يعتبر انهيار سور برلين ، وتفكك الاتحاد السوفيتي وسقوط النظام الاشتراكي
والذي كان يتقاسم الهيمنة مع الولايات المتحدة انتصاراً للنظام الرأسمالي
الليبرالي والتي أظهرت ما يسمى بالنظام العالمي الجديد الذي يدعو إلى النظام
الرأسمالي وتبني أيدلوجية النظام العالمي الاستعماري تحت ستار
العولمة [1]ـ والتي تمثل مرحلة متطورة للهيمنة الرأسمالية الغربية على العالم
إن سقوط النظام الاشتراكي أدى إلى تحول العالم من " نظام الحرب الباردة
المتمركز حول الانقسام والأسوار إلى نظام العولمة المتمركز حول الاندماج وشبكات
الإنترنت تتبادل فيه المعلومات والأفكار والرساميل بكل يسر وسهولة" . وانتصار
الرأسمالية على الاشتراكية أدى إلى تحول كثير من الاشتراكيين إلى الرأسمالية
والديمقراطية باعتبارها أعلى صورة ـ بزعمهم ـ وصل إليها الفكر الإنساني وأنتجه
العقل الحديث حتى عده بعضهم أنه نهاية التاريخ
تعريف العولمة
وكثرت الأقوال حول تعريف معنى العولمة حتى أنك لا تجد تعريفاً جامعاً مانعاً
يحوي جميع التعريفات وذلك لغموض مفهوم العولمة ، ولاختلافات وجهة الباحثين فتجد
للاقتصاديين تعريف ، وللسياسيين تعريف ، وللاجتماعيين تعريف وهكذا ، ويمكن
تقسيم هذه التعريفات إلى ثلاثة أنواع : ظاهرة اقتصادية ، وهيمنة أمريكية ،
وثورة تكنولوجية واجتماعية
نشأة العولمة
يذهب بعض الباحثين إلى أن العولمة ليست وليدة اليوم ليس لها علاقة بالماضي؛ بل
هي عملية تاريخية قديمة مرت عبر الزمن بمراحل ترجع إلى بداية القرن الخامس عشر
إلى زمن النهضة الأوروبية الحديثة حيث نشأت المجتمعات القومية .. فبدأت العولمة
ببزوغ ظاهرة الدولة القومية عندما حلت الدولة محل الإقطاعية، مما زاد في توسيع
نطاق السوق ليشمل الأمة بأسرها بعد أن كان محدوداً بحدود المقاطعة .
وذهب بعض الباحثين إلى أن نشأة العولمة كان في النصف الثاني من القرن التاسع
عشر، والنصف الأول من القرن العشرين ، إلا أنها في السنوات الأخيرة شهدت
تنامياً سريعاً . يقول إسماعيل صبري :" نشأت ظاهرة الكوكبة (العولمة) وتنامت في
النصف الثاني من القرن العشرين ، وهي حالياً في أوج الحركة فلا يكاد يمر يوم
واحد دون أن نسمع أو نقرأ عن اندماج شركات كبرى ، أو انتزاع شركة السيطرة على
شركة ثانية .]."
إن الدعوة إلى إقامة حكومة عالمية، ونظام مالي عالمي موحد والتخلص من السيادة
القومية بدأت في الخطاب السياسي الغربي منذ فترة طويلة فهذا هتلر يقول في خطابه
أمام الرايخ الثالث :" سوف تستخدم الاشتراكية الدولية ثورتها لإقامة نظام عالمي
جديد" وفي كتابات الطبقة المستنيرة عام 1780:" من الضروري أن نقيم إمبراطورية
عالمية تحكم العالم كله "
وجاء في إعلان حقوق الإنسان الثاني عام 1973 :" إننا نأسف بشدة لتقسيم الجنس
البشري على أسس قومية . لقد وصلنا إلى نقطة تحول في التاريخ البشري حيث يكون
أحسن اختيار هو تجاوز حدود السياسة القومية ، والتحرك نحو بناء نظام عالمي مبني
على أساس إقامة حكومة فيدرالية تتخطى الحدود القومية "
وقال بنيامين كريم أحد قادة حركة العصر الجديد عام 1982 :" ما هي الخطة ؟ أنها
تشمل إحلال حكومة عالمية جديدة ، وديانة جديدة ."
وكانت ورئيسة الوزراء البريطانية السابقة مارجريت تاتشر قد اقترحت فكرة العولمة
يرافقها في ذلك الرئيس الأمريكي السابق رولاند ريغن. ووجهة نظر تاتشر
الاقتصادية ـ والتي عُرفت بالتاتشرية ـ انبثقت من الاستحواذ اليهودي للمال
والعتاد … حيث أن فكرتها الاقتصادية والتي صاغها اليهودي جوزيف وهي تهدف بجعل
الغني أغنى والفقير أفقر.
ويذكر "بات روبرتسون[17] " إن النظام العالمي الجديد نظام ماسوني عالمي ، ويعلل
على ما يقول : " بأن على وجهي الدولار مطبوع علامة الولايات المتحدة ، وهي
عبارة عن النسر الأمريكي ممسكاً بغصن الزيتون رمز السلام بأحد مخالبه ، وفي
المخلب الآخر يوجد 13 سهماً رمز الحرب . وعلى الوجه الآخر هرم غير كامل ، فوقه وهي
عين لها بريق المجد ، وتحت الهرم كلمات لاتينيه
شطرة من شعر فرجيل الشاعر الروماني القديم معناها " نظام جديد لكل العصور ". إن
الذي صمم علامة الولايات المتحدة هذه هو تشارلز طومسون ، وهو عضو في النظام
الماسوني وكان يعمل سكرتير للكونجرس . وهذا الهرم الناقص له معنى خاص بالنسبة
للماسونيين ، وهو اليوم العلامة المميزة لأتباع حركة العصر الجديد ." وبعد
تحليل ليس بطويل يصل المؤلف إلى وجود علاقة واضحة تربط بين النظام الماسوني
والنظام العالمي الجديد .
وقد جاء في مجلة المجتمع بحثاً عن منظمة "بلدربرج" والذي أسسها رجل الأعمال
السويدي " جوزيف هـ. ريتنجر" ـ والذي سعى إلى تحقيق الوحدة الأوروبية ، وتكوين
المجتمع الأطلسي ـ وهي منظمة سرية تختار أعضاءها بدقة متناهية من رجال السياسة
والمال ، وتعقد اجتماعاتها في داخل ستار حديدي من السرية ، وفي حراسة المخابرات
المركزية الأمريكية وبعض الدول الأوروبية ، ولا تسمح لأي عضو بالبوح بكلمة
واحدة عن مناقشاتها ، ولا يحق للأعضاء الاعتراض أو تقديم أي اقتراح حول مواضيع
الجلسات ، ويمول هذه المنظمة مؤسسة روكفلور اليهودية وبنك الملياردير اليهودي
روتشيلد ، ومعظم الشخصيات في هذه المنظمة هم من الماسونيين الكبار ، وكثير من
رؤساء الولايات المتحدة نجحوا في الانتخابات بعد عضويتهم في هذه المنظمة مثل :
ريجان ، وكارتر ، وبوش ، وكلينتون ، وبعد اشتراك تاتشر في المنظمة بسنتين أصبحت
رئيسة وزراء إنجلترا ، وكذلك بيلر أصبح رئيساً للوزراء بعد مضي أربع سنوات من
اشتراكه في المنظمة ، وهي تسعى للسيطرة على العالم وإدارته وفق رؤيتها ،
فقرارتها تؤثر على التجارة الدولية وعلى كثير من الحكومات .
فالعولمة نشأت مع العصر الحديث وتكونت بما أحدثه العلم من تطور في مجال
الاتصالات وخصوصاً بعد بروز الإنترنت والتي أتاحت مجال واسع في التبادل المعرفي
والمالي ، وارتباط نشأة الدولة القومية بالعولمة في العصر الحاضر فيه بعد عن
مفهوم العولمة والذي يدعو أساساً إلى نهاية سيادة الدولة والقضاء على الحدود
الجغرافية ، وتعميم مفهوم النظام الرأسمالي واعتماد الديموقراطية كنظام سياسي
عام للدول. ولكن هناك أحداث ظهرت ساعدت على بلورة مفهوم العولمة وتكوينه بهذه
الصيغة العالمية فانهيار سور برلين ، وسقوط الاشتراكية كقوة سياسية وإيديولوجية
وتفرد القطب الأوحد بالسيطرة والتقدم التكنولوجي وزيادة الإنتاج ليشمل الأسواق
العالمية أدت إلى تكوين هذا المفهوم .
وخلاصة البحث
أن مصطلح العولمة منشأه غربي، وطبيعته غربية، والقصد منه تعميم فكره وثقافته
ومنتوجاته على العالم، فهي ليست نتيجة تفاعلات حضارات غربية وشرقية، قد انصهرت
في بوتقة واحدة ؛ بل هي سيطرة قطب واحد على العالم ينشر فكره وثقافته مستخدمة
قوة الرأسمالي الغربي لخدمة مصالحه. فهو من مورثات الصليبية فروح الاستيلاء على
العالم هي أساسه ولبه ولكن بطريقة نموذجيه يرضى بها المستعمر ويهلل لها ؛ بل
ويتخذ هذه الصليبية الغربية المتلفعة بلباس العولمة مطلب للتقدم . يقول "بات
روبرتسون"لم يعد النظام العالمي الجديد مجرد نظرية ، لقد أصبح وكأنه
إنجيل