سؤال الزائر: لماذا التثاؤب معدي؟
يعتبر تفشي التثاؤب بالعدوى أمر محير غامض للآن، وتقتصر المعرفة على أن رؤية شخص يتثاءب تنتقل إلى مركز الرؤية في الدماغ ومن هناك تنتقل إلى مركز التثاؤب.
تقول الدكتورة ميري هاينز: "يمكننا القول أن التثاؤب يعد عاطفة مثل العواطف الأخرى التي تكمن في نوازع الإنسان الداخلية، كالحب والخوف والجوع والضحك والبكاء، فالإنسان يتأثر بالوسط المحيط به، فهو يضحك إن كان من حوله يضحكون ويحزن إذا كان من حوله يحزنون، وهكذا يفعل التثاؤب، لذا يمكننا أن نطلق عليها أيضا اسم عاطفة مشاركة الآخرين وهي عاطفة تم التأكد منها لدى الإنسان والقرود والشمبانزي والأسود والنمور. إلا أن الأطفال تحت سن العامين لا يتأثرون بتثاؤب الآخرين، والسبب يعود إلى أن العدوى تنتقل من خلال الفص الجبهي غير المتكون بعد عند الأطفال في تلك السن، والفص الجبهي من الدماغ هي المنطقة التي تؤدي دوراً رئيسياً في ضبط السلوك والانفعالات. ومن الملاحظ أيضاً أن المصابين بالفصام لا يتثاءبون إلا نادراً، وأنهم تقريباً محصنون ضده. والتثاؤب هو أكثر الحالات انتقالاً بالعدوى على الإطلاق، حيث يكفي أن يتثاءب شخص واحد في مكان به جمع غفير من الناس ليتثاءبوا جميعاً خلال لحظات. كما ليس بالضرورة مشاهدة شخص يتثاءب حتى تبدأ بالتثاؤب، إذ يكفي التفكير به، أو القراءة عنه، وحتى العميان يتثاءبون عندما يسمعون عن التثاؤب. هناك قول مأثور يؤكد أن المتثائب الواحد يصيب (7) آخرين بعدواه.
وقد تمكن البروفسور الأمريكي روبيرت بروفين أستاذ علم النفس بجامعة ماريلاند من إثبات هذا القول عبر سلسلة من التجارب أجراها على طلابه، فقد أرغمهم على مشاهدة شريط فيديو عن التثاؤب، ودون ملاحظاته، فتبين له أن الرؤية تؤدي دورا أساسيا في نقل العدوى، بيد أن مشاهدة فم يتثاءب لا تثير أي ردة فعل عند الآخر إذا كان باقي وجه المتثائب مغطى بقناع. وفي تجربة أخرى لعلماء النفس، كانت النتيجة مختلفة، فقد تم اختيار بعض المتطوعين لمشاهدة شريط مرئي يعرض أشخاصا يتثاءبون، ومراقبة ردود أفعالهم، فكانت خلاصتها أن عملية التثاؤب لا تنتقل إلى الجميع، بل إلى أفراد يتميزون بحساسية مفرطة واستعداد للتأثر السريع بأفكار وسلوك الأقارب والأصدقاء، فقد أكدت هذه التجربة أن بعض المتطوعين تجاوبوا بسرعة مع العرض واندمجوا في موجة من التثاؤب، بينما لم يتأثر غالبية المشاهدين، ورغم أن الجميع كانوا في حالة مماثلة من اليقظة والنشاط ولا يعانون الإرهاق أو الرغبة في النوم.