ميز عالم الإنسانيات إيريك ولف علم الإنسان على انه الأكثر علمية من بين جميع العلوم الإنسانية، والأكثر إنسانية من بين جميع علومِ الاجتماعيات. واستعراضنا لتاريخ تطور علم الإنسان سيساعدنا كثيرا في ادراك مدى تكيفه مع كافة المجالات والحقول البحثية.
يدعي علماء الإنسانيات أن عددا من المفكرين الوائل هم السباقون لإيجاد
علم الإنسان وأن علم الإنسان متعدد المصادرو المشارب، لكن يبقى من الأفضل
تحديد رؤيتنا لنشأة علم الإنسان على أنه ثمرة عصر التنوير والنهضة، العصر
الذي بدأت فيه محاولة الأوروبيين لدراسة السلوك البشري بشكل نظامي يخضع
لقواعد وأنظمة فقاموا بدراسة التقاليد والشرائع، والتاريخ، وعلم فقه اللغة وعلم الاجتماع.. في ذلك الوقت تطورت العلوم الاجتماعية بشكل عام ومن بينها علم الإنسان. في نفس الوقت، أتت ردّة الفعل الرومانسية على التنويرِ التي أنجبَت بعض المفكّرين مثل هيردر ولاحقاً وليم ديلتي الذي أسسا مفهوم الثقافة الذي سيحتل موقعا مركزيا في علم الإنسان.
هذه العلوم بمجملها كانت تحاول أن تحل إحدى أهم المعضلات التي تطرحها
الحداثة : ففي حين أن العالم يصبح أصغر وأكثر ترابطا، نجد ان خبرات الأفراد
تتشظى ويصبحون أكثر فردية وانعزالية وهذا ما سجله مبكرا كلرل ماركس
وفريدريك انجلز. و بدل أن يؤدي ذلك الترابط العالمي إلى مزيد من التضامن
الإنساني كانت تزيد النزعات العرقية والطائفية والدينية من انقسام البشر وتمايزهم.
التصنيف: علم الإنسان