يا ابن آدم أتدري ماذا يقول ملك الموت و أنت نائم على خشبة الغسل ينادي عليك و يقول يا ابن آدم أين سمعك ما أصمّك ؟ , أين بصرك ما أعماك ؟ , أين لسانك ما أخرسك ؟ , أين ريحك الطيّب ما غيّرك ؟ , أين مالك ما أفقرك ؟ .
فإذا وُضِعْتَ في القبر نادى عليك الملك يا ابن آدم جمعت الدنيا أمْ الدنيا جمعتك ؟ . يا ابن آدم تركت الدنيا أمْ الدنيا تركتك ؟ . يا ابن آدم استعددت للموت أمْ المنيّة عاجلتك ؟ , يا ابن آدم خرجت من التراب و عدتَ إلى التراب ... خرجت من التراب بلا ذنب و عدتَ إلى التراب و كلّك ذنوب . فإذا ما انفض الناس عنك و أقبل الليل لتقضي أول ليلة صبحها يوم القيامة , ليلة لا يؤذن فيها الفجر , لم يقل المؤذن يومها حي علي الصلاة ... انتهت الصلاة ... انتهت العبادات ... إنّ الذي سيؤذّن فجرها هو إسرافيل . أيتها العظام النخرة, أيتها اللحوم المتناثرة قومي لفصل القضاء بين يديّ الله رب العالمين . إن الله يقول : و نُفِخَ في الصور فجمعناهم جمعاً . و يقول أيضا ً: و حشرناهم فلم نغادر منهم أحداً .
وعندما يُقبلْ عليك ليل أول يوم في قبرك ينادي عليك مالك الملك و ملك الملوك يقول لك : يا ابن آدم رجعوا و تركوك في التراب , دفنوك و لو ظلّوا معك ما نفعوك , و لمْ يبقَ لك إلا أنا الحيّ الذي لا أموت ... يا ابن آدم من تواضع لله رفعه و من تكبّر و ضعه الله .
عبدي أطعتنا فقربناك , و عصيتنا فأمهلناك , و لو عُدْتَ إلينا بعد ذلك قبلناك .
إنّي و الإنس و الجنّ في نبأ عظيم , أخلُقُ و يُعْبَدُ غيري , أرزق و يُشكر سواي . خيري إلى العباد نازل و شرّهم إليّ صاعد . أتحببّ إليهم بنعمي و أنا الغنيّ عنهم و يتباغضون عنّي بالمعاصي و هم أفقر شيء إليّ .