الحواس والاتصالات السلوكيةجدجد الآجام الأخضر الكبير، إحدى أنواع الحشرات المُصدرة للصوت.
وسائل الاتصالات أساسية ومتعددة ومتنوعة بين كل الحشرات، وهي تلعب دورا
حيويا فيما بينها، فالعديد من الحشرات يمتلك أعضاءً حسيّة حساسة جدا أو
متخصصة بحاسّة واحدة أحيانا، ففي الظلام والتزاحم في بيوتها يُلاحظ أنها
ترسل رسائلها باللمس والشم، وبعض الحشرات كالنحل تستطيع أن ترى موجات الأشعة مافوق البنفسجية أو تحدد أشعة الضوء المستقطب، وملكات النحل وفصائل الدبابير والزنابير
المختلفة تفرز كيماويات طيارة بالهواء تسمى الفورمونات تنشط أعضاء
المستعمرة للعمل كوحدة واحدة، ولو أقدمت حشرات غريبة على وطأ العش فإنها
تتسارع لمهاجمتها بسرعة. وكذلك الأمر بالنسبة للعث،
فالذكور منها قادرة على تحديد فورمونات الأنثى بواسطة قرونها الاستشعارية
من على بعد العديد من الكيلومترات. وتتبع الحشرات الاجتماعيّة وسائل مختلفة
للتواصل مع بعضها، فعند البحث عن الطعام مثلا تقوم إحدى النملات الشغّآلة
بإطلاق روائحها في خط سيرها لتتبعها الشغالات الأخريات للعثور على مورد
الغذاء والعودة به للوكر، بينما نحلة العسل الشغالة ترقص لتشير إلى أماكن
الطعام لزملائها التي تتجه إليه مهما كان بعيدا عن القفير (حتى ولو كانت
على بعد 10 كم).
[66]هناك علاقة عكسيّة بين حواس الرؤية، اللمس، والشم لدى الحشرات؛ فكلما
كانت إحداها حادة يُلاحظ أن الأخرى تكون أقل أهمية بالنسبة للحشرة أي أقل
حدة، فالحشرات ذات العيون المتطوّرة يكون لديها في العادة قرون استشعار
بسيطة أو قصيرة والعكس صحيح. وهناك مجموعة من الآليات التي تميّز الحشرات
بواسطتها الصوت، إلا أنها ليست مألوفة ومشتركة بين جميع الفصائل، إلا أن
النمط العام يُظهر بأنه إن كانت الحشرة قادرة على إصدار الأصوات فهي قادرة
على سماعها أيضا إلا أن نطاق تلقيها للموجات الصوتيّة ضيّق جدا بحيث قد
يكون مقصورا فقط على الموجات الصوتية التي يُصدرها النوع بنفسه دون أي
أصوات أخرى.
[67] إن بعض أنواع العث الليليّة قادرة على تلقّي الأصوات مافوق السمعيّة التي تصدرها الخفافيش،
وهي بهذا تستطيع أن تتفادى الافتراس؛ كما وإن بعض الحشرات المفترسة أو
الطفيليّة قادرة على سماع الأصوات الخاصة بطريدتها أو مضيفتها، وللحشرات
مصاصة الدماء بنية حسيّة خاصة تساعدها على تحديد الأشعة تحت الحمراء، وهي تلجأ إلى هذه الطريقة لتحديد موقع مضيفها.
رسم يبيّن الأعضاء الحسيّة في الحشرات.
إن البعض من هذه الأصناف الأخيرة من الحشرات تمتلك المقدرة على إدراك الأعداد،
[68] ففي أنواع الزنابير الانفرادية التي تعتمد على نوع واحد من الطرائد في
غذائها تقوم الأم بعد أن تضع بيضها في خلايا تحوي كل منها بيضة واحدة،
بإحضار عدد من اليرقات الحيّة والتي تضعها بالقرب من كل بيضة على حدى كي
تتغذى عليها الصغار عند الفقس. وبعض فصائل الزنابير تقوم دائما بتأمين نفس
العدد من اليرقات لإطعام صغارها، فبعضها يأتي دوما بخمسة يرقات والبعض
الآخر بإثنا عشر يرقة بينما يقوم البعض الآخر بتأمين ما يزيد على 24 يرقة
لكل خليّة على حدى، ويختلف عدد اليرقات التي تؤمنها الأم باختلاف الفصيلة
إلا أنه يكون هو دائما نفسه بالنسبة لجنس العذراء أي أن عدد اليرقات التي
تحضرها الأم لصغارها الإناث يكون هو نفسه بالنسبة لجميع الصغار من هذا
الجنس وكذلك بالنسبة للذكور. تكون ذكور الزنابير الانفرادية المنتمية لجنس
"إيومنس" (باللاتينية:
Eumenes) أصغر من الأنثى، لذا فإن الأم من أي من الفصائل المنتمية لهذا
الجنس تؤمن 5 يرقات فقط لصغارها الذكور، بينما تؤمن 10 يرقات لصغارها
الإناث الأكبر حجما؛ وبعبارة أخرى فإن الأم قادرة على أن تميّز العدد 5 و
10 لليرقات التي تعود بها لصغارها، وأيضا أي من الخلايا تحوي ذكرا وأي تحوي أنثى.
وبالنسبة للحشرات التي لا تعيش في مجتمعات فإن وسائل الاتصال لديها تظهر أهميتها في التزاوج والدفاع عن أنفسها كالصرصار والجندب،
حيث يجذبون شريكهم بالأصوات ثم يحكون جزءا من أجسامهم مع جزء آخر لتوليد
أصوات متكررة في فترة معينة يسمعها الذكور والإناث من خلال آذان خاصة لتحس
بأغاني ونداءات الآخرين والدعوة للتزاوج. وبعض الحشرات تلتقط الأصوات بقرون
الاستشعار، فالبعوض يلتقط أصوات رفرفة الإناث بقرون استشعاره ذات الأهداب. والحشرات عادة تفرز روائح الفورمونات للإعلان عن وجودها ورغبتها في التزاوج.