أسامة السعيدي مشرف على قسم
الدولة : الجنس : عدد المساهمات : 307 نقاط : 5289 تاريخ التسجيل : 14/10/2011
| موضوع: فتاة أنقذت أختها من السرقة السبت 12 مايو - 16:40:22 | |
| فتاة أنقذت أختها من السرقة
هذه قصةٌ حقيقيةٌ أعرِفُ أصحابَها، وهي لأسرةٍ ضيِّقةِ الحالِ، عندها بعضُ المشاكل الأُسرِيةِ - كحالِ معظمِ الأسرِ - والله المُستَعَان.
وهذه الفتاةُ - التي أنقذَت أختَها - كانت في الصفِّ الثاني المتوسِّط، وأختُها في الصفِّ الأولِ المتوسِّط.
وأتركُكم مع القصةِ.
قالت أحلامُ لإيمانَ: أختُكِ "إسلام" تقولُ: إن مصروفَها اليوميَّ مائةُ جنيهٍ، وإن أباك غنيٌّ، فهل هذا صحيحٌ؟
وأَخبرَتْها أن "إسلام" تَعزِم صديقاتِها - وقتَ الفسحةِ - على كلِّ ما يُحبُّون، فيَأكُلن ويَشْرَبن على حسابِها.
إيمانُ لم تتكلَّم بأيِّ شيءٍ، وذَهَبت لأختِها "إسلام"، وقالت: "إسلام"! أخبرتنِي صديقتُكِ "أحلام" أن مصروفَك عالٍ، يَصِل إلى مائةِ جنيهٍ، فهل كلامُها عنكِ صحيحٌ؟ وهل وَقَع منكِ هذا يا "إسلام"؟
"إسلام" لم تتكلَّم وأصبحت مرتبكةً جدًّا، واحمرَّ وجهُها، وظَهَر عليها الخوفُ.
وقالت إيمانُ: وعدٌ منِّي إن أخبرتِني بالحقيقةِ يا "إسلام" ألاَّ أقولَها لأحدٍ وسأَستر عليك، ولن أقولَ لأمي ولا لجَدَّتي، ولكن اصدُقينِي.
وبعد أن اطمأنَّت "إسلام" لصدقِ أختِها إيمانَ، اعترفت "إسلام" بالحقيقة كاملةً، وقالت: كنتُ آخذ المال من "بُوك" أمي كلَّ يومٍ أو يومينِ، وعندما رأيتُ أني لم أُكشَف، أخذتُ هذه المرَّة 100 جنيهٍ.
إيمانُ: "إسلام" لِمَ تفعلينَ هذا؟
طأطأت "إسلام" رأسَها ولم تستطع الردَّ، ألحت عليها، فلم تردَّ.
فقالت إيمانُ: "إسلام"، إن أبانا تَعِب من أجلِنا كثيرًا، وتغرَّب من أجلِ أن يُطعِمَنا، وأنفقَ علينا قدرَ استطاعتِه، فهل هذا جزاؤه!
لماذا يا "إسلام" تقابلينَ الإحسانَ بالإساءةِ، نعم نحن لسنا بأغنياء، وحُرِمنا من أشياءَ كثيرةٍ، ولكن ليس الحل في سرقةِ أموالِ أبينا؛ الحلُّ هو أن نَرضَى بما يُعطِيه الله لنا، وسيعوضُنا الله - يا أختي "إسلام" - الجنَّة، فيها كلُّ شيءٍ، اصبري قليلاً وسوف يُعطِيك الله كثيرًا؛ فاللهُ عنده خزائنُ كلِّ شيءٍ.
وبكلامٍ طيبٍ مهذَّبٍ من إيمانَ، شعرت "إسلام" بالندمِ، ولكن ماذا تفعلُ؟ قالت إيمانُ: نحن لن نستطيعَ ردَّ المالِ، أليس كذلك؟ قالت "إسلام": نعم.
إيمانُ: عندي فكرةٌ، لعلَّ اللهَ أن يغفرَ لكِ يا "إسلام". "إسلام" بتلهُّفٍ: وما هي؟
إيمانُ: نحن نأخذُ مصروفًا يوميًّا، فما رأيكِ أن نجعلَ كيسًا أو حصَّالةً نَضَعُ فيه مصروفَكِ ومصروفي، ثم بعد أن نَجمَعَ المالَ نَضَعُه في المكانِ الذي أخذتِه منه، دونِ علمِ أحدٍ. "إسلام": فكرةٌ جميلةٌ يا إيمانُ، وجزاكِ الله خيرًا؛ ولكن هل تَستَطِعين أن تَذهَبِي كلَّ يومٍ دونِ مصروفٍ، فأنت ليس لك ذنبٌ في هذا؟
إيمانُ: نعم أَستَطِيع يا "إسلام"؛ لنتعاونْ حتى يَرضَى اللهُ عنا، وإذا رَجَعنا من المدرسةِ سَنَأكلُ في البيتِ، فلنَصبِرْ قليلاً فهي ساعاتٌ فقط، وأسألُ اللهَ أن يُطعِمنا يا "إسلام" في الجنَّة كل ما نُحِبُّ وأكثرَ.
فَرِحت "إسلام" كثيرًا بفكرةِ إيمانَ، وشَكَرت إيمانَ.
وبعد أيَّامٍ فقط - قرابة أسبوعٍ - فوجئتا بغضبٍ شديدٍ من أمِّهما، فخَافَتا، ما الذي حَدَث؟!
"إسلام" تفكِّر: هل عَلِمت أمِّي بما صنعتُ؟! وهل أخبرها أحدٌ؟! وظلَّت في خوفٍ، ولم تَنطِق بشيءٍ. الأمُّ: مَن أخذَ المالَ من "الدولابِ"؛ فقد كان في "البُوك" مالٌ وأَرَاه قد نَقَص، وجَعَلت تسألُ كثيرًا.
خَافَت "إسلام"، وقالت في نفسِها: الآن ستَقُولُ إيمانُ الحقيقةَ؛ فهي لا تَكذِب على أمِّي، ماذا أفعلُ إذا عَلِمت أمِّي أني السارقة؟! وماذا ستَفَعل بي؟ ستَقُول لأبي! ماذا سيَقُولُ أبي عني، وهو في غربته؟ سيَحزنُ كثيرًا، سيَكْرَهنِي الجميعُ! يا ربِّ استرنِي، يا ربِّ استرنِي.
وظلَّت "إسلام" في خوفِها لا تتكلَّم، أما إيمانُ، فوَقَعت في اختبارٍ صعبٍ، لقد وعدت "إسلام" بأن لا تُخبِر أحدًا، وعَلِمت من "إسلام" التوبةَ والرجوعَ عن خطئها، وأنها لن تَفعَلَ هذا مرةً أخرى.
وماذا لو قلتُ لأمِّي الحقيقةَ؟ ستَحزنُ "إسلام" جدًّا، وستُهاجَم من الجميعِ مهاجمةً قويَّة جدًّا!
وهنا لن تَقُولَ "إسلام" لي شيئًا بعد ذلك، وأخافُ أن تقعَ في أشدَّ من هذا - فهي ضعيفةٌ - ولا يَعرِف أحدٌ عنها شيئًا. والمشكلةُ أن الأمَّ ليست متفهِّمةً لكثيرٍ من الأمورِ، وهي كثيرةُ الصراخِ، وشديدةٌ في التعاملِ، ولن تقبلَ اعتذارَ "إسلام" لو قلنا لها الحقيقةَ.
هنا دَعَت إيمانُ ربَّها أن يوفِّقها، بحيث لا تَفقِد ثقةَ أختِها بها؛ فقد كانت سببًا في توبتِها. جاء الدورُ على إيمانَ. الأمُّ: هل أخذتِ المالَ من المكان الفلاني يا إيمانُ، اعترفِي، قُولِي الحقيقةَ. والأمُّ تَصرُخ في وجهِها ووجه أخواتِها.
هنا بَكَت إيمانُ، وقالت: أنا لم آخُذْ شيئًا يا أمِّي، نحن جميعًا نُحِبُّك ونُحِبُّ أبانا، فكيف نسرقُكما!
وقالت - وهي تَبكِي -: لقد اتَّفَقت أنا وأختِي "إسلام" على أن ندَّخِر مصروفَنا؛ لأجلِ أن نضعَه لك في "البُوك" دونِ علمِك.
وظلَّت تَبكِي بكاءً شديدًا، ولم تُكمِل كلامَها.
ثم جاءت بالكيسِ - وفيه ما وضعتَاه من المالِ - وأعطَتْه إلى أمِّها؛ فهي لا تُرِيد أن تَفضَح أختَها، ولا تُرِيد أن تَكذِب على أمِّها.
فوجئت الأمُّ بعد أن سَمِعت كلامَ إيمانَ، ورقَّ قلبُها كثيرًا، وجَلَست تهدِّئ إيمانَ، وتقولُ: كفاكِ بكاءً يا إيمانُ؛ لقد صَدَّقتُك.
أما "إسلام"، فقد أثَّر فيها فعلُ إيمانَ وقولُها، ولم تَملِك نفسَها من البكاءِ، وتقولُ في نفسِها: لقد عَلِمت معنَى الحديثِ: ((مَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا، سَتَرَهُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ)).
يا ربِّ، استُرْ إيمانَ في الدنيا والآخرة كما سَتَرتنِي. يا ربِّ، فرِّج كربَ إيمانَ، ونجِّحها في دراستِها وفي حياتِها كلِّها، كما أخذتْ بيدي وأنقذتنِي من النارِ. يا ربِّ، تبتُ إليكَ؛ لن أسرقَ أبدًا أبدًا. يا ربِّ، اغفِر لي ما صنعتُ. يا ربِّ، وسِّع على أبي، وعوِّضه خيرًا مما أخذتُ منه.
وبعدَ أن انتَهَى اليومُ، قالت إيمانُ لـ"إسلام": لابدَّ أن نتعلَّم من أخطائنا يا "إسلام".
انتبِهي وفكِّري قبلَ أن تقدمِي على فعلِ شيءٍ؛ فإن كان خيرًا فأَقبِلي، وإن كان شرًّا فابتَعِدي.
وهذا اليومُ يا "إسلام" علَّمنا الكثيرَ؛ فاللهُ يَرَانا إن لم تَكُنْ أمُّنا تَرَانا منقول |
|