ezitouni zakaria عضو مشارك
الدولة : الجنس : عدد المساهمات : 62 نقاط : 4451 تاريخ التسجيل : 14/02/2013 الموقع : www.hj-elanouar.com
| موضوع: ديمقــــــراطيـــــــة بــــــــــــــــــــــــــــــــــلا حــــــــدود الجمعة 15 مارس - 16:15:51 | |
| ضوء شمس ما بعد الأمطار ينعكس على الطريق المعبد حديثا يدفع ما تبقى من مياه عليه بحرارته فيتبخر، يتسلل عبر منافذ أفكارنا إلى أحلامنا فتتبخر أيضا، أو تتحول إلى غاز مميع يمنعنا من تحديدها ومن ترتيبها عقارب الساعة في هذه الأيام أبطأت من سرعتها، بل إنها تتوقف مرة على مرة كأنها تتأمل بغرابة ما يحدث في هذه القرية التي جعلت الحليم حيرانا ذات صباح خرجت مبكرا إلى المقهى على غير العادة، تناولت حليبا وبسكوتا ثم قهوة ونصف علبة من السجائر - لماذا يذهب البعض إلى البرلمان والبعض لا يسمحون له بالذهاب؟ هكذا تساءل الحاج قويدر الزدام قاطعا الصمت الذي كان مخيما على المقهى، حيث كان الجميع مركزا يقرأ الشريط الإخباري الذي يمر أسفل الشاشة. - عندك الحق، لقد أقصيت قائمتنا ثلاث مرات، من أجل مخالفة مرورية بسيطة، هل هذا عدل وهكذا رد عليه كارلوس من هناك والذي كان غضبه يزيد من قبح وجهه الذي يشكل مسرح لمعركة بالأسلحة البيضاء. - لا حول ولا قوة إلا بالله، حتى قائمتنا استبعدت، وأقصيت، بل وعوقبت، وهدد أفرادها، رجالها ونساؤها، إنها مؤامرة على مبادئها، على سلامة صدرها، على نور دربها... هذا ما تحدث به أبو دعدوع الخلاّط والذي اعتلى الطاولة ولم يتوقف عن الخطاب حتى قاطعته مناديا نادل المقهى: - أعطني شايا بالنعناع. وقبل أن يأتيني النادل بطلبي قام طبيب القرية وقال: - يجب أن يتوقف الظلم، يجب أن تسود الديمقراطية، هذه المرة يجب أن نحتج على التجاوزات، على الإقصاء.. على... - نعم الرأي هو أيها الطبيب. رد عليه أحدهم ليبدأ الجميع بالتصفيق الحار والتهليل مما جعلني أشرب كأس الشاي الساخن جملة واحدة وأنطلق خارجا بعد أن تركت ورقة مئة دينار على الطاولة. توجهت إلى محطة القرية وركبت الحافلة قاصدا المدينة المجاورة لقريتنا جلست في مقعد يتسع لاثنين متمنيا أن تجلس قربي فتاة جميلة تؤنس وحشتي أثناء الطريق، ومن يدري ربما نكوِّن صداقة بريئة المقاصد فيما بيننا.. وأنا أداعب فكري بأحلامٍ وردية إذا بامرأة تقف عند رأسي تستأذنني للجلوس.. - هل تسمح لي بالجلوس أيها الشاب؟ صوت مسترجل خشن فيه بحّة كأنه من حنجرة مدخن جعلني أرفع رأسي في فضول متأملا هذا الجسد الذي يرسله كانت قاعا صفصفا لا ترى فيها عوجا ولا أمتا، من رأسها إلى قدميها، صفيحة معدنية، حتى شعرها كان قصيرا ملتويا، لولا الماكياج على وجهها لما عرفت أنها امرأة. ومن يدري قد لا تكون امرأة، فهذا الزمان فيه من العجائب ما يحير العقل. جلست المرأة بقربي أخيرا ولم تصمت بل راحت تتحدث عن الظلم، عن التهميش، عن... - المرأة مهمشة، المرأة مسيطر عليها، المرأة أبعدوها عن مراكز صنع القرار... كانت تتحدث كأنها ممثلة عن النساء الأصيلات بنزعة عدائية للرجل، وكنت أفكر متسائلا في نفسي: - هل يمكن لهذه المرأة أن تحمل وتلد؟ هل يمكنها أن تعانق زوجها وتنام معه في فراش واحد؟ استمرت في الحديث دون توقف إلى أن قالت: - لقد استبعدوني مرات ومرات من الترشيحات، لكن هذه المرة سأحتج، سأقف في وجه المذكر حتى أدخل قصر البرلمان رغما عن... لم تكد تكمل كلامها حتى تحدث شيخ طاعن في السن كان يجلس في الجهة المقابلة - عندك الحق يا ابنتي، البرلمان من حق الجميع، أي مواطن له الحق في الترشح، وله الحق في الجلوس على ذلك الكرسي الفاره، بإذن الله سأترشح هذه المرة ولن يبعدوني، لقد أقصيت مرات عدة بحجة أنني لم أقاوم الاستعمار أيام الثورة، وذلك صار ذنبا من الماضي وأنا الآن مستعد للتكفير عن خطئي وخدمة بلدي من تحت قبة البرلمان... الحمد لله أن قابض الحافلة أسكته مطالبا إياه بالأجر وإلا لما سكت: - يا الحاج، اعطني عشرين دينارا ثمن التذكرة. ليبحث الشيخ في جيوبه ثم يبتسم ويقول: - صدقني، أنا لا أملك إلا الأورو، نسيت أن أصرفه إلى العملة الوطنية. تحدث الناس في المقهى وتحدثوا في الحافلة، وتحدثوا في المحطة وفي أماكن عدة، والكل يطمع في دخول البرلمان، والكل يحتج مطالبا بالحرية والديمقراطية. تعبت حقا هذا اليوم وهذا الأسبوع دون أن أعمل شيئا، لذا قررت أن أتجه يوم الجمعة إلى الشاطئ فالبحر واسع يجد القلب فيه مهربا من ضيقه وأنا أقترب من الصخرة الكبيرة حيث كنت أجلس دائما أتفرج على الموج الذي يلتهم أسفلها لاحظت رجلا سبقني إلى هناك كان متربعا هناك يقرأ كتابا سرعان ما عرفت أنه مصحف وصلت ألقيت السلام فرد علي ثم مسح وجهه ورفع رأسه نحوي نظرت إليه بإشفاق وأنا أرى خطان أسودان ينحدران من عينيه عبر خديه إلى أسفل ذقنه. - اجلس يا بني، تفضل جلست قربه ونفسي تلتهب فضولا عن خبر هذا الرجل والذي قطع فضولي بقوله - أخبرني يا بني، هل لديك قائمة تترشح بها للانتخابات المقبلة؟ فأجبت بسرعة: - لا طبعا. فقال: - أظننا الوحيدان اللذان لم نقدم قائمة للترشح، يا لسخرية الزمن، ويحتجون علينا لماذا نستبعد بعض القوائم، ها هي حريتكم، ها هي ديمقراطيتكم، ترشحوا لن نستبعد أحد. ابتسمت لمّا عرفت ماذا يشغل الرجل ثم قلت: - نعم هي ديمقراطية بلا حدود، سيتر |
|
أميرالمنتدى مشرف على قسم
الدولة : المدينة : أسفي عدد المساهمات : 2076 نقاط : 8649 تاريخ التسجيل : 14/01/2011
| موضوع: رد: ديمقــــــراطيـــــــة بــــــــــــــــــــــــــــــــــلا حــــــــدود الجمعة 15 مارس - 21:43:56 | |
| |
|