الرثاء فى العصر الأموي......
وهو فن استمر فيه شعراء صدر الإسلام والعصر الأموي على ما كان معروفا عند الجاهليين ، فندبوا وأنّبوهم وعزّوا أحياءهم وإن تغيرت مناقب التأبين وتبدلت شمائلها فأصبح المرثي يتصف بالتقوى والإيمان والخير والبر والرحمة والهداية والطهر ومن ذلك رثاء حسان بن ثابت للرسول عليه السلام :
بالله ما حملت أنثــى ولا وضعت مثل النبي رسول الرحمة الهادي
ولا مشى فوق ظهر الأرض من أحد أوفــى بذمــة جاد أو بميعـــاد
مـن الـذي كان نـورا يستضاء به مبارك الأمر ذا حـزم و إرشاد
ومن ذلك رثاء الشماخ بن ضرار الغطفاني لعمر بن الخطاب بعد أن طعنه أبو لؤلؤة المجوسي :
جزى الله خيرا من أمير وباركت عد الله فـي ذاك الأديم الممزق
فمن يجر أو يركب جناحي نعامة ليدرك ما قدّمت بالأمس يسبق
قضيت أمورا ثم غادرت مثلها بوائح فــي أكمامها لـم تفتق
ومن ذلك رثاء متممبن نويرة لأخيه مالك الذي استشهد في حروب الردة :
لقد لامني عند القبور على البكا رفيقي لتذراف الدموع السوافك
فقال : أتبكي كل قبـر رأيته لقبر ثوى بين اللوى فالدوالك
فقلت له : إن الشجا يبعث الشجا فدعني فهذا كلّه قبـــــر مالك
وقد يتناول الرثاء زوجة محببة لدى الشاعر تمنعه العادات أن يزور قبرها فيقول :
لولا الحياء لهاجني استعبار ولزرت قبرك والحبيب يزار
ولهت قلبي إذ علتني كبرة وذوو التمائم من بنيك صغار
صلى الملائكة الذين تخيروا والصالحون عليك والأبرار
أما رثاء الخوارج فيصف مناقب العُباد من قيام الليل وصيام النهار ، يقول عمر بن الحصين راثيا عبد الله بن يحي وأبا حمزة الخارجي :
كم من أخ لك قد فجعت به قوّام ليلته إلــى الفجـــر
متأوه يتلــو قو ارع مــن آي القرآن مفرّع الصــدر
وأبرز ما يقع عليه المرء من الرثاء ، رثاء مالك لنفسه قبل أن يموت :
فيا صاحبي رحلي دنا الموت فانزلا برابيـــــة إنـــي مقيــم ، ليا ليا
خذاني فجرّاني ببرد إليكمـــــــــا فقــد كنت قبل اليوم صعبا قياديا
تذكرت مـن يبكي عليّ فلــم أجـــد سوى السيف والرمح الرديني باكيا