الحمد لله رب العالمين أثنى على الشباب فقال إنهم في فتية آمنوا يريهم وزدناهم هدى
وأشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير
وأشهد ان سيدنا محمدا عبده ورسوله وصفيه من خلقه وخليله بلغ الرسالة وادى الأمانة وتصح الأمة فكشف الله على يديه الغمة
اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه وعلى كل من استن بسنته واقتفى أثره إلى يوم الدين
أما بعــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــد
أيها الأخوة :
لقد بين التاريخ الإسلامي كله أن صلاح الأمة بصلاح شبابها فإذا التزم الشباب بمنهج الله وساروا على التعاليم الإسلامية الصحيحة فإن الله عز وجل سيجعل لهذه الأمة فرجا وسيهيءلها من أمرها رشدا
وانظر إلى الإسلام وهو يبين مكانة الشباب فنجد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يحث الإنسان أن ينتهز فرصة شبابه فلا يضيعها في حرام ولا يضيعها في لهو وإنما يجعل هذه المرحلة طريقا يوصله إلى جنة عرضها الأرض والسماء لأن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ حثنا على ذلك ( اغتنم شبابك قبل هرمك ) واغتنم هذه الفرصة اغتنم صحتك وقوتك وشبابك وحيويتك لتستغلها في طاعة الله عز وجل لأن من عاش على شيء شاب عليه ومن شاب على شيء مات عليه فمن نفذ أوامر الله وامتثل والتزم بالطاعة وسار على منهج الله فإنه سيعيش بهذه المفاهيم وغن الله عز وجل سيكتب له الخير والفلاح في الدنيا والآخرة
وانظر إلى صحابته ـ صلى الله عليه وسلم ـ وكانوا قدوة للشباب سيدنا على ـ رضي الله عنه ـ وكلنا يعلم أنه أول من أسلم من الصبيان ماذا قال حينما خيره الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ لا تدخل في الإسلام حتى تستشير أباك فأخذ سيدنا علي يفكر في الأمر وهو الفتى الصغير وهداه الله عز وجل ليقول للرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ أستشير أبي في عبادة ربي وهل عندما خلقني الله عز وجل استشار أبي فكيف أستشير أبي في عبادة ربي فآمن على الفور
وانظر إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ حينما جاء إليه الشاب والنبي ـ يصحح المفاهيم ويبين حقيقة كل أمر لمن سأله مبينا أخطاءه ومبينا عيوبه ومبينا في نفس الوقت الفوائد والمميزات التي تعود عليه من وراء فعله من خلال اتباعه لمنهج الله عز وجل
جاء له الشاب وقال له يا رسول الله ءأذن لي بالزنا يا رسول الله فتعجب الصحابة وقد ظهر الغضب على وجوههم ولكن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أخذ الكلمة من الشاب وهو يعلم أنه يريد الحق ويريد الصواب فقال له النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أترضاه لأمك قال لا أترضاه لأختك قال لا أترضاه لخالتك قال لا أترضاه لعمتك قال لا فقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ فهكذا الناس لا يرضونه لمحارمهم فابتعد الشاب عن الأمر وهدي إلى الصواب
وانظر إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ حينما أمر أسامة بن زيد وكان عمره سبعة عشر عاما فماذا كان من الصحابة أمر النبي أسامة وهو الفتى الصغير ليقود جيشا فيه أبو بكر وعمر وكبار الصحابة ومات النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال الصحابة كيف يؤمر هذا الشاب وفي الجيش من هو أكبر منه فقال لهم الصديق ـ رضي الله عنه ـ إن الرسول قد أمره ولا ينبغي لي أن أخالف أمر رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وكان أميرا على الجيش وذهب إليه سيدنا أبو بكر يودعه وسيدنا أسامة راكب على دابته وخليفة المسلمين يقود له الدابة
إذن علموا بان هذا الشباب فيه طاقه ينبعي أن توجه إلى الخير وبالخير وفي الخير علموا أن عندهم الطاقة الفعالة التي تخدم المجتمع فنفذ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ذلك الأمر وعلم المسلمين جميعا أن يلتزموا بذلك
انظر إلى سيدنا عمر حينما كان اميرا للمؤمنين وسار في جوانب المدينة يبحث وهناك عن أي أمر فسمع صزت إمرأة تقول لولا مخافة الله لاهتز من هذا السرير جوانبه فأخذ سيدنا عمر الجملة منها وسأل عن زوجها فقالوا أنه في الجيش فذهب إلى السيدة حفصة ابنته وسألها كيف تصبر المرأة على فراق زوجها فقالت أربعة أشهر فعلى الفور أصدر يبدنا عمر قرارا بأن لا يغيب الجندي في المعارك والفتوحات عن أربعة أشهر وأرسل إلى زوجها وجاء به لأنه يخاف على مجتمعه على بلده يخاف على محارمه يخاف على أهل بيته فالأمة بأسرها مسئولة من ولي الأمر
انظر إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهو يعلم الأمة كلها أن يكون عندها قدوة في حياتها وفي معاملاتها وإن المسلمين قد من الله عليهم بأعظم قدوة في هذا العالم كله وهو النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا )
فإذا نظرت اليوم إلى مجتمعاتنا وإلى انحرافات الشباب تجد بأن أول سبب هو غياب القدوة فأصبح الشباب اليوم لا يجد أمامه قدوه ينظر إلى أبيه على أنه قدوة يتأسى به فإن الأب يعلم أبناءه التدخين وغير ذلك ويعلم أبناءه الألفاظ القبيحة وغير ذلك وهذا ما نجده في مجتمعاتنا اليوم غابت القدوة فغاب الشباب وابتعدوا عن منهج الله رب العالمين سبحانه وتعالى
أصبحت الأمة اليوم ليس هناك قدوة تتأسى بها لم ينظر الإنسان إلى النبي ـ صلى الله عليه ىوسلم ـ نظرة متأنية في حياته اليومية كيف كان كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يأكل كيف كان يشرب كيف كانت معاملاته مع الآخرين ومع الناس
وإذا رجعت الأمة اليوم إلى منهج الله سيكون حالنا أفضل مما نحن فيه اليوم
نجد بأن الشباب اليوم لم يؤد حق الله ولم يأتي للمسجد ولم يصلي هل تنتظر من إنسان لا يركع ولا يسجد لله رب العالمين أن يأتي منه خير أو أن يأتي منه خير لهذا المجتمع الذي يعيش فيه لا
وإن الإنسان الذي سيعلم هذه العاقبة عاقبة مخالفة أمر الله
قال تعالى : { ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى }
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم
والتائب من الذنب كمن لا ذنب له