التركيب الداخليعطارد هو واحد من أربعة كواكب صخرية في المجموعة الشمسية، وهيئته الصخرية تماثل الأرض. إنه أصغر الكواكب في المجموعة الشمسية، فنصف قطره الاستوائي يصل إلى 2439.7 كم.
[1] يُعتبر عطارد أصغر من أكبر قمرين في النظام الشمسي، وهما غانيميد وتيتان. يتألف عطارد بنسبة 70% من تركيب معدني و30% من مواد السيليكات.
[12] تعتبر كثافة
عطارد ثاني أعلى كثافة في المجموعة الشمسية، وتساوي 5.427 غرام/سنتيمتر
مكعب، وهي أقل بقليل من كثافة الأرض والتي تساوي 5.515 غم/سم مكعب.
[1] وإذا أُهمل تأثير ضغط الجاذبية فإن المواد التي يتألف منها عطارد تصبح هي الأكثر كثافة، وتساوي 5.3 غم/سم مكعب يُقابلها في الأرض 4.4 غم/سم مكعب.
[60]1. القشرة؛ سماكتها: 100–300 كم
2. الدثار؛ سماكته: 600 كم
3. النواة؛ نصف قطرها: 1,800 كم.
يمكن استخدام كثافة عطارد لاستنتاج تفاصيل البنية الداخلية. فالطبقات
الخارجية من كوكب غير غازي (أرضي) مُكونة من مواد أخف كالصخور السيليكاتية.
ومع ازدياد العُمق تزداد الكثافة بسبب الضغط الذي تحدثه الطبقات الصخرية
الخارجيّة والتركيب المختلف للمواد الداخلية. ومن المحتمل أن تكون البواطن
عالية الكثافة للكواكب غير الغازية مكونة في معظمها من الحديد. في حين أن
الاعتماد على كثافة الأرض لا يَفي بالغرض لمعرفة التركيب الداخلي لها بسبب
تأثير ضغط الجاذبية الكبير. عموماً نواة عطاردٍ غير مضغوطة بقوة. لذلك وبما
أن لديها مثل هذه الكثافة العالية، فيَجبُ أن تكون النواة غنية بالحديد.
[13]يُقدّر العلماء أن نواة عطارد تشكل 42% من الحجم الكلي للكوكب، بينما تشكل نواة الأرض 17% فقط من الحجم الكليّ للأرض. ويَعتقد العلماء المعاصرون أن نواة عطارد عبارة عن نواة مصهورة.
[61][62] ويحيط بالنواة دثار من السيليكات بسماكة تتتراوح بين 500 و 700 كم.
[63][64] بالاستناد إلى البيانات المُحصّلة بواسطة المسبار مارينر 10
والملاحظات من خلال الرصد الأرضي، فيُعتقد أن القشرة الخارجية للكوكب
تتراوح سماكتها بين 100 و 300 كم. إحدى أهم مُميزات سطح عطارد هي الكميات
الهائلة للحواف الضيقة على سطحه، والتي تمتد لعدة كيلومترات وتكونت من
صهارة النواة التي بردت بمرور الوقت عندما بدأت القشرة بالتشكل.
[65]يحتوي عطارد على كمية من الحديد أكبر من أي كوكب آخر في المجموعة
الشمسية، وقد اقترحت عدة نظريات لتفسير ذلك. وإحدى أهم النظريات تعتبر أن
تركيب عطارد الأساسي يحوي سيليكات معدنية بشكل مشابه لحجارة كوندرايت
النيزكية والتي يُعتقد أنها موجودة بشكل كبير في النظام الشمسي. توجد ثلاث
نظريات لتشكل الحديد في عطارد: تفترض النظرية الأولى أن عطارد كان في
مرحلة ما من تاريخه محل اصطدامات كثيرة مع نيازك وكواكب مصغرة، وإن هذا التصادم ترك نسبة من مكوناته في القشرة الخارجية، وهي عملية مشابه لما حدث في الأرض والقمر.
[66] أما النظرية الثانية فهي تبدأ من تشكل عطارد من السديم الشمسي، وهذا السديم يحتوي على جميع العناصر قبل أن تستقر خارج الطاقة الشمسية. كانت كتلة الكوكب في البداية ضعف كتلته الحالية، وكانت تصل درجة الحرارة المنطلقة من النجم الأولي بجانب عطارد إلى ما يَتراوح من 2500 إلى 3500 كلفن، ومن الممكن أنها وصلت إلى حوالي 10,000 كلفن،
[67] وبالتالي فقد تبخرت معظم المكونات الصخرية في عطارد وشكلت غلافاً جوياً من الغلاف المتبخر والذي اندفع بعيداً عن الكوكب بسبب الرياح الشمسية،
[67] وكان ما تبخر من المواد هي المواد ذات الكثافة المنخفضة، بينما بقيت المواد ذات الكثافة المرتفعة (مثل الحديد).
أما النظرية الثالثة فتفترض أن تكوين السديم الشمسي
مختلف اختلافاً كبيراً جوار عطارد، وهذا الاختلاف أكثر مما تتنبأ به
النماذج النظرية بحيث تتكثف العناصر في عباب القرص حاضن الكواكب وتتحول إلى
الحالة الصلبة في مسافات مختلفة عن النجم حسب كثافتها النوعية. تتحول
العناصر الثقيلة ذات نقطة الذوبان العالية - مثل الحديد والنيكل والسليكون - إلى الحالة الصلبة كلما كانت أقرب إلى النجم.
[68] جيولوجيا السطحمقارنة لأحجام ومدارات الكواكب الصخرية، من اليمين إلى اليسار: المريخ - الأرض - الزهرة -
عطارد.
أول صورة عالية الدقة ملتقطة لعطارد بواسطة المسبار مسينجر (ألوان زائفة).
صورة من مسينجر في التحليق الثاني وتظهر فيه الحوض كويبر وهو تحت المركز بقليل إضافة إلى نظام الأشعة على الكوكب.
سطح عطارد كروي ومشابه إلى حد كبير لسطح قمر الأرض وتظهر عليه بقع معتمة تسمى بحار القمر مشابهة لما هو على القمر، تشكلت نتيجة النشاط البركاني،
وحفر كبيرة مما يدل على نشاطه الجيولوجي منذ مليارات السنين. بما أن
المعلومات حول تضاريس عطارد مستقاة من رحلة مارينر 10 والمراقبة الأرضية
فإن المعرفة بطيبعته أقل من بقية الكواكب،
[62] وحاليا فإن المعلومات المستقاة من خلال بيانات المسبار مسينجر تزيد في
المعرفة الإنسانية لهذا الكوكب، وعلى سبيل المثال اكتشاف فوهة تصادمية غير
عادية ذات نشاط إشعاعي أطلق العلماء عليها اسم "العنكبوت".
[69]تشير خصائص البياض إلى وجود مناطق ذات انعكاسيات مختلفة، وبالتالي يمتلك عطارد تضاريس مختلفة من جبال وسهول وأودية وتلال ومنحدرات.
[70][71] تعرض عطارد لقصف نيزكي وبالكويكبات بعد فترة قليلة من تكونه منذ 4.6 مليارات سنة وربما تعرض خلال فترة لاحقة إلى ما يسمى قصف شديد متأخر منذ 3.8 مليارات سنة،
[72] وخلال هذه الفترة تشكلت فوهات تصادمية كثيرة وتلقى تصادمات على كامل سطحه،
[71] ومع مضي بعض الوقت أصبح الكوكب نشط بركانيا وتشكلت بعض التضاريس المختلفة.
ويستدل على قدم الفوهات التصادمية عن النشاط الداخلي للكوكب بسبب رصد
التضاريس المختلفة من سلاسل جبلية وسهلية ووديان تقطع الفوهات التصادمية.
[73] ومن أشهر معالم السطح منطقتين حاراتين تصل فيهما درجة الحرارة إلى أعلى
قيمة، يقع في أحدهما أشهر فوهة وهي "حوض كالوريس" التي يقدر عمرها بأربعة
آلاف مليون سنة ويعتقد أن سبب تكونها هو اصطدام ضخم حصل على سطح الكوكب في
هذه المنطقة، ودعيت بهذا الاسم لتعني الحرارة،
Calorie، حيث أن
متوسط الحرارة يصل إلى أقصى درجاتها 430 درجة مئوية حين يكون هذا الحوض في
الحضيض ومقابل الشمس مباشرة. أما في الجهة المقابلة للحوض مباشرة من الجهة
الأخرى فهي منطقة ذات مرتفعات وتضاريس شاذة غير منتظمة تغطي 360 ألف كلم
مربع من مساحة الكوكب وتتألف من أودية وتلال وجبال يصل ارتفاعها إلى
كيلومترين وتدعى الأرض الغريبة (بالإنكليزية: Weird terrain) والتي يعتقد أن الموجات الناتجة عن الاصطدام المسبب لفوهة كالوريس هي السبب في تكوين هذه المنطقة على الجهة المقابلة.
[73] الأحواض التصادمية والفوهات التصادميةحوض كالوريس.
تظهر الفوهات الصدمية
بشكل متنوع فمن فوهات ذات قطر صغير وبتجويف قليل يشبه الصحن، إلى فوهات
متعددة الحلقات تعبر مئات الكيلومترات. كما تظهر في جميع الأحوال
الجيولوجية من فوهات جديدة إلى فوهات منهارة. إن الفوهات على سطح عطارد
تختلف من تلك الموجودة على سطح القمر من حيث أن المنطقة المغطاة بالمقذوفات
أصغر نتيجة كون الجاذبية السطحية لعطارد كبيرة.
[74]تعرف أكبر فوهة تصادمية باسم "حوض كالوريس" والتي يبلغ قطرها نحو 1300 كيلومتر وهي تبدو وكأنها فرس بحر
ضخم. وقد خلّفت الصدمة التي أحدثتها حوضا منبسطا سُجِّلت عليه آثار صدمات
أصغر وأحدث. واستنادا إلى تقدير المعدل الذي تضرب به المقذوفات الكوكب، فإن
توزع حجوم هذه الفوهات يشير إلى أن الصدم المؤدي إلى تشكل كالوريس حدث منذ
قرابة 3.6 مليارات سنة، وكانت الصدمة عنيفة إلى درجة جعلت سطح الوجه
المقابل لعطارد يتمزق. وفي الحقيقة، فإن المنطقة المقابلة لكالوريس تحوي
العديد من الشقوق والصدوع.
[68] كما حدث نتيجة هذه الصدمة خروج حمم شكلت حلقات متمركز حول الفوهة على طول كيلومترين على محيط الفوهة.
[75]كما تم تصوير حوالي 15 حوض تصادمي في الجزء الذي تم تصويره من عطارد،
ويُلاحظ حوض عرضه 400 كم متعدد الحلقات هو "حوض تولستوي"، كما يوجد حوض
بيتهوفن ويصل قطره إلى 625 كم.
[74] سهول عطاردتأثير حوض كالوريس على الجانب الآخر من الكوكب.
هناك منطقتين سهليتين متميزتين على سطح عطارد: السهول المتموجة بلطف
والسهول كثيرة التلال المتواجدة بين الفوهات. ويبدو أن هذه السهول
المتواجدة بين الفوهات قامت بطمس العديد من الفوهات ذات النشأة المبكرة.
[74] [76] وهذا واضح بسبب ندرة الفوهات ذات القطر الأقل من 30 كم،
[76] ومن غير الواضح فيما إذا حدث هذا نتيجة نشاط بركاني أو تصادمات. وتتوزع السهول ما بين الحفر على كامل سطح الكوكب تقريبا.
[76]السهول المنبسطة، وهي مناطق مسطحة واسعة، تملأ المنخفضات بشكل واسع
وتتشابه بشكل كبير مع بحار القمر. ومن الجدير ملاحظته بأنها تملأ حلقة
واسعة تحيط بحوض كالوريس. الاختلاف الرئيسي بين هذه السهول وبحار القمر بأن هذه السهول ضمن الفوهات لها قيمة بياض واحدة.
[74] على الرغم من عدم وجود نشاط بركاني فإن توضع والشكل الدائري ذو الفصوص
لهذه السهول يدعم بقوة نظرية الأساس البركاني لهذه السهول. تشكلت جميع
السهول المنبسطة بعد تشكل حوض كالوريس.
[74]ويتواجد على سطح عطارد شقوق عرضية أيضا مجهولة المنشأ تتخذ شكل خطوط
منقوشة عليه تتجه في معظمها من الشمال إلى الجنوب، ومن الشمال الشرقي إلى
الجنوب الغربي، ومن الشمال الغربي إلى الجنوب الشرقي. ويُطلق على هذه
السمات المميزة للكوكب اسم شبكة عطارد.
[77][78] ويتلخص أحد التفسيرات لهذه السمات الشبيهة برقعة الشطرنج
في أن القشرة تصلّبت عندما كان الكوكب يدور حول محوره بسرعة أكبر بكثير،
وربما كان طول يومه 20 ساعة فقط. وبسبب هذا الدوران السريع فمن المحتمل أن
يكون قد تكوَّن انتفاخ استوائي للكوكب؛ وبعد أن تباطأ دورانه وبلغ دوره
الحالي قامت الثقالة بسحب هذا الانتفاخ محوّلة شكل الكوكب إلى الكروي.
وهذه المعالم الخطية المتصالبة قد تكون نشأت حين خضع السطح لهذا التغير.
ولما كانت التجعدات لا تقطع فوهة كالوريس، فإن هذا يشير إلى أن التجعدات
هذه وُجدت قبل حدوث الصدمة.
[68]