توحيد الجمهوريات السوفيتيةفي الثامن والعشرين من ديسمبر عام 1922 تم عقد مؤتمر حضره وفود مفوضة من كل من جمهورية روسيا السوفيتية الاتحادية الاشتراكية وجمهورية القوقاز السوفيتية الاشتراكية وجمهورية أوكرانيا السوفيتية الاشتراكية وجمهورية بيلاروسيا السوفيتية الاشتراكية أقروا فيه اتفاقية تأسيس اتحاد الجمهوريات السوفيتية الاشتراكية
[2] وكذلك إعلان تأسيس اتحاد الجمهوريات السوفيتية الاشتراكية
[3] وتم التصديق على كلتا الوثيقتين مع انعقاد مجلس السوفيت الأعلى لاتحاد الجمهوريات السوفيتية الاشتراكية للمرة الأولى في الثلاثين من ديسمبر لعام 1922، تلك الوثائق التي قام بتوقيعها رؤساء الوفود
[4] الممثلين في ميخائيل كالينين وميخا تسخاكايا عن روسيا وميخائيل فرونزى عن القوقاز وجريجوري بيتروفسكي عن أوكرانيا وأخيرا أليكساندر شيرفياكوف
[5] رئيسا لوفد بيلاروسيا.
و في الأول من فبراير لعام 1924 اعترفت الإمبراطورية البريطانية رسميا بالاتحاد السوفيتي وفي نفس العام وضع الدستور السوفيتي
وتم التصديق عليه ليضفي جانب الشرعية على الوحدة التي قامت بين جمهوريات
روسيا الاتحادية والقوقاز وأوكرانيا وبيلاروسيا السوفيتية الاشتراكية وما
ترتب عليها من إعلان تأسيس "اتحاد الجمهوريات السوفيتية الاشتراكية".
و بدأت إعادة الهيكلة الاقتصادية والصناعية والسياسية منذ باكورة عهد
القوى السوفيتية الناشئة وتحديدا منذ عام 1917 حيث تم تنفيذ العديد من
الخطط الإصلاحية من خلال المراسيم السوفيتية الأولية والموقعة من جانب فلاديمير لينين ولم تكن قد ارتقت بعد لمرتبة الدساتير. واحدة من أهم تلك الخطط الإصلاحية هي خطة غويلرو
والتي هدفت لإيصال الكهرباء لكل أنحاء الجمهورية السوفيتية كخطوة أساسية
لإعادة الهيكلة الاقتصادية. وخرجت الخطة أول مرة للنور عام 1920 ووضع لها
جدول زمني للانتهاء منها قدر بعشرة إلى خمسة عشر عام واعتمدت أساسا لى
إنشاء شبكة محلية من 30 محطة طاقة عشرة منهم يقومون بتوليد الكهرباء عن طريق الطاقة الكهرمائية بالإضافة إلى كل ما يتبع تلك المحطات من مصانع كبرى تستخدم الكهرباء في تشغيلها
[6]. واستمر تنفيذ تلك الخطة منذ إعلانها عام 1920 حتى استكملت بحلول عام 1931
[7] وأصبحت نموزجا للخطط الخمسية السوفيتية الأخرى والتي تبنتها الحكومة ووصل عددهم إلى ثلاثة عشر خطة خمسية منذ عام 1928 وحتى زوال الاتحاد السوفيتي عام 1991.
حكم ستالينمنذ بداية نشأته في السنوات الأولى، تبنى الاتحاد السوفيتي نظام الحزب الواحد في الحكم وهو الحزب الشيوعي
(أو حزب البلاشفة) والذي دافع عنه القادة السوفيت وبرروا وجوده كحزب أوحد
في البلاد بأنها الطريقة المثلى لتأكيد القضاء على النفوذ الرأسمالي في
البلاد وضمان عدم عودته مرة أخرى للاتحاد السوفيتي كذلك تطبيقا وإرسائا
لقواعد المركزية الديموقراطية التي تمثل إرادة الشعب الحر.
جوزيف ستالين
و منذ الأيام الأخيرة في حياة لينين وعدم قدرته على أداء دوره السياسي
نتيجة لمرضه الشديد حامت الشكوك حول مستقبل البلاد الاقتصادي خاصة ما يتعلق
بالمجال الزراعي حيث قامت حكومة الاتحاد السوفيتي في وقت سابق بالسماح مرة
أخرى بالملكية الفردية للأراضي الزراعية بجانب الملكية العامة المملوكة
أساسا للدولة خلال العشرينيات من القرن الماضي وذلك في محاولة لتدوير عجلة
الإنتاج الزراعي بعد نهاية الحرب الأهلية الروسية وتكوين حكومة سوفيتية
جديدة حلت محل حكومة الحرب
التي كانت منوطة بإدارة شئون البلاد طوال فترة الحرب الأهلية كما قامت
الحكومة بفرض ضرائب جديدة على المنتجات الزراعية بدلا من جمع المحاصيل
والمنتجات الأخرى من الحقول وتوزيعها وذلك تطبيقا لما أقرته الحكومة
السوفيتية وأطلقت عليه اسم السياسة الاقتصادية الجديدة؛ ومن ثم احتدم الصراع بين القادة السوفيت على السلطة بعد وفاة لينين عام 1924.
حدثت العديد من التغيرات في الحياة السياسية داخل الاتحاد السوفيتي
بداية من تولي السلطة والصراع من إجلها وحتى البحث عن بديل يقوم بالدور
الشاغر الذي تركه لينين بعد وفاته والذي كان كبيرا بالفعل لدرجة دفعت
القادة السوفيت لتكوين "الترويكا" وهو مجلس ثلاثي يتكون من ثلاثة أفراد من
القوى السياسية البارزة في البلاد ويوكل لهذا المجلس إقرار القوانين
والأمور السياسية المتعلقة بالبلاد دون اتدخل في شئون الحكم ذاتها وهو
نموذج مأخوذ أساسا عن الإمبراطورية الرومانية القديمة، وتم اختيار جريجوري زينوفايف من أوكرانيا وليف كامينيف من روسيا ويوسف (جوزيف) ستالين من جورجيا كأعضاء في "الترويكا".
بدأ ستالين في بسط نفوذه السياسي منذ أن قام لينين بتعيينه رئيسا للجنة
الرقابة الإدارية والتي كانت تقوم بأعمال تفتيش مفاجئة لضمان جودة سير
العمل في مختلف المصالح والمنشأت الحكومية وعرفت تلك الهيئة باسم "لجنة
العمل والفلاحين التفتيشية" أو اختصارا (رابكرين). وفي الثالث من إبريل لعام 1922 تولى ستالين منصب سكرتير عام الحزب الشيوعي السوفيتي
ومن هذه المرحلة صعود ستالين للسلطة عمل ستالين على تكوين نفوذ قوي في
أرجاء الحياة السياسية في الاتحاد السوفيتي معتمدا على عزل وتنحية كل
معارضيه داخل الحزب حتى أصبح الزعيم الأوحد للبلاد مع نهاية العقد الثاني من القرن العشرين وأقر سياسات شمولية لحكم البلاد، خاصة بعدما تخلص من أخر معارضيه وهم جريجوري زينوفايف وليون تروتسكي حيث قام بطردهما من اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفيتي ومن بعد نفيهما سواء داخل البلاد (زينوفايف) أو خارجها (تروتسكي).
في عام 1928 قدم ستالين الخطة الخمسية الأولى من أجل بناء اقتصاد شيوعي شامل في البلاد. وبقدر سعي ستالين نحو تحقيق الاشتراكية الدولية التي عمل من أجلها لينين من قبل وكانت أحد المبادئ التي نادت بها الثورة، عمل ستالين على تأكيد نظرية شيوعية الدولة الواحدة
التي كان قد نادى بها من قبل عام 1924. ففي المجال الصناعي على سبيل
المثال أحكمت الدولة السوفيتية قبضتها على كل الهيئات الصناعية والإنتاجية
متبنية العديد من البرامج تصنيعية الضخمة، كما قامت بإنشاء المزارع الجماعية من أجل تحقيق نهضة مماثلة في المجال الزراعي.
لاقت فكرة إنشاء المزارع الجماعية معاراضات شديدة من جانب الكولاك
(مالكي المزارع وأصحاب الملكيات الخاصة للأراضي الزراعية) بالإضافة إلى
بعض الفلاحين ميسوري الحال نسبيا الذي كانوا يتعمدون إخفاء جزء من إنتاجهم
الزراعي وعدم تسليمه للدولة وبيعه لحسابهم الخاص فيما بعد. مما أدى لعديد
من الاشتباكات بين الكولاك من جانب والسلطات المحلية وبقية الفلاحين
الفقراء من جانب أخر الأمر الذي أدى لانتشار المجاعات في أنحاء البلاد مما دفع ستالين للتخلص من الكولاك حيث تم اعتقالهم سياسيا وإرسالهم إلى الجولاج للقيامب أعمال السخرة
الجماعية. كما ورد وجود العديد من حركات الاغتيال المنظم لغالبية الكولاج
الذين كانوا يقدرون بنحو 60 مليون فرد (كما وصفهم الروائي الروسي الشهير أليكساندر سولجينيتسين) حتى تناقص عددهم لأقل من 700 ألف فرد (وفقا للمصادر الإخبارية الروسية).
واستمر الاضطراب المحلي في التنامي حتى منتصف العقد الثالث من القرن الماضي مع استمرار ستالين في انتهاج سياسة التطهير الكبرى تجاه الحزب الشيوعي وأعضائة من البلاشفة القدام
وحتى الذين شاركوا مع لينين نفسه في ثورة أكتوبر. ومع ذلك وبالرغم من
الأزمة الاقتصادية التي عانى منها العالم بأسره في منتصف الثلاثينات إلا أن
الاقتصاد السوفيتي كان من أقوى الأنظمة الاقتصادية الموجودة في الفترة
التي سبقت الحرب العالمية الثانية.
.