الطقس والمناخ
حاالة الغلاف الجوي:
يحيط بالأرض غلاف عظيم من الهواء يدعى الغلاف الجوي (Atmosphere)، فيه تجري جميع العمليات والظواهر الجوية المؤثرة بسطح الأرض وجميع المخلوقات التي تعيش عليه، وبه ترتبط حياتها ارتباطا وثيقا مباشرة أو بشكل غير مباشر.
يتعامل علماء المناخ والأرصاد الجوية مع الغلاف الجوي على انه محرك حراري ضخم يستمد طاقته المحركة من الطاقة الشمسية الحرارية (1، 2، 3), ويؤدي اختلاف مقادير الطاقة الشمسية الحرارية الواصلة إلى أجزائه إلى حدوث تباينات في الحرارة والضغط خلاله, ينجم عنها حركات وتيارات هوائية تنقل الطاقة وبخار الماء وتبادلها بين أجزائه عبر العروض الجغرافية. ولذلك يشكل الغلاف الجوي نظاما ثرموديناميكيا "Thermodynamic" حراريا حركيا متميزا. ومن المعلوم أن لكل نظام ثرموديناميكي خصائص تحدد حالته الفيزيائية, وتعرف هذه الخصائص بمتغيرات الحالة "State Variables" (2) أو عناصر الحالة (State Elements). وبالنسبة للغلاف الجوي (الهواء) ولأي غاز آخر تتمثل هذه المتغيرات ( العناصر) بدرجة حرارة الغاز وضغطه وحجمه. وتؤدي التغيرات الطارئة على هذه العناصر وتفاعلاتها مع بعضها البعض إلى حالات متوازنة تعبر عن سمات الغاز الحرارية والحركية والرطوبية وغيرها من السمات المتعلقة بها.
- تعريف الطقس والمناخ:
من حالات الغلاف الجوي ما تكون قصيرة الأمد، تحدث خلال فترات وجيزة من الزمن، لا تلبث وأن تنتهي. ومنها ما تكون طويلة الأمد مركبة تحدث خلال فترات طويلة من الزمن، متكونة من تراكم الحالات قصيرة الأمد أو من معدلاتها الإحصائية، وليس الطقس والمناخ إلا تعبيران يدلان عن هذين النوعين من الحالات بشكل محسوس .
وعادة يعرف الطقس بأنه" حالة نظام الغلاف الجوي في مكان ما خلال فترة وجيزة من الزمن، تتراوح بين الساعة الواحدة إلى عدة شهور. وفي معظم الأماكن قد يتغير الطقس بين ساعة وأخرى, ومن يوم إلى يوم, ومن فصل إلى فصل. ولذلك فإن حالات الطقس حالات آنية للغلاف الجوي تبين ماذا يحدث فيه في مكان ما خلال وقت ما.
ويعرف المناخ بأنه "حالة نظام الغلاف الجوي في مكان ما خلال فترة طويلة من الزمن تقدر بعدة عقود من السنين, ولا تقل عن خمس سنوات, وعادة تحدد بحوالي 30 سنة. وتعد حالات المناخ معدلا لحالات الطقس ومحصلةً أو تراكماً لها, مع الأخذ بالاعتبار الحالات المتطرفة والشاذة التي قد تتكرر عشوائيا كل بضعة سنين بسبب تغيرات ديناميكية تحدث في الغلاف الجوي".
لذلك تعبر حالات المناخ عما هو متوقع أن يحدث عادة للغلاف الجوي في أي مكان في أي وقت في السنة استنادا للتوقعات الإحصائية المحسوبة لعدة سنين. وحالات المناخ أكثر ثباتا ورسوخا، ويتوقع أن تحدث دائما في الأوقات نفسها في السنة، مع الأخذ بالاعتبار تأثير تكرار الحالات المتطرفة العشوائية التي تبدل حالات المناخ وتجعلها شاذة عن حالتها الاعتيادية المألوفة المتوقعة. ونسوق مثالا على هذه الحالات العشوائية حالة آل نينيو "El Niño" التي تحدث عشوائيا كل عدة سنوات، مؤدية إلى هطول أمطارا غزيرة على الصحاري المدارية الساحلية لأمريكا الجنوبية وشذوذات مناخية في مواقع أخرى من العالم.
والحقيقة أن كثير من الناس ووسائل الإعلام تخلط بين مفهوم الطقس والمناخ ويستخدمونها بشكل متبادل مكان بعضها البعض دون تفريق. ولكي نجعل الفرق بينهما واضحا وبسيطا نذكر المقولة الطريفة التي أوردها جلانتز "Glantz" (4) وهي: "إذا كنت لا تحب الطقس في المكان الذي تعيش فيه، فانتظر عدة أيام فمن المحتمل أن يتغير الطقس، لكن إن كنت لا تحب مناخ المكان الذي تعيش فيه، فما عليك إلا الرحيل". ويوضح هذا القول ببساطة أن حالات الطقس مؤقتة سريعة التغير، بينما بالمقابل فإن حالات المناخ دائمة وتشكل سمة للمكان الذي تحدث فيه. وفي النهاية يجب الأخذ بالاعتبار أنحالات المناخ حالات شمولية للغلاف الجوي تجري على مقياس واسع زمانياً ومكانياً، بينما تمثل حالات الطقس حالات تفصيلية لحالات الغلاف الجوي تجري على مقياس صغير زمانيا ومكانيا خلال حالات المناخ.