أهلاً بالضيف العزيز
يعيش العالم الإسلامي هذه الأيام حالة من الترقب وكلهم شوق ولهفة للقاء حبيبهم الغائب الذي طال انتظاره قرابة العام ليظلهم بظلاله الوافر وليغيم عليهم بريحه العاطر.
يأتي هذا الضيف الغالي ليزكي النفوس وليزودها بالإيمان والتقوى والاستعداد للدار الأخرى ( ولدار الآخرة خير ولنعم دار المتقين).
يأتي ليروض النفس على الصبر والمصابرة، والخضوع والخشوع وترك المكابرة.
يأتي ليوحد الأمة الإسلامية في موسم واحد وفي شعيرة واحدة وفي عبادة واحدة وفي شهر واحد.
يأتي لعيد النفس الغافلة إلى ربها، وليعيد الهاجر للمساجد لرياضها، والعاقين لرحمهم لوصلها، والغارقين في شهوات النفس لكبح جماحها، والكسالى عن القيام لله رب العالمين والتضرع إليه في ساعات السحر حيث الناس نائمون أو في غفلتهم لاهون فيعيد لها نشاطها واجتهادها.
فهذا شهر رمضان, شهر الرحمة والغفران, شهر البركة والإحسان, شهر العتق من النيران, شهر تلاوة وتدبر القرآن, شهر الصيام والقيام, شهر يبر فيه الوالدان ويوصل فيه الأرحام ويزار في الأخوان والخلان.
شهر يزيد فيه عفو الرحمن، فيفتح أبواب الجنان ويغلق أبواب النيران ويصفد الشياطين ومردة الجان.
(شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان).
فأهلاً وسهلاً بضيف الرحمن وحبيب القرآن ومرحباً بشهر الرحمة والبركة والغفران.
لقد كان سلف الأمة وأخيارها يسألون الله تعالى ستة أشهرأن يبلغهم رمضان فإذا استقبلوه أحسنوا فيه ثم سألوا الله تعالى أن يتقبل منهم ما قدموا فيه من أعمال صالحة وقربات طيبة خمسة أشهر.
فهل نفعل مثلهم وهل نستقبل هذا الشهر الكريم كما استقبلوه وهل نحسن فيه العمل كما أحسنوا؟! نرجوا ذلك.
أتى رمضان مزرعة العباد لتطهير القلوب من الفساد
فأد حـقـوقـه قــــولا وفــعلا وزادك فاتخـــــذه للمعــاد
فمن زرع الحبوب وما سقاها تأوه نادمـــاً يـــــــوم الحصــاد
فهيا أخي المبارك نهيأ أنفسنا وقلوبنا وعقولنا وأرواحنا لاستقبال هذا الشهر العظيم قبل أن نهيأ أجسامنا بشراء ما لذ وطاب من الأطعمة والأشربة في شهر أمر الله بصيامه لتتزكى هذه النفوس ولتقبل على باريها ولتخضع لمولاها حتى تنال رضاه.
ولكن كيف نستقبله ونحسن ضيافته؟
فأقول لعل الأمور التي ينبغي للمسلم أن يفعلها للاستعداد لموسم الطاعة كثيرة ورغبة في الغيجاز نذكر منها:
1- بتهيئة نفوسنا لاستقبال موسم مليء بالأعمال الصالحة وهي فرصة عظيمة للمسابقة في الخيرات والتزود بالطاعات وكسب العدد الهائل من الحسنات.
2- الفرح بإقباله علينا وانشراح الصدر بقربه إلينا والسرور بإدراكه فلربما نال صاحبه رحمة الله وفضله في ليلة من لياليه المباركة فضفر بسعادة الدنيا والآخرة.
3- المبادرة بالتوبة النصوح من جميع الذنوب والخطايا والإستغفار عن كل تقصير في جنب الله والندم على كل ما ارتكبه العبد من الأوزار كبارها وصغارها ليبدأ هذا الشهر بداية طيبة وليملأ صحيفته البيضاء بالحسنات والحسنات فقط حتى لا تلوث بشيء سواها.
4- العزم على استغلال كل لحظة من لحظات هذا الموسم العظيم فيما يقرب إلى الله تعالى من أداء الصلوات مع الجماعة في المسجد واتمام صيامه والمداومة على القيام بلا ملل وتلاوة القران وبر الوالدين وصلة الأرحام والصدقة والإحسان وغيرها من الأعمال الجليلة .
5- دعاء الله تعالى قبل دخول الشهر بأن يبلغك إدراكه وأن يعينك على اتمام صيامه وقيامه وأن يتقبل ذلك منك وأن يجعل ذلك سبباً في مغفرة الذنوب ورفعة الدرجات والعتق من النار.
6- ان تحمد الله تعالى وأن تشكره وتثني عليه ليلاً ونهاراً إذا مد في عمرك وبلغك هذا الشهر المبارك ويسر لك صيامه وقيامه.
7- تهيئة البيت لاستضافة الزائر العزيز وحث أهل البيت للاستعداد له أيما استعداد، فيخرجوا جميع المنكرات بأنواعها ليكون البيت نظيفاً مهيئاً ليعمر بالطاعة والعبادة وتوفير العدد الكافي من المصاحف.
8- حساب مقدار النصاب المفروض من الزكاة لمن يحول عليه الحول في رمضان أو لمن اعتاد إخراجها فيه وتجهيزها للمبادرة لإخراجها لمستحقيها خلال الشهر الكريم.
9- المبادرة في قضاء الأيام التي في ذمة من أفطر شيئاً من رمضان الفائت وعدم التساهل في ذلك حتى يدخل عليه رمضان الآخر فيكون آثماً بتفريطه.
أسال المولى تبارك وتعالى أن يبلغنا وجميع المسلمين هذا الشهر العظيم وأن يعيننا على صيامه وقيامه وأن يتقبله منا ..... آمين
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.