في بداية حديثي عن حوادث السير دعوني استعرض بعض المشاهد المأساوية لهذه الحوادث: ام ودعت فلذة كبدها للذهاب صباحا الى الجامعة وقد ناولته احتياجاته وهي تلهج بالدعاء له وبالسلامة والتوفيق وما لبثت ان أتاها خبر وفاته بحادث سير مؤلم.
امرأة اتصلت بزوجها وأوصته بأن يحضر معه بعض الحاجيات عند عودته للمنزل وبعد لحظات يتصل بها مجهول من تلفون زوجها ليخبرها أن صاحب هذا الخط قد تعرض لحادث سير وقد نقل الى المستشفى الفلاني بين الحياة والموت وما هي الا لحظات حتى أصبحت هذه السيدة أرملة وتعيل أسرة كبيرة لم يترك لها زوجها ما تسد به حاجياتها.
رجل وزوجته خرجا في زيارة خاصة وأثناء عبورها الشارع كان الموت ينتظرهما بثوب سائق متهور لا يعرف للإنسانية معنى ليتركا خلفهما أطفالا لا معيل ولا مربي لهم ليتخذوا الشارع لهم مأوى.
طلاب جامعة وقد تخرجوا لتوهم واستلموا شهاداتهم واستقلوا سيارتهم لتنقلهم الى بيوتهم فرحين واذا بسائق حافلة أهوج لم يسعد لسعادتهم يصعد بحافلته فوق سيارتهم فمنهم من توفاه الله ومنهم من أصيب بعاهة دائمة وذووهم ينتظرونهم.
انها بعض الصور والمشاهد التي نعيش احداثها يوميا من جراء حوادث السير وليس لدينا ما نفعله سوى الذهاب إلى تلك الأم المكلومة والأرامل والأيتام والى الاقارب المقربين لتقديم واجب العزاء لهم ومن ثم بعد أيام نذهب لاستقبال الجاهات ونرحب بهم كل ترحيب ونتنازل عن حقوق غيرنا من المكلومين والأرامل والأيتام..
نعم انها مشاهد تتكرر يوميا بل انها حرب تحصد أرواح الشيوخ والنساء والأطفال والشباب وقد أصبحت آفة اجتماعية أخطر مما نتوقع، ذلك ان الاحصائيات تشير إلى مقتل المئات وجرح الاف الاشخاص سنويا عدا عن مئات الملايين من الدنانير التي تذهب هباء منثورا.
انه موضوع جدا مهم ونحن نشاهد كل يوم أبناءنا وبناتنا واباءنا وزوجاتنا وأطفالنا واغنياءنا وفقراءنا وجميع من حولنا يتعرضون لمثل هذه الحوادث المرورية والتي تمر علينا مر السحاب ولم نعط لأنفسنا وقتا يسيرا لنتساءل عن أسباب هذه الحوادث؟ وعلى من تقع المسؤولية؟ وكيف يمكننا تجنبها؟ وكيف نضع حدا لها؟.
فاذا ما تكلمنا عن أسباب حوادث السير فهناك كما هو معروف ثلاثة أسباب رئيسية أولها وأهمها السائق ومن ثم المركبة وأخيرا الطريق: فالسائق يقع على عاتقه 90% من أسباب الحوادث: فالسرعة الجنونية والحمولة الزائدة وعدم الالتزام بقواعد المرور واللوحات الارشادية وعدم تخصيص وقت للراحة. جميع هذه الجوانب تضع السائق في موقع المسؤولية وتجعله يقود مركبته بصورة هستيرية غير مبالٍ بما قد يحدث له او لغيره من مكروه. أما المركبة فتكون من مسؤولية مالكها حيث عدم تأمين الصيانة المناسبة لها وعدم الالتزام بالناحية الفنية للمركبة وعدم توفير أسس السلامة والوقاية للمركبة فتصبح هنا المركبة عبارة عن قنبلة موقوتة قابلة للانفجار في أي وقت وأي مكان مخلفة وراءها القتلى والجرحى والركام.
اما السبب الاخير من اسباب حوادث السير فهو الطريق: فان الطريق ملك للجميع واي خلل بالطريق قد يؤدي الى ايذاء مستعملي هذه الطريق ومن اشكال الخلل الذي نلمسه: نوعية الطريق من حيث النعومة والخشونة والتركيبة، الاختناقات المرورية ، عدم وجود اللوحات الارشادية بالمكان المناسب ، كثرة المداخل والمخارج ، وقوف السيارات على الطريق في الاماكن الخطرة ، سعة الطريق بما يناسب مع حركة المرور. كل هذه المعيقات على الطريق تشتت ذهن السائق مما يجعله يقود مركبته بارتباك.
اما اذا تطرقت للاجابة عن كيفية تجنب حوادث السير أو للتخفيف منها فانه يجب بالبداية التركيز على العنصر والسبب الرئيس لهذه الحوادث وهو السائق فهنا يجب ان يعلم السائق ان دم الانسان مقدس في كل الديانات والمحافظة على حقن دم المسلم من اولويات الشريعة الاسلامية فاذا احس السائق بهذا الشعور الانساني بقلبه وعقله فاني على يقين أن نسبة حوادث السير ستنخفض بشكل ملحوظ.
ومن القواعد الرئيسية التي يجب على السائق الالتزام بها لتجنب وقوع ما لا تحمد عقباه: الالتزام التام بقواعد وارشادات انظمة السير مثل: تحديد المسرب - مسافة الامان بين المركبات - اشارات الالتفاف - والخطوط المرسومة على الشوارع ? اعطاء حق الاولوية.
الالتزام بالسرعة المحددة على الطرقات والعمل على تخفيف السرعة امام المدارس والجامعات والملاعب وقاعات الافراح وعند المرور بالاحياء المكتظة بالسكان وعند مشاهدة اي تجمع بشري.
الحرص على تفقد المركبة بشكل يومي والتأكد من سلامة اجهزتها كالفرامل والاطارات والأنوار.
عدم قيادة المركبة في حالة الشعور بالمرض او النعاس او الارهاق او الشد العصبي او التعب.
يجب على السائق مراعاة الظروف الجوية كالمطر او الضباب او الرياح الشديدة.
يجب على سائق المركبة عدم استعمال المركبة الا لصفة الاستعمال التي رخصت من اجلها فلا ينبغي مثلا استخدام الشاحنات بمختلف فئاتها لتحميل الركاب في الصندوق الخلفي او تحميل المركبة بعدد زائد عن حمولتها لأن اي خطأ قد يودي الى المجازفة بحياة الركاب.
ولما كنت قد تطرقت للسائق كونه العنصر البشري الذي يسبب حوادث السير فيجب عدم اهمال العنصر البشري الثاني والذي قد يكون متهما بتسبب تلك الحوادث وهو عنصر المشاة، فعلى المشاة مسؤولية ايضا في التخفيف من حوادث السير اذا ما تم الالتزام بالجوانب التالية: السير على الرصيف وفي حالة عدم وجود رصيف فيجب السير في اقصى الجانب الايسر للطريق مواجها للسيارات القادمة للتمكن من رؤية السيارات القادمة ولافساح المجال لسائقي السيارات القادمة من رؤيته.
عبور الشارع دائما من الأماكن المخصصة لعبور المشاة والتأكد من خلو الشارع من السيارات.
مراقبة اشارات المرور وعدم عبور الشارع الا اذا كانت اشارة المرور تسمح للمشاة بالمرور والانتظار عند زاوية الرصيف عندما تكون الاشارة حمراء.
وبعد التركيز على العنصر البشري المسبب لحوادث السير فانه يجب الاشارة الى العنصر الثاني وهو الطريق فالمسؤول عن الطريق هي ادارة السير ودائرة هندسة المرور في امانة عمان أو البلديات فهناك بعض الملاحظات التي يجب التنبيه عليها للحد من حوادث السير: اختيار نوعية التركيبة من مكونات الطريق والمناسبة لكل طريق على حدة فمثلا الطريق المنحدرة بحاجة الى تركيبة خشنة لتسهيل سرعة وقوف المركبة المفاجئة.
المحافظة على الطرق من التشققات والحفريات والعمل على انهاء الصيانة في وقت قصير مع وضع اشارات التحذير لذلك.
العمل على بناء الحواجز سواء الاسمنتية او الحديدية على جانبي الطرق التي تكون على جانبيها اودية او منحدرات.
العمل على ازالة الاشجار او العوائق الموجودة على الارصفة والتي تحجب الرؤيا عن المشاة او السائق.
العمل على دمج اصحاب خطوط النقل الفردية ليشكلوا مؤسسات او شركات نقل تؤمن للسائق ظروف حياة وعمل افضل كتحديد ساعات العمل ورفع مستوى دخله مما يسمح له بقيادة مركبته بجو من الراحة النفسية.
المصدر: منتديات أحباب الاردن - من قسم: التوعيه المرورية والسلامة العامة