مسؤولية الأحزاب السياسية والناخبين
إذا كانت المسؤولية الأساسية في مقاومة ظاهرة غياب البرلمانيين عن الحضور ملقاة على عاتق رئيسي البرلمان ومكتبيه، إلا أن ذلك لا يعفي الأحزاب السياسية من المسؤولية باعتبار أن هذه الأحزاب هي من زكت البرلمانيين للترشح باسمها ونالوا ثقة الناخبين على ضوء برامجها ووعودها الانتخابية، ومن ثمة فإنها معنية بمراقبة ومتابعة ومحاسبة البرلمانيين المنتمين إليها، خاصة الذين يتخاذلون في القيام بواجباتهم بغيابهم المتكرر عن الحضور والمشاركة في أعمال المجلس التشريعية والرقابية؛ وفي هذا الإطار نستحضر تجربة فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب الذي دأب منذ دخوله البرلمان أول مرة في 1997 على نشر لائحة حضور وغياب أعضاءه في صحيفة الحزب آنذاك "العصر"، ليطَّلع عليها الرأي العام والمراقبين لتجربته، ومراسلته الأسبوعية لرئيس المجلس بأسماء المتغيبين من أعضاءه بدون عذر ومطالبته بتطبيق مقتضيات النظام الداخلي للمجلس في شأنهم؛ غير أنه بعد توقف جريدته لم يعد ينشرها ولم يعمل على استئناف نشرها على الأقل في موقعه الالكتروني.
إن مسؤولية مكتبي البرلمان والأحزاب السياسية في الحد من ظاهرة غياب البرلمانيين لا تعفي الناخبين من تحمل جزء من هذه المسؤولية، حيث إنهم مطالبون بمتابعة المنتخبين واعتبار درجة التزامهم بالحضور أحد معايير محاسبتهم وأسس التعاقد معهم أثناء الحملات الانتخابية. ومقاومة هذه الظاهرة المشينة بمؤسستنا التشريعية أمر مقدور عليه، ولا يحتاج إلا إلى إرادة سياسية من رئيس المجلس ومكتبه، وإلحاح من رؤساء الفرق البرلمانية، وحرص من الأحزاب السياسية، ودور ايجابي من وسائل الإعلام ومؤسسات المجتمع المدني والناخبين.