كثيراً
ما نسمع عبارة أن السهم الفلانى جيد أساسياً أو يمثل فرصة تاريخية من
ناحية التحليل الأساسى ثم نسمع عن المشهيات الخاصة مثل مكرر الربحية
المنخفض و القيمة العادلة المتوقعة و القيمة الدفترية و الإحتياطيات السرية
الكامنة
المشكلة
فى مثل تلك التوصيات أنها إختزلت التحليل الأساسى فى جزئية صغيرة أو فى
الخطوة الأخيرة منه المتمثلة فى تحليل القوائم المالية للشركات و تجاهلت
المناخ العام المحيط أو فيما يمكن أن نطلق عليه الإقتصاد الكلى ثم تجاهلت
طبيعة السوق و تصنيفه من حيث النوعية الغالبة لمتداوليه و هل هم مضاربين أم
مستثمرين أو حتى على مستوى عمق السوق أو تماثله مع الهيكل النموذجى
للأسواق المالية
و
عندما تبدأ النقاش مع أحد المحللين الأساسيين حول عدم ملاءمة المناخ
الحالى للإستثمار و المشاكل التى تواجه الإقتصاد الكلى فإنه يجيب بكل ثقة
أنها ظروف إستثناءية يمكن أن تنقلب فى أسبوع و نرى وجهاً أخر للسوق و
الإقتصاد و تجده لا يكترث بما يحدث على الصعيد العام بل يتحدث بثقة عن
الدعم الذى سوف تلاقيه الشركات المدرجة لأنها تمثل الإمارة أو أن احد
الأذرع الإستثمارية للإمارة مساهم رئيسى بها و لن يتركها تهوى إلى الجحيم و
طبعاً عندما يتحدث أحد عن الدعم لا يقول لنا طبيعة هذا الدعم أو شروطه أو
إلى أى مدى سيصل
و
تتناسى تلك النوعية من المحللين أنه منذ بداية الأزمة المالية و الجميع فى
إنتظار الدعم المقدم للسوق و لم يحدث و لكن هو التعلق بالأمل و التمسك
بالعاطفة أو الإصرار على الرأى و بات الأمر يماثل أن المحللين الأساسيين
بإنتظار الفانوس السحرى الذى سوف يحل كل المشاكل فى غمضة عين و التأكيد على
أعضاء المنتديات بأن الحل قادم و آت و أن الصبر مفتاح الفرج و ما عليكم
سوى الشراء ثم معاودة الشراء لأن الفرص تاريخية
و
حتى يمكننا محاولة التعرف على التوجه المستقبلى لأسواق المال المحلية فإنه
علينا قراءة الوضع السابق لطبيعة الإقتصاد الكلى كمحرك رئيسى للأحداث ثم
قراءة المعطيات الحالية لإستشراف المستقبل
الإشكالية
الرئيسية التى تواجهنا عند التعرض للإقتصاد الإماراتى تتمثل فى طبيعة
النظام السياسى الذى يلقى بظلاله على طبيعة الحركة الإقتصادية فنجد أنفسنا
فى حالة تشتت ما بين الكل و الجزء و على أى منهم نرتكن
فطبيعة
نظام الإتحاد الكونفيدرالى تجعلنا فى الكل أمام كيان واحد يمثل الإتحاد
أمام المجتمع الدولى بينما عند التعمق فى الجوهر سنجد أننا بصدد كيانات
مستقلة إقتصادياً و تنظيمياً و إدارياً تمثل الجزء و لتبسيط الأمر على
القارئ فإننا عندما نتعرض للإقتصاد الإماراتى تظهر لنا ثلاث كيانات رئيسية
:-
-
الكيان الإتحادى الممثل فى دولة الإمارات العربية المتحدة كوحدة سياسية
لها مقعد واحد بالأمم المتحدة و تمثيل موحد فى المحافل السياسية و الرياضية
تحت علم واحد
- كيان إمارة أبو ظبى و ما تمثله من الركيزة الرئيسية فى الإتحاد الكونفيدرالى و الثراء النفطى و أكبر صندوق سيادى بالعالم
- كيان إمارة دبى و ما تمثله من تحقيق المستحيل و الطفرة الهائلة التى أذهلت الجميع و جعلتها تتبوأ مقاعد الصدارة العالمية
و
للتدليل على التصنيف المذكور فهناك سوق مالى لكل إمارة يعمل بصفة مستقلة
تحت مظلة السلطة الحكومية بالإمارة له قواعد مختلفة و أوراق مالية مدرجة
مستقلة به بينما نجد كياناً إتحادياً تمثله هيئة الأوراق المالية و السلع
تقف مكتوفة الأيدى بخلاف دوائر المالية بكل إمارة و طبيعة علاقة كل إمارة
بالعالم الخارجى و ...الخ
و
قد ظهرت هذه الإشكالية بوضوح خلال أزمة ديون دبى العالمية و ما تناقلته
الصحف العالمية من مقالات حول الأزمة فوجدنا الجميع يتحدث عن الجزء لا الكل
فكان محور الحديث عن الأزمة فى إمارة دبى و ما سوف تقدمه الجارة الغنية
أبو ظبى من دعم و بات الأمر أن الجزء قد إحتل صدارة الحديث بينما توارى
الكل " الكيان الإتحادى " من على صفحات الصحف
من
هذا المنطلق يمكن إختزال الإشكالية فى غموض الموقف فهل علينا أن نتعاطى مع
البيانات الإقتصادية للكيان الإتحادى ككل أم نتعاطى مع المشاكل التى تواجه
إقتصاد دبى أم نتعاطى فيما سوف تقوم به إمارة أبو ظبى من تحركات لإحتواء
الموقف
إذاً
المشهد خلال المرحلة الماضية كان يتسم بنوع من المزج بين الكل و الجزء و
كانت الأمور تسير بشكل طبيعى لأنه فى الطفرات و الصعود و حالات الرخاء لا
تظهر لنا الإشكاليات بينما بدأنا نستشعرها مع بدايات الأزمة و مع إشتداد
الأزمة بدأت تظهر الإشكالية بوضوح و بدا الجميع يتلمسها كأمر واقع له
دلالته على مجريات الأحداث
هذا ما كان سابقاً !!!!! فماذا تقول المعطيات الحالية ؟؟؟؟؟؟؟
قبل
التطرق للمعطيات الحالية فإن أمانة العرض تحتم علينا ضرورة التأكيد على أن
أى تحليل للوقائع الحالية تمثل وجهة نظر شخصية فى قراءة المعطيات و
الأخبار لأننا جميعاً لا نملك أى معلومات أو بيانات دقيقة حول طبيعة ما
يحدث فى ظل ضبابية الموقف و ما نراه من قرارات مفاجئة و عدم نشر أى معلومات
مستقبلية عن التوجه العام و لذلك ما علينا سوى إعمال العقل و المنطق فى
تحليل الوقائع لمحاولة إستبيان مردودها المستقبلى من خلال وضع كل خبر بجوار
الأخر و كل قرار بجوار ما تلاه كمن يحاول تجميع صورة الموزايك حتى نستطيع
التوصل لحل اللغز
فى
البداية علينا التركيز على أحد أهم الإرهاصات الهامة التى كان يجب أخذها
فى الإعتبار كمؤشر لإستمرار الحالة المتردية للسوق و المتمثلة فى قرار
تطبيق الخانة العشرية الثالثة لأسعار الأسهم و أن اللجوء لهذا الأمر كان
يعنى أن هناك يقيناً لدى مسئولى السوق بإستمرار تلك الحالة و هذا لا يعنى
أنها رغبة شخصية أو خضوعها لنظرية المؤامرة و لكن لأنهم كانوا يرون الصورة
ككل و نعنى هنا الحالة العامة للإقتصاد و ما سوف يدور مستقبلاً و نكاد نوقن
أن هذا القرار قد تم إتخاذه من أعلى المستويات
سيقول قائل و إلى متى ستستمر هذه الحالة المتردية ؟؟؟؟؟؟؟؟
بالطبع
هناك بعض الأخبار التى تواترت و تشير إلى أننا بصدد عملية إعادة هيكلة
للمنظومة الإقتصادية سواء على مستوى الكيان الكل أو كيانات الجزء و أننا فى
طريقنا إلى مرحلة جديدة سيبزغ فيه نجم الكيان الكل بينما ستعمل كيانات
الجزء كأذرع مساعدة لدعمه و توطيد مركزه و من أهم هذه الأخبار :-
-
ما تواتر من أنباء عن إسناد عملية دمج الأسواق المالية للدولة إلى إحدى
الشركات الإستشارية لتقييم أصول كل سوق تمهيداً لعملية الدمج و هو ما يعنى
أن الكيان الجديد للسوق سيتبع الكيان الإتحادى و بالتالى تفعيل دور هيئة
الأوراق المالية و السلع على رقابة الأسواق و إعادة الحصان أمام العربة
كوضع منطقى سليم
-
تحول شركة أبار إلى شركة مساهمة خاصة و هو ما يشير إلى إبعاد الأوراق
المدرجة التى تمثل أذرعاً إستثمارية رسمية أو شبه رسمية عن الأسواق و
بالتالى إنهاء السيطرة الحكومية على آليات السوق و نتوقع المزيد القادم فى
الطريق على نفس شاكلة أبار أو من خلال طرح الحصص الحكومية فى الشركات للبيع
و من ثم نحن بصدد تخفيض سيطرة الجزء و ترك المساحة كاملة للكل
-
ما تواتر من أخبار عن إكتتابات قادمة فى الطريق سيكون طريقها للسوق الجديد
أو الكيان الموحد المنتظر و بما يعنى الإتجاه إلى دعم الكيان الجديد و
توطيد مركزه و ضخ دماء جديدة تتيح الفرصة لتنوع البدائل الإستثمارية كأحد
أهم العوامل لجذب السيولة للأسواق
طيب ما هى الزبدة بعد كل هذا السرد الكلامى و الكلام المنمق و بالطبع الزبدة يعشقها أخونا جمبرى
الزبدة
تقول أن مراحل إعاد الهيكلة تتسم بالركود الذى يتخلله فترات صعود قصيرة مع
هبوط أطول و بالتالى فإن من يمتلك الكاش فعليه الإنتظار خارج الخطوط و عدم
المجازفة فى الدخول و التوسع فى إستخدام سياسات الأستوب لوز أما من يمتلك
الأسهم فقراره ينبع من داخله وفقاً لإحتياجاته فإذا كان لا يحتاج للسيولة
فالإنتظار و التعامل بأسلوب المستثمر طويل الأجل أما من يحتاج للسيولة فهو
قراره بالبيع أو التعامل بمرونة مع متغيرات السوق فى حركات بيع و إعادة
شراء بهدف توليد سيولة من فارق البيع و إعادة الشراء