بدو أن الاقتصاديين المغاربة الذين يعملون في ميدان الزراعة بدأت تتجسد مخاوفهم من نتيجة الموسم الزراعي 99/2000 حيث ان آخر الآمال بنزول الغيث قد تبخرت.
وبدأت المراكز والجهات ذات التخصص في تقديرات الموسم الزراعي الحالي تنشر نتائج رصدها على أن هذا الموسم لن يكون له مردودية تذكر في مجال محصول الحبوب التي يعتمد في ريها على هطول الأمطار.
لقد عرف المغرب خلال الموسم الماضي 98/99 جفافاً نسبياً أدى إلى نقص في انتاج الحبوب مما دفع به الى زيادة وارداته من القمح حيث بلغ اجمالي مشترياته من الحبوب في الفترة من يونيو 99 حتى نوفمبر من نفس العام مليوني طن.
ويعتقد الخبراء هنا أنه لم يعد هناك من أمل في انقاذ الموسم الزراعي الحالي بسبب عدم نزول الأمطار منذ بداية هذا العام,, واستمرار هذا الوضع يزيد من تأزم القطاع الزراعي الذي يدخل سنته الثانية على التوالي من الجفاف الأمر الذي سينعكس سلباً على الاقتصاد المغربي والتوقعات التي كانت موضوعة بالنسبة لنمو الناتج الاجمالي المحلي.
ويسود الاعتقاد هنا بأن محاصيل الحبوب الأخرى ستكون الخاسر الأكبر بسبب الجفاف بالاضافة إلى المحاصيل الأخرى التي ستتضرر من هذه الحالة بنسب متفاوتة.
وتقول بعض التقارير ان انتاج الزيتون تراجع في الموسم الزراعي السابق بنسبة 49 في المائة كما أن انتاج النخيل انخفض بنسبة 15 في المائة ويعاني قطاع تربية المواشي كثيراً من الجفاف مما يرغم مربي الماشية اما إلى بيع قطعانهم بأسعار متدنية أو اللجوء إلى شراء مزيد من الأعلاف التي عرفت أثمانها الآن ارتفاعاً وصل في بعض الأحيان إلى 100 في المائة رغم محاولة الدولة تخفيف الآثار السلبية على قطاع تربية المواشي.
وقد استورد المغرب خلال الموسم المنصرم 98/99 حوالي أربعة ملايين طن من الحبوب تقدر قيمتها بنصف مليار دولار.
وتقول تقديرات المصالح التقنية بوزارة الفلاحة المغربية ان مستوى الانتاج من الحبوب قد عرف انخفاضاً بنسبة 41,9 في المائة بالمقارنة مع معدل محصول الخمس سنوات الماضية والذي يقدر ب 61,4 مليون قنطار مسجلاً بذلك متوسطاً للمردود لا يزيد عن سبعة قناطير للهكتار الواحد.
وتوقع الخبراء من خلال رصدهم للموسم الحالي حول المساحات المزروعة المروية وتلك التي تعتمد على الري المطري بانه سيكون هناك جفاف نسبي وان انتاج الحبوب سيصل الى 33,6 مليون قنطار منها 13,7 مليون قنطار من القمح اللين و7,5 مليون قنطار من الصلب و 14,4 مليون قنطار من الشعير.
أما وقد بلغ الجفاف نسبة أعلى من المتوقع في الموسم الحالي والذي يشرف الآن على نهايته فان النتائج قد تكون أقل من توقعات الخبراء.
ويلاحظ المتتبع للشأن الاقتصادي المغربي ان الجفاف الذي كان في عقد السبعينات والثمانينات ظاهرة استثنائية ثم أصبح شبه ظاهرة طبيعية في العقد الأخير من القرن العشرين سوف يشكل آثاراً سلبية على انتاج الكهرباء التي كانت تولدها السدود وبالتالي أصبح على المغرب زيادة الاعتماد على المصادر الحرارية لتوليد الطاقة الكهربائية أو استيرادها من اسبانيا وهو ما يعني اعتماداً أكبر من النفط المستورد الذي تضاعفت اسعاره خلال الأشهر التسعة الأخيرة ويعني ذلك دفع المزيد من الأموال بالعملة الصعبة للحصول على النفط أو على الكهرباء من اسبانيا.
وتقول بعض المصادر المختصة هنا ان واردات المغرب من الطاقة الكهربائية الأسبانية قد بلغت 1,8 مليار كيلواط في الساعة عام 99 أي ما يعادل 13,5 في المائة من الطلب الوطني المقدر بحوالي 13,26 مليار كيلواط في الساعة.
وبلغ انتاج الطاقة الكهربائية عام 1999 11392 ميجاواط من ضمنها 10575 من أصل حراري والباقي من أصل مائي وبالتالي فان اعتماد المغرب على الكهرباء الاسبانية المصدر سيزيد خلال العام الحالي.
وتقول تقارير لوزارة التجهيز المغربية صدرت هنا مؤخراً ان المخزون المائي في السدود المغربية قد وصل في نهاية يناير الماضي الى 6,69 مليار متر مكعب أي ما يمثل معدلاً اجمالياً نسبته 47,8 في المائة مقابل 53,3 في خلال الفترة نفسها من العام الماضي.
وتشير التقارير الاقتصادية إلى التأثيرات السلبية للجفاف على سوق العمل وعائدات الدولة من الضرائب المباشرة وغير المباشرة,, مما حدا بالمغرب البدء بمحاولات جادة لتغيير الأساليب الزراعية التقليدية بأساليب حديثة تشمل عمليات الزراعة والري بالتنقيط وتقديم المساعدة للفلاحين بدفع ما يقارب من 30% من تكلفة تجهيز الأراضي بالوسائل الحديثة للري وكذلك العمل على تعديل أساليب الاستهلاك البشري للمياه بالاضافة إلى معالجة المياه لاغراض الري كما هو الشأن في كثير من البلدان التي تعاني من شح المياه