دعا أخصائيون مغاربة إلى "تقنين" استعمال الانترنت حتى لا يصبح سلاحا
حادا في يد بعض الذين يستعملونه بشكل انحرافي، حيث يصير بمثابة سيف يوضع
على رقاب الناس من خلال اقتحام حياتهم الشخصية وتهديدهم بنشر تفاصيلها
الحميمية أمام الملأ، داعين في الآن نفسه إلى ضرورة مراقبة الأسر لأبنائهم
حتى لا يقعوا ضحية إدمان الشبكة العنكبوتية التي قد يعيش فيها "الشيطان"
بنفسه دون أن يدروا عن ذلك شيئا.
وحذر الأخصائيون، الذين تحدثوا في برنامج "مباشرة معكم" الذي بثته
القناة الثانية ليلة يوم أمس، من مغبة السماح للأطفال والمراهقين والشباب
على السواء بولوج المواقع الإباحية ومواقع العنف واللعب التي تجعلهم
مُدمنين على الانترنت، فضلا عن مخاطر الإفصاح عن البيانات الشخصية من قبيل
الأسماء وأرقام الهاتف والصور الخاصة في شبكات التواصل الاجتماعي المعروفة.
وعزا عبد الحق بنطالب، مختص في شؤون التكنولوجيا الحديثة، إدمان عدد من
المراهقين والشباب وسوء استعمالهم للانترنت أو وقوعهم ضحية لبعض الجرائم
الإلكترونية إلى إهمال الأسر والوالدين خصوصا لأبنائهم، حيث لا يتابعونهم
عن كثب ولا يكترثون لما يقومون به رغم أن الابن يدخل إلى غرفته ويغلق عليه
الباب ساعات طويلة وهو يستخدم الانترنت، لكن دون أية ردة فعل من لدن العديد
من الآباء.
وانتقد بنطالب الفتيات اللائي يضعن صورهن "العارية" في مواقع التواصل
الاجتماعي عن حُسن نية أو بدونها، وذلك ربما في سياق مناسبة معينة أو صور
ترتبط مثلا بفصل الصيف والاصطياف في البحر، لكن عندما يتم إخراج هذه الصور
من سياقها الذي أُخِذت فيها تظهر لدى بعض مستخدمي شبكات التواصل أو موقع
اليوتوب بأنها صور تدل على "انحراف" سُلوكي لدى صاحبتها، فيتم تشويه سمعتها
من خلال السب والشتم وغير ذلك.
وبدوره قال الباحث الاجتماعي الدكتور علي شعباني إن الأسر بدت للأسف
غير مهيأة للتقنيات الحديثة حيث رحبت بهذه الوسائل الجديدة في البيوت لكن
بدون استعداد نفسي وثقافي يتيح لها مواكبة استعمال الانترنت مثلا في
مجالاته النافعة من أجل تطوير البحث وتسريع التكوين والدراسة، مشيرا إلى
أنه من سيئات عدد من مواقع التواصل الاجتماعي الشهيرة أنه قد يجمع أخا
وأخته في علاقة غرامية افتراضية رغم أن كلا منهما يهيش بجانب الآخر، لكن كل
منهما لديه عالمه الخاص في غرفته وأمام حاسوبه المحمول.
ولفت شعباني إلى أنه في الفترة العمرية بين 13 و 17 عاما يوجد حوالي
600 ألف مراهق يستعملون الانترنت، مبرزا خطورة هذه الفئة العمرية في مراحل
نمو الإنسان باعتبارها تؤشر على المراهقة التي تندرج بين فترة الطفولة التي
تكون تابعة للآباء، وبين مرحلة الرشد التي تتسم بنوع من التمييز في
التصرفات والسلوكيات المختلفة واتخاذ القرارات".
وبالنسبة للدكتورة سمية برادة، الخبيرة في طب الإدمان، فإن أعراض
"إدمان" الشباب على الانترنت تكون نفسية وجسدية، فأما الأعراض النفسية
فتتجلى في الشعور بنوع من الإحباط، وفي إحساسه بقلة التركيز، فضلا عن
الميول إلى الانعزال على الأصدقاء والأسرة أيضا، وأما الأعراض الجسدية
فتكمن في آلام في الرأس والظهر ومشكلة الأرق مع افتقاد المنطق في اتخاذ
القرارات في الحياة"