بـــعــثــــة الرســــول ص
بدء الوحي:
ظــل
محمد صـلي الله عليه وسـلم يتردد على غـار حراء حتـى شــارف على الأربعين
من عمره، وكـان أول مـا بدئ به من الوحـي الرؤيـا الصـادقة، كما جاء في
حديث عائشة، فكان لا يري رؤيا في نومه إلا جـاءت كفـلق الصبح، وزادته رؤاه
الصـادقة أملا في قرب الوصول إلى الحقيقة.
وبـينـمــا هـو فـي غـار
حراء غـارق فـي تـأمـله وتدبره؛ إذ جـاءه جبريـل - علىه السـلام - فـي
ليلة من ليإلى رمضان، فقال: اقرأ، قـال: مـا أنـا بقـارئ، قـال: فـأخذنـي
فغطنـي، حتى بـلغ مني الجهد، ثم أرسـلنـي، فقـال: اقرأ ، قـلت: مـا أنـا
بقارئ، فأخذني فـغطنـي الثـانيـة حتى بـلغ منـي الجهد، ثم أرسـلنـي،
فقـال: اقرأ، فقـلت:مـا أنـا بقـارئ، فـأخذنـي فغطني الثالثة، ثم أرسلني
فقال اقرأ بـاسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق اقرأ وربك الأكرم سورة
العـلق: 1-3 فرجع بهـا رسول الله يرجف فـؤاده، فدخـل على خديجـة بنت
خويـلد -رضـي الله عنهـا - فقـال: زمـلونـي زمـلوني فـزمــلوه حتى ذهب عنه
الروع، فقـال لخديجـة وأخبرهـا الخبر لقد خشيت على نفسـي، فقالت خديجة:
كلا والله ما يخزيك الله أبدًا، إنـك لتـصــلُ الرحم، وتحمـل الكـل،
وتَكسِبُ المعدوم، وتَقرِي الضيف، وتعين على نوائب الحق. [صحيح البخاري،
كتاب بدء الوحي.
طمأنت خديجة
محمدًا بتلك الكلمات الصادقة والعبارات المواسية، و ذهبت به إلى ابن عمهـا
ورقة بن نوفل أحد الحنفاء العرب، وكان
قـد اعـتنـق النـصرانـيـة، فقـالت له: يـا ابن عم، اسمع من ابن أخيك،
فقـال له ورقـة: يـا ابن أخـي ماذا رأيت، فأخبره رسول الله صلي الله عليه
وسـلم خبر مـا رأي، فقـال له ورقة: هذا الناموس جبريل أمين الوحـي الذي
نزله الله على موسـي، يـا ليتنـي فيهـا جَذَعًا، ليتنـي أكون حيـا، إذ
يخرجك قومك، فقال رسول الله صلي الله عليه و سلم: أو مخرجي هم؟ قال: نعم،
لم يأت رجل قط بمثل ما جئتَ به إلا عُودي، وإن يـدركـنــي يـومـك أنـصرك
نـصرًا مــؤزرًا، ثم لم يـلبث
ورقة أن تُوفِّي وفتر الوحي.
توقف
الوحي بعد ذلك فترة من الزمن حتى شق على محمد فأحزنه ذلك، فـجـاءه جبريـل
بسورة الضحـي، يقسم له ربه - وهو الذي أكرمه بما أكرمه به - ما ودعه وما
قلاه.
المسلمون الأوائل:
أخـذ
النـبـي صـلي الله علىه وسـلم يدعو إلى الإسـلام سرا، فكـانت خديجـة بنت
خويـلد
رضـي الله عنهـا - أول النـاس إسـلامًا وإيمانًا بـالله ورسوله، ثم تـلاها
على بن أبي طالب -رضي الله عنه - وكان فــي نـحو العــاشرة من عمره، ثم
زيد بن حـارثـة مولي رسول الله صـلي الله عليه وسـلم، ثم أسـلم أبو بكر بن
أبـي قحافة، وكان رجـلا مـألفًا لقومه، محببًا سهـلا، فـأسـلم على يديه
طـائفـة من كبار الصـحــابــة، أمـثــال: عـثمــان بـن عـفــان، والزبـير
بن العوام، و عـبد الرحـمن بـن عـوف، وسـعد بن أبـي وقـاص، وطـلحـة بن
عبيد الله.
ثـم
أســلمـت بـعد هـؤلاء طـائفـة أخري، عد منهم ابن إسحـاق نحو خمسـة عشر
فردًا مـا بين رجـل وامرأة، هم: أبو عبيدة بن الجراح، وأبو سـلمـة ابن عبد
الأسد وعثمان بن مظعون، و أخواه قدامة و عـبد الله، وعُبـيدة بـن الحــارث
ابن المطـلب وسعيد بن زيد بن عـمرو بـن نـفيــل، وامـرأتـه فــاطـمــة بنت
الخطـاب، وأسمـاء وعـائشـة بنتـا أبـي بكر، وخبـاب بن الأرت، وعمير بن أبي
وقـاص، و عبد الله بن مسعود، ومسعود ابن القـاري - رضي الله عنهم - وكان
ذلك في مرحلة الدعوة السرية.
الدعوة السرية:
كــان النبـي صـلي الله
عليه وسـلم يعـلم تمـام العـلم عنـاد قريش وكـبريـاءهـا وإصرارهـا على
التمسك بـالقديم، واعتزازهـا بـآبـائهـا وأجـدادهــا وعـبــادتـهــا
للأصنـام؛ لذا فـلن تُسـلِّم بسهولة، أو تذعن لدعوته، بـل ستقـاومه حتى
آخر سهم فـي جعبتها، لأنها اعتقدت أن الإســلام يهدد مصـالحهـا ويقضـي على
سيطرتهـا على مكـة ومـا حولهـا، ولو عـلمت أن الإسـلام سيجعلها سيدة
العالم ما قاومته لحظة واحدة ولرحَّبت بدعوته.
أدرك النبـي صـلي الله
عليه وسلم ذلك، فقرَّر أن تكون دعوته لدينه سـرا فـي بـادئ الأمر، وبدأ
فـي دعوة أصدقـائه وأقرب النـاس إليه ومن يـأنس فيهم خيرًا واستعدادًا
لقبول الحق والهُدي، فـآمن به - إلى جــانـب من ذكرنـا - عدد من رجـالات
قريش ونسـائهـا، وطـائفـة من العبيد والفقراء والضعفـاء الذين رأوا في
الدين الجديد الخلاص مما هم فـيه مـن شقـاء وبـؤس، مثـل: بـلال بن ربـاح،
و صهيب الرومـي، وآل يـاسر، وكـان النبـي صـلي الله عليه وسلم يجتمع بمن
أسلم سرا فـي دار الأرقم بن أبـي الأرقم يتلو عليهم آيات القرآن الكريم،
ويـعــلمـهم شـرائع الإسـلام، واستمرت هذه الدعوة السريـة نحو ثـلاث
سنوات، ازداد فيها عدد المسلمين زيادة يسيرة.
ويـبدو أن خـبر الدعـوة
لم يـعد سـرا بـصورة مـطــلقــة بــالنسبـة إلى قريش، فقد تسرَّب إليهـا،
لكنهـا لم تعبـأ بهذا فـي البدايـة، ولعلها كـانت واثقـة بقوتهـا وقدرتهـا
على مقـاومـة هذه الدعوة من ناحية، و واثقة بأن حملها على ترك دين آبائها
وأجدادها أمر صعب من ناحية أخري.
الجهر بالدعوة وموقف قريش:
أمر الله تعـإلى نبيه محمدًا صلي الله عليه وسلم أن يجهر بالدعوة بـعد مـضـي ثـلاث سنوات من الدعوة سرا، فقـال:[ فـاصدع بمـا تـؤمر و أعرض عن المشركين ، و قال تعالى [[color=#0000ff]وأنذر عشيرتك الأقربين واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين فإن عصوك فقل إني بريء مما تعملون] الشعراء: 214 - 216.
وامتثالا
لهذا الأمر الإلهي بدأ النبي بدعوة الأقربين من أهله وعشيرته إلى
الإســلام، وصنع لهم طعـامًا فـي بيته، وبعد أن تنـاولوه، حدَّثهم
قـائـلا: مـا أعـلم إنسانًا في العرب جاء قومه بأفضل مما جئتكم به، فقد
جئتكم بخيري الدنيا والآخرة، وقد أمرني ربي أن أدعوكم إليه فأيكم يؤازرني
على هذا الأمر؟ فأعرضوا عنه جميعًا، وهمُّوا بتركه
عـدا على بـن أبــي طــالب، وانـصرفوا دون أن يستجيبوا لدعوة النبـي، غير
أنهم لم يبادئوه بأذي في أول الأمر، غير أن عداوتهم له بدأت حين شرع في
تسفيه آلهتهم.
الجهاد في العهد المكي:
قـد يـفهـم بعض النـاس أن
المقصود بـالجهـاد الحرب فقط، لكنه يعنـي كثيرًا من أنواع الجهـاد،
فـالصبر على الأذي و المكـاره لا يقـل أهمية عـن الجـهـاد بـالسـلاح، وقد
تحمَّل النبـي صـلي الله عليه وسـلم هو و أصحابه صنوفًا من الأذي صبَّها
عليهم المشركون في الفترة المكية، فـكـانوا يسبونه ويتعرضون له، ويرجمونه
بـالحجـارة، ويـلقون عليه القـاذورات، وأشهر من صنع ذلك معه: عقبـة بن أبي
معيط، و أبو جهل الذي حاول قتل النبي صلي الله عليه وسلم عند الكعبة.
وكـان
موقفهم هذا من النبـي صـلي الله عليه وسلم عنادًا له وحسدًا مـن عند
أنفسهم، لأنهم كـانوا يعرفون أن دينه حق، وأن الذي يـأتيه وحي من السماء،
ولكن حال الحسد بينهم وبين اتباعه وتصديقه،
وصـبَّ المـشركـون جــام غـضبـهم على المـستضعفين من المسـلمين، و أذاقوهم
ألوانًا من العذاب، مثـل: بـلال بن رباح الذي لم ينقذه من العذاب إلا أبو
بكر الصديق الذي اشتراه من سيده أميـة بن خـلف وأعـتقـه، وآل يــاسـر
وكـانوا يُعذَّبون إذا حميت الظهيرة برمضـاء مـكــة، وكــان الرسـول يـمر
بـهم و لا يـمـلك أن يمنع عنهم العذاب، فيقول لهم: صبرًا آل يـاسر فموعدكم
الجنـة، فصبروا واحتمـلوا ولم يـتخــلوا عن دينهم، حتى إن أم عمـار طعنهـا
أبو جهـل بحربـة فقتلها وهي على إسلامها.
الهجرة إلى الحبشة:
اشتد
الأذي والتعذيب بـأصحـاب النبـي صلي الله علىه وسلم دون أن يقدر على
الدفاع عنهم، وكان هو في منعة من أهله إلى حد ما، يقف بـجــانـبه أبـو
طــالب يـدفـع عنه الأذي، ففكَّر لهم فـي مخرج ممـا يـلاقونه من التعذيب،
فقـال لهم: لو خرجتم إلى أرض الحبشـة، فـإن بهـا مـلكًا لا يُظـلم عنده
أحد، وهـي أرض صدق، حتى يجعل الله لكم فرجًا مما أنتم فيه فخرج بعض
المسلمين إلى أرض الحبشة مخافة الفـتنــة، وفـرُّوا إلى الله بـديـنهـم،
وكــانت هجرتهم أول هجرة فـي الإســلام، وبـلغ عددهم عشرة رجـال وأربع
نسوة، منهم: عثمـان بن عفان وزوجته رُقية بنت رسول الله صلي الله عليه
وسلم، ثم خرجت مجموعـة أخري من
المسـلمين إلى الحبشـة، كـان عددها أكـبر من الأولي؛ إذ بـلغوا نحوً من
ثمـانين رجـلا وامرأة، وظـلوا مدة طـويــلة فــي الحبشـة، بعد أن وجدوا
الأمن والحمـايـة من مـلكهـا، وعـادت آخر مجموعـة من هنـاك مع جعفر فـي
أول السنـة السابعة من الهجرة.
إسلام عمر بن الخطاب:
بعد
هجرة المسـلمين الأولي إلى الحبشـة أسلم عمر بن الخطاب، وكـان إسـلامه
حدثًا كبيرًا في مكة، ونصرًا عظيمًا للإسلام؛ إذ كان من الشخصيـات القويـة
فـي مكة، ومن أشد أعداء المسلمين، حتى إنه أسـلم فـي الوقت الذي عزم فيه
على الذهاب لقتل الرسول صلي الله عليه وسلم، فأراد الله به الخير، واستجاب
الله لدعوة النبي الذي كــان دائـمًا يـردد: اللهـم أعـز الإســلام
بــأحـد العـمريـن، عمر بن الخــطـاب، أو عــمـرو بــن هــشام أبـي
جــهـل .
وبـإسـلام عمر قَوِي موقف المسـلمين كمـا اشتد من قبـل
بـإسـلام حـمزة بـن عـبد المطـلب عمِّ النبـي صـلي الله عليه و سـلم، و
أهـاب بــالمسـلمين أن يصـلوا عند الكعبـة تحت حمـايته، فغـلبت قريش على
أمـرهــا، لمعرفتهـا بقوة شكيمـة عمر ومضـاء عزيمته، فـلم تتعرَّض لهم،
وبدأت تـلجـأ إلى أسلوب آخر في مواجهة الدعوة، وهو أسلوب المقاطعة.
أسلوب المقاطعة:
استعمـلت
قريش مع النبـي صلي الله عليه وسلم وأصحابه أساليب العنف والتعذيب
والاضطهاد، فلم تنجح في ردهم عن دعوتهم، فلجأت إلى أسـلوب الترغيب
والمساومة، فعرضت على النبي صلي الله عليه و سـلم الملك والسيادة والمال،
فرفض عرضهم، لأنه لم يكن طالب ملك أو جـاه، بـل رسولا جاء من الله برسالة
سماوية، تحمل الخير والعدل، ولابـد من تبـليغهـا، ثم وسَّطوا أبـا طـالب
ليكف محمدًا عن تسفيه آلهتهم فـي مقـابـل مـا يريد من مـلك أو جـاه، فكلمه
قائلا: إن القوم يـطــلبـون مـنك أن تكف عن سب آلهتهم، فـأبق على و على
نفسك فـأجـابه النبـي بكـلمات قليلة، لكنها قاطعة وحاسمة: والله يا عم لو
وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر مـا تركته
حتى يظهره الله أو أهلِكَ دونه. سمع أبو طالب هذا الرد الحـاسم، وأدرك
إصرار النبـي صـلي الله عليه وسلم على السير في طريق الدعوة مهما تكن
الصعاب والمشاق، فقال له في رقةٍ بالغةٍ:
يــا ابن أخـي امضِ فيمـا أنت فيه، فوالله لن أسـلمك لشـيء تكرهه أبدًا.
ولمـا
لم تنجح كل هذه الوسائل في ثني النبي صلي الله عليه وسلم عـن تـبــليغ
دعوته، ورد أصحـابه عن دينهم الجديد، لجـأت قريش إلى أسـلوب المقـاطعة،
ولم يكن هذا مألوفًا في بلاد العرب، ولعله لم يكن مـألوفًا كذلك فـي أي
مكـان فـي العالم آنذاك، ففرضت حصارًا على بنـي هـاشم وبنـي المطـلب
جميعًا، ممن يقفون مع النبـي صلي الله عليـه وســلم ويـذودون عنه، سواء من
أسـلم منهم أو لم يسـلم، وقـررت ألا تـبيـع لهـم أو تشتري منهم، وألا
تزوجهم أو تتزوج منهم، وألا تتزاور معهم، عقـابًا لهم على مسـاندتهم
للنبـي صـلي الله عليه وســلم،وكـتبوا بتـلك المقـاطعـة وثيقـة فـي
صحيفـة، عـلقوهـا فـي الكعبة، ليكون لها احترام والتزام.
واستمر هذا
الحصـار القـاسـي المجرد من الإنسانية نحو ثلاث سنوات، عـانـي منه بنو
هـاشم وبنو المطلب أشدَّ المعاناة، و هم صابرون صـامدون، لم يتخـلَّ أحدٌ
منهم عن النبـي صلي الله عليه وسلم، حتى تحركت النخوة والشهامة في نفوس
بعض رجالات قريش، كزهير بن أبــي أمـيــة المـخزومـي، و المطعم بن عدي،
وأبـي البُختري بن هـشــام، لمــا رأوا مـا يعـانيه بنو هـاشم وبنو
المطـلب من هذه المقـاطعـة الظـالمـة، فسعوا فـي نقضهـا وإنهـائهـا،
وأقسموا على تـمزيـق الصـحيفـة، وكـان لهم مـا أرادوا، فخرج النبـي
وأصحـابه من شـعبـهم الذي كـانوا محـاصرين فيه؛ ليستـأنف رسول الله صـلي
الله عليه وسلم دعوته إلى دين الله.
عام الحزن:
استـأنف
النبـي صـلي الله عليه وسـلم دعوته بعد انتهـاء المقاطعة، واستبشر
المسـلمون خيرًا بعهد جديد يمـارسون فيه حياتهم الطبيعية، لكن وقع للنبـي
حدثـان جـليـلان فـي عام واحد وهو العام العاشر من البعثـة، فقد مات كل من
عمه أبي طالب، وزوجته خديجة، وكانا نعم العون له والمسـاندة في تبليغ
رسالته، وعلى الرغم من ذلك فإن النـبـي صـلي الله عليه وسـلم لم يضعف ولم
تهن له عزيمـة؛ ومضـي واثقًا بنصر الله يبلغ رسالة الله إلى العالمين.
رحلته إلى الطائف:
أراد
النبي صلي الله عليه وسلم أن يخرج بالدعوة من نطاق مكة، لعــله يـجد
نـصيـرًا أو معينًا بعد المضـايقـات الشديدة التـي لقيهـا من قريش
وبخـاصـة بعد موت خديجـة وأبـي طـالب، فقرر الذهاب إلى الطــائـف؛ لعـرض
دعـوتـه على ثـقيـف رجــاء إيمـانهـا به وبرسـالته، لكنهم رفضوا مـا عرضه
على هم، ولم يكتفوا بذلك بل سبُّوه وأهـانوه، وسـلطوا عليه سفهـاءهم
وصبيـانهم؛ ليضربوه بالحجارة، فتـأثر بذلك رسول الله صـلي الله عليه
وسـلم، وبـلغ إحساسه بالألم مـداه، فـجــأر بــالشـكوي إلى الله قــائـلا:
اللهم إليك أشكو ضعف قوتـي، وقلة حيلتي، وهواني
على الناس، يا أرحم الراحمين، أنت رب المستضعفين، وأنت ربـي، إلى من
تكـلني ؟ إلى بعيد يتجهمني، أم إلى عدو مـلكته أمري ؟ إن لم يكن بك على
غضب فـلا أبإلى، ولكن عـافيتك هـي أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له
الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة، من أن تنزل بي غضبك، أو يحل على
سخطك، لك العتبي حتى ترضي، ولا حول ولا قوة إلا بك، وبـعد أن
قـال الرسول هذا الكـلام المـؤثر جـاءه جبريـل ومعه مـلك الجبال عليهما
السلام، فقال له ملك الجبال: إن شئتَ أن أُطبق عليهم الأخـشبـين2، فقـال
النبـي صـلي الله عليه وسـلم بـل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد
الله لا يشرك به شيئًا، ودعا لهم قائلا: اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون.
الإسراء والمعراج:
فـي
هذا الجو الذي بدا قاتمًا وحزينًا بعد موت أبي طالب وخديجة بنت خويـلد،
ومـا لقيه النبـي من أهـل الطـائف والقبـائـل من عنت وإيـذاء، أراد الله
تعـإلى أن يسرِّي عنه صـلي الله علىه وسـلم وأن يـعــلمـه ويـطمـئنـه،
فــأسري به إلى المسجد الأقصـي وعرج به إلى السمـاء وموجز هذه الحـادثـة
كمـا ترويهـا كتب الحديث والسيرة: أن النبي صلي الله عليه وسلم كان في بيت
أم هانئ بنت أبي طالب فجـاءه جبريـل ومعه البراق وهـي دابـة أصغر من
البغـل وأكبر من الحمار وأخذه إلى بيت المقدس في فلسطين، حيث وجد في
استقبـاله جمعًا من الأنبياء، فيهم إبراهيم و موسى و عيسي - عليـهم
الســلام - جـميـعًا، فـصــلي بهم إمـامًا ركعتين، ثم عرج إلى السمـاوات
العلي، حيث التقـي بعدد من الأنبياء، وتحدث إليهم وحيوه
وهنئوه، ثم ارتقـي فوق السماوات العلي لمناجاة ربه، وتلك مكانة لم
يبـلغهـا نبي ولا رسول ولا ملك من الملائكة المقربين، و في هذا اللقاء
فرضت الصـلوات الخمس، وقد أراه الله من آيـاته الكبري، فرأي الجنة و مــا
أعده الله من نعيم للمتقين، ورأي النـار ومـا أعده الله من عذاب
للكـافرين. ثم عـاد إلى مكـة فـي الليلة نفسها، مزودًا بهذه الطاقة
الروحية الهائلة.
أبو لهب يحذر القبائل من دعوة النبي:
على
الرغم ممـا تعرض له النبـي صـلي الله عليه وسـلم من إسـاءات أهـل الطـائف،
فـإنه لم ييـأس من دعوة النـاس إلى الإسـلام، فكان يـتصـدي لوفود
القبـائـل التـي تـأتـي إلى مكـة فـي موسم الحج، يـعرض عليـهم رســالة
الإســلام، ومن الوفود التـي التقـي بهـا: وفد كندة، وبنـي حنيفـة وبني
عامر بن صعصعة، غير أنه لم يجد منهم مجيبًا، خـاصـة أن عمه أبـا لهب كـان
يتتبع خطـي رسول الله صــلي الله عليه وسـلم، فـإذا رآه جـلس إلى وفد
قبيـلة من قبـائـل العرب؛ جاءهم قائلا لهم: لا تصدقوه إنه كذَّاب ولا
تطيعوه ولا تسمعوا له. واستمر هذا الوضع حتى أذن الله بالفرج من ناحية
يثرب.
الهجرة إلى المدينة:
لقد سبقت الهجرة إلى المدينـة عدة أحداث كانت بمثابة مقدمة لها، ومن بينها:
بيعة العقبة الأولي:
بدأت
بشـائر النصر تـأتـي ريحها من يثرب، فقد التقي النبي صلي الله عليـه
وســلم أثـنــاء عرض دعوته على القبـائـل بوفد من أهـل يـثرب فــي مـوسم
الحج، وعرض عليهم الإسـلام، فـلم يرفضوا ولم يسـلموا، عدا واحدًا منهم هو
إيـاس بن معـاذ فقد أسلم، لكنهم حين عـادوا إلى قومهم تحدثوا بما سمعوا من
النبي، فنبهوهم إلى أنه من المـعقول أن يكون محمد هو النبـي الذي كـانت
اليهود تحدثهم عنه دائـمًا، وكـان فـي يثرب كثير من قبـائـل اليهود بنو
قينقـاع وبنو النضير و بنو قريظـة، الذين عـلموا من كتبهم المقدسة أن هناك
نبيًا قد قرب زمانه وهو آخر الأنبياء.
وهذه المعـلومـات التـي عرفهـا
أهل يثرب من الأوس والخزرج كـانت مفيدة لهم وللإسـلام، فقد ذهب وفد منهم
فـي الموسم التـإلى - العــام الثــانـي عشر من البعثـة - والتقوا برسول
الله صـلي الله عليه و سـلم وهم على استعداد للاستجـابـة له والتجاوب معه،
فحدَّثهم عن الإسـلام فـآمنوا وبـايعوه عند العقبـة فـي مِنـي البيعـة
الأولي، على أن يـؤمنوا بالله وحده، ولا يشركوا به شيئًا، وألا يسرقوا،
وألا يزنوا، وألا يعصوا الله فـي معروف. وأرسـل النبي معهم عند عودتهم إلى
يثرب مصعب بن عمير، يعلمهم القرآن ويفقههم في الدين.
وكـان هذا اللقـاء
بدايـة النصر وفـاتحـة الخير، فـإذا كانت مكة قد تـحجرت عقولهـا وصمت
آذانهـا عن سمـاع صوت الحق، فـإن يثرب تفتح له قلوبها وعقولها وآذانها.
بيعة العقبة الثانية:
نـجح
مـصعـب بـن عـميـر فيمـا كُلِّف به نجـاحًا عظيمًا، فـازداد عدد المسـلمين
فـي يثرب على يديه زيادة كبيرة، ولم يبق بيت فيها إلا ولذكر الإسـلام
والنبـي فيه نصيب، وعاد مصعب في الموسم التالي العـام الثـالث عشر من
البعثة، ليزف إلى النبي صلي الله عليه وسلم بشري نجـاحه، وإقبـال أهـل
يثرب على الإسلام، وأن وفدًا كبيرًا منهم سوف يـأتـي إلى مكـة لمقـابـلته،
فقدم ثـلاثـة وسبعون رجـلا وامرأتـان لهذا الغرض، وتم اللقـاء سرا عند
العقبـة في مني، وسط أيـام التشريق الثـلاثـة الأيـام الأولي من عيد
الأضحـي، وحضر اللقـاء العباس بن عبد المطلب، وكان لا يزال مشركًا، لكنه
رغب في حضور هذا الاجتماع؛ ليطمئن على ابن أخيه.
وفـي هذا اللقـاء
بـايع الحـاضرون النبي صلي الله عليه و سلم بيعة العـقبــة الثـانيـة أو
بيعـة القتـال، لأن أهم مـا تضمنته التزام أهـل يثرب بالدفاع عن النبي
عندما يهاجر إليهم، و منعه مما يمنعون منه أنفسهم ونسـاءهم وأبنـاءهم.
وبعد أن تمت البيعة اتفِقَ على ترتيبات هجرة أصحـاب النبـي صلي الله عليه
وسلم إلى يثرب، وما يلتزمه أهل يثرب تجاههم من توفير المأوي والمعاش.
وقـد أثـبت أهـل يثرب أنهم أهـل كرم وشهـامـة وتضحيـة، فقدموا لإخوانهم المهاجرين كل ما يحتاجون إليه، بل و آثروهم على أنفسهم.
المؤامرة الكبري:
بدأ
أصحـاب النبـي صـلي الله عليه وسـلم من أهل مكة يهاجرون إلى مـوطـنهـم
الجديد، أفرادًا وجمـاعـات متخفين عن أعين قريش، وبقـي الرسول في مكة،
ووقعت قريش في حيرة شديدة؛ لأنها لم تـكن تـعرف مـا هو صـانع؛ هـل سيبقـي
فـي مكـة، أم سيـلحق بـأصحـابه إلى يثرب ؟ وفي هذا خطر شديد عليهم، لأنه
سيجد في يثرب المنعـة والحمـايـة والاستعداد للدفاع عنه، مما قد يجرُّهم
إلى الدخول في عداء سافر مع يثرب.
وأمـام هذه التطورات المتلاحقة قررت
قريش أن تحزم أمرها سريعًا قبـل أن يهـاجر النبـي ويفـلت من بين يديها،
فعقدوا اجتماعًا في دار الندوة لم يحضره أحد من بنـي هاشم سوي أبي لهب عم
النبي، وبحثوا فيه الأمر، وعُرضَت ثلاثة اقتراحات لمواجهة الموقف، الأول:
أن يـضعـوا مـحمـدًا فـي السجن، والثـانـي: أن ينفوه من مكـة، و الثــالث:
أن يـقتـلوه، وحـاز الاقتراح الثـالث الموافقـة على تنفيذه، و هذه هي
المؤامرة التي عبَّر عنها القرآن الكريم، في قوله تعإلى:
[وإذ يـمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتـلوك أو يخرجوك ويمكرون و يمكر الله والله خير الماكرين[ الأنفال: 30.
وبـعد
أن اتـفقـوا على قـتــله، نـاقشوا كيفيـة تنفيذ ذلك، فرأوا أن تشترك جميع
القبـائـل فـي قتله، بأن تختار كل منها فتي شابا قويا من بين أبنـائهـا،
وتعطيه سيفًا بتـارًا، وأن يرابط هـؤلاء جميعًا أمـام بـيت النـبـي صـلي
الله عليه وسـلم ليـلا، حتى إذا خرج عليهم فـي الصبـاح ضربوه ضربـة رجل
واحد، فيتفرَّق دمه في القبائل، ولا يقوي بنو هاشم على محاربة أهل مكة
جميعًا.
علي في فراش النبي صلي الله عليه وسلم:
علم رسول الله بما
بيتته له قريش، فأعد العدة للهجرة، وأسر بذلك إلى صـاحبه أبـي بكر الصديق
الذي كـان ينتظر هذا بلهفة وشوق، فأعد لذلك الأمر عدته من قبل، للقيام
بأعظم رحلة في تاريخ البشرية.
دعـا النبـي صـلي الله عليه وسـلم على بن
أبي طالب، لينام في فـراشه فـي تـلك الليـلة، ليضـلل قريشًا من جهـة، ومن
جهـة أخري لكــي يـتخـلف فـي مكـة، ليـؤدي للنـاس ودائعهم التـي كـانت عند
الرسـول، وخـرج النبـي صـلي الله عليه وسـلم فـي عمـايـة الصبح، و
المـتـآمرون واقفون على بـابه، ينتظرون لحظـة خروجه، للانقضـاض عليه، لكن
الله أعمـي أبصـارهم، وأخذ النبـي صلي الله عليه وسلم حفنـة من الحصـي
وقذفهـا فـي وجوههم، وقال شاهت الوجوه، ثم تــلا قـوله تـعــالى: <<وجـعــلنــا مـن بين أيديهم سدًا ومن خـلفهم سدًا فأغشيناهم فهم لا يبصرون>> يس: 9.
قصد
النبـي صـلي الله عليه وسـلم بيت أبـي بكر الذي كـان فـي انتظـاره و معه
الرواحـل، والزاد، وكـل مـا يلزم الرحلة المباركة، وكان دليلهم في رحلتهم
عبد الله بن أريقط.
النبي في غار ثور:
انطـلقت الرحـلة المباركة
قاصدة غار ثور في جنوب مكة، مع أن وجهتهم كـانت يثرب فـي الشمال؛ لأن
النبي صلي الله عليه وسلم يـعرف أن قـريـشًا عـندمـا تكتشف أنه نجـا من
كيدهم ستتجه فـي بحثهـا عنه إلى الشمـال، عندئذٍ يكون هو قد وصـل إلى
الغار واختبأ فيه.
والحق أن خطـة الهجرة كـانت دقيقـة وسريـة إلى أقصي
حد، ووضِعَ لهـا كـل مـا فـي وسع البشر أن يفعلوه لضمان نجاحها، فإذا لم
يفلح هذا كـله، فستـأتـي عنـايـة الله فـي اللحظة المناسبة لإنقاذ الموقف،
فـالذين عـلموا بـأمر الهجرة كـان عددهم محدودًا وكـانوا موضع ثقة، منهم:
عـامر بن فهيرة مولي أبـي بكر وراعـي غنمه، وعبد الله بن أبـي بكر، وأخته
أسمـاء، وكـل واحد من هؤلاء له عمل محدد وفـي غـاية الأهمية والخطورة،
فعبد الله بن أبي بكر كانت مهمته أن يتسمع أخبـار قريش بـالنهار في
أنديتها، ثم يبلغها الرسول صلي الله عليه وسـلم إذا جـاء الليل، وكانت
مهمة أسماء إعداد الطعام، و لمـا لم تجد مرة حبـلا تربط به حقيبـة الزاد،
شقت نطـاقها الذي كانت تشد به وسطها، وربطت بأحد الشقين الحقيبة فلقبت
بذات النطاقين،
أمــا عـامر بن فُهيرة فكـانت مهمته أن يرعـى الأغنـام بـالقرب من الغار،
فإذا ما حلَّ الظلام ذهب إلى الغار؛ ليزود النبي صلي الله عليه و سـلم و
أبـابكر بـاللبن، ويسير بـأغنامه على آثار أقدام عبد الله بن أبي بكر حتى
يمحوها، فلا يفطن أحد إلى مكانهم.
جن
جنون قريش حين عـلمت أن النبـي صـلي الله عليه وسلم أفلت مـن قـبضـتهـا،
وأن النـائم فـي الفراش لم يكن سوي على بن أبـي طـالب، فـأخذت تبحث عن
محمد فـي كـل مكان، وبعد أن أعياهم البحث فـي طريق يثرب؛ عـادوا إلى
الجنوب، ووصـلت طلائع بحثهم إلى بـاب الغـار، ففزع أبوبكر، حتى إنه بكي من
شدة خوفه على حيـاة النبـي صـلي الله عليه وسلم، فسأله: ما يبكيك يا أبا
بكر؟ فقال: يا رسول الله، لو نظر أحدهم تحت قدميه لرآنا، فقال له الرسول
صــلي الله عليـه وســلم مـطمـئنًا: يـا أبـا بكر مـا ظنك بـاثنين الله
ثالثهما.
وقد سجـل القرآن الكريم هذا المشهد، فقـال تعـالى : ]إلا
تنصروه فقد نـصره الله إذ أخـرجـه الذين كفروا ثـانـي اثنين إذ همـا فـي
الغـار إذ يـقول لصــاحـبه لا تحزن إن الله معنـا فـأنزل الله سكينته عليه
وأيده بجنود لم تروهـا وجعـل كـلمـة الذين كفروا السفـلي وكـلمـة الله هـي
العليا و الله عزيز حكيم.[التوبة : 40.
استئناف الرحلة:
ظـل
النبي صلي الله عليه وسلم، وصاحبه في الغار ثلاثة أيام، حتى هـدأت قـريـش،
وتـعبـت مـن البـحث دون جـدوي، بعد أن كـانت قد رصدت جـائزة كبري قدرهـا
مـائـة من الإبـل لمن يأتيها بمحمد حيا أو مــــيــتًا، لكــــن الله -
سـبـحــانــه- عصمـه مــن ذلك أيــضًا، ثـم اسـتــأنـف الرسـول رحــلته
المبـاركـة فـي غرة ربيع الأول، وأخذ دليلهما طريقًا غير طريق القوافل
المعروف، لئلا يستدل عليهم أحد. وكـانت الرحـلة شاقة واكتنفها كثير من
المخاطر، من ذلك أن سُراقة بن مـالك الجشمـي عـلم أن النبي صلي الله عليه
وسلم وأبا بكر ســلكــا ذلك الطـريـق، فــأراد اللحــاق بـهمـا، والقبض
عليهمـا ليفوز بـالجـائزة، فـلما اقترب منهما غاصت أقدام حصانه في الرمال،
وعجز عـن النـهوض، فـدهش سراقـة، فـلم يعهد من حصـانه هذا من قبـل، وحـاول
أكثر من مرة اللحـاق بهمـا، ولكن تكرر فشـله، والنبي صلي الله عليـه وسـلم
ينظر إليه فـي إشفـاق، و سراقـة يظن أن النبـي منتقم منه لا محـالة،
فتوسـل إليه أن يعفو عنه، و عـاهده على ألا يدل عليه أحدًا، فعفا عنه
النبي صلي الله عليه و سلم.
وكـان أهـل يثرب منذ أن عـلموا بقرب مقدم
النبـي صـلي الله عليه وسـلم إليهم ينتظرونه بحب وشوق ولهفة إلى رؤيته،
وكانوا كل يوم يخرجون إلى مشـارف المدينـة، يـلتمسون وصوله، فما إن وقعت
عليه عيونهم حتى كادوا يطيرون من الفرح، وهتفوا مرحبين منشدين:
طلع البدر علينا
من ثنيات الوداع
وجب الشكر علينا
ما دعا لله داع
أيها المبعوث فينا جئت بالأمر المطاع
جئت شرفت المدينة
مرحبًا يا خير داع
و كــان وصـوله صــلي الله
عليه وسـلم إلى يثرب، التـي أصبحت عـندئـذٍ تـسمـي مدينـة الرسول، أو
المدينـة المنورة يوم الجمعـة الموافق الثـانـي عشر من شهر ربيع الأول؛
لأنه قضي أربعة أيام في قُبَاء قـبــل دخـوله يثرب، فقد وصـلهـا يوم
الاثنين الثـامن من شهر ربيع الأول، وبقـي فيها إلى يوم الجمعة، حيث صلَّي
الجمعة في المدينة، وصلي خلفه المهاجرون و الأنصار في مشهد عظيم،
وحــادث الهجرة هو أعظم حدث فـي التـاريخ الإسـلامـي، لذلك اتخذه
الخـليفـة عمر بن الخطـاب -رضـي الله عنه - مبدأ للتاريخ الإسلامي؛ لأن
الهجرة هـي التـي فتحت أمـام الإسلام ذلك العالم الرحيب، ومكنت النـبــي
صــلي الله عليه و سـلم من بنـاء دولته وتكوين جيشه الذي سيدافع عن دعوته،
وأتـاحت له أن يعـلم أصحابه أصول دينهم وعلوم السيـاسـة والحرب والسلام،
والإدارة والقيادة، وهيَّأهم ليقودوا الدنيا كلها إلى الخير والعدل والحق،
وينشروا فيها الحرية والعزة والكرامة
لكل الناس