الأخلاق وصلتها بالعقيدة
مما لا مرية فيه ولا شك أن الإسلام شمل في أحواله أخلاق المسلم كلها صغيرها وكبيرها دقيقها وجليلها فردا وأسرة ومجتمعا، ومن شموليةِ هذا الدين وعظمته وجلاله أنه دين الأخلاق الفاضلة والسجايا الحميدة نعم..هذا الدين دين المكارم السامية والمحامد العالية، يقول الإمام ابن القيم - رحمه الله - " الدين كله خُلق، فمن زاد عليك في الخُلقِ زاد عليك في الدين "والعجيب أحبابي الكرام أن الأخلاق والآداب لها صلة وثيقة بعقيدة الأمة ومبادئها، لها صلة قوية عميقة بأهم معالم هذا الدين القويم وهي العقيدة، ذلك أن من مقتضى الإيمان بالله - تعالى -وحده أن يكون العبد المؤمن ذا خلق محمود، والأخلاق السيئة المذمومة دليل على نقص الإيمان أو ضعفه، ولذلك فإنك أخي المشاهد الكريم ويا أختي المشاهدة العفيفة بقدر ما تتصف به من إيمان بقدر ما تتحلى به من مكارم، وبقدر ما يضعف الإيمان بقدر ما تتصف به من خلق ذميم، تنبه لهذا المعنى..
أقول: بقدر ما تتصف به من إيمان بقدر ما تتحلى به من مكارم، وبقدر ما يضعف عندك من إيمان بقدر ما تتصف به من خلق ذميم، وكما أن الأخلاق السيئة الرديئة دليل على النفاق وخلو القلب من الإيمان وحب الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، فالأخلاق الحسنة الجميلة هي عنوان التمسك بالعقيدة ودليل الالتزام بالمبادئ والمثل وتأمل معي جيداً هذه القضايا وهذه المعالم وكيفية ارتباط العقيدة والإيمان بالأخلاق وكيفية ارتباط الأخلاق بالعقيدة والإيمان، فمن مقتضى الإيمان بالله - تعالى - أن يكون العبد المؤمن حيياً، ولذلك لما رأى النبي رجلاً يعاتب أخاه في الحياء قال له: "دعه فإن الحياء من الإيمان" [رواه البخاري] نعم.. دعه فإن الحياء من الإيمان، إنها دعوة صريحة ونداء جلي بأن الحياء من الإيمان، بأن الحياء من صفات المؤمنين، ومن مقتضى الإيمان بالله - تعالى - وحده أن يكون المؤمن رءوفا رحيما، والنبي - صلى الله عليه وسلم – يقول: "ليس منا من لم يرحم صغيرنا، ويعرف حق كبيرنا " [رواه الترمذي] فالعلاقة إذا وطيدة بين الإيمان بالله - تعالى -من وجه وبين الأخلاق وما يتصف به المسلم من وجه آخر، كما أن مقتضى إيمانك أخي المسلم أختي المسلمة أن تكون محتسباً راضياً صابراً بما يقدره الله - تعالى - عليك في هذه الدنيا من خير أو شر، فـليس من الإيمان لطم الخدود، وشق الجيوب، والنداء بدعوات الجاهلية، لمه.. ؟
لأن المعصوم - صلى الله عليه وسلم - قد قرر قضية وحسم أمراً في باب المصائب والبلايا وفي باب المنح والعطايا فقال: "عجبا لأمر المؤمن، إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له" نعم.. إن من مقتضى الإيمان بالله - تعالى - وحده أن يكون المؤمن كريماً جواداً سمحا عفيفاً باسماً مسالماً، فيه من الألفةِ والإخاءِ والرِّفقِ والعطف وحُسنِ العشرة والمعاملةِ والإيثارِ والمواساةِ وتفريج الكرُباتِ وقضاءِ الحاجات ما ينبغي أن يتسم به على الوجه الأكمل، ليحيا في مجتمعه وبين أحبابه محِبًّا محبوبًا رحيمًا مرحومًا، ليحيا في مجتمعه ومع أحبابه حياةً طيّبةً ويعيش عيشةً هنية رضيّة، يسعى جاهداً إلى مكارم الأخلاق فيتحلى بها، وإلى محاسن السجايا فيتصف بها، ليُكملَ إيمانَه ويُثقل ميزانَه في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم،،،