معجزات الرسل
مازال البعض يسأل عن معجزات الرسل وراح البعض يصر بإلحاح على المعجزة التي اتى بها حضرة بهاء الله
والسؤال الذي يطرح نفسه هو: هل المعجزة تزيد من عظمة الرسول في شيء؟ وهل اذا علم بها الفرد فستكون مجالا للتصديق على احقية رسالته؟
لقد جاء كل رسول ومعه العديد من المعجزات ولكن هل المعجزات تهدي الخلق الى الخالق عز وجل؟
ان الموضوع المطروح هنا ليس لانكار معجزات الرسل وانما لاثبات ان عظمة الرسالة الالهية يكمن في الدرر واللالئ المخزونة فيها.
ان اعظم معجزة للرسل هي الكتاب الذي نزل عليهم من الخالق عز وجل لان
المبادئ والقيم الروحية العظيمة الموجودة في الكتب المقدسة تهدي البشر الى
الطريق المستقيم فتخرج الناس من الظلمات الى النور وتبدل اراضي القلوب من
غفلة الكفر والضلال الى سبيل الهدى والايقان.
(وأما أنت يإنسان الله فاهرب من هذا واتبع البر والتقوى والإيمان والمحبة والصبر والوداعة.) الكتاب المقدس
(وقالوا لولا أنزل عليه آيات من ربه قل إنما الآيات عند الله وإنما
أنا نذير مبين. أولم يكفهم إنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم إن في ذلك
لرحمة وذكرى لقوم يؤمنون)العنكبوت 50-51
(سبحانك اللهم ياإلهي قد أقر كل عارف بالعجز عند عرفانك وكل عالم
بالجهل تلقاء ظهورات علمك وكل قادر اعترف بالضعف عند ظهورات قدرتك) الآثار
البهائية
وفي هذا الشرح المبسط يمكننا الوصول الى المقصود من هذا الموضوع:
1. ان معرفة الله سبحانه وتعالى تكون عن طريق الكتب المنزلة علي الرسل والتي نزلت للبشر لهدايتهم.
(أنا هو نور العالم. من يتبعني فلا يمشي في الظلمة بل يكون له نور الحياة) الكتاب المقدس
(ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة)النحل 125
(رأس الدين هو ما نزل من عند الله واتباع ماشرع في محكم كتابه) الآثار البهائية
2. كثير من السحرة لديهم وسائل يعجز عن كنهها معظم البشر ومع ذلك لا يستطيع اي منهم ان يهدي فرد او يرشده الى الحق.
3.ان الكتاب المقدس هو الذي يدوم بين يدي الناس اما المعجزات فانها من الاثار البائدة والذكريات الماضية.
4.ان الكتاب يُِرسل الى جميع الاماكن ليراه كل طالب في كل زمان ومكان
فنراه في اقاصي الارض من المشرق الى المغرب وينتقل من جيل الى الاجيال
اللاحقة بخلاف المعجزات فهي محددة بالمكان والزمان وجموع من شاهدها فقط
اما الكتاب فيبقى بين يدي الناس الى انقضاء دورة كل رسول.
5.ان السبب الاعظم لارسال الرسل هو ابتلاء العباد وتمحيص الافئدة وتخليص
القلوب لتفريق الخبيث من الطيب والفاجر من البار والمؤمن من الكافر فكثير
من الناس شاهدوا معجزات الرسل ولم يؤمنوا لان قلوبهم ظلت بعيدة عن النور
الالهي ومنهم من ادعى على الرسل بالسحر والعياذ بالله.
(وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا أو تكون لك جنة من
نخيل وعنب…. او يكون لك بيت من زخرف أو ترقى في السماء ولن نؤمن لرقيك حتى
تنزل علينا كتابا نقرؤه قل سبحان ربي هل كنت إلا بشرا رسولا) الاسراء
90-93
(وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون وآتينا ثمود
الناقة مبصرة فظلموا بها وما نرسل بالآيات إلا تخويفا) الاسراء 59
(الذين قالوا إن الله عهد إلينا ألا نؤمن لرسول حتى يأتينا بقربان
تأكله النار قل قد جاءكم رسل من قبلي بالبينات وبالذي قلتم فلم قتلتموهم
إن كنتم صادقين)آل عمران 183
ورغم أن القرآن الكريم يمتاز بقوة البلاغة والفصاحة الا ان اصل اعجاز
الكلمات الإلهية انما في تبديل أراضي القلوب الميتة وأحياء الموتى من قبور
الضلالة والهوى والصعود بهم الى اوج الفلاح والنجاح وامثال ذلك الصحابي
عمر بن الخطاب اين كان وكيف اصبح بعد إيمانه بالاسلام وهدايته الى اليقين,
لقد تبدل واصبح امير المؤمنين وغيره الكثير من المؤمنين الذين يعجز القلم
عن ذكرهم.
وفي الآية الآتية دلالة عظيمة على ذلك, فقد نزلت في حق حمزة (سيد الشهداء)
الذي خرج من ظلمات الجهل الى النور المبين وابي جهل الذي ظل في ظلمات
الجهل والضلالة
(أو من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها)الانعام 122
1. لو كان سبب اعجاز القرآن الكريم فصاحته وبلاغته فهذان الوصفان لا
يدركهما الا علماء هذا الفن وهم قلة من العامة فالامم الكثيرة التي امنت
بالاسلام والتي ليس عندها فكرة عظيمة عن الفصاحة والبلاغة والتي اصلا لا
تتحدث اللغة العربية وتجد صعوبة حتى في نطق حروفها لن تدرك هذا المطلب
اصلا وماذا عن البسطاء والذين يمثلون الاغلبية وماذا عن الاميين مثال بلال
بن رباح وغيرهم من اعاظم المسلمين الذين فدوا بارواحهم بكل خشوع وخضوع في
سبيل الحق جل جلاله.
2. لو كانت حجة القرآن الكريم هي البلاغة والفصاحة لوجب على الجميع ان
يتعلموا اصول وقواعد اللغة العربية حتى يصلوا الى شاطئ بحر المعرفة
ويدركوا عظمة ما انزله الرحمن في الفرقان.
3. لا يوجد في القرآن الكريم من آيات تدل على ان معجزته هو الفصاحة
والبلاغة انما هي الهداية والتي هي اعظم مطلب للروح كي تصل الانسانية الى
شرف المقام الذي خلقت من اجله وهو عبادة الخالق عز وجل
(ولو أنزل هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله)الحشر21