الى الاخت غزلان
الرباط - بعد عامين من انشغال المجتمع المغربي بوقائع محاكمة لم تكتمل لمجموعة من "عبدة الشيطان" اعتقلت في الدار البيضاء، يدور بين أهالي مدينة القنيطرة منذ نحو أسبوع حديث متصاعد عن قيام مجموعة من طلبة ثانوية "طه حسين" في المدينة بالتبول على نسخة من القرآن الكريم، ضمن طقوس "عبادة الشيطان".
ففي الوقت الذي نفت فيه إدارة المدرسة تلك الأنباء، أكدت مصادر متطابقة من داخل الثانوية ومن خارجها لـ"إسلام أون لاين.نت" وقوع الحادثة، وأن ظاهرة "عبدة الشيطان" في تنامٍ مستمر داخل المؤسسة التعليمية، بل وفي المدينة بأكملها.
وشدد مسئول في ثانوية "طه حسين"، رفض الإفصاح عن اسمه، في اتصال هاتفي مع "إسلام أون لاين.نت"، على أن ما يروج هو مجرد أكاذيب وشائعات لا أصل لها، رافضا في الوقت ذاته الإدلاء بأي تفاصيل.
لكن مصادر داخل المدرسة، رفضت الكشف عن نفسها خشية الانتقام منها، أكدت أن القصة بدأت الأربعاء 14-2-2007، حينما أبلغ تلاميذ شهدوا الحادثة زملاءهم عن تبول مراهقين يلبسون أزياء غريبة، يغلب عليها الطابع الأسود، على المصحف الكريم داخل المدرسة، لينتشر الخبر بعدها خارج أسوار المدرسة وداخل المدينة، مما تسبب في انهيار أستاذة لم تتحمل الخبر، إذ شرعت في البكاء والصراخ.
وعن هذه المجموعة أضافت المصادر نفسها أن أغلبها فتيات، ويبلغ عددها نحو 13 شخصا، ويرتدون ألبسة سوداء، ويعلق بعضهم الصلبان حول أعناقهم، ومعظمهم من عائلات ميسورة.
وأوضحت أن مقربين من المجموعة يؤكدون أنهم يفطرون عمدا في رمضان، ويستمعون لأغاني "الهارد ميتال" وباقي أنواع الموسيقى الصاخبة التي يستمع إليها "عبدة الشيطان".
وتسهل شبكة الإنترنت التواصل بين أفراد المجموعة، كما يتلقون الأفكار الهدامة عن طريق "الشات" (غرف الدردشة)، ومواقع تيارات عبدة الشيطان المنتشرين عبر العالم.
واستغربت المصادر التناقض في تصرفات المجموعة، فسلوكهم طبيعي وعادي داخل فصول الدراسة، لكن خارجها يمارسون طقوسا غريبة، خاصة ارتداء الصلبان.
تنامٍ مقلق
ومن خارج المدرسة، أكدت لـ"إسلام أون لاين.نت" مصادر مقربة من حزب العدالة والتنمية، فضلت عدم الكشف عن نفسها، أن الظاهرة في تنامٍ مستمر بمدينة القنيطرة، حيث تنتشر في بعض المناطق مجموعات من المراهقين ذات لبس أسود موحد، ويعلقون صلبانا وأقراطا، ويشمون أشكالا غريبة على أجسادهم".
وأوضحت المصادر نفسها أن نشاطات هذه المجموعات يلفها الغموض، وشددت على أن الأمر خطير ويستلزم تكاتف جهود الأمن والأسر والمربين في المدارس لإعادة هؤلاء المراهقين التائهين إلى دفء المجتمع".
تمرد ورغبة
ومع انتشار الحديث عن مجموعة "عبدة الشيطان" في ثانوية طه حسين، زارت لجنة من الوفد العلمي لمدينة القنيطرة المدرسة، والتقت الإدارة التي كذبت كل ما يروج، ونفت وقوع أي اعتداء على القرآن الكريم من طرف تلاميذها داخل أسوار المدرسة، حسب الدكتور حسن العلمي، أحد أعضاء المجلس.
لكن بوجه عام ذكر د.العلمي، أستاذ الحديث والفكر الإسلامي بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة، أن "شباب اللباس الأسود والصلبان أصبحوا يظهرون بشكل لافت في المدينة، حيث يثيرون استغراب العامة".
وتساءل عن دور الأسر والمربين في حماية أطفالهم بالتربية الحسنة والقدوة المؤثرة التي تحصنهم ضد كل فكر دخيل، مشددا على أنه "آن الأوان كي يتحمل رجال التعليم مسئولياتهم تجاه الأجيال التي يدرّسون لها".
واعتبر د.العلمي هذه الظاهرة "نوعا من التمرد والرغبة في إظهار الجديد التي تأخذ بعقول المراهقين، خاصة في ظل وسائل الاتصال المتطورة التي أصبحت تميز العصر الحاضر".
ضريبة العولمة
ومتفقا مع ما ذهب إليه د.العلمي، اعتبر الدكتور حسن قرنفل، الخبير الاجتماعي المغربي، أن انجذاب فئة من المراهقين إلى حلقات "عبدة الشيطان" هو "ضريبة العولمة والتحرر، فالسياسة الليبرالية ليست اقتصادية فقط، بل لها انعكاسات على باقي المستويات الأخلاقية والسياسية والثقافية".
ويرى د.قرنفل في تصريحات صحفية أنه لكي يحافظ المجتمع على توازنه "لا بد من أن تكون الأسرة مواكبة لعملية الانفتاح بنوع من المتابعة اليقظة لسلوكيات أبنائها وبناتها، لكن الملاحظ في المغرب أن تراكم الأعباء على الآباء والتطورات المتلاحقة للتكنولوجيا، تسمح للشباب بالاتصال بثقافات أخرى دون أي مراقبة أو توجيه من الآباء".
وسبق لسلطات أمن مدينة الدار البيضاء قبل عامين أن اعتقلت مجموعة من المراهقين يقودهم مصري مقيم بالمغرب، وشرع القضاء في محاكمتهم بتهمة ممارسة طقوس "عبدة الشيطان". غير أنه تم توقيف المحاكمة جراء ما أثارته من ضجة على مستوى الشارع السياسي والإعلامي. فبينما اعتبرت بعض الحركات الإسلامية أن الظاهرة تتسرب إلى المغرب، ويجب تكاتف الجهود الأمنية والتربوية لمواجهتها، استغربت تيارات سياسية أخرى المتابعة القضائية لأولئك الشباب، ووصفتها بـ"غير ذات معنى"، لأن الشباب أحرار فيما يرتدونه وما يستمعون إليه من موسيقى.
"ساتان العظيم"
كما سبق لوسائل إعلام محلية أن كشفت النقاب عن إقامة شواذ أوروبيين وعناصر من "عبدة الشيطان" حفلا صاخبا على شاطئ "سيدي مغايت" على بعد 12 كم جنوب مدينة أصيلة (شمال العاصمة) تحت غطاء ما عرف وقتها بـ"مهرجان الموسيقى - أنغام السلام" في دورته الثانية ما بين 17 و22 أغسطس 2006.
وبرزت ظاهرة "عبدة الشيطان" خلال العقود الأخيرة من القرن الماضي، وانتشرت في عدد من الأقطار العربية، منها مصر ولبنان.
ويعتقد أصحابها أن "الشيطان هو رمز الوفاء والإخلاص للبشر"، ويمارسون طقوسا غريبة من عناصرها الضرورية اللباس الأسود والوشم على الجلد، وتعاطي الحشيش وأنواع المخدرات الأخرى، وممارسة الشذوذ الجنسي، والاستماع إلى الموسيقى الصاخبة.
وكثيرا ما يختتم عبدة الشيطان "حفلاتهم" بذبح حيوانات، خصوصا القطط التي تعد في معتقدهم حارسة لعالم الأرواح، ويهبونها قرابينَ للتقرب إلى "ساتان العظيم"، ويتلون ما يعتبرونه ترانيمهم المقدسة