية أعراضهم و الاستبسال من أجل الحفاظ على ممتلكاتهم وأرزاقهم.
3/ سيناريو معركة بوغافر:
أ‌- سياق المعركة وحيثياتها:
لم تندلع مقاومة عسو أوبسلام في الأطلس الكبير الشرقي وجبل صاغرو إلا للوقوف في وجه الحملات التمشيطية التي كان يقوم بها الگلاوي في المناطق السوسية لإخضاعها للفرنسيين مقابل الحصول على الامتيازات المادية والمعنوية وبسط نفوذه السيادي على كل القبائل الأمازيغية في الجنوب تذليلا و تفقيرا وتجويعا وتسخيرا.
وهناك دافع آخر كان وراء اندلاع هذه المقاومة الأمازيغية الشرسة وهو أكثر أهمية من الدافع الأول يتمثل في تغلغل القوات الفرنسية في جبال الأطلس الكبير الشرقي قصد السيطرة على خيرات الجنوب واستنزاف معادنه ونهب ثرواته وتحويل سكانه الأحرار إلى عبيد أذلاء مسترقين يخدمون المستعمر الغاصب الذي لايخدم سوى مصالحه الشخصية على حساب مصلحة المحميين الذين يعدون اجتماعيا من الدرجة الدنيا أو من الطبقة الخسيسة الحقيرة التي لاتستحق سوى التعذيب والتجويع والإهانة.
وهناك دافع آخر يتمثل فيما هو ديني وأخلاقي، فمن المعروف أن الأمازيغيين يخافون كثيرا على أعراضهم ويغيرون على حرماتهم ويذودون على نسائهم ويسترخصون في ذلك النفس والنفيس ؛ لأنهم لا يقبلون بالذل والعار ولا بالضيم والفحش والجور، لذا انبروا مسرعين في صف واحد متحالفين مع قبائل الأطلس المجاورة لمجابهة العدو الكافر الذي أتى ليخدش كرامتهم ويذل رقابهم ويستحيي نساءهم ويسومونهم سوء العذاب.
ب‌- مراحل المعركة:
لم تتأجج مقاومة عسو أوبسلام ميدانيا إلا بعد قضاء الفرنسيين على مقاومة أحمد الهيبة في الجنوب، واحتلالهم لغرب الأطلس الكبير والأطلس الصغير انطلاقا من مدينة مراكش. لذا، تجمعت قبائل آيت حمو وآيت مورغاد وآيت عطا بجبل صاغرو، شرق الأطلس الصغير، وقد اتخذ عسو أوبسلام هذه المنطقة الجبلية قلعة حصينة للمقاومة والصمود والتحدي، فقاد القبائل السوسية لخوض معركة بوگافر في فبراير 1933م لصد تغلغل المحتل الفرنسي، ورفض كل الإغراءات والمساومات التي قدمتها فرنسا له على لسان المترجمين المغاربة .
هذا، وقد أظهر السوسيون شجاعة كبيرة في هذه المعركة وبطولة ملحمية كبدت الفرنسيين خسائر فادحة في الأرواح البشرية والعتاد العسكري والمؤن على الرغم من الظروف التي عاش فيها المقاومون أثناء خوضهم غمار الحرب ضد الأعداء الفرنسيين كالمعاناة من العطش والجوع وشدة البرد وانعدام الإمكانيات المادية والمالية وقلة الذخيرة العسكرية لمقاومة المحتل أطول وقت ممكن. كما كان المقاومون السوسيون يتعرضون ليلا ونهارا لوابل من القنابل ورصاصات الرشاشات القاتلة. ويعترف أحد الضباط الفرنسيين بشجاعة السوسيين في معركة بوگافر وببسالة عسو أوبسلام:" ابتداء من 13 فبراير 1933م كان فشل الهجومات الأولية...ومن 22 إلى 28 فبراير كان الهجوم على بوغافر... وقد اصطدمنا بمقاومة لاتصدق للثوار... حيث كانت خسائرنا مهمة... ومع استحالة وصولنا إلى قمة بوغافر (أحد جبال صاغرو) تقرر الحصار من طرف القيادة... وحينئذ، وطيلة شهر بكامله كانت مقاومة الثوار للبرد والجوع والعطش باهرة، على الرغم من تلقيهم لوابل من القنابل نهارا وليلا، وإطلاق الرشاشات عليهم كلما اقتربوا من أحد الآبار، فقد قاوموا كل العروض المغرية...الموجهة إليهم من طرف المترجمين...".
ومن المعلوم أن الفرنسيين قدموا إلى قمة بوگافر بقوة عسكرية تعدادها 83 ألف مقاتل سنة 1933م مدعمة بسلاح الطيران انطلاقا من مدينة ورزازات، بينما كان عدد المجاهدين هو سبعة آلاف رجل مدججين ببنادق بسيطة. فطلع الجنود الفرنسيون - حسب وثيقة تاريخية شاهدة - إلى جبل صاغرو: "من كل جهة... ويضربون بالبارود والأنفاط (القنابل) والقرطاس والطيايير(الطائرات) والمهابلة (المدافع الرشاشة)، والمسلمون (المجاهدون من آيت عطا بزعامة عسو أوبسلام) يضربونهم حتى قتلوا في النصارى كذا وكذا من نفس (عدد كبير) بين الفسيانة وقبطان واكنانيرة وكولونيلات وكبار حكامه وسرجانه (sergents)، وغير ذلك من گوم (Goumiers)، وعساكر، ومع الذين حركوا معه يسمى برطيزة (Partisans، المجندون من أبناء القبائل) وأما الذي مات في لالجو(la légion) لايحصى عدده إلا الله... وقعدوا (استمر) البارود في تلك الجبال بكافر منه خمسة وأربعون يوما... والمسلمين لم يكن عندهم جهد من القوام من العدة والبارود والمؤونة..."
ولم تقتصر معركة بوگافر على الرجال السوسيين فقط، بل كانت النساء السوسيات يحرضن المقاومين على القتال والجهاد، إذ اتخذت النازلة أو المعركة صبغة دينية، فالصراع هنا بين المسلمين والكفرة، وتقول الوثيقة التاريخية الشاهدة في هذا الصدد مشيرة إلى دور المرأة الأمازيغية في تحفيز المجاهدين على الاستمرار في المعركة والتصدي للعداة الأجانب" وكذلك النساء التي حضروا (حضرن) في تلك الغزوة، وأنهن فعلن كما(مثل)أفعال الرجال في يوم القتال رضي الله عنهن، وأنهن تنبهن الرجال في يوم القتال ليقولن كونوا الرجال... والنصارى خدام الكور(مستمرون في القصف)، والقرطاس على المسلمين ليلا ونهارا، والأرض تضرب مثله كمثل المطر إذ كان ينزل بالكثرة، ودخان الأنفاط والطيارات على المسلمين كمثل الغيام الأسود، ولم يحيرن (غير مباليات) أنهن يقولون (يقلن) للمسلمين اضربوا العدو".
ويعني هذا أن المرأة الأمازيغية كانت تقاوم إلى جانب الرجل، وكانت في بعض الأحيان أكثر جرأة وشجاعة من الرجال، إذ لم يقبلن بسياسة التفاوض والاستسلام ولو كان ذلك الاتفاق مشروطا وفي صالح آيت عطا، فقد أورد الشعر الأمازيغي في هذا السياق الكثير من الأبيات الشعرية على لسان نساء آيت عطا ينتقدن فيها عسو أوبسلام ويرفضن استسلامه الفاشل حينما قبل التفاوض مع المحتل، وهادن الكفرة بدلا من النضال حتى آخر لحظة من حياة التصدي والصمود.
ت‌- نتائج المعركة:
أسفرت معركة بوگافر التي وقعت في فبراير 1933م عن تكبيد الاستعمار الفرنسي 3500 قتيل، واستمرت المعركة اثنين وأربعين يوما حسب الروايات الفرنسية أو خمسا وأربعين يوما في روايات مغربية مقابلة، وترتب عنها مقتل الكثير من الضباط ذوي الرتب السامية، واستخدمت فرنسا فيها أفتك الأسلحة المتطورة من رشاشات ومدفعية ثقيلة وطائرات مقنبلة. بيد أنها لم تفلح في تحقيق الانتصار الحقيقي؛ مما دفع قواد الجيش الفرنسي للاستنجاد بالقيادة المركزية لإغاثتهم بقوات عسكرية إضافية.
وفي المقابل، تقدر مجموعة عسو أوبسلام التي نزلت للتفاوض مع الجنرال هوري HURE بعد معركة بوگافر بعد 30 ماي 1933م حسب المصادر الفرنسية 2949 نفر، من ضمنهم 1200 مقاتل. ومن هنا نفهم بأن معارك بوگافر أدت إلى استشهاد 700 مقاوم ومقاومة وأكثر من 4000 من الشيوخ والأطفال. وقد ورد عند العقيد ماتيو Mathieu في كتابه" حياة مجيدة" Une Vie exaltante ما يلي:" لم يبق لدى آيت يعزى إلا رجل واحد من ثلاثين كانونا، وشابين من 16- 20 سنة؛ وفي أصغر العشائر الثلاث من ايكنيون أربعة رجال من بينهم شيخان اثنان من 42 كانونا؛ ومن آيت عيسى أوبراهيم جماعة آيت الفرسي، قتل ثلث نسائهم ببوگافر".
وفقد عسو أوبسلام أربعة أفراد من أسرته في معركة بوگافر: أخوه إبراهيم وزوجته من آيت إيسفول التي استشهدت نتيجة إصابتها بحروق وهي تحمل الذخيرة للمقاومين، وبنته التي لم يتجاوز عمرها 13 سنة أثناء جلبها الماء من العين، وابنه من زوجته الثالثة.
إذاً، نستنتج أن معركة بوگافر كانت لصالح المقاومين الأمازيغيين على الرغم من كون فئتهم قليلة العدد بالمقارنة مع القوات المتحالفة التي كانت أكثر عددا وعدة، إلا أن مقتل الشيوخ والأطفال والنساء بكثرة (أكثر من 4000 قتيل) سيدفع عسو أوبسلام حقنا لدماء هؤلاء إلى الاستسلام مقابل اتفاق مشروط لصالح آيت عطا.
4/ مصير مقاومة عسو أوبسلام:
لقد سببت معركة بوگافر التي قادها عسو أوبسلام في خسائر جسيمة ستؤثر سلبا على خطة المحتل العسكرية، ولم يتنفس الفرنسيون الصعداء إلا بعد عقد المعاهدة المشروطة مع عسو أوبسلام، والقضاء على آخر مقاومة في الجنوب سنة 1934م بسبب ضعف التأطير والتنظيم والنقص في الذخيرة والأسلحة، وتعاون بعض المغاربة والقواد مع القوات الفرنسية من أجل تحقيق مصالحهم الخاصة على حساب المصلحة العامة ومصلحة الوطن العليا.
ولما اندحرت القوات الفرنسية العديدة أمام المجاهدين السوسيين الذين كان يقودهم عسو أوبسلام في معركة بوگافر، استدعت القيادة العسكرية الفرنسية المنهزمة مزيدا من القوات الإضافية إلى المنطقة، فضرب الحصار على رجال المقاومة وضيقوا عليهم الخناق، واستعملوا في ذلك الطائرات المقنبلة والرشاشات والمدفعية الثقيلة، فانتهى الحصار باستسلام عسو أوبسلام في 25 مارس 1933م، و النزول من قلعته العتيدة مع رفاقه من قبيلة آيت عطا للتفاوض مع الجنرال هور Hure قرب زاوية خويا إبراهيم، وقد انتهى التفاوض بتوقيع اتفاق مشروط أو بمعاهدة 30 مارس 1933م والتي كانت لصالح قبائل آيت عطا. وقد قال عنهم الجنرال هوري بعد نزولهم للتفاوض:" كانوا يظهرون هادئين وقورين غير محطمين، بالرغم من أنهم كانوا في أقصى حدود قوتهم واعين بأنهم صمدوا حتى النهاية وحافظوا على عاداتهم المشبعة بالحرية والشهامة"
ولكن بعد رجوع عسو أوبسلام إلى المقاومين المرابطين في الجبال ليعلن عن المعاهدة التي أبرمها مع الفرنسيين حقنا لدماء النساء والأطفال والشيوخ وتكسيرا للحصار المضروب عليهم مدة اثنين وأربعين يوما، على الرغم من كونهم لايملكون الأسلحة المتطورة والذخيرة الكافية للاستمرار في الحرب مع القوات الفرنسية التي كانت مجهزة بأحدث الأسلحة الفتاكة، إلا أن المجاهدين رفضوا هذه المهادنة وخاصة النساء منهم، فاعتبروها خيانة وتصالحا مع الأعداء، فأنّبوا المقاوم عسو أوبسلام واحتجوا ضد قرار الاتفاق فاتهموه بالخيانة العظمى. وفي هذا يقول هنري بوردو:" وعندما رجع عسو أوبسلام من المقابلة وبخ من قبل النساء، إنهن أردن الصمود حتى الموت".
وقد هجا الشعر الأمازيغي السوسي هذه الاتفاقية التي أبرمها عسو أوبسلام مع الجنرال هوري، كما استنكر هذا الشعر الشعبي بكل حدة ومرارة مصافحة المقاوم عسو أوبسلام يد جنرال هوري، فاعتبر تلك المصافحة خروجا عن الدين الإسلامي وموالاة للكفار النصارى.
وتقول الشاعرة زهرة بنت الطيب منتقدة عسو أوبسلام و ما آلت إليها مقاومة جبل صاغرو:
ءاباسلام ليغ ءيطفن صاغرو سو- كونون
ءاليك ي- تءيزنزان ءايمغارن- ءايت بولان
ليغ ك- نولي ءاصاغرو ءي هانبي ءايزوار-ءاغ
ليغ ك- ءايدنوكز ءاصاغرو وءيهانبي نزرتين
ءوولاه ءارا ءاحشمغ ءاهانبي لييغ ك- ءايغرد ءافوس
ءاها- نبي ءاوا عاونات ءي ليسلام ءاد ءالين
ءاالصالحين ن تاساوت- دصاغرو بداتاغ
وعلى الرغم من هذه المعاهدة التي تستلزم توقيف القتال بين الطرفين، فقد أشاد هنري بوردو عضو الأكاديمية الفرنسية حين زار جبل صاغرو بعد مرور سنة على أحداث معركة بوگافر وبالضبط في سنة 1934م، فقال:" لقد أرسلت عليهم (على المجاهدين المقاومين) القنابل ليل نهار من السماء ومن الأرض مدة 42 يوما، اثنين وأربعين يوما من الحرمان والأرق والعطش، اثنين وأربعين يوما قضوها مع الحيوانات وقد جنت وأخذت تصرخ حتى الموت، وقضوها مع الجثث المتعفنة وتعذر عليهم إيرادها كل هذه الدواب التي أصابها الهلع. فلنقس بذلك قدرتهم على تحمل ماقاسوه من المحن تحملا يسمو بهم إلى أعالي الدرجات. وليت أحد أولئك البربر الذين دافعوا دفاع الأبطال عن بوگافر كان شاعرا فليخلد مفاخر ذويه في هذه الجبال التي احتضنت الشهداء، ويخلد مراحل هذه الملحمة الفظيعة التي كانت معجزة من المعجزات. ولو وقف أحد الرواة في ساحة جامع الفناء بمراكش بين المغنين والراقصين والرواة ينشد ملحمة جبل صاغرو البربرية لالتف أفواج الناس حوله التفافا".
ولقد أحسن عسو أوبسلام فعلا وعملا حينما اختار لغة التفاوض والاتفاق بدلا من هدر كثرة الدماء في جبل صاغرو بدون وعي وحكمة، وهذا ماقام به بطل الريف عبد الكريم الخطابي كذلك لما أحس أنه لايستطيع أن يواجه القوى الأوربية المتحالفة المدججة بالأسلحة الغازية والكيميائية، ولم يقدح فيه أحد لا من الريفيين ولا من العداة الأجانب؛ لأنه أراد حقن الدماء والحفظ على سلامة الريفيين وحياتهم.
وينطبق هذا على عسو أوبسلام الذي كان يعلم جيدا أن أتباعه من المقاومين قد حاربوا بما فيه الكفاية، وقد انتابهم التعب والإعياء والعطش والجوع والبؤس وشدة البرد والقر، وبالتالي، لا يستطيعون المقاومة أكثر بما لديهم من أسلحة تقليدية تتمثل في البنادق والخناجر والفؤوس.
وعلى الرغم من الهجاء الذي وجه للقائد عسو أوبسلام من قبل الشعر الأمازيغي السوسي، فإن هذه المقاومة - حسب الأستاذة للاصفية العمراني- اعتبرت من طرف الضباط الفرنسيين الذين أطروا وقادوا تلك الحرب، بأنها ملحمة كبرى واجه فيها آيت عطا بنسائهم ورجالهم وأطفالهم وشيوخهم، قوة عسكرية تفوقهم عدة وعددا، ومجهزة بأسلحة متطورة جدا مقارنة مع أسلحة المقاومين؛ لم يكن بالرجل الذي يستسلم إذا لم تلب له بعض الشروط، والجنرالات الذين جابهوه أثناء هذه المعارك كانوا يعرفون جيدا بأن الحل الوحيد لإيقاف هذه الحرب الشرسة، يكمن في قبول بعض الشروط الغالية لدى المقاومين، فمن ضمن الشروط التي اشترطها عسو أوبسلام في مفاوضات 25 مارس 1933م، أي قبل وضع السلاح: ألا تمتد سلطة التهامي الگلاوي إلى آيت عطا، وأن تبقى أعرافهم وعاداتهم مصانة؛ ألا ترقص المرأة العطاوية أو تغنى إلا في المناسبات العائلية كالأعراس ولا تتعداه إلى الحفلات الرسمية."
وهكذا، استطاع أن يخرج عسو أوبسلام من معركة بوگافر أو من لحظات الاستسلام والتفاوض المشروط مع المحتل الفرنسي منتصرا ماديا ومعنويا، واستطاع أيضا أن يحافظ على هيبته ومكانته الاجتماعية والتاريخية حينما نجح في إبرام سلام الشجعان وتفاوض الأبطال.
خاتمة:
يتبين لنا،من خلال هذا العرض الوجيز، أن عسو أوبسلام من أهم الأبطال الأمازيغيين الذين خاضوا مقاومة شرسة ضد الاستعمار الفرنسي في الثلاثينيات من القرن العشرين. ومن أشهر المعارك التي قادها المقاوم الباسل معركة بوگافر التي شاركت فيه آيت عطا بتحالف مع القبائل الأطلسية الأخرى المجاورة في سنة 1933م لصد القوات المحتلة ومساعديه من الخونة كالگوم والگلاويين من التغلغل في جبال الأطلس الكبير الشرقي واحتلال جبل صاغرو.
وقد أسفرت معركة بوگافر عن مقتل الكثير من الفرنسيين واستشهاد الكثير من المقاومين الأمازيغيين دفاعا عن دينهم وأرضهم وأنفسهم وأعراضهم وممتلكاتهم. وقد استخدم فيها المقاومون المتبرنسون (يلبسون زي البرنوس) الأسلحة التقليدية من بنادق وخناجر وفؤوس مقابل الأسلحة الحديثة من مدفعية ثقيلة ورشاشات وطائرات مقنبلة. وعلى الرغم من ذلك، فقد انتهت المعركة بهزيمة الفرنسيين شر هزيمة؛ مما دفع بالقادة المخططين لهذه المعركة لمطالبة قوات إضافية لمحاصرة عسو أوبسلام وتطويقه عسكريا برا وجوا.
وعلى الرغم من سياسة التفاوض التي التجأ إليه قائد آيت عطا، فإنها تعبر عن حكمة الشجعان وخبرة الأبطال، إذ ارتضى من خلالها أن يحقن دماء أبناء قبيلته وألا يعرض الساكنة للمخاطر والتهلكة أكثر من اللازم، مادام التفاوض كان مشروطا بعدة شروط تخدم كلها مصالح آيت عطا في الجنوب وتحافظ على أرواح الناس وأعراضهم وشرفهم


محمد الشريف امزيان
تمهيــــد:
يعد محمد الشريف أمزيان من أبطال المقاومة الأمازيغية المغربية في القرن العشرين إلى جانب محمد بن عبد الكريم الخطابي وموحى أوحمو الزياني وعسو أوباسلام وآخرين. وقد واجه محمد الشريف أمزيان من جهة أولى الفتان بوحمارة الذي أرعب السكان الريفيين نهبا وفتكا وإذلالا، وعاث فيهم إفسادا وتخريبا إلى أن طرده الشريف خاسئا منكسرا من عاصمته قصبة سلوان، ومن جهة ثانية قاوم المحتل الإسباني لمدة ثلاث سنوات إلى أن استشهد في 15 ماي سنة 1912م بقبيلة بني سيدال بعد أن باعه إخوانه من قومه وعقيدته إلى جينيرالات الإسپان طمعا واسترزاقا.
هذا، و قد كانت مقاومة الشريف للدعي بوحمارة من الأسباب التي أدت بالفتان إلى نهايته إبان عهد مولاي عبد الحفيظ على يد القائد الشجاع الناجم الأخصاصي، كما أن مقاومة الشريف للمحتل الإسپاني أخرت تغلغله في منطقة الريف لاستغلال ثرواته المعدنية عدة سنوات. إذاً، من هو محمد الشريف أمزيان؟ وماهي الأسباب التي ساهمت في ظهور مقاومة البطل الريفي الأول؟ وماهي أهم المراحل التي قطعتها هذه المقاومة ؟ وما هي النتائج التي ترتبت عنها داخليا وخارجيا ؟ هذا ماسنعرفه في هذه الدراسة المتواضعة.
1-من هو محمد أمزيان؟
من المعروف تاريخيا أن محمد أمزيان هو الشريف سيدي محمد أمزيان بن الحاج محمد بن حدو، ويمتد في نسبه إلى شرفاء الأدارسة، الذين بدورهم يمتدون في شجرتهم السلالية إلى آل البيت النبوي الشريف. و قد أكسبه هذا النسب الجليل مكانة دينية وروحية واجتماعية كبيرة بين قومه الريفيين، وأضفوا عليه نسب الشريف إشادة به وتعظيما.
وعلى أي، فقد ولد الشريف الصوفي الزاهد في قبيلة بني بويفرور قرب مدينة الناظور سنة 1859م أو 1860م تقريبا، ودرس القرآن الكريم بالكتاب، واحترف تجارة البغال والأبقار التي كان ينتقل بها بين الريف والجزائر. وتولى شؤون زاوية أبيه مع إصلاح ذات البين ومعاملته للناس معاملة حسنة وغيرته الشديدة على الوطن والدين وإخماد الفتن والقلاقل والقضاء على الإحن والأحقاد التي انغرست في نفوس الريفيين وتجذرت فيها بسبب ميلهم إلى القتل والاعتداء والنهب والثأر إبان عهد السيبة وضعف الحكم المركزي في منطقة الريف، لذلك نال الشريف ثقة الأهالي وأضفت عليه قبائل قلعية وقبائل الريف صفات التشريف والتقدير والاحترام.
ونظرا لسمو أخلاقه، كان يرافق كل من يريد الهجرة إلى الجزائر للعمل في الزراعة والفلاحة، وكان الشريف ذا نفوذ كبير بين قبائل الريف دينيا وروحيا واجتماعيا واقتصاديا ؛ لكونه من كبار الملاكين والأغنياء يحسن إلى الضعفاء والمساكين، ويميل إلى الزهد والتقوى والورع على الرغم من ثرائه وكثرة غناه. وكرس حياته كلها للجهاد في سبيل الله وتوحيد قبائل الريف لطرد اللعين بوحمارة والتخلص من المحتل الإسپاني. وقد استشهد الشريف في معركة عزيب علال أوقدور في 15 مايو 1912م ببني سيدال على يد المتعاونين مع الاستعمار وبالضبط على يد السرجان القائد محمد حسني التابع لفرقة الريگولاريسRegularesتحت إمرة الكاپورال كونثالو ساوكو Gonzalo Sauco. وقد دفن الشريف أمزيان في بلدة أزغنغان، وسماه المغفور محمد الخامس بطل الريف الأول.
2-أسباب ظهور مقاومة محمد الشريف أمزيان:
ماكانت مقاومة محمد الشريف أمزيان لتظهر إلى الوجود لو لم يكن هناك ما يؤرق بال الريفيين ويثير ضمائرهم ويقلق راحتهم؛ لأن الريفيين في شمال المغرب الأقصى كانوا لايرضون بالذل والخزي والعار، وكانت أنفتهم وكرامتهم فوق كل شيء، يمكن لهم أن يفعلوا الكثير من أجل الدفاع عن حريتهم و صون شرفهم و حماية عرضهم.
ومن الأسباب التي أشعلت سعير مقاومة محمد الشريف أمزيان ظهور الزعيم الفتان بوحمارة في منطقة الريف الذي ادعى أنه المولاي محمد بن السلطان الحسن الأول. وبذلك، خرج عن طاعة السلطان مولاي عبد العزيز، وكبد قوات المغرب آنذاك خسائر مادية وبشرية كانت من العوامل غير المباشرة لدخول المستعمر الأجنبي إلى المغرب وفرض حماية 1912م.
وقد ساهمت ثورة الفتان بوحمارة في نشر الفساد والرعب والعبث بمصالح الناس وحريمهم وقتل الأبرياء وانتهاك أعراض الناس بدون حق شرعي، وساهم في انتشار الخيانة والغدر، وسمح لجيشه أن يفعل مايشاء في منطقة الريف بدون حسيب ولا رقيب.
ولكن الشريف لم يرض بهذا الوضع المأساوي المقيت، فوحد القبائل القلعية والريفية لمواجهة هذا القادم اللعين. ومن ثم، أعلن الشريف في الأسواق اليومية والأسبوعية وعبر المشاعل التي توقد فوق الجبال اندلاع المقاومة للقضاء على بوحمارة وجيشه المغتصب الذي دوخ الجيش الحكومي منذ سنة 1902م إلى أن تولى مولاي عبد الحفيظ الحكم و تكليف القائد الناجم الأخصاصي لمقاتلته والقبض عليه.
والسبب الثاني الذي أشعل ثورة الشريف أمزيان هو رغبة إسبانيا في مد سكة حديدية وبناء مجموعة من الجسور والقناطر تمتد من مشارف مليلية إلى بلدة أزغنغان على مسافة 20 كيلومترا، وذلك في 9 يوليوز 1907م، والغرض من كل هذا هو الوصول إلى مناجم الحديد الموجودة بمنطقة أفرا ووكسان، بعد أن باع بوحمارة منجم وكسان لشركة إسپانية ومنجم إحرشاون لشركة فرنسية لمدة تسعة وتسعين سنة مقابل خمسة ملايين من البسيطات، وكان جنود بوحمارة هم الذين يحرسون العمال الذين يشتغلون في هذين المنجمين.
لكن محمد الشريف أمزيان - بعد أن استشار السلطان المولاي عبد الحفيظ - لم يسمح للقوات الغازية تحت قيادة حاكم مليلية الجنرال مارينا باستغلال المنجمين. فأرسل الجنرال العمال للشروع في بناء القناطر والجسور تمهيدا لوضع السكة فواجههم المجاهدون، فأعلن الجنرال مارينا حربه الشنعاء على الريفيين وقائدهم المقاوم البطل محمد الشريف أمزيان.
هذا، وقد أشعل دخول مارينا إلى الناظور فتيل مجموعة من المعارك التي ستكبد الجيش المحتل خسائر عدة في العتاد والمال، وستحصد الكثير من الأرواح البشرية من قتلى وجرحى وجمعا من الضباط والقواد والجنرالات وأصحاب الرتب العليا في الجندية والقيادة العسكرية.
وعليه، فلم تندلع شرارة مقاومة محمد الشريف أمزيان إلا لسببين رئيسيين ألا وهما: فتنة بوحمارة، وغزو الجيش الإسباني لمنطقة الريف من أجل السيطرة على مناجم الحديد بمنطقة بني بويفرور. وهناك من يضيف سببا ثالثا لظهور مقاومة الشريف يتمثل في جبهة أصدقاء إسبانيا (التي جمعت المتعاونين مع الاستعمار وخونة القضية الريفية، وكان الشريف يحارب هؤلاء ويجاهد فيهم للحد من شوكتهم، وكانت هذه الجبهة هي التي قامت باغتيال قائد المقاومة الريفية محمد الشريف أمزيان على يد السارجان القائد محمد حسني التابع لفرقة الريگولاريس تحت إمارة الكابورال كونثالو ساوكو Gonzalo Sauco.
-
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أميرالمنتدى
مشرف على قسم
مشرف على قسم
أميرالمنتدى

الدولة : المغرب
المدينة : أسفي
عدد المساهمات : 2076
نقاط : 8454
تاريخ التسجيل : 14/01/2011

زعماء المقاومة المغربية Empty
مُساهمةموضوع: رد: زعماء المقاومة المغربية   زعماء المقاومة المغربية Emptyالخميس 3 أكتوبر - 21:21:03

MERCI
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 

زعماء المقاومة المغربية

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

 مواضيع مماثلة

-
»  ملف حول المقاومة المغربية
» ملف حول المقاومة المغربية
» ملف حول المقاومة المغربية
» ملف حول المقاومة المغربية
» ملف حول المقاومة المغربية

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: منتديات مواد الاجتماعيات :: الاجتماعيات-