بويع المولى إسماعيل بن علي الشريف مباشرة بعد وفاة أخيه الرشيد سنة 1082هـ، وهو في السادسة والعشرين من عمره، واتخذ مكناس عاصمة له. قام بمنجزات على الصعيدين الداخلي والخارجي من أجل تطوير صرح الدولة المغربية، وتوطيد دعائم الأمن والاستقرار في ربوعها. و تدل مجموع الأعمال التي قام بها المولى إسماعيل على ملكته التنظيمية المتميزة. فكان من أبرز اهتماماته إعادة تنظيم وتجهيز مؤسسة الجيش. فأنشأ جيش العبيد البخاري من السود ( سموا بهذا الإسم نسبة لصحيح البخاري الذي كان هؤلاء يأدون يمين الولاء أو القسم عليه )و الذي بلغ عددهم مائة وخمسين ألفا، وفرقهم في نواحي البلاد وحصنهم في القلاع لضمان الاستقرار والهدوء في مختلف أرجاء مملكته. ووضع نظاما مبتكرا لتربية عبيد البخاري وقد كثروا جدا نتيجة لتزاوجهم وإنجابهم، فكان يأخذ أولا بنات أولئك العبيد من سن عشر سنوات فأكثر فيفرقهن على عريفات القصور، ليؤدبهن بآداب القصور ويعرفهن بأصول الخدمة. بل أنشأ لهن قصرا خاصا للتربية والتأديب..كما يربي الشباب على تعلم مختلف الحرف كالنجارة والحدادة وبقية الحرف، ثم يدربون على فنون القتال وأعمال الجندية حتى إذا بلغوا السن التي تأهلهم انخرطوا في سلك الجندية .
أهم إنجازات المولى إسماعيل داخليا و خارجيا :
داخليا :
حيث عمل مولاي إسماعيل في سنوات حكمه الأولى على القضاء على كل النزعات الانفصالية ، والقبلية .. فنجح في إخضاع القبائل الصنهاجية الذين أعيوا من قبله سلاطين مراكش من الأشراف السعديين بقدرتهم الحربية، وذلك بعد اختراقه لجبال الأطلس ، وعمل كذلك على التوسع شرقا بضم مدينة " تلمسان " إلى مملكته.
حيث أنه يعتبر الباني الحقيقي لمدينة مكناس بأسورها وأبوابها الضخمة و كذا لععد كبير من القصبات بمجموع أنحاء المغرب .
توطيد دعائم الدولة العلوية :
حيث أنه يعتبر الباني الحقيقي لهذه الدولة وقد أتاحت له طول مدة حكمه أن يضع جهازا إداريا قويا استلهم خصائصه من الموروث السعدي خاصة في عهد المنصور الذهبي و كذا من التجربة الإدرية للعثمانين و بعض المظاهر الأوربية .
2 . خارجيا :
اهتم السلطان بعلاقات المغرب الخارجية أيما اهتمام، حفاظا على سمعة المغرب بالخارج. فقد سعت كل من السلكنة العثمانية وفرنسا إلى توطيد العلاقات مع المغرب. كما أن انجلترا قد تنازلت عن مدينة طنجة فاستعاضت طنجة بجبل طارق إرضاء له سنة 1705م ورغبة منها في أن يوقع معها معاهدة للسلام سنة 1133هـ. كما احتفظ مع العثمانيين بعلاقات مميزة، فالتزم بذلك واحتفظ للعثمانيين بعلاقة متميزةّ.
كما عرف عن المولى اسماعيل نشاطه في دعوة ملوك أوربا للدخول في الاسلام، كما يذكر ذلك المؤرخ الفرنسي " سان أولون" بقوله: " ... ويدعو ( أي المولى اسماعيل) المسيحيين للدخول في دين الاسلام، وصدرت منه مكاتيب بذلك لجل دول أوربا، أشهرها كتابه للويس الرابع عشر – ملك فرنسا- يذكره بكتاب النبي صلى الله عليه وسلم لهرقل عظيم الروم، ويدعوه إلى الإسلام".
وقد نجح بسياسته هذه أن يحرر مدن المهدية (1681) وطنجة (1684) والعرائش (1689) وأصيلة (1690) من الاستعمار الأوروبي وكاد يفتح مدينة سبتة لولا وفاته حيث أنه ضرب عليها حصارا شديدا لأكثر من ثلاثين سنة .