ثمة اجتهادات متنوعة في تعريف مفهوم المجتمع المدني. فالمعنى الأصلي للمفهوم هو "المجتمع السياسي" الذي يحكمه القانون تحت سلطة الدولة. لكن المعنى الأكثر شيوعاً هو تمييز المجتمع المدني عن الدولة، بوصفه مجالاً للمجموعات والجمعيات المستقلة مثل جمعيات رجال الأعمال وجماعات الضغط والأندية والعائلات ونحوها أي أن المجتمع المدني يتكون مما أطلق عليه إدموند بيرك (1729-97)
من ناحية أخرى، ميز هيجل (1770-1831) G.W.F.Hegel المجتمع المدني ليس فقط عن الدولة بل أيضاً عن الأسرة. حيث رأى المجتمع المدني كمجال" للأنانية العامة universal egoism " حيث يضع الأفراد مصالحهم الخاصة قبل مصالح الآخرين، بينما تمثل الدولة والأسرة " الإيثار العام" و " الإيثار الخاص" على الترتيب
يستخدم المجتمع المدني عادة كمفهوم وصفي لتقييم التوازن بين سلطة الدولة من جهة، والهيئات والتجمعات الخاصة من جهة أخرى فالشمولية totalitarianism مثلاً تقوم على إلغاء المجتمع المدني، ومن ثم يوصف نمو التجمعات والأندية الخاصة وجماعات الضغط والنقابات العمالية المستقلة في المجتمعات الشيوعية السابقة بعد انهيار الحكم الشيوعي، توصف هذه الظواهر بعودة المجتمع المدني.
ومع ذلك، يلتصق مفهوم المجتمع المدني في أغلب الحالات بدلالات معيارية وأيديولوجية. فوفقاً للرؤية الليبرالية التقليدية، يتسم المجتمع المدني بأنه مجال الاختيار، والحرية الشخصية،والمسئولية الفردية، في مواجهة الدولة التي تقوم بوظائفها معتمدة على سلطتها الإكراهية الإلزامية أى أن المجتمع المدني يتيح للأفراد المجال لتشكيل مصائرهم الخاصة. ويفسر ذلك أهمية وجود مجتمع مدني قوى مستم بالحيوية كملمح أساسي للديموقراطية الليبرالية، والتفضيل الأخلاقي لدى الليبراليين التقليديين للمجتمع المدني على الدولة وهو ما يظهر في الرغبة في تقليص نطاق السلطة العامة وتعظيم المجال الخاص.
وعلى النقيض من ذلك، يوضح الاستخدام الهيجلي للمفهوم أبعاده السلبية حيث يضع أنانية المجتمع المدني في مواجهة الإيثار المعزز في إطار كل من الأسرة والدولة، من ناحية ثالثة، فإن الماركسيين والاشتراكيين عادة ما ينظرون إلى المجتمع المدني بصورة سلبية حيث يربطونه بالهيكل الطبقي غير المتكافئ و المظالم الاجتماعية. وتبرر مثل هذه الآراء التخلص من الهيكل القائم للمجتمع المدني كلية، أو تقليص المجتمع المدني من خلال التوسع في قوة الدولة ودورها التنظيمي.