- سألني أحدهم مستغربا : « لماذا يقع الناس في الحب ؟ » ، سؤال غريب ، بسيط لكن الإجابة عليه صعبة ، لم أستطع أن أجيبه لأنه يحتاج إلى روية و خبرة واسعة في الحياة ، طلبت منه أن يمهلني حتى نهار الغد حتى أحاول البحث و دراسة الموضوع من كل الجوانب ، تركته و أنا أحمل بداخلي غموضا كبيرا بدأ ينهش تفكيري نهشا أرق معه بدني .
- لما حل الليل و عم الهدوء داخل البيت و خارجه ، أطفأت الأنوار و تمددت في فراشي و أطلقت العنان لأفكاري لتعبر و تحلل لعلها تجد الجواب ، ... و كل ما إهتديت إليه أن الناس لا تقع قي الحب بمحض الصدفة و إنما هم الذين يبحثون عنه حتى يجدوه هو أو سرابه ، فهم كالغريق الذي يبحث عن قشة كي يتعلق بها ، فهم يفضلون أن يُحبوا و يَتألموا على أن لا يُحبوا و لا يُحَبوا ، فالعالم كبير و الحياة طويلة و الدرب شاق و الوحدة قاتلة ، لا نستطيع أن نواجههم لوحدنا دون أنيس أو رفيق يحمل علينا قليلا من الأعباء ، يطبطب علينا إذا مرضنا ، يروينا إذا عطشنا و يدفعنا إلى الأمام إذا تعبنا ، فهو كالسد ما بين الحياة والضياع .
- طبعا أنا لا أقول بأنه لا حياة بدون حب ، فإنه يوجد أناس لم يعرف الحب طريقا إلى قلوبهم و هم يعيشون معنا ، و لكن أية عيشة هاته ، أكاد أشبهها بالطعام الذي لا ذوق و لا رائحة له ، الحياة من أجل الحياة فقط ، أكل و شرب و نوم ، دون هدف كالحيوانات ... و إني أقسم أن البهائم تحب و تتألم .
- يجب أن لا ننسى أن الحب أنواع ، أسماهم و أعلاهم مرتبة ، حب الله و الحبيب المصطفى صلى الله عليه و سلم ، و هو الحب الروحاني الطاهر المنزه من الشوائب ( نطلب من الله عز و جل أن يجعلنا من أحبابه ) و هناك الحب الدنيوي ، يبدأ من الصغر و بالفطرة مع الوالدين خاصة الأم ... و عندما يشتد عظم الإنسان تبدأ رحلة البحث عن النصف الثاني الذي يبني معه بيت المستقبل و يكمل معه ما تبقى له من الحياة ، و هذا قدر كتبه الله علينا منذ الأزل ... فلقد خلق حواء من ضلع آدم ... حكم على الذكر و الأنثى أن يعيشا مع بعض فكل واحد غطاء و ستر للآخر ... دون أن أنسى حب الماديات كالمال و الجاه و هو أدنى درجة و أبشع صورة قد يظهر فيها ذلك الرباط الطاهر ...
- لم أحس بنفسي إلا و أنا أنهض صباحا ... لقد داهمني النوم في عز تفكيري ... و لما إلتقيت بزميلي أراد أن يعرف جوابي ، فكان ردي : « كما أن الماء و الهواء ضروريان للإنسان لكي يعرف الحياة ، فلابد له من الحب ليتذوقها و يعرف طعمها ...« .