المدينة التاريخية لمكناستقع هذه المدينة بمنطقة فلاحية خصبة، في ملتقى الطرق التجارية التي كانت تربط بين عدة جهات مما جعل منها منطقة عبور واستقرار منذ عهد قديم، خصوصا في العصر الوسيط حيث برز اسمها لأول مرة كحاضرة، ثم في العصر الحديث كعاصمة من أبرز العواصم التي لعبت دورا هاما في تاريخ الغرب الإسلامي.
ارتبط اسم مدينة مكناس في البداية بقبائل أمازيغ زناتة الذين استوطنوا وسط المغرب و سهل سايس و خصوصا على ضفاف وادي بوفكران و وادي وسلان.
مع مجيئ المرابطين ازدهرت المدينة، و ظهرت بعض الأحياء أهمها القصبة المرابطية "تاكرارت" كما شيدوا مسجد النجارين و أحاطوا المدينة بسور في نهاية عهدهم. ويعتبر الحي الذي لا زال يوجد قرب مسجد النجارين المشيد من طرف المرابطين اقدم أحياء المدينة.
تحت حكم الموحدين عرفت المدينة ازدهارا عمرانيا حيث تم توسيع المسجد الكبير في عهد محمد الناصر(1199-1213م)، و تزويد المدينة بالماء بواسطة نظام متطور انطلاقا من عين "تاكما" لتلبية حاجيات الحمامات و المساجد و السقايات كما عرف هذا العهد ظهور أحياء جديدة مثل حي الحمام الجديد و حي سيدي احمد بن خضرة. خلال العهد المريني شهدت المدينة استقرار عدد كبير من الأندلسيين قدموا إلى مكناس بعد سقوط أهم مراكز الأندلس. و قد شيد السلطان المريني أبو يوسف يعقوب (1269- 1286م) قصبة خارج المدبنة لم يصمد منها إلا المسجد المعروف بلالا عودة. كما عرفت مكناسة الزيتون بناء مدارس عتيقة كمدرسة فيلالة، و المدرسة البوعنانية و مدرسة العدول، و مساجد مثل مسجد التوتة و مسجد الزرقاء، و خزانة الجامع الكبير و مارستان الباب الجديد و حمام السويقة. في عهد الدولة العلوية، خاصة إبان فترة حكم السلطان المولى إسماعيل، استعادت المدينة مكانتها كعاصمة للدولة، بحيث عرفت أزهى فترات تاريخها. فقد شيدت بها بنايات ذات طابع ديني كمسجد باب البردعيين و مسجد الزيتونة و مسجد سيدي سعيد، و توحي منارات هذه المساجد من خلال طريقة تزيينها بتأثير سعدي واضح. بالإضافة إلى القصور وبنايات أخرى هامة، فقد قام السلطان المولى إسماعيل بتشييد الدار الكبيرة فوق أنقاض القصبة المرينية و جزء من المدينة القديمة.
كما أنه أنجز حدائق عديدة (البحراوية-السواني)، و إسطبلات للخيول و مخازن للحبوب وصهريج لتزويد الأحياء بالماء، و أحاط المدينة بسور تتخلله عدة أبراج عمرانية ضخمة و أبواب تاريخية كباب منصور و باب البردعيين.
قرب هذه الأبواب أعدت عدة فنادق أو محطات لاستراحة القادمين من مناطق بعيدة، أما الأسواق فكانت منظمة و تعرف حسب نوع الحرفة أو الصناعة، مثل سوق النجارة و سوق الحدادة و غيرها. .
تتميز مدينة مكناس بشساعة مساحتها و تعدد مبانيها التاريخية وأسوارها حيث أحاطها المولى اسماعيل بأسوار تمتد على طول 40 كلم, تتخللها مجموعة من الأبواب العمرانية الضخمة و الأبراج.
قصر البيضاءتأسس في القرن 19 م من طرف السلطان محمد بن عبد الله. تحول فيما بعد إلى أكاديمية عسكرية، لكنه احتفظ بطابعه التاريخي و بزخارفه و هندسته ذات الطابع المعماري العلوي.
القصر الملكييوجد داخل القصبة الإسماعيلية، بناه المولى إسماعيل في بداية القرن 18 م. يغلب عليه طابع العمارة العسكرية.
قصر دار الجامعيبني في عهد المولى الحسن الأول حوالي 1882م ليكون مقرا لسكن وزيره أبو عبد الله الجامعي. كان القصر في البداية يحتوي على حمام و مكان للذبائح و حوانيت و فندق. يتميز هذا القصر بحديقته ( الرياض)، ذات الطراز الأندلسي
سجن قارابني في القرن 18 م داخل القصبة الإسماعيلية، بالقرب من قبة السفراء، و ذلك بالمستوى السفلي للأرض على مساحة كبيرة. صمم على شكل شبه مستطيل، مقسم إلى ثلاث قاعات واسعة جدا، حظيت كل واحدة منها بمجموعة من الأقواس و الدعامات الضخمة.
صهريج السوانييوجد على بعد 500 م جنوب القصر الملكي و ساحة المشور. بني في القرن 18 م، و يعتبر من بين أضخم و أهم المآثر التاريخية بمكناس. يحتوي على مجموعة من ا لقاعات التي تنتظم حول قاعة وسطى شاسعة. صمم هذا البناء من أجل خزن المواد الغذائية خاصة الحبوب، بالإضافة إلى كونه كان يحتوي على عدة آبار كانت تزود صهريج السواني الذي يجاور هذه المعلمة و يعتبر جزءا منها.
قبة السفراءتوجد داخل القصبة الإسماعيلية، خلف باب المنصور لعلج. و هي عبارة عن رواق مربع، بناه المولى اسماعيل و خصصه لاستقبال السفراء و المبعوثين لديه من الخارج.
باب المنصور لعلجيوجد على مقربة من ساحة الهديم. أسسه المولى اسماعيل، وأتمم بنائه ابنه مولاي عبد الله حوالي 1732م. تتميز هذه الباب بضخامة مقاييسها، إذ تحتوي على فتحة علوها 8 أمتار، كما استأثرت بزخارفها الخلابة المنحوتة على الخزف و الفسيفساء المتعدد الألوان.
باب الخميسكانت في الأصل تشكل الجزء الغربي من مدينة الرياض العنبري و التي أحدثها المولى اسماعيل ( القرن 18م)، لإيواء جيش لوداية وكذلك لفائدة بعض أعيان المدينة. لكنها لم تدم كثيرا، ففي 1731م دمرها ابنه مولاي عبد الله الذي حكم من بعده.
باب مراحيعتبر باب مراح من الأبواب التاريخية المتوسطة الحجم للعاصمة الإسماعيلية المشيدة إبان العهد العلوي، تتجلى أهميتها الكبرى تتجلى في كونها جزءا أساسيا من الأسوار المحيطة بساحة القصر الملكي لمدينة مكناس.
دار الباشواتبنيت دار الباشوات كما تدل على ذلك الكتابة المنقوشة على جبص القاعة والساقية الحائطية بين سنتي 1912 و 1913 من طرف بنعيسى بن عبد الكريم البوخاري الذي كان يتولى منصب باشا المدينة. وقد شهدت هذه البناية إقامة مجموعة من الباشوات إلى حدود سنة 1969، وهي السنة التي ستتحول فيها البناية إلى مقر لمحافظة الموسيقى الأندلسية التابعة لوزارة الثقافة.
تعتبر البناية نموذجا للهندسة المعمارية الإسبانية-الموريسكية، لها مدخلان: المدخل الرئيسي يتم انطلاقا من حي الزيتونة عبر درب الباشا، والمدخل الثاني عبر منزل صغير مجاور لها تابع لحي قاع الوردة.
المدرسة البوعنانيةأسسها السلطان المريني أبو الحسن، ثم أتمم بنائها ابنه أبو عنان حوالي 1345ه. حظيت أعمدتها و أبوابها بزخارف رائعة جدا، بما في ذلك من نقش كتابات و زخارف زهرية و هندسية على الخشب و الجبس و الزليج، لازالت لحد الآن تحتفظ ببهائها و عظمتها. من الناحية الهندسية تحتوي البناية على قاعة للصلاة و ساحة و أعمدة و محراب كلها غنية بزخارف كتابية منقوشة.
برج بلقارييعتبر برج بلقاري من بين المعالم التاريخية المهمة لمدينة مكناس، وقد بني في عهد السلطان المولى إسماعيل(1672-1727 )الذي في عهده شهدت المدينة أوج نموها المعماري والهندسي والحضاري. ويشكل البرج جزءا من الأسوار الإسماعيلية التي يحيط بالمدينة، ونظرا لأهميته تقوم الوزارة بترميمه ورد الاعتبار إليه حتى يلعب دوره في التنمية الثقافية على المستوى المحلي وذلك باحتضانه لمتحف مولاي إسماعيل.