نظام القطبية الثنائية والحرب الباردة
تمهيد: خلال الحرب العالمية الثانية تحالف الاتحاد السوفياتي مع الولايات المتحدة وحلفائها لمواجهة دول المحور. وبمجرد نهاية الحرب بدأ الصراع بين الحليفين وعرف بالحرب الباردة. وخضعت العلاقات الدولية لنظام القطبية الثنائية: قطب رأسمالي بزعامة الولايات المتحدة وقطب اشتراكي تزعمه الاتحاد السوفياتي.
I الأوضاع الدولية بعد الحرب العالمية الثانية وظهور نظام القطبية الثنائية.
1 - الأوضاع الدولية بعد الحرب العالمية الثانية وبوادر نظام القطبية الثنائية: انتهت الحرب بانتصار الحلفاء في 1945. وتم عقد عدة مؤتمرات لترتيب الأوضاع الدولية بعد الحرب والنظر في مصير ألمانيا. وأهم هذه المؤتمرات مؤتمر يالطا 1945 قبيل انهزام ألمانيا، ومؤتمر بوتسدام 1945 بعد انهزامها.
وفشل الحلفاء في توحيد ألمانيا حيث قسمت إلى أربعة مناطق نفوذ للحلفاء، وكذلك تم تقسيم العاصمة برلين. وعمل الاتحاد السوفياتي على مساعدة الأحزاب الشيوعية بأوربا الشرقية لتولي السلطة. وتدخلت الولايات المتحة بمشروع مارشال 1947 لمحاصرة الشيوعية، وأنشأ الاتحاد السوفياتي الكومنفورم(مكتب الاعلام الشيوعي) فكانت سنة 1947 تاريخ القطيعة بين الحليفين وبداية الحرب الباردة.
2 – تأسيس منظمة الأمم المتحدة: تأسست عقب التوقيع على ميثاقها في مؤتمر سان فرانسيسكو 1945، هدفا لتحقيق السلم العالمي وحل النزاعات بالطرق السلمية. وتتشكل من الجمعية العامة التي تضم جميع الدول الأعضاء، وتنتخب أعضاء محكمة العدل الدولية وأعضاء المجلس الاقتصادي والاجتماعي والأمين العام والأعضاء غير الدائمين في مجلس الأمن. لكن السلطة الحقيقية للمنظة تتمثل في مجلس الأمن الذي يصدر القرارات وينفذها، وخاصة الأعضاء الدائمين المتمتعين بحق الفيتو.
II تصاعد التوتر الدولي ونشوب الحرب الباردة.
1 – عوامل انقسام العالم إلى معسكرين: انقسم العالم إلى قطبين مختلفين في النظام الاقتصادي والاجتماعي والمصالح، وهما المعسكر الاشتراكي الذي تزعمه الاتحاد السوفياتي والمعسكر الرأسمالي الذي تتزعمه الولايات المتحدة. ونتيجة لانتشار الشيوعية في أوربا الشرقية والصين، تدخلت الولايات المتحدة لمحاصرة الشيوعية حيث تعتبرها معادية للديمقراطية وللسلم العالمي وللمصالح الأمريكية.
2 – مظاهر الحرب الباردة الأولى: تمثلت في تشكيل الأحلاف العسكرية والمواجهات المسلحة بين المعسكرين في عدة مناطق؛ فقد عقدت الولايات المتحدة تحالفات عسكرية لمحاصرة الشيوعية وهي: حلف شمال الأطلسي وحلف الأنزوس ومنظمة حلف جنوب شرق آسيا وحلف بغداد. وعقد الاتحاد السوفياتي مع دول أوربا الشرقية حلف وارسو. ولم يبق منها حاليا سوى حلف شمال الأطلسي N.A.T.O.
أما المواجهات المسلحة (الحرب الباردة) فتمثلت في في محاصرة الاتحاد السوفياتي لبرلين الغربية بعد إعلان الدول الرأسمالية قيام ألمانيا الغربية 1948. وبعد فشله في إخراج قوات الحلفاء منها، أعلن قيام جمهورية ألمانيا الشرقية الإشتراكية. كما تدخل المعسكران في الحرب الأهلية باليونان التي قامت بين الشيوعيين وأنصار الملكية، والتي انتهت في 1949 لصالح الملكيين. وفي 1950 اندلعت الحرب الكورية بين الشمال الاشتراكي والجنوب الرأسمالي حتى 1953. كما فقدت فرنسا هيمنتها على الفيتنام، فانقسم إلى شمال اشتراكي وجنوب رأسمالي بعد انهزامها في معركة ديان بيان فو سنة 1954.
III مرحلة التعايش السلمي واندلاع الحرب الباردة الثانية.
1 – مفهوم التعايش السلمي: تبنى المعسكران بعد وفاة ستالين 1953 رؤية جديدة للعلاقات بينهما لتجنب حرب مدمرة، عرفت بسياسة التعايش السلمي. وتجلت مظاهرها سنة 1955 في اعتراف الاتحاد السوفياتي بالمانيا الغربية في وانعقاد مؤتمر دولي في جونيف لنزع السلاح وظهور حركة دول عدم الانحياز. وألغى الاتحاد السوفياتي مكتب الاعلام الشيوعي(الكومنفورم) كما أوقفت الولايات المتحدة حملتها ضد الشيوعية.
2 – مظاهر الحرب الباردة الثانية: رغم سياسة التعايش السلمي، استمرت الحرب الباردة بين المعسكرين. وتمثلت مظاهرها في مشكلة برلين حيث تم في 1961 بناء جدار برلين للفصل بين طرفيها الشرقي والغربي. واندلعت الأزمة الكوبية حيث اكتشفت بها الولايات المتحدة قواعد عسكرية سوفياتية لإطلاق الصواريخ، فحاصرت كوبا 1962 وهددت بالحرب، فتراجع الاتحاد السوفياتي بسحبه للصواريخ. واندلعت الحرب بين شمال وجنوب الفيتنام، فتدخلت الولايات المتحدة للدفاع عن الجنوب الرأسمالي مابين 1954 و1975 لكنها انهزمت وتوحدت الفيتنام في إطار الإشتراكية.
واستمرت الحرب الباردة في عدة مناطق بالعالم الثالث مثل افغانستا واتشاد وأنغولا ونيكاراغوا والصومال والموزمبيق. ورغم انهيار المعسكر الشرقي(الاشتراكي) في 1991 ونظام القطبية الثنائية وظهور النظام العالمي الحديد، فإن عدة دول نامية تعرف حروبا أهلية بسبب مخلفات الماضي. ./.