أكادير24
كان المتهم يترصد للنساء المسنات اللواتي يتجهن، في الصباح الباكر، صوب الغابة المجاورة لجمع الحطب والأركان، وعند سقوط إحدى الضحايا بين يديه لا يتردد في اغتصابها وسرقة ما بحوزتها.
غير أن شكاية مباشرة وجهتها إحدى ضحاياه، قبل أزيد من أسبوع، إلى النيابة العامة، كانت بمثابة الضربة القاضية التي ستسقطه في قبضة عناصر الدرك وتجره إلى داخل أسوار السجن.
نشأ الجاني (م.ت) 32 سنة في محيط قروي بضواحي مدينة سيدي بنور، لم يحالفه الحظ في ولوج مقاعد الدراسة كغيره من أقرانه، ليتفرغ منذ طفولته لرعي الأغنام، وبعد أن اشتد عوده، أصبح يتعاطى للنشاط الفلاحي الذي اكتسب منه تجربة مهمة، لكن دون أن يستثمر خبرته في مسار مهني ناجح. قبل أزيد من خمس سنوات وتحت طائلة الفقر المدقع، اضطرت عائلة الجاني إلى مغادرة سيدي بنور والانتقال إلى ضواحي مدينة انزكان، وبالضبط إلى دوار آيت موسى حيث الغالبية تنطق باللهجة الأمازيغية، استقرت الأسرة بالمنطقة واشتغل أفرادها بالقطاع الفلاحي، كما هو الحال أيضا بالنسبة إلى الجاني الذي عمل كمياوم بالضيعات الفلاحية، قبل أن ينتقل للعمل كحارس بإحدى الضيعات الفلاحية بنفس الدوار، وفي تلك الأثناء ظل يمارس هوايته المفضلة بين الفينة والأخرى في الساعات الأولى من الصباح كلما سنحت له الفرصة لذلك، فقد كان اغتصاب النساء المسنات هوايته المفضلة، قبل أن يسقط في أيدي رجال الأمن.
اغتصاب نساء قرويات
استمر الجاني في عملياته ضد القرويات المسنات، إذ كان يختار ضحاياه بعناية فائقة، ويترصد لهن في أطراف الغابة، في انتظار ضحية جديدة يستفرد بها، حيث عادة ما تكون الأخيرة بعيدة عن الأنظار منشغلة في جمع الحطب أو الكلأ للبهائم، قبل أن يباغتها من الخلف ثم يقتادها تحت التهديد باستعمال السلاح الأبيض إلى مكان منزو، حيث يعمل على تجريدها من ملابسها السفلى ليعمد إلى اغتصابها دون أن يأبه بدموعها وصرخاتها التي تذهب أدراج الرياح، مستغلا في ذلك خلو الغابة من المارة، وبعد أن يشبع غريزته الحيوانية يبادر إلى إطلاق سراحهن، بعد أن يكون قد سلبهن كل ما بحوزتهن من حلي وبعض القطع النقدية ثم يتوارى عن الأنظار في اتجاه وجهة مجهولة.
ضحية تكشف المستور
في وقت فضلت فيه العديد من الضحايا عدم البوح بأمر الاغتصاب إلى أي كان، مخافة شيوع الخبر بين أهالي الدوار، ومن ثم انعكاس ذلك سلبا على أسرهن بحكم طبيعة الدوار المحافظة، فإن آخر ضحية تعرضت للاغتصاب بنفس الطريقة وبنفس المكان والزمان بالغابة المحيطة بالدوار، ارتأت أن تتقدم بشكاية في الموضوع إلى وكيل الملك بابتدائية انزكان، تفيد فيها بأنها تعرضت أثناء خروجها من منزلها بالدوار المذكور في الساعات الأولى من الصباح إلى عملية اغتصاب متبوعة بالسرقة بعد أن هاجمها شخص مجهول، عمد إلى الإمساك بها من شعرها واقتادها تحت التهديد بالسلاح الأبيض إلى مكان منزو بالغابة، حيث شرع في اغتصابها بدون رأفة ولا رحمة، الأمر الذي تسبب لها في أزمة نفسية مازالت تعيش على وقعها، وبعد عرض شكايتها على ممثل الحق العام، أمر الأخير عناصر الضابطة القضائية التابعة لمركز الدرك الترابي بالتمسية بفتح تحقيق في موضوع القضية واعتقال الجاني.
اعتقال الجاني
بعد إحالة الشكاية على مركز الدرك الملكي استمع المحققون إلى الضحية في محضر قانوني، حيث أكدت في أقوالها تفاصيل تعرضها لعملية الاغتصاب، كما كشفت لعناصر الدرك أن مجموعة من النساء الأخريات تعرضن لنفس المصير بدوار آيت موسى غير أنهن فضلن الصمت تفاديا لمشاكل أسرية يمكن أن تؤثر على سمعتهن. بعد الاستماع إلى رواية الضحية، تجندت عناصر الضابطة القضائية، وقامت بدوريات مكثفة في مجمل النقاط السوداء والأماكن التي من المحتمل أن يوجد بها المتهم، كما أعطيت تعليمات لأعوان السلطة للقيام بتحرياتهم في الموضوع.
لم تمض أكثر من ثلاثة أيام من الشروع في البحث عن الجاني، حتى توصلت عناصر الدرك بمعلومة تفيد بوجود المعني بالأمر بإحدى الضيعات الفلاحية بآيت موسى حيث يشتغل حارسا بها، وعلى التو، بالتنسيق بين عناصر الدرك الملكي والسلطات المحلية بالمنطقة، انتقلت دورية للقوات المساعدة إلى عين المكان، حيث اعتقلت المعني بالأمر وساقته إلى مقر الدرك الترابي، ليتم وضعه رهن تدابير الحراسة النظرية في انتظار استكمال مسطرة البحث .
إحالة الجاني
اعترف الجاني تلقائيا بالمنسوب إليه جملة وتفصيلا، كما تعرفت الضحايا الثلاث على ملامح وجهه فور إجراء عملية المواجهة بينه وبين ضحاياه، إذ لم تتحمل إحدى الضحايا نظراته التي ذكرتها بالاعتداء الجنسي الذي طالها، والذي تسبب لها في صدمة نفسية، لتسقط مغشيا عليها ببهو المركز. بعد انتهاء فترة الحراسة النظرية أحيل الجاني على غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف بأكادير بتهم تتعلق بالاغتصاب تحت طائلة التهديد بالسلاح الأبيض والضرب والجرح مع السرقة.
أسرة الجاني فضلت، من جانبها، التواري عن الأنظار، بعد أن وصلها نبأ اعتقال ابنها، حيث أكدت مصادر «المساء» أن الأسرة التي حلت بالمنطقة قبل أزيد من خمس سنوات قادمة إليها من ضواحي الجديدة، سبق أن حذرت ابنها مرارا من عمليات تعقبه للنساء وتحرشه بهن لكن بدون جدوى. وأضافت المصادر ذاتها، أن أسرته بادرت بتزويجه مؤخرا حتى يقلع عن عادته السيئة ويرجع إلى جادة الصواب، غير أن أسرته يئست من إمكانية تحسن حاله رغم أنه رزق بأبناء، إذ أصر على سلك طريق الانحراف دون أن يفكر في عواقب ذلك، وهو الأمر الذي جعل عائلته لا تكترث بأمر اعتقاله، ولا تبادر بزيارته أثناء فترة اعتقاله بالسجن الإداري.