علم الاجتماع توجه أكاديمي جديد نسبيا بين علومِ الاجتماعيات الأخرى بما
فيها الاقتصادِ، عِلْم السياسة، عِلْم الإنسان، التاريخ، وعلم النفْس. لكن
الأفكار المؤسسة له، على أية حال، ذات تاريخ طويل ويُمْكِنُ أَنْ نتتبّعَ
أصولَها في خَلِيط المَعرِفَة الإنسَانِيَّةِ والفلسفة المشتركة.
ظهر علم الاجتماع كما هو حاليا كصياغة علمية في أوائِل القرن التاسع
عشرِ، كرَدّ أكاديمي على تحدي الحداثةِ: فالعالم كَانَ يتحول إلى كل متكامل
ومترابط أكثر فأكثر، في حين أصبحت حياة الأفراد أكثر فردية وانعزالا. تمنى
علماء الاجتماع أَنْ يَفْهموا التحولات التي طرأت على المجموعاتَ
الاجتماعيةَ، متطلعين لتَطوير دواءَ للتفككِ الاجتماعيِ.
أبو زيد عبد الرحمن بن محمد بن خلدون المعروف أكثر باسم ابن خلدون
(ولد في 27 مايو 1332 وتوفي في 19 مارس 1406) كان فلكيا، اقتصادي، مؤرخ،
فقيه، حافظ، عالم رياضيات، استراتيجي عسكري، فيلسوف، غدائي ورجل دولة،
يعتبر مؤسس علم الاجتماع. ولدفي عهد الحفصيين بإفريقية في ما يعرف الآن بـ
تونس، أصله من الاندلس من مزرعة هاسيندا توري دي دونيا ماريا الحالية القريبة من دوس هرماناس (اشبيلية). (انظر تطور علم الاجتماع)
أغست كونت
كان أوغست كونت، أول من صاغ تعبير (sociology) "علم اجتماع" في عام 1838 من (socius) التي تعني باللاتينية (رفيق، شريك) واللاحقة اليونانية logia بمعنى (دراسة، خطاب).
تَمنّى كونت
توحيد كل الدِراسات البشرية بما في ذلك التاريخِ وعِلْمِ النفْس
والاقتصاد. وكان مخططه الاجتماعي الخاص مثاليا يعود إلى القرن التاسع عشرِ؛
حيث اعتقدَ أن كل أنماط الحياة الإنسانية لجميع الشعوب في كل البقاع
مَرّتْ من خلالِ نفس المراحلِ التاريخيةِ المُتميّزةِ وبهذا، إذا أمكن
للشخصُ أَنْ يُدرك مراحل هذا التطور، فيُمْكِنُ له أَنْ يَصفَ العلاجَ
للأمراضِ الاجتماعية.
الكتاب الأول في 'علم الاجتماع' حمل نفس الاسم وكُتب في منتصف القرن التاسع عشرِ من قِبل الفيلسوف الإنجليزيِ هيربرت سبينسر. في الولايات المتّحدة، وعُلّم هذا التخصص باسمه للمرة الأولى في جامعة كانساس، لورانس في 1890 تحت عنوانِ فصلَ علم الاجتماع (فصل علم الاجتماع المستمرِ الأقدم في أمريكا وقسم التاريخِ وعلم الاجتماع أُسّسا في 1891) أما قسم الجامعةِ المستقل الكامل الأول لعلم الاجتماع في الولايات المتّحدة أُسّستْ في 1892 في جامعة شيكاغو مِن قِبل ألبيون دبليو، التي أسّست المجلّة الأمريكية لعلم الاجتماع في 1895.
أسّسَ القسم الأوروبي الأول لعلمِ الاجتماع في 1895 في جامعة بوردو مِن قِبل إميل دوركايم مؤسس عام 1896
في 1919 أُسّس قسم علم اجتماع في ألمانيا في جامعة لودفيج ماكسيميليانز في ميونخ مِن قِبل ماكس فيبر وفي 1920 في بولندا من قبل فلوريان زنانيكي. أما أقسام علمِ الاجتماع الأولى في المملكة المتحدة فقد أسست بعد الحرب العالمية الثانية. بدأَ تعاون ماكس فيبر الدولي في علم الاجتماع في 1893 عندما تأسس معهد رينيه الصغير الدولي لعلم الاجتماع التي التحقت بجمعية علم الاجتماع الدولية الكبيرة بدءا من 1949. في 1905 أسست الجمعية الاجتماعية الأمريكية، الجمعية الأكبر في العالم من علماء الاجتماع المحترفين.
تتضمن قائمة العلماء النظريين "الكلاسيكيين" الآخرين لعِلْمِ الاجتماع
مِنْ القرونِ العشرونِ المبكّرةِ والتاسعة عشرةِ المتأخّرةِ كلا من كارل ماركس،
فيردناند توينيز، ميل دوركهايم، باريتو، وماكس فيبر. أما في حالة كونت،
كان جميع علماء الاجتماع هؤلاء لا يعتبرون أنفسهم "علماء اجتماع" فقط.
وكانت أعمالهم تناقش الأديان، التعليم، الاقتصاد، علم النفس، الأخلاق، الفلسفة، وعلم اللاهوت.
كارل ماركس
لكن باستثناء ماركس،
كان تأثيرهم الأكبر ضمن علم الاجتماع، وما زال علم الاجتماع هو المجال
الأبرز لتطبيق نظرياتهم. اعتبرت دراسات كارل ماركس المبكرة الاجتماعية حقلا
مشابها للعلوم الطبيعة مثل الفيزياء أو علم الأحياء.
كنتيجة لذلك، جادل العديد من الباحثين بأن الطريقة والمنهج المستعملان في
العلوم المتماسكة منهجيا تناسب بشكل مثالي الاستعمال في دراسات علم
الاجتماع. وكان استخدام الطريقة العلمية وتشديد النزعة التجريبيةِ امتيازَ
علم الاجتماع عن علم اللاهوت، والفلسفة، الميتافيزيقيا.
هذا أدى إلى علم اجتماع معترف به كعِلْم تجريبي. هذه النظرة الاجتماعية
المبكّرة، مدعومة من قبل كونت، أدت إلى الفلسفة الواقعية، المستندة على
الطبيعية الاجتماعية.
على أية حال، بحدود القرن التاسع عشر
وضعت الدراسات ذات التوجه الطبيعي لدراسة الحياة الاجتماعية موضع سؤال وشك
من قبل العلماء مثل ديلتي وريكيرت، الذي جادل بأنّ العالم الطبيعيَ يختلفُ
عن العالمِ الاجتماعي بينما يتميز المجتمع الإنساني بسمات فريدة مثل
المعاني، الرموز، القواعد الأخلاقية، المعايير، والقيم. هذه العناصرِ في
المجتمع تُؤدي إلى نشوء الثقافات الإنسانية. وجهة النظر هذه كَانتْ قد
طوّرت مِن قِبل ماكس فيبير، الذي قدّمها ضِدّ الفلسفة الواقعيةَ (عِلْم
اجتماع إنساني). طبقاً لهذه وجهةِ النظر، التي تعتبر وثيقة الصلةُ بالبحث
الاجتماعيِ ضد الطبيعيةَ يجب أَن تركّزَ الدراسات على البشرِ وقِيَمهم
الثقافية. هذا أدّى إلى بعض الخلاف على مدى إمكانية وضع خطَ فاصل بين البحث
الشخصي والموضوعي أثّر بالتالي على الدراسات التفسيريةِ أيضاً. النزاعات المماثلة، خصوصاً في عصرِ الإنترنت، أدّت إلى خلق فروع غير احترافية من العلوم الاجتماعية.