الأغذية المعدلة وراثيا وآثارها الإيجابية والسلبية
تعد الأغذية المعدلة من الموضوعات الساخنة ما بين معارض ومؤيد، وقد غطت الأخبار الصحفية والعلمية في الآونة الأخيرةاعترضت في مجملها على الأغذية المعدلة وراثياً، وهناك أبحاث ودراسات حديثة كانت أيضاً محل خلاف وجدل عن تأثيرات وعواقب الهندسة الوراثية على الأغذية.. تلك الأمور وغيرها تصدرت اهتمامات ومشاعر الناس وشكوكهم في الأغذية المعدلة. ولما كان هناك الكثير من التساؤلات والاستفسارات التي طرحت، إضافة إلى المطالبات بتكثيف الأبحاث والدراسة للتأكد من سلامة استخدام هذه الأغذية، ومطالبات أخرى بإنشاء نظم واجراءات جديدة لتقنين التعامل مع الأغذية المعدلة بأمان، سأحاول التطرق لأهم المحاولات والقضايا مدار البحث وايضاح بعض الجوانب المهمة حيال هذا الموضوع.
الأغذية المعدلة وراثيا هي الأطعمة المشتقة من الكائنات المعدلة وراثيا. وقد أدخلت بعض التغييرات إلي الحمض النووي للكائنات المعدلة وراثيا عن طريق الهندسة الوراثية، على عكس الكائنات الغذائية المماثلة التي تم تعديلها من أسلافها البرية من خلال التربية الانتقائية (تربية النبات وتربية الحيوان) أو تربية الطفرات. قد طرحت الأغذية المعدلة وراثيا لأول مرة في السوق في وقت مبكر 1990s. وعادة ما تكون الأغذية المعدلة وراثيا منتجات نباتية معدلة وراثيا : فول الصويا والذرة والكانولا، وزيت بذور القطن، ولكن المنتجات الحيوانية قد تم تطويرها. على سبيل المثال، في عام 2006 تم تعديل خنزير هندسيا لإنتاج الأحماض الذهنية أوميغا 3 من خلال التعبير عن الجينات والذي يكون إنتاجه مثيرا للجدل. كما توصل الباحثون إلى تطوير سلالة معدلة وراثيا من الخنازير التي تكون قدرتها على امتصاص الفوسفور المصنع أكثر كفاءة، ونتيجة لذلك انخفض محتوى الفوسفور من السماد بمقدار 60 ٪.
إن الطريقة التقليدية للـزراعة تشمل مرور مئات أو آلاف الجينات، بينما التقنية الحيوية تسمح بمرور جين واحد أو أكثر من الجينـــات المرغــوبة فقط، هذا العلم الحديث الأكثر دقة يسمح للمزارعين بتطــوير المحاصيل بخواص مفيـدة، والتخلص من الخواص غير المرغـــوبــة.
وعلى سبيل المثال تمكَّن المختصون في الوراثة النباتية من عزل الجين ( المورثة ) المسؤول عن مقاومة الجفاف، وإدخاله في نباتات أخرى مختلفة، وبهذا ستكتسب النباتات الجديدة المعدلة أيضاً خاصية مقاومة الجفاف ولا تقف العملية عند نقل الجينات من نبات لآخر، ولكن يمكن أيضاً استخدام جينات من كائنات حية غير نباتية، إن الأمراض والآفات الحشرية التي تصيب نبات الذرة أو محاصيل زراعية أخرى موجودة بشكل طبيعي في البكتيريا التي تقوم بإنتاج بروتين بلوري يعتبر قاتلاً ليرقة الحشرة، وجينات البروتين البلوري البكتيرية المنشأ يمكن نقلها إلى الذرة لإكسابها خاصية مقاومة الأمراض الحشرية، وباستخدام تقنية مماثلة يمكن إنتاج فواكه وخضراوات طيبة المذاق وتحسين الخواص مثل الطماطم الأفضل في محتوياتها وتحسين خاصية بقائها وخزنها لمدة أطول مع الاحتفاظ بنضارتها، كذلك تحسين القيمة الغذائية لبذور بعض النباتات التي تنتج زيوت، مع الإقلال من كميات الدهون المشبعة في محتواها. وبهذا يتم التوصل إلى أغذية أفضل من الناحية الغذائية والصحية.
سلبيات الأغذية المعدلة وراثيا
تساهم في تسرب السموم في الأغذية نفسها، وفي المواد المضافة للأغذية وأيضا في تسربها في المحيط الذي تنتج فيه هذه المواد الغذائية، لأنها تجعل هذه المنتوجات كبيرة في الحجم، وطعمها يميل إلى الملوحة، ولونها يميل إلى الأبيض، وأيضا استهلاك هذه المواد بكثرة ينتج عنه الإدمان على تناولها، كما أنها لا تتعرض للتلف بسرعة فالمواد المضافة للمنتوج تجعله قادرا أكثر على مقاومة الظروف الطبيعية.
أيضا من بين سلبيات الأغذية المعدلة وراثيا أنها تلوث كثيرا الجو والأرض والمحيط الذي تعيش فيه، ما يعني أن حشرة يمكن أن تأخذ السم الموجود فوقها وتنقله للإنسان، وهذه المواد تنتج سموما تختلف يوما بعد الآخر، وتتطور بسرعة. ويمكن أن يصاب الطفل بتسمم وهو في طور النمو ببطن أمه، مما ينتج عنه إصابته بتشوه، كما يمكن أن تصاب الأم بإجهاض.
فقد أجريت دراسة حديثة في أبريل 2011 من طرف طبيب مسلم مقيم بكندا تحت إسم «دراسة تشيربوك» أكدت أن هناك في دم المرأة الحامل وفي حليب الأم المرضع هناك بقايا سموم المواد الغذائية المعدلة وراثيا، لذلك حثت الدراسة على أن الأم يجب أن لا تستهلك هذه المواد لأنها تعرض صحة طفلها للخطر سواء في طور التكوين فتحدث له تشوهات خلقية في العمود الفقري والمخ، وإما أن تجهض الأم جنينها، هذه البقايا تسمى«gluphosate et glufosinate».
كما يمكن لهذه المواد أن تكون سببا في ظهور سرطانات أغلبها سرطان القولون والمعدة، وأمراض الدماغ وخلايا الدماغ، الذي ينتج عنه الزهايمر والبنكينسون والأمراض الكثيرة التي أصبحت منتشرة في الآونة الأخيرة، والتي تكون نتيجة لما استهلكه الشخص قبل عشر سنوات مضت.
إيجابيات الأغذية المعدلة وراثيا
زيادة الإنتاجية : معظم نباتات المحاصيل المعدلة وراثياً كان الهدف منها زيادة الإنتاج وذلك بإحدى طريقتين ، أما تقليل تكاليف مدخلات الإنتاج أو زيادة إنتاج المحصول. ومن أهم الأمثلة لتقليل تكاليف الإنتاج هو نقل جينات بي تي المأخوذة من البكتريا التي تعيش في التربة. وهذه الجينات تعطي المقاومة لكثير من الحشرات. والمحصولات عبر الجينية التي تحمل قد زرعت في مساحات واسعة جداً حيث بلغت المساحة حوالي 7 مليون هكتار من الذرة الشامي المهندس وراثياً، ومليون هكتار من القطن الذي يحمل أيضاً جينات بي حيث وجد أن تكاليف استعمال المبيدات الحشرية في البطاطس المهندس وراثياً قد تناقصت إلى %40.
المثال الثاني لتقليل تكاليف المدخلات هو استخدام وزراعة أصناف مقاومة لمبيد الحشائش من محاصيل القطن، فول الصويا والذرة الشامي الذي تنتجه.
تحسين الجودة : لقد تركزت أبحاث الهندسة الوراثية في الجيل الثاني للنباتات المعدلة وراثياً لتحسين الصفات الغذائية والجودة والملاءمة لعمليات التصنيع المختلفة. لقد تمكن العلماء والباحثون من انتاج محاصيل معدلة وراثياً بها كميات إضافية من الفيتامينات والمعادن – وهذا النوع من العناصر الغذائية يحتاجها الإنسان الذي يعيش في الدول النامية، حيث يعاني من فقر الغذاء الذي يتناوله. ولكن نجاح هذه التقنيات وفائدتها ليس فقط لإنسان الدول النامية بل أيضاً سوف يستفيد إنسان الدول الغنية وذلك بحصوله على منتجات محاصيل مهندسة وراثياً خالية من الآثار الضارة بالصحة نتيجة لوجود بعض الدهون والبروتينيات بها. مثال لذلك إنتاج أصناف من فول الصويا تحتوي على دهون صحية منقوصة فيها نسبة الأحماض الدهنية.
وبالطبع تحسين الجودة والقيمة الغذائية ليس لفائدة الإنسان فقط بل يمكن أيضاً تطبيقه على تحسين الصحة والتغذية وتقليل المخاطر على صحة الحيوان.