سعيد الذهبي مشرف على قسم
الدولة : الجنس : عدد المساهمات : 708 نقاط : 6572 تاريخ التسجيل : 01/01/2011
| موضوع: الثورة الصناعية الثلاثاء 4 أكتوبر - 16:23:03 | |
| الثورة الصناعية
يقصد بالثورة الصناعية تلك التحولات و التطورات العلمية و التقنية العميقة منذ منتصف القرن الثامن عشر،و التي مست الصناعة و المواصلات و أحدثت تغيرا جذريا عليها.إنها خاصية ظهرت بها أوربا في تنظيم المجتمع الأوربي و تحريك الآلة الاقتصادية بصيغة مختلفة النظام السابق الذي يتمثل في النظام الاقطاعي،و ظهر تراكم رأس المال خصوصا لدى الطبقة البرجوازية الذي كان بالبداية دورها يتمثل في صناعة الحرف اليدوية، فقررت أن تطور من كفائتها و ذلك باستخدام طرق أحدث لتوفير المال و اليد العاملة و بالتالي تخفيض تكاليف الإنتاج. ظهرت بوادر الثورة الصناعية في بداية القرن الثامن عشر لأول مرة بانجلترا،و سرعان ما بدأت تنتشر إلى باقي دول غرب أوربا،مع ظهور مخترعين و مفكرين ساهمو في تحويل النشاط الإنتاجي من حرفي يدوي إلى طريقة المكننة لتنمية الكفاءة الإنتاجية و ربح الوقت و ذلك باختراع آلات و معدات و التطبيق العلمي والمعرفي المنظم ،من أهم النشاطات التي تأثرت ذلك الوقت على الخصوص،صناعات الغزل ، النسيج،تعدين الفحم ،توليد القوى المحركة و صناعة الحديد و الصلب ترتب عنها زيادة مذهلة في كمية الإنتاج و معدل تكوين رأس المال. سؤالنا الآن،لماذا لم ظهرت الثورة الصناعية؟ و لم لم تظهر من قبل؟ كان هناك بعض التقدم في الصناعة الأوربية قبل ظهور الثورة الصناعية،إلا أنه كان تطورا وئيدا،و لاقى كثيرا من الصعوبات و المتاعب ،و ذلك من خلال عدم القبول العام سواء من لحكومة و الأفراد.لقد حالوا دون تحثيث التطور و تجسيد الأفكار لأنهم كانوا يخشون أن تتسبب هذه المخترعات في البطالة و تخفيض مداخيل الأفرد و انتشار الطبقية.كثيرا ما أعدم و نفي المخترعون و كل محاول لتجسيد نظرياته ،في نظرهم أنها لن يجلبوا إلا الهموم و المشاكل إلى المجتمع،ذلك لأن الإقتصاد كان وقتها ساكنا يدور في بيئة مغلقة و منغلقة عن المحيط الخرجي، فالطلب على السلع لم يكن متزايدا و معدل نمو السكان ضئيل جدا ،لذلك فزيادة الإنتاج عن طرق المكننة لا تؤدي في رأيهم إلا لتوفير عدد العمل و بالتي نصبح أمام مشاكل اجتماعية كالفقر ، البطالة ، الإجرام و الطبقية. هذا الوضع تغير كليا نتيجة للتغيرات الهائلة أثناء القرن الثامن عشر،فمستوى النمو السكان كان في تزايد واضح و انتشر مفهوم الحرية الإقتصادية و التبادل في الداخل و الخارج بدون العراقيل التي كانت موجودة في ظل الإقطاعية،و هنا جاءت الحكومات و الهيئات و شجعت الاخترعات و الابتكارات وذلك بتقديم تحفيزات مادية و معنوية و تهييئ بيئة مناسبة لاحداث تغيير جذري لواقع الصناعة. من أهم الإختراعات ذلك الوقت:
الآلة البخارية:اخترع جيمس واط سنة 1769 الآلة البخارية، و التي استخدمت لضخ الماء من مناجم الفحم الحجري ، صناعة التعدين ، تحريك النقل البري و البحري و التشغيل بالفحم الحجري. النقل و المواصلات:بفضل اختراع المحرك البخاري، تطور النقل ،ففي سنة 1822 برزت أول سفينة بخارية لتنشط بين انجلترا و فرنسا ،و هذا ما ساعد بتواصل الشعوب و تسهيل التبادل الاقتصادي. ظهر لأول مرة النقل بواسطة السكك الحديدية و القطارات سنة 1830 بانجلترا و ذلك بانشائهم لخط رابط بين مدينة ليفربول و منشيستر،و سرعان ما انتشر هذا النقل إلى أوربا. الطاقة الكهربائية:في سنة 1869 اخترع قرام _و هو من بلجيكا_ أول مولد كهربائي.في سنة 1870 تم بناء أول سد لتوليد الطاقة الكهربائية،و في سنة 1882 تم اختراع أول محرك كهربائي و بالتالي ظهر نشر الطاقة الكهربائية عبر الأسلاك تدريجيا ليعم أوربا. العوامل التي أدت إلى قيام الثورة الصناعية: 1_العامل الديموغرافي (السكاني): شهد معدل نمو السكان بأوربا ارتفاعا كبيرا و ملحوظا منذ القرن الثامن عشر و أوائل القرن التاسع عشر و هذا لانخفاض معدل الوفيات ،فأبدى بعض المصلحين الاجتماعيين مخاوفهم و تشاؤمهم من زيادة عدد السكان و ذلك للآثار الاجتماعية و الاقتصادية السلبية المترتبة عن ذلك. 2_اتساع نطاق التبادل التجاري داخل و خارج أوربا:اتسعت تجارة أروربا لتمتد إلى العالم الجديد و العالم القديم ،فاكتشاف العالم الحديث سنة 1492 و اكتشاف الطريق البحري الشرقي عبررأس الرجاء الصالح عام 1498 أدى إلى اتساع السوق الخارجية و ذلك بتموين عدة أقطار بمنتجاتها،و هكذا لم يكن هناك تخوف من احتمال عدم وجود أسواق لتصريف البضائع،هذا دفعا لزيادة كمية الإنتاج بشكل هائل. 3_رأس المال: لقد كان لاتساع التجارة الأوربية و امتدادها لأقطار العالم أثر إيجابي لأصحاب المصانع ، شركات النقل ، التجار الوسطاء و المؤسسات المالية ،و ذلك لأن أرباحهم كانت في تزايد مستمر مما مكنهم من تكوين أموال طائلة تتجمع لتكوين رؤوس أموال معتبرة كفيلة بسد حاجيات و متطلبات الصناعة. 4_سياسة الحرية الاقتصادية و عدم التدخل:في القرن السابع عشر و الثامن عشر بدأت سياسة الدولة بالتغير تدريجيا،و بدأت تحد من سلطة النقابات الطائفية المتمتعة بالنفوذ الكبير و تعرقل احتكارها و تدخلها المباشر في الإنتاج و الصناعة .و هكذا،أصبح الفرد يتمتع بالحرية الاقتصادية المتمثلة في حرية العمل و مزاولة التجارة ،هذا كان نتيجة امتداد مبدأ الفردية الذي دافعت عنه بعض الدول. و من هنا،أصبحت الحكومات تسير على سياسة الحرية و تسمح للأفراد لدخول مجال الانتاج و التجارة ، و خفضت من معدلات الضراب المفروضة على رؤوس الأموال الموظفة في مجال الصناعة،كما أصبحت تحمي حقوق الإختراع و تدعم أركان سياسة الحرية الاقتصادية.
مظاهر الثورة الصناعية:
1_تمركز نظام المصانع. 2_النزوح الريفي للسكان و انتقالهم للعيش بالمدن بحثا عن فرص العمل و الحياة الأفضل. 3_نمو التجارة الخارجية و اتساعها لتشمل العديد من أقطار العالم. 4_تنوع المشاريع و كبر أحجامها. 5_زيادة النزاعات الاحتكارية في الصناعة بشكل هائل.
نتائج الثورة الصناعية: 1_بروز الطبقة الشغيلة الكادحة: و التي كانت تستغل بشكل كبير،و قد كانت تصل عدد ساعات العمل إلى 16 ساعة مقابل أجور زهيدة ، مما زاد في تركز السكان بالمدن و تخليهم عن أملاكهم و أراضيهم الفلاحية مقابل مبالغ لا تعبر عن قيمها الحقيقية. 2_ظهور الطبقة البرجوازية: و هي الطبقة المالكة لؤوس الأموال،فقد تغير الوضع بعد انقضاء الإقطاعية و الذي كان فيها معيار الثروة يتمثل في في امتلاك قطعة الأرض و استخدام العبيد والفلاحين إلى امتلاك رؤوس الأموال التي تدعم المصانع والشركات، ومنه فقد احتلت هذه الطبقة مكانة اجتماعية و اقتصادية مرموقة و أصبحت تملك النفوذ و السلطة. 3_زيادة كمية الإنتاج بنسب كبيرة و تنوع المنتجات و الابتكارات. 4_ارتفاع مستوى المعيشة و ظهور ضروريات جديدة كالحاجة للكهرباء و النقل بالوسائل المبتكرة آنذاك . 5_شدة الخلاف بين الطبقة الشغيلة و أصحاب رؤوس الأموال خصوصا مع الوضع الاقتصادي و الاجتماعي المزري الذي أدى إلى انتشار الفقر و أمراض مثل الطاعون و الجرائم وذلك لجشع أصحاب المصانع ،فظهرت نقابات عمالية و احتجاجات تطالب بحقوق العمال وبتقليص ساعات العمل ، رفع الأجور و توفير الأمن و الحماية لهم. 6_نمو التجارة الخارجية و امتدادها لأقطار عديدة من العالم.
لقد مثلت الثورة الصناعية محركا اقتصاديا و اجتماعيا هاما غير الركائز التي كان النظام الإقطاعي منتصبا عليها ،و غيرت جذريا تقسيم المجتمع وطبقاته لتصبح عبارة عن طبيقتين أساسيتين متمثلتين في طبقة العمال و طبقة أصحاب رؤوس الأعمال هؤلاء الأخيرين الذين استغلوا الطاقة البشرية و أخضعوها لسيطرتهم ليجعلونهم مرفقات للآلة و أشباه عبيد،لتحقيق الإنتاج الضخم الذي يجعلهم يكسبون الأموال الطائلة التي عززت وجود شرخ و فرق شاسع بين الطبقتين ، متمثل في الفقر المدقع و الغنى الفاحش،و هكذا اتسعت الهوة و العداء بينهم،للمطالبة بحقوق العمال عن طريق الإحتجاجات و تكوين نقابات عمالية تطالب بحقوق العمال، بعد أن طفح الكيل بالمشاكل الاجتماعية الاقتصادية. و هنا بدى للجميع أن الثورة الصناعية قد فشلت فشلا ذريعا في تحسين أوضاع المجتمع.
أرجوا أن يكون قد نال استحسانكم..في انتظار ملاحظاتكم،إضافاتكم و انتقاداتكم...
|
|
bouchoir عضو مشارك
الدولة : الجنس : عدد المساهمات : 62 نقاط : 4923 تاريخ التسجيل : 22/08/2011
| موضوع: رد: الثورة الصناعية الثلاثاء 4 أكتوبر - 20:01:59 | |
| |
|