معظم الدراسات المتوفرة عن بيت المقدس هي دراسات تركز على جانبها اليهودي أو المسيحي، مع قلة أو انعدام الدراسات الأكاديمية الرصينة عن بيت المقدس. فمعظم البحوث الأكاديمية الغربية والإسرائيلية اقتصرت على الدراسات التوراتية أو الاستشراقية التي تميل إلى التعامل مع الموضوع بطرق متعصبة، أو أقل ما يقال عنها إنها وجهات نظر خارجية متحيزة وينقصها التوازن، وليس من المتوقع أن تقدم لنا دراسات حقيقية وأمينة عن منطقة مقدسة لها مكانة بيت المقدس وأهميتها، حيث تتلاقى مطالب وادعاءات الديانات الثلاث والأطماع الدولية وتتصادم. كما أن البحوث والدراسات المتوفرة عن بيت المقدس التي تتناول وجهة النظر العربية والمسلمة الأكاديمية هي بحوث قليلة أو نادرة [2]. ويمكن تقسيم الدراسات المتوفرة عن بيت المقدس إلى قسمين :
1. دراسات استشراقية وإسرائيلية: فضمن محاولاتهم للتقليل من أهمية المصادر الإسلامية المتعلقة ببيت المقدس بعد التحرير الإسلامي الأول لها، أو للتقليل من أهميتها ومكانتها في الإسلام، تأتي دراسات بعض المستشرقين والأكاديميين الإسرائيليين بهدف إلغاء الحقائق وكتابة تاريخ بيت المقدس من وجهة نظر أحادية متعصبة. ويعود هذا في حقيقته إلى أسباب دينية وسياسية مرتبطة بمعركة المؤسسة السياسية الحاكمة في إسرائيل للسيطرة على بيت المقدس، ولاسيما من خلال إكساب دولتهم واحتلالهم لبيت المقدس شرعية تاريخية وأثرية.
2. دراسات عربية ومسلمة: فعلى الرغم من أن بعض الباحثين العرب والمسلمين قد وضعوا بحوثاً قليلة في نواح متعددة عن بيت المقدس تتفاوت قيمتها من الناحية الأكاديمية، فلازلنا فقراء ومتأخرىن في ميدان البحوث المتعلقة ببيت المقدس بالمعنى الأكاديمي للبحث. فمعظم الدراسات العربية والإسلامية عن بيت المقدس هي دراسات عاطفية تنقصها المنهجية في البحث والتمحيص. فمعظم الباحثين قد توقفوا عن تطبيق المنهج العلمي في بحوثهم، أو حتى تحري الدقة فيها، وذلك نظراً لما قد يلاقونه في البحث من مشقة وعناء، أو لأن بعضهم نهج طريق السرعة في دراسته، وفضل أسلوب النقل عن المرجع دون نقد وتحليل، إما لأن هذه هي طبيعته في تجنب بذل المجهود المطلوب في البحث، وإما لأنه مضطر أم متأثر بالواقع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي الذي يعيشه الباحث أو المثقف العربي والمسلم – في الوطن العربي والمسلم بصفة عامة – والذي يكبله ويمنعه من إطلاق إمكاناته [3].