تسبب
الخمور و المسكرات و المخدرات و العقاقير
المخدرة مخاطر و مشكلات عديدة في كافة أنحاء
العالم , و تكلف البشرية فاقداً يفوق ما تفقده
أثناء الحروب المدمرة . حيث تسبب المشكلات
الجسمية و النفسية و الاجتماعية و الاقتصادية
و التي تحتاج إلى تضافر الجهود المحلية و
الدولية لمعالجتها .
فالإدمان
لم يعد مشكلة محلية تعاني منها بعض الدول
الكبرى أو الصغرى أو بلدان محلية أو إقليمية ,
بل أصبح مشكلة دولية , تتكاتف الهيئات الدولية
والإقليمية , لإيجاد الحلول الجذرية
لاستئصالها , وترصد لذلك الكفاءات العلمية و
الطبية و الاجتماعية , لمحاولة علاج ما يترتب
عنها من أخطار إقليمية ودولية , و تنفق
الأموال الطائلة لتضيق الحد من تفشيها و
انتشارها .
و
الخمور و المسكرات معروفة منذ ما قبل التاريخ
, كما كانت منتشرة في الجاهلية , فكان من بين
تلك النباتات التي أستخدمها الإنسان نبات
القنب الذي يستخرج منه الحشيش و الماريجوانا ,
و نبات الخشخاش الذي ينتج الأفيون و الذي يتم
تصنيع المورفين و الهيروين و الكودائين منه
حالياً , و بعض أنواع الصبار , ونبات الكوكا
الذي يصنع منه الكوكائين في العصور الحديثة ,
و نباتات ست الحسن و الداتورة وجوزة الطيب و
عش الغراب.
فلما جاء الإسلام حرم تعاطيها و الاتجار
بها , و أقام الحدود على ساقيها وشاربها و
المتجر بها , و قد أكد العلم أضرارها الجسمية و
النفسية و العقلية والاقتصادية , و مازال
انتشارها , يشكل مشكلة خطيرة تهدد العالم كله .
فبمرور
الزمن تعرف الإنسان في عصرنا الحالي على
النتائج الخطيرة التي تنجم عن استخدام تلك
المخدرات و العقاقير و المركبات و المشروبات
الكحولية , بعد أن أصبح الإدمان أحد مظاهر
الحياة المعاصرة . وتبين أن استخدام العديد من
هذه المواد يؤدي إلى ما يسمى بالاعتماد
البدني و الاعتماد النفسي .
و
يشير الاعتماد البدني إلى حالة من اعتماد
فسيولوجي للجسم على الاستمرار في تعاطي
المواد التي أعتاد المرء على تعاطيها . و إن
التوقف عن التعاطي يؤدي إلى حدوث أعراض بدنية
مرضية خطيرة يمكن أن تنتهي في ظروف معينة إلى
الوفاة , الأمر الذي يجعل المرء يعود مقهوراً
إلى استخدام تلك المواد لإيقاف ظهور هذه
الأعراض البدنية الخطيرة .
وبعد أن كان المرء يتعاطى العقاقير أو
المركبات أو المخدرات أو الكحوليات بهدف
الدخول في حالة من اللذة و البهجة , يصبح تعاطي
هذه المواد هادفاً لإيقاف الأعراض البدنية
المزعجة التي يثيرها التوقف عن التعاطي . و
هكذا يصبح المرء أسيراً و عبداً للمادة التي
أعتاد على تعاطيها و لا يستطيع الفرار منها
إلا إذا اتخذت أساليب علاجية معينة لفترة
طويلة.
و
عادة ما يتطور الموقف لأبعد من هذا , حيث يعمد
المتعاطي إلى استخدام مواد أخرى جديدة
بالإضافة إلى المواد التي أدمن عليها بهدف
نشدان المتعة و المشاعر الأولى التي كان
يسـتمتع بها من قبل. إلا أنه بعد فترة وجيزة
يعجز عن تحقيـق ذلك , و يصبـح التعاطي هدفـاً
فقط إلى إيقـاف الأعراض المؤلمـة
- المميتة في بعض الأحيان – التي يعاني
منها المرء بمجرد توقفه عن استخدام تلك
المواد .
و
أما فيما يتعلق بالاعتماد النفسي , فان ذلك
يشير إلى نشوء رغبة قهرية نفسية شديدة من
نشدان الحصول على المادة التي أدمن عليها
المرء لتعاطيها.
و
تدور حياة المرء في حلقة مفرغة , إذ أنه ما أن
يتعاطى الجرعة التي أدمن عليها حتى يبدأ في
البحث عن مصادر يستمد منها الجرعات التالية ,
الأمر الذي ينتهي به إلى التدهور اجتماعيا و
اقتصاديا و مهنياً و إهمال شئون نفسه و أسرته .
لذا يجب علينا أن لا نقف موقف المتفرج , بل
علينا أن نشارك بكل ثقلنا و بكل ما أوتينا من
قوة و إمكانات مادية أو معنوية . فكلكم راع و
كلكم مسئول عن رعيته , فعلى الآباء و المربون و
أولو الأمر ملاحظة أبنائهم و احتضانهم و
احتوائهم . و في الوقت نفسه يكونوا القدوة و
المثل لهم , و العين مفتوحة عليهم وعلى
أصدقائهم و الأماكن التي يرتادونها هؤلاء
الأبناء .
و
علينا أن نحمى أبنائنا و مستقبلنا الحضاري من
هذا الخطر . بل أخطر المعارك التي تهدد
المسلمين بالتخلف و التمزق و ضياع الأمل في
التنمية . إنها مؤامرة تستهدف و تستدرج
المسلمين إلى حروب مهلكة تستهلك طاقاتهم كلها
. مؤامرة لإغراق المسلمين في دوامة المخدرات .
فبتضافر
الجهود و بمزيد من الإيمان بالله سيتم القضاء
على مشكلة المخدرات .