youness salihi عضو فضى
الدولة : الجنس : عدد المساهمات : 347 نقاط : 4884 تاريخ التسجيل : 17/11/2012 الموقع : youness rotchan sur facebook
| موضوع: شاعر البحتري الثلاثاء 19 فبراير - 13:16:22 | |
|
البحتري (821-898): أحد أشهر الشعراء العرب في العصر العباسي. هو أبو عبادة الوليد بن عبيد بن يحيى. ولد في منبج إلى الشمال الشرقي من حلب. ظهرت موهبته الشعرية منذ صغره. انتقل إلى حمص ليعرض شعره على أبي تمام، الذي وجهه وأرشده إلى ما يجب أن يتبعه في شعره. انتقل إلى بغداد عاصمة الدولة فكان شاعراً في بلاط الخلفاء: المتوكل والمنتصر والمستعين والمعتز بن المتوكل، كما كانت له صلات وثيقة مع وزراء في الدولة العباسية وغيرهم من الولاة والأمراء وقادة الجيوش. بقي على صلة وثيقة بمنبج وظل يزورها حتى وفاته. خلف ديواناً ضخماً، أكثر ما فيه في المديح وأقله في الرثاء والهجاء. وله أيضاً قصائد في الفخر والعتاب والاعتذار والحكمة والوصف والغزل. كان مصوراً بارعاً، ومن أشهر قصائده تلك التي يصف فيها إيوان كسرى والربيع.
الوليد بن عبيد بن يحيى البحتري. كنيته ابو عبادة، وهو يمني قحطاني من ناحية أبية، عدناني من ناحية أمة، ولد في منبج – قرب حلب – ودرس فيها علوم الدين واللغة والأدب. ولما أنس من موهبته الشعرية تفتحاً رعاها بحفظ اشعار الاقدمين والتدرب على النظم.
هو أبو عبادة الوليد بن عبيد بن شملال بن جابر ،وقد لقب بالبحتري نسبة إلى أحد أجداده وهو بحتر بن عتود. ولد سنة 200 منبج" وهي بلدة بالشام بين حلب والفرات ونشا بها نشأة عربية خالصة وبدا ينظم الشعر صغيرا ،واحب البحتري علوة الحلبية وشبب بها في كثير من قصائده ، لكنه لم يشتهر إلا بعد اتصاله بابي تمام الطائي. ولما استوثق من قوة شاعريته يمم شطر بغداد عاصمة الخلافة الإسلامية آنذاك، ومدح ابن الزيات وزير الخليفة الواثق ،ولم يتصل بالخليفة الواثق أو يمدحه بل مدح ابنه المتوكل حين اصبح خليفة من بعده وبن خاقان، وقدم في مدحهما أجود شعره واحسن قصائده .أجاد البحتري في اكثر أنواع الشعر وان امتاز بالوصف ، لكنه قصر في الهجاء . ومن مميزات شعره حسن الديباجة وقرب معانيه من النفس وسهولة الألفاظ وعدم التكلف . قيل للبحتري :ايما اشعر أنت ام أبو تمام ؟ فقال :"جيده خير من جيّدي وسيئي خير من سيئه"
حياته الشعرية:
لما اراد صقل موهبته الشعرية وتهذيبها، رحل الى حمص، حيث كان ابو تمام، فعرض عليه شعره، واتصل به يتعلم منه. وكان أول ما قال له ابو تمام ((يا أبا عبادة، تخير الأوقات، وانت قليل الهموم، صفر من الغموم..... فاذا اردت النسب فاجعل اللفظ رقيقاً، والمعنى رشيقاً، واكثر فيه من بيان الصبابة، وتوجع الكآبة، وخلق الاشواق، ولوعة الفراق، واذا اخذت في مدح سيد ذي ايادٍ، فاشهر مناقبه، واظهر مناسبه، واجعل شهوتك لقول الشعر الذريعة الى حُسن نظمة. فان الشهوة نعم المعين، وجملة الحال ان تعتبر شعرك بما سلف من شعر الماضين، فما استحسنه العلماء فاقصده، وما تركوه فاجتنبه)).
أدبه:
للبحتري " كتاب الحماسة" وديوان شعر كبير فيه مدح ورثاء وفخر وعتاب ، وخير ما فيه الوصف .كان مدحه وسيلة تكسُب وأسلوبه فيه تقليدياً ، وقد امتاز بالصفاء والتلقائية والعذوبة والائتلاف بين الطبيعة والصنعة .
شاعرالوصف :
كان البحتري في وصفه شاعر الخيال الخصب ، والصفاء والجلال أما موضوعات وصفه فمرجعها إلى الطبيعة والعمران ، وأما أسلوبه في وصفه فيختلف بين البداوة والحضارة ، وقد استمد البحتري من الحضارة بعض الترابط الفكري ، والتصويري ، وحسن التأليف بيم أركان التشبيه واستمد من البداوة ماديتها المسيطرة ، ونقلها الصادق ، وتجسيدها التضخيمي ، ولم يغرق في التعقيد والزخرفة البديعية . وصف البحتري من مشاهد الربيع ، والمطر والأزهار والذئب والأسد والفرس أما الربيع فقد جعله مهرجان الوجود وشخَص كل ما فيه وابرز فيه يقظة الطبيعة ووصف البحتري من العمران بركة المتوكل وإيوان كسرى . البحتري شاعر البداوة والحضارة ورجل النقل والتأمل ، ورجل البناء الوصفي الفني والصناعة البديعية الجميلة وشاعر الغنة الساحرة .
صفات وأخلاق البحتري:
كان البحتري على أدبه وفضله ورقته من أوسخ خلق الله ثوباً وابخلهم على نفسه وغيره . وكان كما يروى عنه بعض خصومة من أبغض الناس إنشاداً : يتشادق ويتزاور في مشيته جانباً أو القهقرى ، ويهز رأسه مرة ومنكبيه أخرى ، ويشير بكمه عند كل بيت ويقول : أحسنت والله ! ثم يقبل على المستمعين قائلاً : مالكم لا تقولون أحسنت ؟ هذا والله ما لا يحسن أحد أن يقول مثله . ولكنه كان منصفاً يعترف بالفضل لأهله ولا يدعي ما ليس له . قال بعض الناس وقد سمع شعره : أنت أشعر من أبي تمام . فقال : ما ينفعني هذا القول ولا يضر أبا تمام . والله ما أكلت الخبز إلا به ، ولوددت أن الأمر كما قالوا ، ولكني والله تابعٌ له ، آخذ منه ، لائذٌ به ، نسيمي يركد عند هوائه ، وأرضي تنخفض عند سمائه ! ...
شـــــــــعره:
ترسم البحتري خطو أبي تمام في الشعر ومضى على أثره في البديع ، إلا أنه أجاد في سبك اللفظ على المعنى " وأراد أن يشعر فغنى " كما قال فيه ابن الأثير واستمد معاينة من وحي الخيال وجمال الطبيعة لا من قضايا العلم والمنطق ، فأعاد للشعر ما ذهب من بهجته وروعته ، وإلى ذلك أشار المتنبي بقوله : { أنا وأبو تمام حكيمان ، والشاعر البحتري } ، ثم صارت له طريقة خاصة في الجزالة والعذوبة والفصاحة امتاز بها من أستاذه ومدربه ، ونهجها معاصروه ومن جاء بعدهم من الشعراء . وعرفت بطريقة أهل الشام . وقد تصرف أبو عبادة في فنون الشعر إلا في الهجاء ، فإن بضاعته فيه نزره وجيده منه قليل . ويقال إنه أحرق هذا النوع قبل موته وهو الأرجح . ولم يسلم شعره من الساقط الغث لكثرته ، وإنما يمتاز بالإجادة في المدح والقصد فيه ، والقدرة على تصوير أخلاق الممدوح ، والإبداع في وصف القصور الفخمة والأبنية العجيبة ، كوصف إيوان كسرى ، وبركة المتوكل ، وقصر المعتز بالله . وقصائده تكاد لا تخلو من افتتاح بالغزل . وقد جمع شعره أبو بكر الصولي ورتبه على الحروف .رحل البحتري بعدها الى بغداد وسر من رأى، يتصل بالوزراء وكبار الرجال. ومن الشعراء الذين اتصل بهم وعاصروه غير ابي تمام: دعبل الخزاعي، وابن الرومي، وعلي بن الجهم، وابن المعتز، وابن الزيات، وابن طاهر.
نشأ البحتري فقيراً وانتهى غنياً، لأنه كلن يسعى مثل شعراء عصره الى الاكتساب من مدح الخلفاء والوزراء والكتاب والقوّاد. وقد سعى البحتري جهده في ذلك، فاكثر من شعر المديح يفتتحه بالغزل ويضمنه بالحكمة، والعاطفة، والفخر والوصف وتسجيل حوادث العصر.
اتصل البحتري بالخليفة المتوكل، وصار شاءه يرافقه ويؤانسه ويسجل مآثره زهاء خمسة عشر عاماً، مما قال في مدحه:
يا ابن عم النبي حقاً، ويا ازكى قريش: نفساً، وديناً، وعرضا بنت بالفضل والعلّو فاصبحت سماء، واصبح الناس ارضــا وارى المجدبين عارفة منك ترجى، وعزمةٍ منك تُمضـــى
وحين ولى المتوكل اولاده الثلاثة ولاية العهد قال البحتري:
حاط الرعية حين ناط امورهــا بثلاثة بكروا ولاة عهـــود كانوا أحق بعقد بيعتها ضحـــا وبنظـم لؤلؤ تاجها المعقـود
ويقول في وصف بركة قصر الجعفري الذي بناه المتوكل احلى قصائده في الوصف:
يا من رأى البركة الحسناء رؤيتهـــــــــــا والآنسات اذا لاحت مغانيهــــــــــــــا كأن جنّ سليمــــــــان الذين ولــــــوا ابدعهــــا فـــــــادقوا في معانيهــــا تنصبّ فيها وفود المـــــــاء معجلـــــة كالخيل جــــــــارية من حبل مجريهــــا
واتصل البحتري بمستشار المتوكل ونديمه الفتح بن خاقان فمدحه، ومن ذلك وصفه لمبارزة ابن خاقان اللأسد:
هزبر مشى يبغي هزبراً، وأغلبٌ من القوم يغشى باسل الوجه أغلباً
وحين قتل المتوكل في مجلس كان يحضره، اعتزل فترة متألماً، ثم دفعته الحاجة الى مدح المنتصر بعده ثم المستعين، دون ان تكون صلته بهما قوية، فقال يمدح المنتصر: وبحـــر يمــدّ الراغبون عيونهــــــم الى ظــــــاهر المعـــروف فيهم جزيلة تـــــرى الأرض تسقى غيثها بمــــروه عليهـــــــــا وتكسي نبتها بنذولــــه
وقد هجا المستعين بعدما آلت الخلافة الى المعتز، ومن المعتز نال جاهاً ومالاً كثيراً. وفي آخر ايامه عاد الى منبج، ومات فيها. طرق البحتري، فضلاص عن المدح، باب الرثاء والغزل والحكمة، لكنه اجاد في الوصف، فهو قدير على تصوير ما يرى، يصف لك احساسه ويشرك في ذلك عينيه وقلبه. فيقول في وصف الطبيعة:
سرى البــــــــرق يلمــــــع في مزنةٍ تمــــــــدّ الى الأرض أشطانهـــــــا فكــــــــم بالجزيرة في روضـــــــةٍ تضـــــــاحك دجلة ثغبانهــــــــــا تـــــــريك اليواقيت منثـــــــــورةً وقد جلّل النـــــــّورُ ظهرانهـــــــــا هذي الرياض بدا لطـــرفك نورهـــــــــا فــــــأرتك احسن مـــن ربـــاط السندس ينشرن وشياً، مــــذهباً، ومـــــديحـــــاً ومطـــــارفـــــاً نسجت لغيــــر الملبس
وقال في وصف الربيع احلى الصور:
اتاك الربيع الطلق يختال ضاحكــــاً من الحسن حتى كــاد ان يتكلمــــا وقد نّبه النيروز في غسق الدجــــى اوائل وردٍ كن بالأمس نومــــــا يفتقها برد الندى، فكأنــــــــه يبث حديثاً كان من قبل مكتمــــاً
وصف إيوان كسرى:
لقد وصف البحتري إيوان كسرى في المدائن . وكانت المدائن عاصمة الأكاسرة قرب بغداد قصدها الشاعر في يأسٍ وكآبةٍ شديدة ، ووقف في طلولها متأملاً ، وراح يبثها أشجانه معبراً عما آلت إليه بعد عز طبق الآفاق ، ومجدٍ حسدتها عليه الدهور فعملت على هدمه وجعلته عبره لمن اعتبر .
تأثر البحتري بالشعراء العرب
تأثر البحتري بكبار الشعراء، خاصة بابي تمام، فأخذ كثيراً من اقواله وقاس عليها، لكنه لم يجعل الحكمة بين اغراض شعره، ولا صبغة فلسفيته، ولقد تخير الاسلوب وانتقى الألفاظ ليوضح المعاني. وللبحتري مكانه رفيعه بين الشعراء العرب، فقالوا ((انه من المطبوعين علة مذاهب الأوائل، ولم يفارق عمود الشعر)).
تجنب البحتري العقيد، والالفاظ المستكرهة، والاستعارات الغريبة، وقد كان قديراً في مدحه شأن شعراء عصره، لكنه بزهم فقد (( اسقط في ايامه اكثر من خمسمائة شاعر، وذهب بخيرهم وانفرد باخذ جوائز الخلفاء والملوك دونهم)). ولو كان هذا القول مبالغة، لكنه يصور حقيقة منزلته.
ترك البحتري ديواناً ضخماً رتبه علي بن حمزة الاصفهاني ونشر حديثاً. كما ان له كتاب الحماسة اختار فيه من شعر نحو ستماية شاعر، اكثرهم من الجاهليين والخضرميين، وجعله في ثلاثة ابواب: واحد للحماسة، وواحد للرثاء، وواحد للأدب. وهو يشترك مع ابي تمام في كثير من الشعراء الذين رويا عنهم.
تلك هي صفحة من حياة الشاعر العربي الوصّاف ابي عبادة البحتري، مليئة بالإحساس، محفوفة بالمجد. وان اشعاره صورة صادقة من حياته الواقعية المليئة بالكفاح والنضال. |
|