مكناس، عاصمة السلطان المولى إسماعيل المشهور بأبوابها
باب المنصور من أشهر أبواب مدينة مكناس، شيده السلطان مولاي إسماعيل وأكمل تشييده ابنه، وهذا باب هو أكثر من فتحه في جدار أو مخرج، إنه رمز للسلطة، للخضوع، للثروة وللتحكم في المدينة.
باب المنصور، من أضخم أبواب المغرب قاطبة وأبوابها رونقا و زخرفة، لأنها رمز للقوة والحكم وفعلا كان السلطان مولاي إسماعيل، من 1672 إلى 1727 من أقوى سلاطين المغرب وأكثرهم جأشا وبأسا وشجاعة، إنه السلطان الباني وموحد الشمل، ولطالما قارن المؤرخون المولى إسماعيل بالملك لويس الرابع عشر، ومدينة مكناس بمدينة فرساي، إلا أن بعضهم يرون أن المولى إسماعيل أقرب إلى بطرس الكبير الذي شيد هو كذلك عاصمة جديدة لملكة، سان بترزبورغ يجمعهما الجأش والشدة والقسوة في تدبير الحكم، ويوحدهما الطموح الكبير الرافض للحدود وتميزها الشجاعة.
والمولى إسماعيل هو رابع السلاطين العلويين، ورغم ذلك هناك من يعتبره مؤسس الدولة العلوية التي مازالت باسطة نفوذها على المغرب منذ قرون خلت وباستمرار، وقد بويع أبوه مولاي الشريف من طرف أهل تافيلالت سنة 1631 في خضم الصراعات التي طبعت نهاية العهد للسعدي بالمغرب، وكان مولاي الشريف يحظى بتقدير كبير كسليل من الدوحة النبوية عن طريق سيدنا علي ابن فاطمة بنت الرسول ( ص)ومن ثمة مصدر تسمية العلويين.
وإذا كان المولى الشريف وابنته من بعده صادفوا صعوبات في تثبيت الحكم العلوي في المغرب فإن المولى إسماعيل استطاع توحيد البلاد والتصدي لمختلف جيوب الفتنة والتمرد، كما تمكنت من طرد البرتغاليين والإنجليز من مختلف الجيوب التي كانوا يمتلكونها، ولم يبق بالمغرب إلا الإسبان بسبتة ومليلية.
وباعتبار مكناس تقع في مفترق الطرق، جعلها المولى إسماعيل عاصمة ملكه للإنطلاق بحرسه الخاص، " فرق الكيش" المكونة من 150.000 جندي لإخماد القلاقل وإخضاع القبائل المتمردة وطرد الأجانب وإيقاف الزحف التركي على شمال إفريقيا.وعندما سمع السلطان بجمال الأميرة الفرنسية كونتييي أرسل بعثة لخطبتها، إلا أن ملك فرنسا رفض الطلب، ومن الأسباب التي برر بها موقفه كون السلطان يتوفر على حريم يتجاوز 500 أنثى وآلاف الأبناء، إلا أن جواب رئيس البعثة كان ذكيا، حيث قال أن السلطان تزوج هذا القدر من النساء ليجمع المحاسن والمواصفات التي تحتكرها الأميرة الفرنسية الحسناء.
وعاصمة ملك عظيم لا يمكنها إلا أن تكون عظيمة ولذلك عمل السلطان على جلب أمر العمال والحرفيين والمعماريين من مختلف أرجاء المغرب ومن الأندلس لإنشاء مدينة عدة سنوات أقام الأسوار والبروج بلغ طولها أكثر من 40 ليلو متر وأكثر من خمسين بابا وقصورا وستة مساجد ومدارس لطلبة العلم، وحدائق ونافورات وحمامات ومخازن للحبوب وإسطبلات وكذلك السجون، إلا أن مكناس لتضطلع مدينة فاس بدور الزيادة بالمغرب وجاءت ارتدادات زلزال سنة 1755 الذي نسف مدينة لشبونة البرتغالية ليساهم في تكريس التفريط في مدينة مكناس كمدينة مركزية، حيث سقطت بعض بناياتها الضخمة وتركت ……. على حالها دون إعادة الترميم وكان عليها انتظار نهاية القرن التاسع عشر لتعرف انتعاشا بفضل السلطان الحسن الأول.
ومكناس ظلت مشهورة بأبوابها، باب الخميس المقام سنة 1973 وباب الجامع المشيد سنة 1678، وباب بريما وباب السيبة وباب الجديد وباب البردعيين المشيدة سنة 1695 وباب المنصور أضخم الأبواب بالمدينة، وهي الباب المؤدية إلي قبة الخياطين التي كانت مخصصة لاستقبال الوفود الأوربية الآتية لتحرير النصارى من أبديي قراصنة مدينة سلا. إدريس ولد القابلة