إن التحديق في شاشة الكومبيوتر لساعات متواصلة خلال اليوم أصبحت عادة شبه يومية لكثير منّا ، و لكن إحذر فقد يكون التحديق المستمر هذا سبباً في الإصابة بإجهاد شديد في عضلات العين . و لأن مشكلات النظر التي تنتج عن هذه العادة متنوعة جداً فقد قام الأطباء بإختصار كل هذه المشكلات في مصطلح طويل نسبياً و هو " متلازمة مشاكل النظر المتعلقة بإستخدام الحاسوب" و تشمل هذا المتلازمة كل الأعراض المتعلقة بالإفراط في إستخدام الحاسوب كإجهاد العين و ضعف البصر و الصداع و غيرها . و كلمة الحاسوب هنا قد تكون غير معبرة تماماً عن المشكلة فهناك أيضاً شاشات التلفاز و شاشات ألعاب الفيديو جيم و التي لا تقل خطورة عن شاشة الحاسوب لذلك يمكن إعتبارها كلمة مجازية . و مم يوضح خطورة هذه المشلكة هو توصل العلماء لإحصائية هامة و هي أن من 50 إلى 70 في المائة من مستخدمي الكومبيوتر قد عانوا على الأقل من واحدة من أعراض هذه المتلازمة . و من الجدير بالذكر أن هذه المشلكة لا تقتصر خطورتها على الشباب و المراهقين فقك كما يتوقع الكثير منّا , و لكن هذه المشكلة قد تشكل خطراً داهماً على الأطفال خاصة هؤلاء الذين يقضون أوقاتاً طويلة محدقين في شاشات التلفاز أو ألعاب الفيديو جيم و قد يزيد الأمر سوءاً إذا كنت تعاني مسبقاً من مشكلة في النظر . -والأن قد يتبادر لذهنك سؤال هام و هو : كيف يمكن أن تؤثر شاشة الحاسوب على عيني ؟ و للإجابة على هذا السؤال يجب أن تضع في ذهنك أمر هام و هو أن الإفراط في أي نشاط جسدي غير صحي لا بد و أن ينتج عنه ضرر على المدى الطويل . و الآن حاول أن تتخيل معي أنك قد إنفصلت لشخصين و أنك تقف بعيداً على باب الغرفة و تنظر لنفسك و أنت جالس أمام شاشة الحاسوب كيف ترى نفسك ؟ حسناً ها أنا أنظر للشاشة في تركيز شديد ، و تتحرك عيناني لليسار و لليمين ، و إلى أسفل حيث أنظر للوحة المفاتيح و إلى أعلي حيث أنظر مجدداً للشاشة . كل هذه الحركات السابقة تتطلب من عينيك أن تبذل مجهوداً عصبياً و عضلياً غير عادي لكي تساعدك على رؤية الصورة بشكل واضح و لكي ترسل الإشارات المتتابعة إلى المخ ليقوم بترجمة الأضواء و الألوان لصور واضحة كما تراها أنت و قد قال النبي صلى الله عليه و سلّم : إن لبدنك عليكَ حقاً... فليس من المنطقي أن تجهد عينيك بهذا الشكل . قد يداهمك الآن سؤال منطقي و هو : ألا يمكن أن تتأثر العين بنفس الكيفية إذا كنت أقرأ كتاباً عاديا ؟ الإجابة بالطبع لا ، و السبب في ذلك أن الكتاب العادي على عكس الكومبيوتر غير مزود بأجزاء إضافيه ترغمك على نقل عينيك هنا و هناك كالفأرة أو لوحة المفاتيح كما أن الكتاب العادي غير مزود بوسائل إضاءة إضافية قد تؤثر سلباً على عينيك . و الآن ننتقل لسؤال آخر و هو : كيف أعرف أني مصاب بمتلازمة مشاكل النظر المتعلقة بإستخدام الحاسوب ؟ إذا كنت تعاني من بعض أو من كل هذه الأعراض فأنت تعاني من هذه المتلازمة : 1- تشويش في الرؤية . 2-إزدواج في الرؤية. 3-إحمرار و جفاف العين. 4-تهيج العينين. 5- صداع . 6- ألم في الرقبة أو الظهر . و لكن إطمئن فليس هناك دليل أكيد أن هذه المتلازمة قد تلحق تلف نهائي في وظائف العين فهي مجرد مسألة مؤقتة تتحسن بمجرد العلاج السليم و تقنين إستخدام الحاسوب , و لكن يجب التنويه أن هذه الأعراض قد تؤثر على أذائك و مزاجك اليومي بشكل كبير. و الآن ننتقل للنقطة الأخيرة و هي كيفية التقليل من أعراض هذه المتلازمة و بعض الإحتياطات التي يجب إتخاذها أثناء إستخدام الشاشات لأوقات طويلة : 1- قم بتقليل الإضاءة الساطعة التي قد تسقط على الشاشة من نافذة قريبة أو من مصباح شديد السطوع ، كما يمكنتك أيضاً وضع فلتر خاص على الشاشة لحماية عينيك . 2- يرى الباحثون أن الوضع الأمثل لجهاز الحاسوب هو أن يكون تحت مستوى نظرك قليلاً و أن يبتعد مسافة 50 سم أو أكثر من وجهك . 3- يجب أن تريح عينيك كل 20 دقيقة كأن تنظر قليلا من النافذة أو أن تنظر في ناحية من نواحي الغرفة لمدة 20 ثانية على الأقل . 4- يمكنك أيضاً تعديل و ضبط إضاءة الشاشة بحيث تختار أكثر الأوضاع راحة لعينيك فلولا إختلاف قدرة كل منّا على تحمل هذه الإضاءات ما قامت الشركات المصنعة للشاشات بوضع أدوات لضبط الإضاءة لذا لا تتوانى في الإستفادة منها . 5- و أخيراً إذا لم تنجح هذه الخطوات في إراحة عينيك و تقليل الأعراض السابق ذكرها فيجب عليك إستشارة طبيب العيون فقد تحتاج إلى أدوية بسيطة لإراحة العينين و تقليل التهيج و الإحمرار .