الملك حمو رابي
تراودت مفاهيم واراء كثيرة حول تشخيص شخصية الملك البابلي حمورابي ، واغلبها اتفقت بانه بابلي ، وبما ان الاراء والتنقيب مفتوحة،فان للايزيدية ايضا راي مشرف وبارز بعدما كان هذا الراي معدوم منذ سقوط حضارة وادي الرافدين (سقوط بابل في 522 ق.ب) تحت الاستعمار الخارجي (الحكم الساساني- الفرس) والى يوم سقوط بغداد في 2003/4/9 ، ولكن هذا الراي هو الحقيقة المطلقة ولا نقاش عليها ايضا حول من هو حمو رابي .
في اجندة الارث الحضاري الايزيدي تبين بان اسم حمورابي لم يكن بهذه الصيغة بل اسمه الحقيقي هو حمورفو ، وهذا الاسم مركب من اسمين منفصلين وهما (حمو) و(رفو)، وهاتين الاسمين لاتزالا متوارثين جيل بعد جيل والى يومنا هذا بين ابناء شعبنا وايضا الزي الذي كان يلبسه الملك حمورفو فانه الزي السنجاري بالتمام والكمال، والدين الذي كان يؤمن به فانه نفس العقيدة التي تؤمن بها الى يومنا هذا، السيرة الخلقية والذاتية الامنية والسلمية وصفات الحق والعدل والمساواة التي كان يحملها الملك حمورفو هو نفس السمات النبيلة التي يحملها شعبنا اليوم، ونكتفي بهذا القدر لان هناك العديد والعديد من الحقائق والادلة التاريخية التي تثبت صحة ذلك.
فما يهمنا اليوم هو ان الملك حمورفو (حمورابي)هو بابلي ومن العرق الايزيدي ، أي ان البابليين كانوا من عرق الايزيديين ، وايضا شرع قوانينه بعدما اخذ واستشارة والرخذ شرع الملك حمورفو بتشريع قوانينه.
كان حمورفو سادس ملك من ملوك السلالة المعروفة بـ(سلالة بابل الاولى) ويمتد حكم هذا الملك للمدة من 775-792 ق.م يعتبر من اشهر الملوك في تاريخ الانسانية قاطبة.
قام حمورفو بعد اعتلائه عرش بابل بتوطيد دعائم مملكته ، وطلب ذلك بالطبع الاهتمام اولا بالقضايا السياسية والعسكرية وفق مستلزمات مرحلة البناء.
ومن اجل التمهيد الى توحيد البلاد التي كانت مجزأة الى مدن ودويلات عديدة قضى على السلالات المتناحرة كسلالة ايسن ولارسا واشنونا، كما خلص البلاد من اعدائها العيلاميين الذين كانوا يهددون المملكة البابلية ، وقام بفتوحات كثيرة وضم الى مملكته قسما كبيرا من الشرق القديم واستطاع بذلك تشكيل امبراطورية مترامية الاطراف وهي الامبراطورية البابلية القديمة .
ثم اتجه الى الشؤون الداخلية للبلاد لارساء دعائم الدولة وتنظيم شؤونها الافتصادية والاجتماعية والقانونية وتسنى لهذا الملك الفذ ان يتوج اعماله باعظم عمل خالد ، هو تقنينه القوانين وسنها في شريعة حمورفو هذه رغم انها لم تكن اول اثر قانوني وصلنا من بلاد وادي الرافدين فقد سبقتها تشريعات مختلفة كاصلاحيات اوركاجينا الاجتماعية (2355.ق.م)وتشريعات اورنمو(2111-1934 ق.م) وتشريعات لبت عشتار(1924-1934 ق.م)وتشريعات اشنونا.
الا انها –أي شريعة حمورفو تعتبر بحق اول عمل قانوني منظم عالج مجالات متعددة ترتبط بواقع الوجود الاجتماعي للمجتمع البابلي القديم بهدف سيادة القانون والعدل لحماية الضعيف .
لقد عثرت البعثة الفرنسية عام 1901-1902 م على المسلة الاصلية والمعروضة حاليا في متحف اللوفر ، كما عثرت على مجموعة من الكسر تعود الى نسخة ثانية من مسلة حمورفو، ويحتمل ان المسلة الاصلية كانت موضوعة في معبد ايساكيلا معبد الاله مردوخ في مدينة بابل ونسخة ثانية كانت موضوعة في معبد الاله شمش بمدينة سبار اسوة ببقية الحواضر العراقية القديمة الرئيسة التي كانت معابدها مزودة بنسخ من شريعة حمورفو .
وقد اثار اكتشافها دهشة واهتمام المؤرخين والاثاريين في مختلف انحاء العالم ، لما تضمنته من احكام ومعالجات عديدة في الشؤون الاجتماعية، والعدل والدفاع والشؤون الزراعية والتجارية .
كتب حمورفو قوانينه المشهورة باللغة المسمارية واللغة البابلية على مسلة اسطوانية الشكل مصنوعة من الحجر الاسود (الديوريت) يبلغ ارتفاع المسلة 225 سم وقطرها من الاعلى 165 سم ومن الاسفل 190 سم اما قطرها من الوسط فيبلغ 60 سم.
وقد نقش بالنحت البارز في اعلى المسلة صورة الاله شمش (اله الشمس ،اله الحق والعدالة) وهو جالس على عرشه وبيده اليمنى عصا الرعي وخيط القياس الخاص بالبناء ، ويقف امامه حمورفو بخشوع ليتسلم منه الشرائع ، مرتديا لباسا خاصا شبيها بلباس الرجال الدينيين وفي اسفل الصورة تبدا الكتابة المسمارية المنحوتة حول المسلة.
تتالف الكتابة من 44 حقلا مقسمة الى ثلاثة اجزاء يشمل الجزء الاول –المقدمة- الذي طرح فيه حمورفو الاسباب التي حدت به الى تقنين تلك الشريعة والتي تتلخص بتفويضه من قبل الالهة ليحكم بابل وبنشر العدل بين الناس ، ثم يستعرض هذا الملك القابه واعماله الحربية والسلمية وتنتهي المقدمة بالعبارة التالية (الملك الذي يجعل النور يشرق على بلاد سومر واكد ، عندما امرني الاله مردوخ جيدا، لذلك نشرت الحق والعدل في البلاد لكي يعم الرخاء في ذلك الوقت) ، اما الجزء الثاني فيشمل الاحكام القانونية الجزء الاساس في المسلة، وقد تضمن هذا الجزء المجالات في قضايا المخالفات والجرائم الاموال ، واحكام خاصة بالاراضي والعقار والبساتين ، والاحول الشخصية وهي تتعلق بالزواج والطلاق والارث والتبني وغيرها، وقضايا تتعلق بالاعتداءات ، وقضايا تتعلق بذوي المهن الطبية ، وشؤون الزراعة وتحديد الاسعار والاجور ، والقضايا المتعلقة بالرق .
ثم تلي المواد القانونية الخاتمة ، وهي الجزء الثالث من المسلة فيمجد بها حمو رفو حكمه وعدالته ويدعو فيها إلة نشر احكامه بين الاجيال اللاحقة ويطلب من الالهة انزال اللعنات على كل من يمحوا من معالمها ويكتب اسمه عليها وتبدا الخاتمة كما بالعبارة التالية(هذه هي القوانين العادلة التي اصدرها القدير حمورفو والتي عزز بواسطتها القيادة الحكيمة للبلاد انا حمورفو الملك الكامل.