البطالة هي ظاهرة اقتصادية بدأ ظهورها بشكل ملموس مع ازدهار الصناعة إذ لم يكن للبطالة معنى في المجتمعات الريفية التقليدية. طبقا لمنظمة العمل الدولية فإن العاطل هو كل قادر على العمل وراغب فيه، ويبحث عنه، ويقبله عند مستوى الأجر السائد، ولكن دون جدوى. من خلال هذا التعريف يتضح أنه ليس كل من لا يعمل عاطل فالتلاميذ والمعاقين والمسنين والمتقاعدين ومن فقد الأمل في العثور على عمل وأصحاب العمل المؤقت ومن هم في غنى عن العمل لا يتم أعتبارهم عاطلين عن العمل.
معدل البطالة
هو نسبة عدد الأفراد العاطلين إلى القوه العاملة الكلية وهو معدل يصعب حسابه بدقة. وتختلف نسبة العاطلين حسب الوسط (حضري أو قروي) وحسب الجنس والسن ونوع التعليم والمستوى الدراسي. ويمكن حسابها كما يلي:
معدل البطالة = عدد العاطلين مقسوما على عدد القوة العاملة مضروباً في مائة.
معدل مشاركة القوة العاملة = قوة العمالة مقسوما على النسبة الفاعلة مضروباً في مائة.
أنواع البطالة
يمكن أن نشير إلى ثلاث أنواع رئيسة للبطالة وهي :
البطالة الدورية (البنيوية) والناتجة عن دورية النظام الرأس مالي المنتقلة دوما بين الانتعاش والتوسع الاقتصادي وبين الانكماش والأزمة الاقتصادية التي ينتج عنها وقف التوظيف والتنفيس عن الأزمة بتسريح العمال.
بطالة احتكاكية وهي ناتجة عن تنقل العمال ما بين الوظائف والقطاعات والمناطق أو نقص المعلومات فيما يخص فرص العمل المتوفرة.
البطالة المرتبطة بهيكلة الاقتصاد وهي ناتجة عن تغير في هيكل الطلب على المنتجات أو التقدم التكنولوجي، أو انتقال الصناعات إلى بلدان أخرى بحثاً عن شروط استغلال أفضل ومن أجل ربح أعلى.
البطالة المقنعة، وهي تتمثل بحالة من يؤدي عملاً ثانوياً لا يوفر لهُ كفايتهُ من سبل العيش، أو إن بضعة أفراد يعملون سوية في عمل يمكن أن يؤديه فرد واحد أو اثنان منهم.
نتيجة لهذه البطالة, يتأخر سن الزواج بالنسبة إلي الشباب, فكيف يتزوج إنسان ليس له إيراد أو مصدر رزق ينفق منه علي أسرة؟.. كيف يقتني له سكنا وما يحتاجه المسكن من مفروشات؟! وكيف يدفع نفقات الزواج؟.. وإن كان الشاب يمكنه أن يحتمل التأخر في سن زواجه, فإن الفتاة إن تأخرت بها السن وكبرت, يقل الإقبال عليها.
وبتأخر سن الزواج, يتعرض المجتمع إلي مشكلة أخرى أشد خطورة, وهي الفساد الخلقي, وهذا ما رأيناه قد انتشر بشكل مقلق, وأحيانا يحاول الفساد الخلقي أن يتخفي وراء مسميات زائفة مثل الزواج العرفي, وهو لون من الزنا, في علاقات بغير بيت, ولا صلة شرعية, ولا مسئولية عما قد ينتجه من نسل أو من عمليات إجهاض.. إلي جوار أنواع أخرى من مسميات الزواج لتغطية ذلك الضياع.
ومن نتائج البطالة أيضا وما تحمل من إحباط, لجوء بعض الشباب إلي المخدرات بأنواعها, أو إلي وسائل من اللهو الرخيص, هروبا أو محاولات هروب, مما هم فيه من ضيق, وفي الوقت نفسه ـ إذ لا يجدون المال الذي يلزم للانفاق علي المخدرات واللهو, يلجأون إلي أساليب خاطئة في الحصول علي هذا المال.
وطبعا قد يصحب كل هذا شعور من السخط علي المجتمع وعلي الدولة التي تتركهم في هذا الضياع بلا حلول.. هذا السخط قد يكون علي الأقل عند بعض من الشباب. وهذا كله قد تستغله بعض الهيئات التي تقف ضد الدولة والنظام الحاكم, لكي تثير المشاعر, وتحاول جاهدة أن تعبئ نفوس الشباب في اتجاه معارض.
ولعله من نتائج البطالة أيضا تفكير كثير من الشباب في الهجرة بحثا وراء الرزق, دون أن يدرسوا ما ينتظرهم من تلك الهجرة, وأمام هذا التفكير, ظهر بعض سماسرة الهجرة غير الشرعية, الذين قادوا الشباب في رحلات غير مضمونة, كان من نتائجها غرق الكثيرين دون أن يصلوا إلي غايتهم, وتعرض بعض الشباب إلي عمليات نصب باسم الهجرة!
و هناك البطالة المئيوس منها مما تسمى ب(التشوميرة)
حلول للبطالة
تتفق معظم الدراسات الاقتصادية والاجتماعية التي تناولت ظاهرة البطالة، أن أنماط البطالة وأشكالها ليست ثابتة أو نهائية، وإنما هي متغيرة ومتجددة باستمرار، طبقاً لجوانب اهتمام الباحثين، وبناءً على معيار التصنيف المتبع في دراسة ظاهرة البطالة، وكذلك وفقاً لمدة البطالة التي تعانيها الفئات المتعطلة. ويمكن تقسيم أشكال البطالة إلى الأنواع الآتية: 1. النمط الأول: تقسيم البطالة حسب نمط التشغيل، إلى ثلاثة أنماط هي: أ. البطالة السافرة Open unemployment ويُقصد بـ"البطالة السافرة"، حالة التعطل الظاهر التي يعاني منها جزء من قوة العمل المتاحة، أي وجود عدد من الأفراد القادرين على العمل والراغبين فيه والباحثين عنه عند مستوى الأجر السائد دون جدوى، ولهذا فهم في حالة تعطل كامل لا يمارسون أي عمل لفترة قد تطول أو تقصر حسب ظروف الاقتصاد القومي، مثل بطالة الخريجين. ب. البطالة الجزئية أو نقص التشغيل Underemployment وتعني الحالة التي يمارس فيها الشخص عملاً، ولكن لوقت أقل من وقت العمل المعتاد أو المرغوب. ومن ثم فهي تتضمن في معناها الواسع وجود جماعة من الناس يعملون لساعات عمل أو أيام أقل مما هو مرغوب، ويعملون من خلال عقود تختلف عمّا هو مرغوب، ويعملون في أماكن غير مناسبة للتشغيل، كما يكون إنتاجهم، عادة، أقل من الأعمال الأخرى. ج. البطالة المقنعة أو المستترة Disguised unemployment وهي تلك الحالة التي يتكدس فيها عدد كبير من العمال على نحو يفوق الحاجة الفعلية للعمل، ومن ثم يكون إنتاجهم أو كسبهم أو استغلال مهاراتهم وقدراتهم على نحو متدنٍ. وهذه البطالة تُعد أخبث الأنواع خاصة في الدول النامية، لأنها الوجه الآخر لتدني الإنتاج في العمل المبذول. 2. النمط الثاني: تقسيم البطالة حسب طبيعة النشاط الاقتصادي السائد إلى ثلاثة أنماط، هي: أ. البطالة الاحتكاكية (الفنية) Frictional Unemployment وهي الحالة التي تحدث عندما يتعطل بعض الأشخاص، مع ما قد يكون من طلب على العمال لم يتم إشباعه بعد؛ لأن هؤلاء العمال المتعطلين غير مؤهلين لسد حاجة هذا الطلب. وينشأ –عادة- هذا النوع من البطالة بسبب إحلال الآلات محل العمال في بعض الصناعات، أو لصعوبة تدريبهم على الأعمال التي لم يسبق لهم التدريب عليها، والتي يتزايد الطلب عليها في سوق العمل. ب. البطالة الدورية Cyclical Unemployment وهي التي تنشأ نتيجة للدورات التجارية المعروفة جيداً في النشاط الاقتصادي المتكامل؛ فعندما يحدث انخفاض عابر في الطلب على البضائع، يُرغم أصحاب المصانع على تخفيض عدد العمال أو تخفيض ساعات عملهم. ج. البطالة الهيكلية (البنائية) Structural Unemployment ويُقصد بها ذلك النوع من التعطل الذي يصيب جانباً من قوة العمل، بسبب تغيرات هيكلية تحدث في الاقتصاد القومي، وتؤدي إلى وجود حالة من عدم التوافق بين فرص التوظف المتاحة ومؤهلات وخبرات العمال المتعطلين الراغبين في العمل والباحثين عنه. وتحدث البطالة الهيكلية بسبب تغير في هيكل الطلب على السلع والمنتجات، أو إلى تغير في الفن التقني المستخدم، أو إلى تغيرات في سوق العمل نفسه. 3. النمط الثالث: تقسيم البطالة حسب طبيعتها الخاصة إلى: أ. البطالة الموسمية Seasonal Unemployment وهي البطالة التي تحدث أساساً في القطاع الزراعي بسبب موسمية الإنتاج الزراعي. فقد أصبحت الزراعة مهنة لبعض الوقت، خاصة وأن صغر حجم الحيازة الزراعية بفعل تفتت الحيازة أدى إلى الحد من العمالة الزراعية. وقد تحدث في بعض الصناعات في الريف بسبب التغيرات الموسمية في النشاط الاقتصادي نتيجة للظروف أو للتغيرات، التي تطرأ على أنماط الاستهلاك. ب. البطالة الاختيارية Voluntary Unemployment وهي الحالة التي يتعطل فيها الفرد بمحض إرادته واختياره، حينما يقدم استقالته عن العمل ، إما لعزوفه عنه أو تفضيله لوقت الفراغ، وإما لأنه يبحث عن عمل أفضل يوفر له أجراً أعلى، وظروف عمل أحسن، أو للانسحاب من سوق العمل بإرادته، كجماعات التكفير والهجرة التي ترفض العمل في الحكومة. ج. البطالة الإجبارية أو القسرية Involuntary Unemployment ويُقصد بها الحالة التي يتعطل فيها العامل بشكل قسري، أي من غير إرادته أو اختياره، وتحدث من طريق تسريح العمال بشكل قصري مع أن العامل راغب في العمل (مثل ظاهرة المعاش المبكر الإجباري) وقادر عليه وقابل لمستوى الأجر السائد. وقد تحدث البطالة الإجبارية عندما لا يجد الداخلون الجدد لسوق العمل فرصاً للتوظف، على الرغم من بحثهم الجدي عنه، وقدرتهم عليه، وقبولهم لمستوى الأجر السائد. وهذا النوع من البطالة يسود بشكل واضح في مراحل الكساد الدوري في الدول الصناعية، أو في حالة خصخصة الشركات والمنشآت العامة في الاقتصاد القومي. إن عرض أشكال البطالة ليس هدفاً نهائياً أو غاية في حد ذاته، بل تتوقف جدواه على ما يقدمه من وصف موضوعي واقعي لأشكال البطالة القائمة حتى يسهم ذلك في تشخيص دقيق لها، ومن ثم تحليل أعمق وأشمل لكل عناصرها وأبعادها، الأمر الذي يساعد في وضع تصور علمي لمواجهة الآثار المترتبة عليها والتخفيف من حدتها.