riham alami مشرفة على قسم
الدولة : الجنس : عدد المساهمات : 465 نقاط : 5837 تاريخ التسجيل : 13/04/2011
| موضوع: هل إبليس من الجن أو من الملائكة الخميس 10 يوليو - 15:31:19 | |
| الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن آمن به واتبع هداه أما بعد : إبليس عنصر مستقل عن سائر المخلوقات خلقه الله من مارج من نار أي من خالص النار وهو أبو الجنّ أجمعين كما أن آدم أبو الإنس أجمعين ، ومن المعلوم من الدين بالضرورة أن الجنّ فيهم المطيع المثاب من الله بجزيل الثواب ، ومنهم العاصي المستحق للعذاب بقدر معصيته كما أن بني آدم كذلك وعلى هذا دلّت نصوص الكتاب والسنة قال الله تعالى عن أصل خلق إبليس { والجانّ خلقناه من قبل من نار السموم } وقال عز ذكره : {وخلق الجانّ من مارج من نار }. وليس إبليس فرداً من أفراد الملائكة على القول الصحيح . ب : وكان حاله قبل المعصية طيباً فقد كان عبداً صالحاً يتعبد من الملائكة الذين كانوا في الأرض يعبدون الله قبل خلق أبينا آدم عليه السلام فلما خلق الله آدم ونفخ فيه الروح وأمر الملائكة بالسجود له طاعة لله وتكريماً لأدم عليه السلام والسجود لآدم سجود تحية وتكريم وللرب تبارك وتعالى طاعة وامتثالاً لأمره سبحانه ، وكان إبليس كما أسلفت من جملة الملائكة ومعهم وشمله الأمر بالسجود لآدم فأبى واستكبر وحسد آدم وافتخر بعنصره الناري فقال :{أنا خيرمنه خلقتني من نار وخلقته من طين}فلما وقع في المعصية طرده الله من رحمته وأهبطه من السموات العلا والجنة كما قال الله عز شأنه:\" قال اهبط منها \" أي الجنة فما يكون لك أن تتكبر فيها أي : في الجنة لأن الجنة دار طيبة طاهرة أعدها الله للطيبين الطاهرين من الثقلين ـ الجن والإنس ـ وغيرهما من كل عنصر طيب وطاهر فلا تليق بالشيطان وحزبه لأنهم شر الخلق والخليقة وأخبث مخلوقات الله على الإطلاق كما قال الله لإبليس حين أبى أن يسجد لآدم وافتخر بعنصره الناري على آدم وأعجب بذلك {اهبط منها فما يكون لك أن تتكبر فيها فاخرج إنك من الصاغرين} أي : أخرج من الجنة إنك من المهانين الأذلين الحقيرين . قال ابن سعدي رحمه الله في تفسيره ج2 ص 536-537: \" فلما أعلن عدو اللّه بعداوة اللّه، وعداوة آدم وذريته، سأل اللّهَ النَّظِرَةَ والإمهال إلى يوم البعث، ليتمكن من إغواء ما يقدر عليه من بني آدم. ولما كانت حكمة اللّه مقتضية لابتلاء العباد واختبارهم، ليتبين الصادق من الكاذب، ومن يطيعه ومن يطيع عدوه، أجابه لما سأل، فقال: { إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ } { 16 - 17 } { قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ } أي: قال إبليس - لما أبلس وأيس من رحمة اللّه - { فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ } أي: للخلق { صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ } أي: لألزمن الصراط ولأسعى غاية جهدي على صد الناس عنه وعدم سلوكهم إياه. { ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ } أي: من جميع الجهات والجوانب، ومن كل طريق يتمكن فيه من إدراك بعض مقصوده فيهم. ولما علم الخبيث أنهم ضعفاء قد تغلب الغفلة على كثير منهم، وكان جازما ببذل مجهوده على إغوائهم، ظن وصدق ظنه فقال: { وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ } فإن القيام بالشكر من سلوك الصراط المستقيم، وهو يريد صدهم عنه، وعدم قيامهم به، قال تعالى: { إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ } . وإنما نبهنا اللّه على ما قال وعزم على فعله، لنأخذ منه حذرنا ونستعد لعدونا، ونحترز منه بعلمنا، بالطريق التي يأتي منها، ومداخله التي ينفذ منها، فله تعالى علينا بذلك، أكمل نعمة. وأما خلق الله لإبليس فهو قبل خلق آدم عليه السلام كما هو صريح القرآن الكريم إذ قال الله تعالى : { ولقد خلقنا الإنسان من صلصال من حمأٍ مسنون ، والجانّ خلقناه من نار السموم } وروى مسلم في صحيحه عن عائشة رضي الله عنه قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : \" خلقت الملائكة من نور ، وخلق الجانَ من مارج من نار ، وخلق آدم مما وصف لكم \" . وقد جاء في القرآن الكريم وصف خلق آدم على ثلاث صفات : الصفة الأولى : من سلالة أي تراب . الصفة الثانية : الطين ، والصفة الثالثة : الصلصال . وقد دلّ على الصفة الأولى قول الله تعالى : { ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين} ودلّ على الصفة الثانية قوله تعالى : { إنا خلقناهم من طين لازب } أي خلقنا أصلهم آدم أبا البشرية من طين ، والصفة الثالثة الصلصال وقد دلّ على هذه الصفة قوله تعالى {ولقد خلقنا الإنسان من صلصال من حمأٍ مسنون} أي خلق الله آدم من صلصال من حمأٍ مسنون يعنى من طين قد يبس بعد ما خُمِّر حتى صار له صلصلة وصوت كصوت الفخار ، والحمأ المسنون هو الطين المتغير لونه وريحه من طول المكث . وختاماً فإن أبرز فائدة من قصة سجود الملائكة لآدم طاعة لله وتكريماً لآدم ، ومعصية إبليس باستكباره وإبائه من السجود هي التنبيه لبني آدم على وجوب الالتزام بطاعة الله جملة وتفصيلاً رجاء رحمته عز وجل ووجوب ترك المعاصي جملة وتفصيلاً خوفاً من عقوبته سبحانه وما ذلك إلا لأن فعل الطاعة وترك المعصية سببان في الحصول على رحمة الله في الدنيا والآخرة والأمن من عقوبة الله العاجلة والآجلة . وأما سؤال السائلة عن المدة التي عبدها إبليس قبل المعصية فإنه لا فائدة من ورائه . لأن الله قد أحبط عمله الذي عمله قبل كفره واستكباره بكفره واستكباره الذي صار به ملعوناً أثيماً وشيطاناً رجيماً . وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه . |
|