التحايل
على القانون، واستغلال ظروف المواطنين التواقين إلى الحصول على بيت للسكن،
سمتان ينفرد بهما العديد من المنعشين العقاريين، ممن لا تزال أعين الرقيب
ترفض متابعتهم، حيث يعتبر المال الحرام، القادم من أسواق المخدرات بالدرجة
الأولى، موردا رئيسيا في إنعاش حركة قطاع البناء والعقار عموما، وما يصطلح
عليه بالسكن الاقتصادي
على وجه التحديد. فرغم مساهمة البنوك في تمويل الحيز الأهم من السيولة
المالية لفائدة المواطنين الراغبين في الحصول على بيت للسكن، عن طريق
القروض مقابل اقتطاعات شهرية تراعي الدخل الشهري للمواطنين، ورغم الدعم
الذي تخصصه الدولة للراغبين في الاستثمار في هذا القطاع، الذي يشكل رافدا
من روافد التنمية المحلية، بفعل فرص الشغل التي يحدثها والتي تخطت عتبة أل
100 ألف منصب سنويا، نتيجة هذا الدعم .. رغم ذلك يصر العديد من المنعشين
العقاريين على فرض مبالغ مالية خيالية، تفوق في العديد من الأحيان، الخمسة
ملايين من السنتيمات، يستلمونها كوعاء ضائع من الراغبين في الاستفادة
العقارية للسكن الاقتصادي، تحت الترخيص لإبرام العقود السكنية علما أن البنوك لا تعترف إلا بما تم توثيقه في عقد البيع، ولا بأية عملية أخرى قد تتم بغير القانون.
ومثلما هو الحال بعموم مناطق المملكة، تعج المنطقة الجنوبية بالعديد من الضحايا ممن استفادوا من السكن
بسلف اقتصادي لهذه العملية، وأدوا الملايين الضائعة الغير المحتسبة على
صناديق السلف من أجل الحصول على مسكن، ولا تزال العديد من عمليات البيع تتم
دون مراقبة أو تدخل أي جهاز إداري ما دام الأمر يتعلق بما يسميه المنعشون
العقاريون “برغبة” المواطنين في التعامل على هذا النحو من المبدأ، في حين
يعتبر ذلك حماة المستهلك والنشطاء المدنيون والحقوقيين، نوعا من الابتزاز
الذي تعرض له المواطن المغلوب على أمره، وتحايلا على القانون من قبل
المنعشين العقاريين، الذين يعد المال الحرام، بالنسبة لبعضهم، موردا أساسيا
في تمويل مشاريعهم.
وحسب بعض المراقبين،”فإنه بإمكان البنوك، ما دامت هي التي تسدد القروض الاقتصادية للسكن، أن تتكفل بإجراء العمليات السكنية
مع المنعشين العقاريين مباشرة، طبقا للإجراءات القانونية، وعملا بما
تحتويه النصوص المنظمة لهذه الطريقة، لكي يتحرر المواطنون من أي قيد يفرضه
هؤلاء المنعشون العقاريون في الأثمنة المطبقة، وبذلك، حسب هؤلاء
المراقبين”، يتحرر من جزء من الفساد المستشري بمختلف مرافق وأنسجة الدولة.