هل اللغة العربية هي لغة أهل الجنة
نريد أن نعرف ما هي لغة أهل الجنة وهل هي العربية ؟.
الحمد لله
لم يرد في القرآن أو في السنة الصحيحة – فيما نعلم - بيان اللغة التي يتكلم بها أهل الجنة ، والوارد في ذلك حديث لا يصح عن نبينا صلى الله عليه وسلم ، وبعض الآثار .
فقد روى الطبراني في الأوسط والحاكم والبيهقي في شعب الإيمان وغيرهم عن ابن عباس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أحبوا العرب لثلاث لأني عربي ، والقرآن عربي ، وكلام أهل الجنة عربي ) .
وهذا الحديث حكم عليه ابن الجوزي بالوضع ، وقال الذهبي : أظن الحديث موضوعا ، وقال الألباني في السلسة الضعيفة (رقم 160) : موضوع .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " وكذلك روى أبو جعفر محمد بن عبد الله الحافظ الكوفي المعروف بمطين حدثنا العلاء بن عمرو الحنفي حدثنا يحيى بن زيد الأشعري حدثنا ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أحب العرب لثلاث : لأنه عربي ، والقرآن عربي ، ولسان أهل الجنة عربي ) قال الحافظ السلفي : هذا حديث حسن . فما أدري أراد حسن إسناده على طريقة المحدثين ، أو حسن متنه على الاصطلاح العام ، وأبو الفرج بن الجوزي ذكر هذا الحديث في الموضوعات ، وقال : قال الثعلبي : لا أصل له ، وقال ابن حبان : يحيى بن زيد يروي المقلوبات عن الأثبات ، فبطل الاحتجاج به ، والله أعلم " انتهى من "اقتضاء الصراط المستقيم" (1/158) .
وروى الطبراني في الأوسط عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أنا عربي ، والقرآن عربي ، ولسان أهل الجنة عربي ) .
قال الألباني في السلسلة الضعيفة رقم 161 : موضوع .
والحاصل أنه لم يرد دليل صحيح يبين اللغة التي يتكلم بها أهل الجنة ، ولهذا يتعين السكوت عن هذه المسألة وعدم الخوض فيها وتفويض علمها إلى الله تعالى ؛ والانشغال بما يترتب عليه عمل ينفع في تلك الدار .
سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : بماذا يخاطب الناس يوم البعث ؟ وهل يخاطبهم الله تعالى بلسان العرب ؟ وهل صح أن لسان أهل النار الفارسية وأن لسان أهل الجنة العربية ؟
فأجاب : " الحمد لله رب العالمين لا يُعلم بأي لغة يتكلم الناس يومئذ ، ولا بأي لغة يسمعون خطاب الرب جل وعلا ؛ لأن الله تعالى لم يخبرنا بشيء من ذلك ولا رسوله عليه الصلاة والسلام ، ولم يصح أن الفارسية لغة الجهنميين ، ولا أن العربية لغة أهل النعيم الأبدي ، ولا نعلم نزاعا في ذلك بين الصحابة رضي الله عنهم ، بل كلهم يكفون عن ذلك لأن الكلام في مثل هذا من فضول القول ... ولكن حدث في ذلك خلاف بين المتأخرين ، فقال ناس : يتخاطبون بالعربية ، وقال آخرون : إلا أهل النار فإنهم يجيبون بالفارسية ، وهى لغتهم في النار . وقال آخرون : يتخاطبون بالسريانية لأنها لغة آدم وعنها تفرعت اللغات . وقال آخرون : إلا أهل الجنة فإنهم يتكلمون بالعربية . وكل هذه الأقوال لا حجة لأربابها لا من طريق عقلٍ ولا نقل بل هي دعاوى عارية عن الأدلة والله سبحانه وتعالى أعلم وأحكم " انتهى من "مجموع الفتاوى" (4/299).
والله أعلم .