Said Benssi New عضو ماسى
الدولة : المدينة : agadir الجنس : عدد المساهمات : 1453 نقاط : 8424 تاريخ التسجيل : 27/04/2012 الموقع : agadir - temsia
| موضوع: هل الفن حرام ؟؟؟ الجمعة 8 مارس - 11:10:07 | |
| بين الفترة والأخرى تبرز مشكلة علاقة الفنون بالإسلام، وهل هي تدخل في نطاق التحريم أم التحليل؟ وبهذه المناسبة أتذكر جدالاً حدث بيني وبين شخص أظن فيه الصلاح، لكنه أتعبني، ونحن نتحدث عن أحد أجزاء فيلمThe Matrix ، وكان قد أثار ضجة وقت نزوله، وكنتُ أتكلم في الفلسفات والرموز التي ينضح بها ذلك العمل المعقد والمتشابك، لكن ذلك الشخص كان كل ما يهمه أن الممثلات سافرات الرأس، وهذا حرام، ويدخل في حيز الفتنة، مما جعلني أقول: ترى لو فكّر المخرج العظيم الراحل مصطفى العقاد بهذه الطريقة، هل كان لنا أن نرى عمليه البديعين "الرسالة" و"أسد الصحراء: عمر المختار"، وهما من أفضل الأعمال التي توضّح رسالة الإسلام العالمية السمحة.
بل وأتذكر أن أحد المسلمين المقيمين بالولايات المتحدة قام بإعارة الفيلمين لجار له يظن أن المسلمين إرهابيون، ويتسلّون بقطع الرؤوس، ومصّ الدماء! وعاد الرجل -بعد مشاهدة الفيلمين-وهو يُبدي إعجابه الشديد بالإسلام السمح، الذي يحتوي الجميع تحت مظلته.
فنحن -في نهاية المطاف- من نسل واحد، ونسكن في كوكب واحد، ولسنا بمعزلٍ عن الآخرين، ولا نعيش في أبراج عاجية تحجب عنا المؤثرات العالمية، وإذا كان هذا لم يحدث في الأزمان الغابرة، فهو أحرى ألا يحدث الآن في ظل ثورة الاتصالات، ودخول الإنترنت بكل إمكانياته، وهنا تغدو الفنون ضرورة لا غنى عنها.
والحق أن كلمة الفنون تشمل الكثير من الأشكال؛ مثل: السينما والتليفزيون، وفن القصة القصيرة، والرواية... إلخ.
ولا أعتقد أن هناك من يشكك في أن الفنون تعبر المسافات، وأنها تجمع عليها القلوب والعقول والأسماع، وعلى الرغم من أنها -أي الفنون- مصدر فخر الحضارات؛ فالإنجليز يعتزّون بـ"ديكينز"، و"شكسبير"، والإسبان يطيرون فخراً بـ"ثربانتس"، وهكذا دواليك في كل رموز الفنون في كل حضارة؛ إلا أن العالم الإسلامي ما زال يعيش أزمة مع نفسه بخصوص حرمة الفنون، وأنه -على سبيل المثال- الغناء حرام، والموسيقى حرام، والسينما حرام، وكأن كلمة "حرام" هذه من السهل قولها، مع أن الأصل في الأشياء الإباحة وليس العكس، وفي نهاية المقال سوف أرشد القارئ العزيز إلى مجموعة من المصادر المهمة التي سوف تغنيه كثيراً عن الحيرة في تلك المسألة الخطيرة والمهمة، والتي تبرز بقرنها كل فترة، طبعاً مع أدلة التحريم والتحليل.
ألم تسر ذات يوم -عزيزي القارئ- في حديقة غنّاء، ووجدت لسانك يلهج بالحمد لخالق هذا الجمال المريح للعين والقلب، والذي هو صورة مصغّرة جداً -لا توجد مقارنة أصلاً؛ لكن الأشياء تتبيّن بضدها- من الجنة؟
ألم تستمع إلى صدح الأطيار، وغنائها بلغة لا تعرف معناها، لكن الصوت شجيّ، ويبعث على الراحة؟
وماذا عن صوت إنسان، منحه الله عذوبة في صوته، لدرجة أن تطرب لسماعه، وتكاد تطالبه بالمزيد؟
ألم تشاهد مرة فيلماً عبقرياً، جعلك تقول "الله" من أعماق قلبك، ثم ضبطت نفسك -دون أن تشعر- ودموعك تسيل، وقد أثار شجونك وأحزانك، وربما جعلك تضحك من قلبك؟!
ألم تقرأ رواية مذهلة، أيقظت شيئاً ما في أعماقك، وجعلتك تتوحد مع أبطالها، تحزن لحزنهم، وتفرح لفرحهم، وتتابع بنفس متلهفة ما يحدث؟!
الإنسان بطبيعته وفطرته يُعجب بالجمال؛ سواء أكان طبيعياً، أم بشرياً، بل ويتأثر وينفعل ويندمج ويتحرك، وفقاً للرسالة الموجودة بداخل ذلك الفن- أياً كان- حتى دون أن يدري؛ ولهذا فقد فطن رجال السلطة في الدول لخطورة الفنون وتأثيرها على الجماهير، لدرجة أن صديقا لي تأثر بفيلم" قائمة شندلر"، على الرغم من علمه ما هو المقصود من فيلم كهذا!
القرآن الكريم يزخر بالصور الجمالية المذهلة؛ فهو مليء بصور تفصيلية تصوّر الجنة، على الرغم من أنه كان من الممكن أن يكتفي الحق -عزّ وجل- بأن يذكر بأن الجنة فيها كل ما تشتهيه الأنفس، وتلذ الأعين، وكفى.
لكن الحق -وهو أعلم بعباده- يعلم بأننا نتخيل، ونسرح بخيالنا، وأننا عشّاق للجمال.. فطرة الله التي فطرنا الحق عليها؛ لذا فقد أجمل في مواضع، وفصّل في أخرى، وما ينطبق على الجنة ينطبق على النار، وينطبق -أيضاً- على قصص الأنبياء، وغيرها من الأمور.
وهذا يقودنا إلى نقطة متعلقة بجدوى الفنون؛ إذ إنها لو حُرّمت بفتوى مثلاً -كما يحدث بالفعل من بعض المشايخ لبعض الفنون- فلك أن تتصور شكل الحياة من حولك، وحتى لو وجدت روايات تلتزم بقواعد مخيفة تحرّم الخيال والتخيل؛ فسنجد أنها مليئة بالمواعظ المباشرة، التي قد تتسبب في إملال المرء، وبالتالي سيغدو من الأهمية بمكان أن تعالج الحياة، ويُعاد إنتاجها من خلال الفنون الرفيعة، التي هي علامة من علامات الرقيّ، ترفع الحضارات، وترقق من قلوب شعوبها، وتصل بينهم بروابط المحبة والودّ.
الفنون لا تعرف جنسية بعينها -مثلها مثل العلم- ولا ترتبط بعرق أو ديانة أو مذهب.. إنها تتجاوز الحدود وتقفز فوق الحواجز.
وإذا كانت الفنون الجميلة تدعو إلى سموّ الإنسان، وتساهم في ترسيخ القيم والمبادئ، فإن الخلاعة والمجون يرده إلى أسفل سافلين؛ حيث الطبيعة الحيوانية الممتزجة بقسوة الطين فقط دون أشواق الروح!
أنصح بهذه المصادر:
1. كتاب: الحلال والحرام للعلّامة الدكتور يوسف القرضاوي. 2. كتاب: منهج الفن الإسلامي للشيخ الجليل محمد قطب. 3. كتاب: الغناء والموسيقى حلال أم حرام؟ للدكتور محمد عمارة. 4. جزء السماع في كتاب: إحياء علوم الدين لحجة الإسلام أبي حامد الغزالي.
______________________________________________________________________ انه فنان و لكنه مسلم |
|