أهمية التنوع الثقافي
لثلاثة أرباع الصراعات الرئيسية في العالم أبعاد ثقافية.
ويعد جسر الهوة بين الثقافات أمرا ضروريا وعاجلا للسلام والاستقرار والتنمية.
ويشكّل التنوع الثقافي قوة محركة للتنمية، ليس على مستوى النمو الاقتصادي فحسب بل أيضاً كوسيلة لعيش حياة فكرية وعاطفية ومعنوية وروحية أكثر اكتمالاً، وهو ما تنصّ عليه اتفاقيات الثقافة السبع
التي توفّر ركيزة صلبة لتعزيز التنوّع الثقافي. من هنا، يُعتبر التنوع الثقافي ميزة ضرورية للحدّ من الفقر وتحقيق التنمية المستدامة.
في الوقت عينه، يساهم القبول بالتنوّع الثقافي والاقرار به – عبر الاستعمال الابداعي للإعلام وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات بشكل خاص – في خلق الحوار بين الحضارات والثقافات وفي بلوغ الاحترام والتفاهم المتبادل.
وقد تحوّل تعزيز التنوع الثقافي – "التراث المشترك للبشرية" وفقاً للإعلان العالمي لليونسكو المتعلق بالتنوع الثقافي للعام 2001 – والحوار الناتج عنه الى إحدى القضايا العصرية الأشد إلحاحاً، وبالتالي الى قضية أساسية بالنسبة الى ولاية المنظمة.
الحوار بين الثقافات
يمثّل التبادل والحوار المنصفان بين الحضارات والثقافات والشعوب على قاعدة التفاهم المتبادل واحترام تساويها في الكرامة شرطاً مسبقاً أساسياً لتحقيق التماسك الاجتماعي والمصالحة بين الشعوب والسلام بين الأمم.
ويشكّل هذا العمل جزءاً من الإطار العام لتحالف الحضارات
الذي أطلقته الأمم المتحدة. وبشكل خاص، تحظى مجموعة من الممارسات الجيدة باهتمام خاص ضمن إطار الحوار بين الثقافات الأوسع الذي يشمل ايضاً الحوار بين الأديان بغية تشجيع التعددية الثقافية على المستوى المحلي والاقليمي والوطني وتحفيز المبادرات الاقليمية وشبه الاقليمية الرامية الى إحباط أشكال التطرف والتعصب والتشديد على القيم والمبادئ الآيلة الى جمع الشعوب.
وستواصل اليونسكو ممارسة وظيفتها الرَصدية من خلال إلقائها الضوء على الدور الذي يمكن الثقافة أن تؤديه في حالات النزاع أو حالات ما بعد النزاع كوسيلة للمصالحة عن طريق التراث الثقافي وكمساحة مشتركة للتبادل عبر برنامج طرق الحوار الذي أطلقته.
الحوار بين الأديان
يهدف برنامج اليونسكو للحوار بين الأديان، وهو عنصر أساسي للحوار بين الثقافات، إلى تشجيع الحوار بين مختلف الأديان، والتقاليد الروحية والإنسانية في عالم يتزايد فيه ربط الصراعات بالانتماء الديني.
ويشدد البرنامج على التفاعلات والتأثيرات المتبادلة بين الأيدان من جهة، والتقاليد الروحية والإنسانية من جهة أخرى، والحاجة إلى تعزيز التفاهم بينها من أجل تحدي الجهل والتحيز وتعزيز الاحترام المتبادل.
تعلم فن الحوار هو عملية شخصية واجتماعية على السواء. وتطوير مهارات المرء ومهاراته للحوار ينطوي على رغبة في الانفتاح مع احتفاظه بالحس النقدي. والحوار هو شاغل لنا جميعا: من صانعي القرار والقادة وحتى الأفراد العاديين في كل مجتمع محلي. وإلى جانب المؤتمرات الدولية ذات الصلة التي يراد منها رفع الوعي، تسعى اليونسكو لتعزيز الأنشطة الشعبية، وعلى وجه الخصوص في المناطق ذات الحساسية الجيوستراتيجية، للوصول إلى الفئات المستهدفة مثل النساء، والشباب والمهمشين.
الثقافة والتنمية
يشكل وضع الثقافة في صميم سياسة التنمية استثماراً أساسياً في مستقبل العالم وشرطاً مسبقاً لعمليات عولمة ناجحة تأخذ بعين الاعتبار مبادئ التنوع الثقافي، علماً ان تذكير مجمل الدول بهذه المسألة الأساسية يقع على عاتق اليونسكو.
وقد أثبت فشل بعض المشاريع الجارية منذ السبعينيات أن التطور لا يترادف مع النمو الاقتصادي وحده، بل هو وسيلة لصنع حياة فكرية وعاطفية ومعنوية وروحية أكثر اكتمالاً. ولا يمكن بالتالي فصل التنمية عن الثقافة. ويشكّل تعزيز مساهمة الثقافة في التنمية المستدامة هدفاً تم إطلاقه في إطار العقد العالمي للتنمية الثقافية (1988-1998)، وقد تحقق منذ ذلك الحين نمو ملحوظ بفضل مجموعة من الصكوك الخاصة بوضع المعايير ومن الأدوات الإيضاحية كالإحصاءات الثقافية والجردات ورسم خرائط الموارد الثقافية على المستويَين الإقليمي والوطني.
ويكمن التحدي الأكبر على هذا الصعيد في إقناع صانعي القرارات السياسية والفاعلين الاجتماعيين المحليين والدوليين بدمج مبادئ التنوع الثقافي وقيم التعددية الثقافية في مجمل السياسات والآليات والممارسات العامة، لا سيما عبر الشراكات العامة والخاصة.
وترمي هذه الإستراتيجية من جهة إلى دمج الثقافة في مجمل سياسات التنمية سواء ارتبطت بالتعليم أو العلم أو الاتصالات أو الصحة أو البيئة أو السياحة ( بالانجليزية)، وتهدف من جهة أخرى إلى دعم تطوير القطاع الثقافي عن طريق الصناعات الإبداعية. فبمساهمتها في التخفيف من حده الفقر، تنطوي الثقافة على منافع هامة من حيث تحقيق التماسك الاجتماعي.