العين البشرية جوهرة، وهي أداة النظر التي تمكننا من رؤية الأشياء حولنا، إنها هبة من الخالق العظيم لا يمكن تقديرها بثمن. وتعتبر حاسة البصر من أهم الحواس الخمس؛ لأنها المسؤولة عن تلقي 50% من الإشارات التي تدخل إلى الدماغ مما يحيط بالإنسان من أحداث. |
|
والحقيقة أن هناك بعض أمراض العين
تتحسن تحسنا ملموسا بالصوم.. وهذا من حكمة الله جل وعلا أن جعل الصوم
مفيدا لصحة الإنسان, لقوله تعالى {وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون}
(البقرة: 184)، ويمكن أن نعطي فكرة مبسطة عن أهم أمراض العيون التي تتحسن
بالصوم وهي كالآتي:
• الجلوكوما (الماء الأزرق) المزمنة البسيطة.
يحدث هذا المرض في العقد السادس من العمر، ويصيب الرجال والنساء بنفس النسبة. ويتميز بالعلاقات المرضية الآتية:
ارتفاع
في ضغط العين، انكماش في المجال البصري (ميدان النظر)، تكوب حليمة العصب
البصري؛ وهو ما يؤدي في النهاية إلى حدوث ضمور بالعصب البصري الأمر الذي
ينتج عنه كف البصر (العمى).
وقد وجد أن هذا المرض يتحسن تحسنا ملحوظا بالصوم، ولا سيما إذا حافظ المريض على صيام شهر رمضان بالإضافة إلى صوم النافلة.
ويمكن
تفسير ذلك، بأنه أثناء الصيام يزيد تركيز الدم، أي تقل نسبة الماء
الموجودة فيه، وبالتالي يحدث انخفاض في معدل إفرازات الغدد المختلفة
بالجسم.
ولهذا نجد أن زوائد الجسم الهدبي بالعين المسئولة عن إفراز
السائل المائي تتأثر بنفس (الميكانيزم)، ما يؤدي إلى انخفاض معدل إفراز
السائل المائي المسئول عن تنظيم حفظ العين فسيولوجيا.
والصوم بدوره
يؤدي إلى انخفاض في معدل إفراز السائل المائي، وهذا بدوره يؤدي إلى انخفاض
ضغط العين الداخلي، وهذا هو نفس المفعول الذي يحدث نتيجة استعمال العقاقير
المخفضة لضغط العين التي تعمل على تثبيط نشاط زوائد الجسم الهدبي، مثل
عقار الدايموكس Diamox الذي يمكن إعطاؤه عن طريق الفم أو عن طريق الحقن.
تحذير
من
الضروري عدم الإفراط في تناول كميات كبيرة من السوائل أو المشروبات والماء
بعد سماع أذان المغرب مباشرة، بينما تكون المعدة في هذه الحالة خالية
تماما. وإذا حدث ذلك فإننا نجد أن هذه السوائل يتم امتصاصها من الأمعاء
بمعدل سريع، فتذهب مباشرة إلى الدم؛ مما يؤدي إلى انخفاض تركيز الدم؛
وبالتالي تحدث زيادة ملحوظة في إفراز السائل المائي بواسطة الجسم الهدبي
مما ينتج عنه زيادة ضغط العين وبخاصة لدى مرضى الجلوكوما المزمنة البسيطة،
الأمر الذي يؤدي إلى تفاقم الحالة وزيادة حدتها.
• الجلوكوما (الماء الأزرق) الحادة الاحتقانية:
هذا
النوع من الجلوكوما يحدث في العقد الخامس من العمر، ويصيب النساء أكثر من
الرجال بنسبة 3 : 1 كما أن الشخص العاطفي حاد الطبع عصبي المزاج يكون أكثر
تعرضا للمرض من الشخص العاطفي الذي لا يتفاعل تفاعلا خطأ مع المشكلات التي
تواجه.
بالإضافة إلى أن هذا النوع يحدث بنسبة كبيرة لدى الأشخاص
الذين يعانون من طول النظر، حيث تتميز عيونهم بصغر حجمها، والخزانة
الأمامية تكون ضحلة أو قل: إن زاويتها تكون ضيقة.
ولا شك أن الحالة
النفسية المطمئنة والصفاء الروحي والنفحات الإيمانية التي يعيش فيها
الصائم.. كل ذلك يؤدي إلى استقرار حالته النفسية والعصبية.
ومن ثم
يكون الصائم أقل عرضة من غيره للإصابة بالاضطرابات العصبية والنفسية التي
تؤدي إلى حدوث الجلوكوما الحادة الاحتقانية.. وسط هذا المنطلق نستطيع أن
نقول: إن دور الصيام في مثل هذه الحالات يعتبر دورا وقائيا في المقام
الأول.
• أمراض للشبكية
هناك بعض أمراض الجسم العامة التي تؤدي إلى حدوث اعتلالات بالشبكية ومن أهمها:
- حالات ارتفاع ضغط الدم.
- حالات تصلب الشرايين.
- مرض السكري.
والدور
الذي يؤديه الصوم في مثل هذه الحالات يعتبر أساسا دورا وقائيا، إذ إن
الصيام له تأثير ملحوظ في تحسين حالات ارتفاع ضغط الدم وتصلب الشرايين
والسكري، ما ينتج عنه كسر سلسلة التغيرات المرضية ومنع تفاقمها في هذه
الحالات، الأمر الذي يؤدي إلى تقليل حدوث المضاعفات إلى حد كبير.
ومن أهم هذه المضاعفات حدوث اعتلالات الشبكية التي تؤدي إلى تدهور حدة الإبصار إلى حد العمى.
أما
في حالات اعتلالات الشبكية الموجودة بالفعل فإن الصيام يساعد على استقرار
الحالة، وعدم تفاقم حدتها، وهذا يعتبر في حد ذاته عاملا مهما.
والجدير
بالذكر أنه لا يوجد أي مرض من أمراض العين يزيد حدوثه أو يتأخر شفاؤه أو
تتفاقم حدته بسبب الصيام طالما أن المريض يستعمل العلاجات الموضعية للعين
الخاصة بهذه الحالات بصفة منتظمة ليلا ونهارا، حيث إن جميع العلاجات
الموضعية للعين لا تفطر، وبالتالي لا تتأثر الحالة المرضية للعين بسبب
الصيام.
• صيام المريض والعمليات الجراحية:
في الواقع يختلف
الوضع حسب نوع العملية الجراحية التي أجريت للمريض في عينه، وإذا نظرنا
إلى العمليات الجراحية للعين نجد أنها تنقسم إلى قسمين أساسيين:
أ- العمليات الصغرى.
مثل عمليات الشعرة والكيس الدهني وإزالة حبيبات التراكوما (عملية الفصد) وعمليات الظفر واللحمية
وتسليك مجرى الدموع وإزالة جسم غريب من على سطح القرنية.
وبالنسبة للمريض الذي أجريت له عملية صغرى فعليه أن يصوم، وليس هناك أي ضرر يقع عليه بسبب
الصيام، لأن مثل هذه العمليات لا تؤثر مطلقا على الصيام بأي شكل.
وإذا احتاج المريض إلى علاج بالفم مثل المضادات الحيوية، فيمكن أن يصف له الطبيب المعالج أدوية
طويلة المفعول يتعاطاها في الفترة بين المغرب والفجر، أو يمكن أن يتناول المريض مثل هذه الأدوية
عن طريق الحقن أثناء الصيام، حيث إن الحقن لا تفطر من الناحية الشرعية، كما أفتى بذلك أهل العلم،
ما عدا حقن الجلوكوز لأنها تعتبر غذاء.
ب- العمليات الكبرى:
مثل عمليات الماء الأبيض (الكتاركت) والماء الأزرق (الجلوكولما) وترقيع القرنية والانفصال الشبكي
وعمليات إزالة أورام العين وعمليات الحجاج… إلخ.
وبالنسبة للمريض الذي أجريت له عملية كبرى في عينه، له أن يفطر، ولا حرج عليه. وكذا يدل دلالة
واضحة على تيسير وسماحة الشريعة الإسلامية.