مصر نموذج تنموي عربي
مقدمـة:
عرفت مصر خلال السنوات الأخيرة تطورات اقتصادية واجتماعية مهمة.
- فهل يمكن اعتبارها نموذجا تنمويا عربيا؟
- وبماذا يمكن تفسير هذا النمو؟
І – تجليات النموذج التنموي المصري:
1 ـ مجال الفلاحة والصيد البحري:
تعاني مصر من قساوة المناخ وانتشار الصحراء، لهذا فالقطاع الفلاحي الذي يعتبر أساس النشاط الاقتصادي بالبلاد لا يشغل سوى 16.8 % من السكان النشطين نظرا لضيق الأراضي الصالحة للزراعة، والتي تمتد على طول نهر النيل ودلتاه وبالقرب من الواحات.
تتنوع المنتجات الفلاحية بمصر من عنب وزيتون وتمور، إلا أن القطن (الرتبة 11 عالميا) والحوامض (الرتبة تبقى أهم هذه المنتجات التي تطورت بفعل مجهودات الدولة التي أقامت زراعة مسقية كثيفة اعتمادا على السد العالي واستصلحت أراضي جديدة بالواحات الداخلية.
يعرف صيد الأسماك تطورا ملحوظا بفعل اتساع المجال البحري وتشجيع الدولة للصيد النهري (وادي النيل) الذي يوفر مناصب شغل جديدة ويغطي بعض حاجيات البلاد الغذائية.
2 ـ مجال الصناعة والسياحة:
يحظى النشاط الصناعي بمكانة مهمة في الاقتصاد المصري نظرا لتوفر البلاد على قطاع صناعي كبير ومتنوع، حيث يشغل 33 % من مجموع السكان النشطين، ويرجع ذلك إلى الاستفادة من المؤهلات الطبيعية والتي تتمثل في توفر المواد الأولية كالحديد والغاز والبترول والفوسفاط.
تتنوع الصناعات بمصر، وتشمل الصناعات الأساسية ( تكرير النفط- الصناعة الكيماوية- التعدين والألمنيوم)، الصناعات التجهيزية (الميكانيك والكهرباء) بالإضافة إلى الصناعات الاستهلاكية (النسيج والمواد الغذائية)، وتتركز أهم الصناعات المصرية بدلتا النيل و على ساحل البحر المتوسط.
تعتبر مصر بلدا سياحيا بامتياز بفضل مؤهلاتها الحضارية والطبيعية، حيث أصبح القطاع السياحي هو المصدر الأول لجلب العملة الصعبة (26.8 %) بعد التطور الذي عرفته السياحة رغم فترات الركود نظرا لتأثرها المباشر بالصراعات السياسية بمنطقة الشرق الأوسط.
ІІ – العوامل المفسر للنموذج التنموي المصري:
1 ـ تطور القطاع الفلاحي:
عرف القطاع الفلاحي بمصر تطورا ملحوظا، فبالإضافة إلى دور فيضانات النيل وكثرة الواحات وتقنيات الري الموروثة، عملت الدولة على تطوير السقي العصري اعتمادا على مياه السدود (سد أسوان وبحيرة ناصر)، حيث ازدادت مساحة الأراضي الصالحة للزراعة وصاحب ذلك تنوع في المنتوجات، مما أدى إلى احتلال الفلاحة لمكانة مهمة في الاقتصاد المصري، إذ أصبحت تساهم ب 14 % من الناتج الوطني الخام، وتحتل البلاد الرتبة الثامنة عالميا من حيث تصدير الخضر والفواكه.
2 ـ مقومات الصناعة المصرية:
تتوفر مصر على قطاع صناعي كبير ومتنوع بفضل وجود ثروات طاقية مهمة كالبترول والطاقة الكهروحرارية والكهرمائية (اعتمادا على وادي النيل)، مما أدى إلى وجود فائض في الإنتاج يتجاوز معدلات الاستهلاك، بالإضافة إلى وجود مجموعة من المعادن المتنوعة كالحديد والمنغنيز والفوسفاط، وتتركز معظم هذه الثروات بدلتا النيل وعلى الساحل الشمالي للبحر المتوسط.
3 ـ مقومات السياحة المصرية:
تتعدد مقومات السياحة المصرية نظرا لغنى وتنوع منتوجها السياحي، ومنها:
- مقومات حضارية وتاريخية: فبالإضافة إلى أهم المآثر التاريخية بمصر وهي الأهرامات ( كهرم خوفو)، هناك مواقع أثرية إسلامية والمعابد الفرعونية.
- مقومات طبيعية: تتجلى في التنوع الطبيعي كالوديان (النيل) والصحاري والسواحل الممتدة على طول البحر الأحمر والبحر المتوسط.
- مقومات تجهيزية: تتوفر مصر على سلسلة من الفنادق الضخمة المصنفة وعلى شبكة من الطرق والمطارات الدولية وعلى مركبات سياحية ضخمة ( كمركبات شرم الشيخ).
ІІІ – تواجه مصر مجموعة من المشاكل:
1 ـ المشاكل الطبيعية:
تعاني مصر من قساوة الظروف الطبيعية، حيث تغطي الصحاري مساحات شاسعة من البلاد، كما أن التساقطات تقل كلما اتجهنا من الشمال نحو الجنوب لانتشار المناخ الصحراوي وشبه المداري.
تعتبر قلة الأراضي الزراعية من المعيقات الاقتصادية بمصر، فالمناطق الصالحة للزراعة تتركز فقط على طول وادي النيل ودلتاه أو بالقرب من الواحات، لهذا فمعظم المشاكل الطبيعية التي تعاني منها مصر مرتبطة بقلة المياه.
2 ـ المشاكل الاقتصادية:
تواجه مصر مشاكل اقتصادية حقيقية تتجلى في ارتفاع حجم الديون الخارجية التي تصل إلى 30 مليار دولار، مما يرهن مالية الدولة لدى المؤسسات المالية العالمية ويصرف عائداتها في أداء الديون وجدولتها عوض استثمارها في مشاريع اقتصادية.
يعاني الميزان التجاري المصري من عجز مستمر لكون حجم قيمة الواردات يفوق بكثير حجم قيمة الصادرات لأن البلاد تصدر المواد الأولية ( الطاقية والفلاحية) في حين تستورد المنتجات المصنعة ونصف المصنعة.
3 ـ المشاكل الاجتماعية:
من المشاكل الاجتماعية التي تبذل مصر مجهودات كبيرة للتخفيف منها مشكل البطالة الناتج عن عدم مسايرة النمو الديمغرافي للتطور الاقتصادي، حيث أن عدد العاطلين حسب الإحصائيات الرسمية يتجاوز ثلاثة ملايين عاطل مما يشكل عائقا أمام كل نمو اقتصادي.
خاتمـة :
رغم المجهودات المبذولة، فإن مصر مازالت تعاني من مجموعة من المشاكل التي تحول دون تنمية