في الماضي كان الاقتراب من هاتف المنزل
محظوراً وممنوعا إلا على الأولاد
وإذا رن الهاتف تتعالى أصواتهم بالآمر من بعيد لا احد يرد
فهذا الجهاز الساحر ارتبط بمفهوم الأخلاق والحياء
وكان اقتراب البنات
... منه يمثل خروجهن في الشارع دون غطاء رأسمن حيث الجرم والعقوبةفي الماضي كان أقصى ما يمكن أن يشاهده الصغارفي التلفزيون أفتح ياسمسموالكابتن ماجد و زينه ونحولوأفضل البرامج في رمضان " الكاميرا كاشي "( ومسلسل جحا )وحلقات دينية بعد المغرب***في الماضي كان الأب عملاقا كبيرا ؛.نظرة من عينه تخرسناوضحكته تطلق أعيادا في البيت ...وصوت خطواته القادمةإلى الغرفة تكفي لأن نستيقظمن عميق السبات ونصلي الفجر***في الماضي كانت المدرسة التي تبعد كيلومتراتقريبة لدرجة أننا نمشى إليها كل صباحونعود منها كل ظهيرة، لم نحتاج إلى باصات مكيفةولم نخش على أنفسناونحن نتجول في الخلاء .في الماضي لم تكن هناك جراثيم على عربات التسوقولم نعرفها في أرضيات البيوتولم نسمع عنها في إعلانات التيلفزيونولم نحتج لسائل معقم ندهن فيه يدينا كل ساعتينلكننا لم نمرض.في الماضي كانت للأم سلطةوللمعلم سلطةوللمسطرة الخشبية الطويلة سلطةنبلع ريقنا أمامهاوهي وإن كانت تؤلمنالكنها جعلتنا نحفظ جزء عموجدول الضربوأصول القراءة وكتابة الخط العربيونحن لم نتعد التاسعة من العمر بعدفي الماضي كان ابن الجيران يطرقُ الباب ويقول :( أمي تسلم عليكِم وتقول عندكم بصل .. طماطم .. بيض .. خبز )أخوان في الجوار والجدار وحتى في اللقمةفي الماضي كانت الشوارع بعد العاشرة مساءتصبح فارغةوكان النساءيمكثن في بيوتهن ولا يخرجن أبداَ في المساءوكان الرجال لا يعرفون مكانايفتح أبوابه ليلا سوى المستشفىفي الماضي كان العري غريباوكان الستر في الوجوه الطيبة الباسمةوكانت أبواب البيوت مشرعة للجيرانوالترحيب يُسمعُ من أقصى مكانوالقهوة تشمُّ رائحتها في كل آن