تسرف الولايات المتحدة الأمريكية في استخدام حق الاعتراض «الفيتو» على مشروع القرارات في مجلس الأمن، وجاء هذا الإسراف الأمريكي لحماية إسرائيل من الإدانة بالفعل الفاحش الدولي الذي يتناقض مع أحكام القانون الدولي العام الذي تحرم أحكامه العدوان على الغير الذي صنفته اتفاقية فيينا عام ١٨١٥م بالإرهاب بتقريرها القاطع عند تعريفها للإرهاب بالعدوان على الغير، ولما كان «الفيتو» الأمريكي في كل مرة استخدم فيها كان يرمي إلى حماية العدوان الإسرائيلي على الغير، أصبح «الفيتو» في ذاته عملاً إرهابياً تمارسه أمريكا بعمد وإصرار تحت ضغوط الدهلزة الصهيونية المؤثرة على الحياة العامة في الولايات المتحدة الأمريكية إلى الدرجة التي جعلت مصالح إسرائيل عند أمريكا أهم بكثير من مصالح الوطن الأمريكي.
هذا الموقف الغريب الأمريكي يفسره دور جماعات الضغط التي تعمل من مواقع غير رسمية وبصورة خفية بهدف توجيه القرار السياسي الأمريكي لمصلحة إسرائيل التي تستطيع بهذه الدهلزة التي تمارسها التأثير على الوجود من عدمه في المناصب العليا بالولايات المتحدة الأمريكية ابتداءً من الرئيس الأمريكي وامتداداً إلى الشيوخ في الكونجرس..
وعندما حاول الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون في ولايته الثانية ان يخرج عن ضغوط الدهلزة الصهيونية دبرت له جماعات الضغط الصهيونية فضيحة التنصت التي من خلالها تمت الاطاحة به من سدة السلطة والحكم وإخراجه من البيت الأبيض، وكانت هذه سابقة فريدة منذ استقلال الولايات المتحدة الأمريكية، وكادت ان تتكرر في عهد بيل كلينتون من خلال فضيحته مع الفتاة اليهودية مونيكا لولا انه ابدى الندم على غلطته وارتمى من جديد في أحضان الدهلزة الصهيونية معلناً توبته عن الخروج عليها مما جعل الصهاينة يلملمون الفضيحة ويظل بيل كلينتون في البيت الأبيض حتى يتم فترة مرحلة حكمه للمرة الثانية..
الموقف الغريب الأمريكي يفسره دور جماعات الضغط التي تعمل من مواقع غير رسمية وبصورة خفية بهدف توجيه القرار السياسي الأمريكي لمصلحة إسرائيل التي تستطيع بهذه الدهلزة التي تمارسها التأثير على الوجود من عدمه في المناصب العليا بالولايات المتحدة الأمريكية ابتداءً من الرئيس الأمريكي وامتداداً إلى الشيوخ في الكونجرس..
هذا النفوذ الخفي والمؤثر يشكل مشكلة كبرى في الولايات المتحدة الأمريكية إلى الدرجة التي أفقد الأمم والشعوب الثقة في مجلس الأمن بسبب الفيتو المعطى للدول الخمس أمريكا وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين وسبب فقدان الثقة في الفيتو الإسراف الأمريكي في استخدامه دائماً وأبداً لصالح إسرائيل، آخر عدوان على الغير الذي يمثل إرهاباً أمريكياً جاء نتيجة استخدام واشنطون الفيتو في مجلس الأمن ضد مشروع القرار الذي يدين إسرائيل بالعدوان على الأرض الفلسطينية التي تحتلها بإقامة المستوطنات اليهودية عليها، وكذلك بتوسيع المستوطنات اليهودية القائمة وكلها مدانة بالعدوان على الغير مما يجعلها ممارسة للإرهاب بسبب الاستعمار الاستيطاني الذي تمارسه إسرائيل على أرض فلسطين وهو محرم بموجب أحكام القانون الدولي العام التي تحرم الاستعمار أصلاً وتحرم في نفس الوقت الاستعمار الاستيطاني لأنه لا يتفق مع الحياة الحضارية التي وصلت إليها الأسرة الدولية في كافة أنحاء العالم.
ويزداد موقف الولايات المتحدة الأمريكية سوءاً لأنها ظلت تنادي بضرورة تجميد المستوطنات اليهودية في الأراضي الفلسطينية لأجل مسمى وعلى الرغم من أن التجميد لا يحقق النتائج وإنما الإلغاء لهذه المستوطنات هو المطلوب تمشياً مع أحكام القانون الدولي العام، فلما فشلت الولايات المتحدة الأمريكية في مطلبها بالتجميد وتقدم الفلسطينيون إلى مجلس الأمن مطالبين بإدانة إسرائيل لتطاولها على أحكام القانون الدولي العام، وأصبح مشروع القرار المدين لإسرائيل قاب قوسين أو أدنى اعلنت أمريكا الفيتو على مشروع هذا القرار الذي يدين إسرائيل لحمايتها، وكشفت عن حقيقة موقفها الذي تتعاطف فيه واشنطون مع تل أبيب في قضية المستوطنات اليهودية وهذا التعاطف الأمريكي - الإسرائيلي يجعلنا نقرر باطمئنان بأن واشنطون لم تكن جادة في دعوتها لتجميد المستوطنات لثلاثة أشهر، وان الفلسطينيين لا يقبلون بالتجميد وإنما يطالبون بإلغاء المستوطنات من فوق أراضيهم المحتلة، والقضية عند واشنطون لا تزيد عن لعبة سياسية لا يمكن ان توصل إلى الصلح والسلام وإقامة الدولتين بدليل أن أمريكا لم تقبل إدانة إسرائيل المجرمة بالعدوان على الفلسطينيين الذي يجعل من تل أبيب دولة إرهابية في الأسرة الدولية، وان امريكا التي تدعم إسرائيل في إرهابها تصبح شريكة في ممارسة الإرهاب الدولي في منطقة الشرق الأوسط ضد الفلسطينيين وضد العرب الذين تحتل إسرائيل أجزاء من أراضيهم كمرتفعات الجولان السورية، ومزارع شبعا اللبنانية.
الحقيقة الثابتة ان استخدام الفيتو الأمريكي في مجلس الأمن لصالح إسرائيل المعتدية بالاستعمار للأرض والممارسة للاستعمار الاستيطاني حوّل مجلس الأمن الدولي إلى هيئة تمارس الإرهاب لعجزه عن اتخاذ القرار الذي يدين الإرهاب الإسرائيلي، وإذا تحولت أكبر منظمة دولية في العالم تستهدف فرض السلام العالمي إلى ممارسة الإرهاب بواسطة الفيتو الأمريكي، فإن هذا يستدعي إعادة النظر في قضيتين أولاهما ضرورة إلغاء حق الفيتو في مجلس الأمن وتؤخذ القرارات فيه بالأغلبية المطلقة.. وثانيتهما نقل مقر الأمم المتحدة من نيويورك في أمريكا إلى جنيف في سويسرا لأن خضوع أمريكا للدهلزة الصهيونية جعل الأمم المتحدة تخضع هي الأخرى بواسطة حق الفيتو الأمريكي إلى الدهلزة الصهيونية، وأعتقد جازماً ان إلغاء الفيتو في مجلس الأمن، ونقل مقر الأمم المتحدة كفيلان بايجاد حل عملي للأمم المتحدة بصورة تجعل منها منظمة دولية محايدة بين الأمم تقف إلى جانب الحق وتتخذ القرار بصورة موضوعية وتطمئن الأسرة الدولية إلى قراراتها المحايدة.