منتدئ الانوار . قسم الاخبار الوطنية و الدولية- زكرياء صالحي
الجمعة 07 فبراير 2014 - 11:40
[rtl]فرّ على الدوام من عدسات الكاميرا واستجوابات الصحافيين، لدرجة أن اسمه نادرا ما تواجد في صحيفة مغربية حتى وهو من بين المؤسسين للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، النقابة الوطنية للتعليم. الرجل الذي رافق مجموعة من كبار الشخصيات المغربية، وكان بمثابة علبة أسرار الراحلين الفقيه البصري ومحمد عابد الجابري، قبِل أخيرا أن يدلي بشهادته على عدة أحداث مهمة عايشها وكان شاهدا عليها، كي يساهم في إنارة بعض الدروب المظلمة من التاريخ المغربي الحديث، وبالضبط تلك الفترة الحرجة التي استمرت من سنوات الاستقلال إلى تجربة التناوب التوافقي.[/rtl]
[rtl]عبد القادر الحضري، الأستاذ الجامعي المتقاعد، الذي قرر أخيرا الانزواء في منزله بالحي الحسني الدار البيضاء عوض أن يبقى فاعلا في حزبٍ كثُرت ضده الانتقادات، يتحدث في هذا الحوار الحصري الذي تنشره هسبريس على حلقات، عن الأسباب الذي جعلت الحسن الثاني يسقط حكومة عبد الله إبراهيم، وكيف "خان" الاتحاد المغربي للشغل ثقة المنضوين تحته، عارجا على الخلافات الكبيرة التي وقعت بين قادة الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، ثم على اغتيال المهدي بنبركة، فظروف تشكيل الاتحاد الاشتراكي، وعدة أحداث مهمة أخرى في إطار ما يُعرف بسنوات الرصاص.[/rtl]
[rtl](الجزء ال12)[/rtl]
[rtl]كيف كان حزب الاتحاد الاشتراكي يَنْظر لقضية الصحراء؟[/rtl]
[rtl]رغم النتائج الكارثية للديمقراطية بالمغرب بعد التزوير الذي شاب الانتخابات الجماعية والنيابية، فقد استمر حزب الاتحاد الاشتراكي في التعاون بالنسبة لقضية الصحراء المصيرية، وأعطاها كل الجهود والطاقات لتفويت الفرصة على الخصوم الجزائر وإسبانيا اللذان كان يرميان إلى خلق دويلة تُستعمل كمطية ليحقق كل بلد منهما رغبته وتطلعاته على حساب الحقوق الشرعية والتاريخية للمغرب.[/rtl]
[rtl]هكذا بادر عبد الرحيم بوعبيد في وقت بالغ الشدة والإحراج، باقتراح عرض الملف على محكمة العدل الدولية لتقول كلمتها بالنسبة لِما كانت إسبانيا تدعيه من كونها وجدت الصحراء عند غزوها أرضاً خلاءً، أم هي أرض تابعة للمغرب وواقعة تحت سيادته؟ لهذا طلبت الأمم المتحدة من اسبانيا أن لا تقوم بأية مبادرة خاصة، أي أن تُوقف إجراء الاستفتاء الذي كانت تريده في الصحراء، وقد كانت هذه الخطوة مهمة، لأنها أكسبت المغرب الكثير من الوقت.[/rtl]
[rtl]بعد رفع القضية إلى محكمة العدل الدولية، بدأ كل طرف يعد ملفاته. وكان المغرب حريصاً على معرفة موقف الجيران الذين ستطلب هذه المحكمة شهادتهم، ونعني هنا الجزائر وموريتانيا. فالنسبة للأولى فقد كان حكامها متواطئون مع اسبانيا، أما الثانية، فقد كسبها المغرب لصالحه، حيث قام بوعبيد عندما كان مع الوفد المغربي لدى الأمم المتحدة، بإقناع الوفد الموريتاني، على الوقوف إلى جانب المغرب.[/rtl]
[rtl]طيب إن كان بوعبيد حريصاً على الصحراء بهذا الشكل، لماذا بدأ الخلاف بينه وبين الحسن الثاني بخصوص هذه القضية؟[/rtl]
[rtl]لقد كان رأي الإتحاد الاشتراكي في ذلك الوقت، هو أنه لا بديل عن جيش التحرير، مُبدياً استعداده لتكوينه وتحمل المسؤولية الكاملة في ذلك، وقد استنفر بوعبيد الاتحاديين لتنظيم مسيرة بأكادير تتزامن مع وجود الوفد الدولي بها، وأوحى ذلك للمرحوم الحسن الثاني بالمسيرة الخضراء، التي ظلت مفخرة في تاريخ المغرب الحديث، إلا أن تصريح الملك المغربي في ندوة صحفية يوم فاتح يونيو عن عزمه حضور مؤتمر القادة الأفارقة بنيروبي، بمقترح قبول إجراء الاستفتاء لتقرير مصير ساكنة الأقاليم الصحراوية، سيفتح أبوابا كبيرة للخلاف بينه وبين بوعبيد.[/rtl]
[rtl]كان بوعبيد يرى أن مثل هذا القرار لا يجب أن يأتي بهذه الطريقة المسرحية، فإن كان لا بد منه، فيجب أن يأتي نتيجة مفاوضات يتم الاتفاق فيها على مصير الصحراء أولا، بحيث يكون الاستفتاء مجرد تزكية لقرار متخذ وبضمانة دولية، وليس فسحاً للمجال لِما لا يمكن حصره من احتمالات. كان بعض المتخاذلين يُروّجون لحلم كاذب مضمونه أن الإعلان عن القبول بالاستفتاء في مؤتمر القمة الافريقي سيرفع المغرب إلى أعلى مراتب الأخلاق، وأن الجميع، الخصوم قبل الأصدقاء، سيقدرون جهود للمغرب، وسيعمدون إلى انصافه. لذلك أتى بلاغ المكتب السياسي للحزب الاتحادي عقب مؤتمر نيروبي الذي قبل فيه المغرب الاستفتاء، وقد أشار البلاغ إلى رفض الحزب قرار الاستفتاء بمثل هذا الشكل.[/rtl]
[rtl]إذن فالسجن كان هو نتيجة هذا الرفض؟[/rtl]
[rtl]نعم، فقد جاء رد الفعل باعتقال أعضاء المكتب السياسي بمن فيهم عبد الرحيم بوعبيد، الذي عُومل معاملة لا تليق لا بمنزلته الوطنية ولا بدوره في الكفاح من أجل استرجاع صحرائنا المُغتصبة، وقد تمّ وضع المعتقلين في سجن العلو بالرباط أسابيع قبل محاكمتهم بتاريخ الأسبوع الأول من شهر سبتمبر 1981، والتي فيها تمت إدانتهم بسنة نافذة، وبعد ذلك مباشرة تم نفيهم إلى ميسور؛ حيث بقي الإخوة أعضاء المكتب السياسي في السجن إلى أن صدر في حقهم عفو ملكي في فبراير 1982.[/rtl]